في تطور ينذر بتصاعد الأحداث في باكستان وبعد احتدام المواجهات بين الرئيس الباكستاني ومعارضية، أعلن الرئيس الباكستاني برويز مشرف امس السبت حال الطوارىء في البلاد بعد ايام على انتشار شائعات بهذا الخصوص ووسط تزايد التوتر السياسي وموجة العنف الاسلامي التي تعصف بالبلاد. وعزى مشرف لجوءه الى فرض حال الطوارىء الى موجة الاعتداءات التي يشنها الاسلاميون و"تدخل القضاء في الشؤون العامة"، بحسب نسخة من القرار الرئاسي. وبعد ساعات من إعلان حالة الطوارئ في البلاد وتعليق العمل بالدستور، إقالة رئيس المحكمة العليا افتخار تشودري. وقال التلفزيون الرسمي الباكستاني إن كبير قضاة المحكمة العليا افتخار تشودري وثمانية قضاة رفضوا التصديق على المرسوم الدستوري المؤقت الذي اصدره مشرف، مما دفع الرئيس مشرف لإقالة تشودري، وقال التلفزيون إن تشودري جرى ابلاغه بان خدماته لم تعد مطلوبة. ووفقا لمصادر إعلامية لا يزال تشودري وزملاؤه القضاة داخل مبنى المحكمة في شارع كونستيتيوشن افينيو حيث يقع ايضا مبنى الجمعية الوطنية "البرلمان" والرئاسة. وقد اقتحمت قوات الجيش مقر المحكمة العليا وطوّقت منازل القضاة، واعتبرت المحكمة قرار إعلان الطوارئ غير قانوني. انتشار مكثف للجيش عقب إعلان الرئيس برويز مشرف فرض حالة الطوارئ في البلاد انتشر الجيش الباكستاني بكثافة في العاصمة إسلام آباد وذلك قبل أيام من إصدار المحكمة العليا قرارا حاسما يتعلق بمدى قانونية فوزه بانتخابات الرئاسة الشهر الماضي مع احتفاظه بمنصب قائد الجيش. وسير الجيش دوريات في شوارع إسلام آباد، في حين أغلق الجنود المدججون بالأسلحة الرشاشة الطرق المؤدية إلى المباني الحكومية وسكن أعضاء البرلمان بواسطة الكتل الإسمنتية والأسلاك الشائكة. ونشرت السلطات تعزيزات أمنية حول المنشآت الرسمية الحكومية والحساسة والمنطقة الدبلوماسية تحسبا لردود فعل على هذا القرار. وقال شهود عيان إن قوات أمن انتشرت أيضا داخل محطات تلفزيونية وإذاعية في إسلام آباد انقطع بث بعضها بعد نشر أنباء فرض الطوارئ، فيما أفاد شهود آخرون بأن كل الاتصالات الهاتفية قطعت. وفي كراتشي كبرى المدن الباكستانية وعاصمة إقليم السند جنوبي البلاد انتشر أكثر من مائة جندي وشرطي خارج منزل رئيسة الوزراء السابقة وزعيمة حزب الشعب المعارض بينظير بوتو، فيما قام خبراء متفجرات بتفتيش المنزل. وقال شهود عيان إنه سمع دوي إطلاق رصاص في أنحاء متفرقة من المدينة. موقف المعارضة وقد أدان القرار حزب الرابطة الإسلامية المعارض جناح رئيس الوزراء الأسبق نواز شريف الذي منعه مشرف من دخول البلاد قادما من المنفى في سبتمبر/أيلول الماضي رغم قرار قضائي يسمح له بالعودة. ودعا شريف في تصريحات من السعودية لتلفزيون جيو الخاص مشرف إلى التنحي عن الرئاسة فورا وتسليم السلطة إلى أحد آخر وفق الدستور تمهيدا لإجراء الانتخابات. أما حزب الشعب الباكستاني المعارض بزعامة رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو فأدان الإجراء. وقد وصلت بوتو إلى مطار كراتشي قادمة من دبي حيث كانت تزور عائلتها لكنها ما زالت في الطائرة. وقال المتحدث باسمها وجيد حسن إن بوتو لا تعلم إذا كان سيُسمح لها بالنزول من الطائرة أو سيتم توقيفها أو طردها. ومن جهته قال قاضي حسين احمد زعيم الجماعة الإسلامية الباكستانية أن برويز مشرف ارتكب الخيانة العظمى وان كل من يتعاون معه سيعامل على انه خائن. وأضاف في مقابلة مع قناة الجزيرة الفضائية ليلة أمس أن ما يقوم به برويز مشرف هو عمل غير دستوري. ردود الفعل الدولية وفي ردود الفعل الدولية أعربت الولاياتالمتحدة وبريطانيا عن قلقهما من الإجراءات التي اتخذها مشرف. واعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس من أنقرة قرار مشرف مؤسفا جدا ويتجاوز الدستور، وأعربت عن أملها في عودة سريعة إلى النهج الدستوري مهما حصل وإجراء الانتخابات في موعدها. كما أعرب وزير الخارجية البريطاني ديفد ميليباند عن قلق بلاده الشديد من الإجراءات التي اتخذها مشرف. وكان الحلفاء الغربيون للرئيس الباكستاني طالبوه الأسبوع الماضي بعدم اتخاذ خطوة فرض حالة الطوارئ، محذرين من أن من شأن ذلك تعريض انتقال البلاد للديمقراطية للخطر. تصاعد العنف وفي سياق متصل أعلنت جماعة تنفيذ الشريعة المحمدية أن مقاتليها خطفوا مائة عنصر من قوات الأمن الباكستانية، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على إطلاق سراح 48 أسيرا في وادي سوات شمالي غربي باكستان. وقال المتحدث باسم المسلحين مولانا سراج الدين إن الجماعة سيطرت على مركز شرطة ماتا في وادي سوات، وأنزلت من عليه العلم الباكستاني ورفعت على سطحه علمها. وتأتي هذه العمليات في إطار الهجمات المتلاحقة بين القوات الحكومية والجماعة منذ الأسبوع الماضي. وأوضح سراج الدين أن الجماعة لن تقتل الأسرى، وأنها وعدت بإطلاق سراحهم إذا استسلموا. وقال إنه سيفرج عن الأسرى في وقت لاحق اليوم أمام وسائل الإعلام. وكان الأسرى المائة -وجميعهم من ضباط الشرطة- محاصرين منذ 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي في مركز للشرطة ومستشفى في منطقة ماتا، وذلك عقب اندلاع اشتباكات هناك بعد نشر الحكومة الباكستانية قوات إضافية لإنهاء الصراع المسلح مع جماعة تنفيذ الشريعة المحمدية بقيادة مولانا فضل الله. وشهدت المواجهات بين الطرفين تبادلا لإطلاق نيران أسلحة ثقيلة، فيما قصفت قوات الأمن مواقع الجماعة في الجبال بنيران المدفعية. كما أجبرت المعارك القوات الباكستانية على استدعاء مروحيات عسكرية للمساعدة في القتال الذي أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص بينهم العشرات من القوات الحكومية، وينفي المسلحون هذه الأرقام، وما زالوا يؤكدون أنهم مسيطرون على الوضع. فالون يلتقي مشرف ومن جهة ثانية ، التقى قائد القيادة الوسطى الأميركية، الجنرال ويليام فالون بالرئيس الباكستاني لمناقشة الأوضاع المتوترة في شمال غربي باكستان وسعت القبائل من مناطق نفوذها التقليدية. ونفى ناطق باسم الجيش الباكستاني بحدة التقارير التي أشارت إلى عرض فالون على حكومة إسلام أباد تقديم قوات أميركية لمواجهة الأوضاع في سوات، ويشار إلى أن مواجهات مسلحة بدأت قبل أكثر من أسبوع بين المسلحين والقوات الباكستانية إثر حملة عسكرية شنها الجيش ضد رجل الدين الموالي لطالبان، مولانا فضل الله. وجاءت المواجهات بعد أن زجت الحكومة الباكستانية ب2500 جندي إضافي في مقاطعة "سوات" للتصدي لأنصار فضل الله، الذي بدأ حملة للدعوة لنظام على غرار حركة طالبان في أفغانستان، كما دعا إلى الجهاد ضد حكومة إسلام أباد.