وقعت فى السنة السابعة من الهجرة العديد من الأحداث منها ما هو سياسى وحربي ومنها ما هو اجتماعي، ومن ذلك زواج النبى محمد عليه الصلاة والسلام من السيدة ميمونة بنت الحارث، فما الذي يقوله التراث الإسلامي في ذلك؟ يقول كتاب البداية والنهاية ل الحافظ ابن كثير تحت عنوان "قصة تزويجه عليه السلام بميمونة" قال ابن إسحاق: حدثني أبان بن صالح وعبد الله بن أبى نجيح، عن عطاء ومجاهد، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة بنت الحارث فى سفره ذلك وهو حرام، وكان الذي زوجه إياها العباس بن عبد المطلب. قال ابن هشام: كانت جعلت أمرها إلى أختها أم الفضل، فجعلت أم الفضل أمرها إلى زوجها العباس، فزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصدقها عنه أربعمائة درهم. وذكر السهيلي: أنه لما انتهت إليها خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لها وهي راكبة بعيرا، قالت: الجمل وما عليه لرسول الله صلى الله عليه وسلم . قال: وفيها نزلت الآية: {وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبى إن أراد النبى أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين}. وقد روى البخاري من طريق أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم وبنى بها وهو حلال، وماتت بسرف. قال السهيلي: وروى الدار قطني من طريق أبى الأسود يتيم عروة، ومن طريق مطر الوراق، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال. قال: وتأولوا رواية ابن عباس الأولى أنه كان محرما أي: في شهر حرام كما قال الشاعر: قتلوا ابن عفان الخليفة محرما * فدعا فلم أر مثله مخذولا أي: في شهر حرام. قلت: وفى هذا التأويل نظر، لأن الرواية متظافرة عن ابن عباس بخلاف ذلك، ولا سيما قوله: تزوجها وهو محرم وبنى بها وهو حلال، وقد كان فى شهر ذى القعدة أيضا وهو شهر حرام. وقال محمد بن يحيى الذهلي: ثنا عبد الرزاق قال: قال لى الثوري: لا يلتفت إلى قول أهل المدينة. أخبرني عمرو، عن أبى الشعثاء، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج وهو محرم. قال أبو عبد الله: قلت لعبد الرزاق: روى سفيان الحديثين جميعا عن عمرو بن أبى الشعثاء، عن ابن عباس، وابن خثيم، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس؟ قال: نعم، أما حديث ابن خثيم فحدثنا ها هنا - يعنى باليمن - وأما حديث عمرو فحدثنا ثمَّ - يعنى بمكة - وأخرجاه فى الصحيحين من حديث عمرو بن دينار به. وفى صحيح البخاري من طريق الأوزاعي: أنبأنا عطاء، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم. فقال سعيد بن المسيب: وهم ابن عباس وإن كانت خالته، ما تزوجها إلا بعد ما أحل. وقال يونس، عن ابن إسحاق، حدثني بقية، عن سعيد بن المسيب أنه قال: هذا عبد الله بن عباس يزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح ميمونة وهو محرم فذكر كلمته، إنما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فكان الحل والنكاح جميعا، فشبه ذلك على ابن عباس. وروى مسلم وأهل السنن: من طرق عن يزيد بن الأصم العامري، عن خالته ميمونة بنت الحارث قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن حلال بسرف. لكن قال الترمذي: روى غير واحد هذا الحديث عن يزيد بن الأصم مرسلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة. وقال الحافظ البيهقي: أنبأنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأصفهاني الزاهد، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا سليمان بن حرب، ثنا حماد بن زيد، ثنا مطر الوراق، عن ربيعة بن أبى عبد الرحمن، عن سليمان بن يسار، عن أبى رافع قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو حلال، وبنى بها وهو حلال، وكنت الرسول بينهما. وهكذا رواه الترمذي والنسائي جميعا، عن قتيبة، عن حماد بن زيد به. ثم قال الترمذي: حسن ولا نعلم أحدا أسنده عن حماد، عن مطر، ورواه مالك عن ربيعة عن سليمان مرسلا، ورواه سليمان بن بلال عن ربيعة مرسلا. قلت: وكانت وفاتها بسرف سنة ثلاث وستين، ويقال سنة ستين رضى الله عنها.