نشاهد، اليوم، تمثالا لإخناتون، أحد أشهر الفراعنة المصريين، الذين لا نتوقف عن الحديث عنهم، وذلك لارتباطه بفكرة التوحيد فى الحضارة المصرية القديمة. هو "نفر خبرو رع" أو إخناتون أو آمنوفيس الرابع أو آمنحتب الرابع هو أحد ملوك الأسرة ال18، ولد فى عام 1380 قبل الميلاد، كان والده أمنحوتب الثالث يحكم مصر، وأمه "تى" قد وفرا له حياة مترفة بمعنى الكلمة، بينما كان "يويا" جده لأمه هو معلمه. كان أمنحوتب الشاب مرهف الحس ذكى وذا نفس صافية، فاجأه موت والده الذى لم يتجاوز الخمسين من عمره، وصار الشاب مطالبا بحكم البلاد وإدارتها، واتسعت المساحة لوالدته الملكة. كان الكهنة المصريون يديرون كل شىء، يتحكمون فى مفاصل الدولة، وكانت "تى" لا تحب الكهنة وقد تشرب ابنها منها ذلك، ومن هنا جاءته فكرة الخروج عليهم، وكانت فكرته الأساسية التى آمن بها جدا هى وجود إله واحد اسمه آتون، بعيدا عن فكرة التعدد التى كانت منتشرة فى تلك الفترة. تزوج أمنحوتب الرابع وعمره اثنا عشر عاما من نفرتيتى، التى لم تكن من الأسرة الحاكمة، ويبدو أنها ابنة أحد كبار النبلاء المصريين وكان يدعى (أى) أما عن امها فقد توفيت وكانت الزوجة الثانية لاى وتسمى تى وكان يطلق عليها المرضعة الكبرى أو المرضعة للملكة. لم تنجب نفرتيتى إلا عندما بلغت السابعة عشر من عمرها، وكانت طفلة واسمها "مريت"، وقد أنجب نفرتيتى 6 فتيات جميلات، إضافة إلى إنجابه لولده توت عنخ آمون من زوجة ثانوية كانت تُدعى "كيا". أنجب إخناتون ست بنات من زوجته نفرتيتى، وهن بالترتيب: مريت آتون، ومكت آتون، وعنخ اس ان با آتون، ونفر نفرو آتون، ونفر نفرو رع، وستبن رع، وأنجب اخناتون ولدين من زوجة مجهولة وربما تكون محظيته كيا أو شخصية أخرى. وينسب إلى إخناتون بنتان أو ثلاثة أضيفت لهن صفة "الصغرى"، وكان لإخناتون ثلاثة بنات وولد أثناء إقامته فى طيبة وقبل أن ينتقل إلى تل العمارنة، وبمجيء العام الرابع عشر لم يتبق من بنات إخناتون سوى مريت آتون وعنخ اس ان با آتون، وولدين هما توت عنخ آمون وسمنخكارع. وفى عهد إخناتون انتشر مرض الطاعون، وقد وصل إلى أسرته وأخذ حياة ثلاثة من بنات الفرعون، مما أصابه بالفزع فراح يعد الجميع ليكون حاكما بعده لأنه لم يعرف من سيعيش من هؤلاء الأطفال ومن سيأخذه الموت. انتقل إخناتون فى العام الرابع من حكمه إلى تل العمارنة الواقعة حاليا فى محافظة المنيا، وكانت تسمى (أخيتاتون)، وهناك استطاع أن ينشئ المدينة التى يريد، ليس فيها سوى عبادة إلهه الواحد، وكانت زوجته نفرتيتى وبقية أسرته يعبدون معه نفس الإله، لكن بعد موت إخناتون هجرت المدينة وعاد من تبقى من الأسرة مرة أخرى إلى طيبة. مما يؤخذ على إخناتون أنه تشدد فى سبيل أهدافه، وبدأت تظهر لديه عداوة كبيرة لكل من يخالفه، ولم يتقبل الآخر، ربما حدث ذلك لكون كهنة آمون قد أشعلوا ضده المؤامرات، والحروب، فكان رد فعله مماثلا لتشددهم. حكم "إخناتون" 17 عاما، ساءت فيهم أحوال البلاد اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، لأنه اهتم فقط بنشر مفهومه الجديد للألوهية، واصطدم بالثقافة الموروثة من عقود الصراع الدينى، وبمؤامرات الكهنة، مما تسبب فى ضياع الكثير من ممالك مصر، وسمح للولاة فى الأمصار البعيدة بكثير من التمرد. مات إخناتون وهو لا يزال شابا فى الثانية والثلاثين من عمره، وللأسف فقد انتهى معه دينه وعقيدته، وحتى الآن لم يتم الكشف عن "موميائه".