مرت أمس الاثنين الذكرى ال93 على ميلاد المناضل الثوري الكبير، أرنستو تشى جيفارا، إذ ولد في 14 يونيو عام 1928، وهو طبيب وكاتب وزعيم حرب عصابات وقائد عسكري ورجل دولة عالمي وشخصية رئيسية في الثورة الكوبية، كما أنه ثوري ماركسي أصبح أيقونةً في عالم النضال الاشتراكي الذى انتشر في العديد من بلدان العالم في النصف الثاني من القرن العشرين. يعرف عن "جيفارا" أنه كان طبيبا، لكن كيف بدأ حياته في الطب، وما سبب تحوله المفاجئ من الطب إلى الثورة؟ بعد تخرجه من المدرسة الثانوية مع مرتبة الشرف، درس جيفارا الطب في جامعة بوينس آيرس، ولكن في عام 1951 غادر الكلية للتجوال في جميع أنحاء أمريكا الجنوبية مع صديقٍ له. وكان لظروف المعيشة السيئة التي شهدها في رحلتهما التي استمرت تسعة أشهر أثرٌ عميق على جيفارا، فعاد إلى كلية الطب في العام التالي، وكانت نيته توفير الرعاية للمحتاجين، حصل على الشهادة في عام 1953. مع ازدياد اهتمام تشي جيفارا بالماركسية، قرر التخلي عن الطب، معتقدًا أن الثورة فقط يمكن أن تحقق العدالة لشعب أمريكا الجنوبية. في عام 1953 سافر إلى جواتيمالا، حيث شهد الإطاحة بحكومتها اليسارية بدعمٍ من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، الأمر الذي عمل على تعزيز قناعاته. بحلول عام 1955، كان جيفارا متزوجًا ويعيش في المكسيك، حيث التقى الثوري الكوبي فيديل كاسترو وشقيقه راؤول، اللذان كانا يخططان للإطاحة بحكومة "باتيستا" وعندما نزلت قواتهما المسلحة المعدودة في كوبا في 2 ديسمبر 1956، كان جيفارا معهم وبين القلة التي نجت من الهجوم الأول، وعلى مدى السنوات القليلة التالية، أصبح تشي مستشارا رئيسيا لكاسترو وقائدًا لقوات العصابات المتنامية في هجماتها على نظام باتيستا المنهار. وبحسب كتاب "السجل الأسود لأمريكا (ص 227)" للدكتور عصام عبد الفتاح، فإن جيفارا كان سافر إلى المكسيك بعدما حذرته السفارة الأرجنتينية من أنه مطلوب من قبل المخابرات الأمريكية، والتقى هناك "راؤول كاسترو" المنفى مع أصدقائه الذين كانوا يجهزون للثورة وينتظرون خروج "فيدل كاسترو" من سجنه في كوبا. وكان كاسترو ورفاقه قد لجأوا إلى مكسيكو بعد الهجوم الفاشل على ثكنة مونكادا في سانتياجو دو كوبا، وما إن خرج فيدل كاسترو من سجنه حتى قرر جيفارا الانضمام للثورة الكوبية، وقد رأى "كاسترو" في البداية أنهم في أمس الحاجة إليه كطبيب وليس كثوري سيتحول فيما بعد إلى أسطورة وأيقونة ثورية خالدة، وأشعل الاثنان معا الثورة ضد نظام حكم باتيستا، وتمكنا من إسقاطه عام 1959، بعد أن اكتسح رجال حرب العصابات العاصمة الكوبية "هافانا" بقيادة كاسترو، وأسقطوا الديكتاتور الموالي للمخابرات الأمريكية "باتيستا".