رفضت اللجنة البرلمانية للزراعة والاسماك والموارد المائية المبررات التي اوردتها ادارة مشروع التنمية الريفية بالمحافظات الجنوبية «حضرموت، شبوة، ابين، ولحج»، واعتبرت الاعمال التي قامت بها ادارة المشروع هدراً للمال العام وتبديداً له كونها جانبت وخالفت ما تم الاتفاق عليه معها، واصفة تلك المبررات بغير الكافية حيث كان بالامكان حل الاشكالات التي اوردتها ادارة المشروع والبحث عن مواقع اخرى نظراً للمساحات الشاسعة للإيفاء بغرض الاتفاقية والهدف منها بدلاً من دعم الادارة العامة للري بالوزارة، واكدت اللجنة ان ما قامت به ادارة المشروع في كل من «حضرموت، شبوة، ابين، ولحج» يتناقض كلياً مع هدف القروض المخصصة لمشاريع التنمية في تلك المحافظات، إذ ان بناء المدارس والمراكز الصحية وغيرها تدخل في صميم اختصاصات الجهات المعنية، وأوضحت لجنة البرلمان ان ادارة المشروع ووزارتي الزراعة والتخطيط ارتكبتا بمخالفتهما القانون تبديد وتشتيت اموال القرض بما لا يحقق جدواه الاقتصادية والغاية المرجوة منه في تحقيق النمو الزراعي والحد من انتشار ظاهرة الفقر في البلد. يأتي هذا عقب زيارة ميدانية قامت بها لجنة الزراعة والاسماك والموارد المائية بمجلس النواب إلى المحافظات «حضرموت، شبوة، ابين، ولحج» للاطلاع على الاعمال المنفذة المنجزة في مواقع مشروع التنمية الريفية في تلك المحافظات، ومعرفة هل تم تنفيذها وفقاً لمكونات ووصف المشروع الواردة في اتفاقية القرض ام لا؟ حيث ان التكلفة الاجمالية للمشروع تبلغ «45. 800. 000» دولار وتستمر مدة تنفيذ المشروع «6» سنوات ابتداء من عام 1998م، ويستهدف المشروع اولئك الذين يعانون الفقر الشديد في المحافظات الجنوبية والذين ثلاثة ارباعهم-بحسب تقرير اعدته اللجنة- من المنتفعين الذين فقدوا الاراضي الزراعية بعد اعادتها لملاكها الاصليين، كما يستهدف المشروع اشد فقراء الريف من غير المنتفعين في مواقع المشروع وبدرجة ثانوية المجتمعات الريفية حيث يعيش السكان الاكثر فقراً، ويقدر عدد من المستفيدين من المشروع بحوالي «23. 000» اسرة، هدف المشروع رفع دخول «8750» فرداً وعائلاتهم التي تتراوح ما بين «50» إلى «60» الف نسمة. وقد خصص لمكون الاراضي الذي يعتبر مكوناً رئىساً للمشروع في اتفاقية القروض مبلغ «24. 800. 000» دولار من اجل تنمية واستصلاح «9300» فدان لحوالي «1950» اسرة فقيرة، ووفقاً للجنة البرلمانية فقد جاءت نتيجة المشروع سلبية، وكان القاسم المشترك في كل المحافظات المذكورة هو انحرافه عن المهام والاعمال الرئىسية بحسب اتفاقية القرض، والعدول عن ذلك والقيام بتنفيذ اعمال اخرى لا صلة لها بالمشروع، ففي محافظة «حضرموت» حددت الاتفاقية الاراضي الزراعية التي سيتم استصلاحها مساحة «6300» فدان بينما ما تم استصلاحه «1000» فدان فقط، وفي محافظة «شبوة» حددت اتفاقية القرض مساحة الاراضي الزراعية التي سيتم استصلاحها ب«1000» فدان ولم تقم ادارة المشروع باستصلاحها رغم المساحات الواسعة المتوفرة، وكذا الحال في محافظتي «ابين ولحج»، وقد بررت ادارة المشروع إلغاء مكون استصلاح الاراضي الزراعية من المشروع إلى مشاكل قانونية وفنية واقتصادية، وانها اعادت هيكلة المشروع بموافقة المختصين بوزارتي الزراعة والتخطيط، وهذا ما رفضته ولم تقبل به اللجنة البرلمانية المكلفة بمتابعة مسارات تنفيذ المشروع، واوصت بمساءلة وزيري الزراعة والتخطيط عما ارتكبا من مخالفة قانونية، ندما اقدما على اعادة هيكلة المشروع، وقد اقر مجلس النواب في نهاية الاسبوع المنصرم استدعاءهما للتوضيح وهو ما اعتبره كثيرون نوعاً من الهروب ومحاولة لتمييع القضية شأنها شأن مختلف القضايا التي تصل إلى البرلمان، خصوصا تلك الهامة والمرتبطة بقضايا فساد ومخالفات رغم ان نواباً اكدوا رفضهم للقروض باعتبارها ربوية والربا محرم في الاسلام، وهو ما اشار اليه النائب «صادق البعداني» في اواخر جلسات البرلمان، مؤكداً ضرورة محاسبة القائمين على المشروع والعمل على الغاء القروض الربوية والاعتماد على موارد البلاد، وايده في ذلك النائب علي العنسي وناصر عرمان وآخرون كون ما جرى يمثل فساداً واضحاً.