كانت غزوة مؤتة في السنة الثامنة من الهجرة النبوية، وكانت من الأيام الصعبة في التاريخ الإسلامي، فكيف كانت البداية، وما الذي يقوله التراث الإسلامي؟ يقول كتاب البداية والنهاية تحت عنوان "غزوة مؤتة" هى سرية زيد بن حارثة فى نحو من ثلاثة آلاف إلى أرض البلقاء من أرض الشام. قال محمد بن إسحاق بعد قصة عمرة القضية: فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بقية ذي الحجة، وولى تلك الحجة المشركون والمحرم وصفرا وشهري ربيع، وبعث في جمادى الأولى بعثه إلى الشام الذين أصيبوا بمؤتة. فحدثنى محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى مؤتة فى جمادى الأولى من سنة ثمان، واستعمل عليهم زيد بن حارثة وقال: "إن أصيب زيد فجعفر بن أبى طالب على الناس، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة على الناس". فتجهز الناس ثم تهيئوا للخروج وهم ثلاثة آلاف. وقال الواقدي: حدثني ربيعة بن عثمان، عن عمرو بن الحكم، عن أبيه قال: جاء النعمان بن فنحص اليهودي فوقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "زيد بن حارثة أمير الناس فإن قتل زيد فجعفر بن أبى طالب، فإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة، فإن قتل عبد الله بن رواحة فليرتض المسلمون بينهم رجلا فليجعلوه عليهم". فقال النعمان: أبا القاسم إن كنت نبيا فلو سميت من سميت قليلا أو كثيرا أصيبوا جميعا، وإن الأنبياء في بنى إسرائيل كانوا إذا سموا الرجل على القوم فقالوا إن أصيب فلان ففلان، فلو سموا مائة أصيبوا جميعا، ثم جعل يقول لزيد: اعهد فإنك لا ترجع أبدا إن كان محمد نبيا. فقال زيد: أشهد أنه نبي صادق بار. رواه البيهقي. قال ابن إسحاق: فلما حضر خروجهم ودع الناس أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا عليهم، فلما ودع عبد الله بن رواحة مع من ودع بكى، فقالوا: ما يبكيك يا ابن رواحة؟ فقال: أما والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة بكم، ولكنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ آية من كتاب الله يذكر فيها النار: " وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْما مَقْضِيّا " [مريم: 71] . فلست أدرى كيف لى بالصدر بعد الورود. فقال المسلمون: صحبكم الله ودفع عنكم، وردكم إلينا صالحين.