بعد ان مضت ثمان سنوات له في قسم التعاملات التجارية المستقبلية في مصرف (سوسيتيه جنرال) الفرنسي الذي يعتبر ثاني أكبر بنك فرنسي من حيث تقييم السوق ، دخل الموظف الفرنسي جيروم كيرفيل تاريخ بنك (سوسيتيه جنرال) الفرنسي كاخطر ظاهرة واجهت البنك طوال تاريخه. الموظف الفرنسي جيروم كيرفيل البالغ من العمر 31 عاما والذي عمل براتب سنوي لايزيد عن 140 الف دولار تسبب في فضيحة اختلاس كشفها البنك بعد أن تعرضت معظم الاسواق وعلى وجه الخصوص المصارف لهزات مفاجئة هذا الاسبوع نتيجة تداعيات الازمة الائتمانية العالمية الامر الذي اضطر بنك سوسييتيه جنرال بسببه ان يكشف عن وقوعه في خديعة نظام غير قانوني نصبه موظفه كيرفيل لتغطية تعاملات تجارية لم ينل موافقة مسبقة عليها. وتبدو عملية الاحتيال التي تعرض لها البنك فريدة من نوعها، والأسوأ من ذلك أن اكتشافها تم صدفة ويوم السبت الماضي أثناء عملية تدقيق روتينية لحسابات المصرف وعملياته المالية. وكان بنك «سوسيتيه جنرال» قد حقق في عام 2006 أرباحا وصلت الى 5,2 مليار يورو. وأكد دانيال بوتون مدير عام البنك أنه رغم الخسائر الهائلة التي أصابت البنك، فإن نتائجه التشغيلية كانت إيجابية للعام الماضي. وقال بوتون الذي يعتقد المحللون الماليون في باريس أنه «مهدد» إن «الثقة بالبنك لم تهتز وتم تصحيح وضعه المالي». وكشف رئيس «سوسيتيه جنرال» عن عملية زيادة رأس مال المصرف تبلغ قيمتها 5.2 مليار يورو سوف تتم قريبا وهي تعادل قيمة خسائر البنك بسبب العمليات الاحتيالية. وسعى رئيس المصرف الى إيجاد الأعذار التي تبرر عجز المصرف عن الكشف عن أكبر عملية احتيال تاريخية تصيب المصارف الفرنسية بالقول إن الموظف المعني استفاد من معرفته المعمقة لكيفية إجراء عمليات التدقيق والرقابة. ويستعد المصرف الى تقديم شكوى ضد الموظف المذكور. وتتساءل الأوساط المصرفية الفرنسية عن كيفية نجاح موظف واحد بإلحاق هذه الخسائر الهائلة بأحد أعرق البنوك الفرنسية والعائدة كلها الى عمليات مضاربة في عام 2007م. وفي السياق عينه، قالت وزيرة الاقتصاد والمال كريستين لاغارد إنها طلبت من اللجنة المصرفية القيام بعمليات تدقيق إضافية. وتساءلت الوزيرة عن الآليات الرقابية التي تسمح بالقيام بهذا النوع من عمليات الغش الواسعة. وسعت لاغارد بدورها الى طمأنة المتعاملين المحليين والدوليين لسلامة أوضاع بنك سوسيتيه جنرال بعد قرار إدارته زيادة في رأس المال. وبدوره أعلن حاكم مصرف فرنسا المركزي أن الصحة المالية للبنك «صلبة» وأنه «لا يراوده أي قلق» بشأنها. ووصف عملية الاحتيال بأنها «غريبة» لا بل «لا تصدق». وطالب باتخاذ التدابير الضرورية لتحاشي تكرارها في المستقبل. ولم يكن الثمن باقل من خسائر فلكية بعد ان كبد المتعامل الصغير المصرف العريق اموالا بلغت اكثر من سبعة مليارات دولار اي اكثر بكثير من قيمة اي حوادث مماثلة سابقة واكثر من ثلاثة اضعاف خسائر فضيحة التعاملات التي اطاحت بمصرف (بارنغز) في فرنسا قبل سنوات خلت. وفيما يتساءل كثيرون كيف لمتعامل شاب يشغل مركزا متواضعا بمقاييس كبريات البنوك لا يتمتع سوى بدخول محدود للاسواق مثل هذه الخسائر الضخمة..جاء الرد من المصرف مباشرا نسبيا. وقال المصرف ان كيرفيل قبل نقله الى تعاملات المكاتب الامامية اي الواجهة المباشرة للمصرف كان يعمل في مكتب خلفي مهمته مراقبة التعاملات التجارية وضمان تجنب تخطي اي موظف لتفويضه التجاري ومن هناك علم كيرفيل اسرار كافة انظمة الحماية المصرفية وتعلم كيف يتجاوز انظمة الامان لاخفاء انشطة غير مصرح بها. ولا يؤمن البنك ان موظفه الطائش كان يسعى لسرقة امواله غير انه قامر في السوق وخسر واستمر في القيام بذلك حتى غرق لعمق لم يكن هو نفسه يسبر غوره او يعرف قراره. وقد رفع المصرف دعاوى قضائيه ضد الموظف الطائش بانتظار تحقيق كامل معه. نبأ هذا الاحتيال جاء في اسوء توقيت يمكن تصوره بالنسبة لاسعار اسهم البنك والتي كانت متاثرة بالفعل بالتقلبات الحادة التي شهدها السوق طوال هذا الاسبوع فبحلول مساء الخميس الماضي كان سوييتيه جنرال قد خسر نصف قيمته ليغلق سعر سهمه عند 81ر75 يورو مقارنة بمستواه عند فتح التداول والبالغ 42ر158 يورو وهذا في يوم واحد فقط. هذا ومن المرجح ان يولي المصرف الفرنسي العريق وعدد من البنك الاخرى الكبرى دعمها الآن للاصلاحات التي ينادي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بادخالها على الاسواق المالية لجعلها اكثر شفافية. هذا وكان بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي قد اشترى في العام 2005م(69.7 ) بالمئة من أسهم بنك مصر الدولي، بعد صفقة بلغت قيمتها 420 مليون دولار، وفاز بها بنك سوسيتيه جنرال على منافسه الفرنسي 'بي ان بي باريباس'، الأمر الذي أعطى المصرف الفرنسي السيطرة الكاملة على هذا البنك. هذا وكان مصدر قضائي قد أفاد أمس الاول السبت أن الشرطة الفرنسية اعتقلت جيروم كيرفيل ، مضيفا أن كيرفيل البالغ من العمر احدي وثلاثين عاما معتقل قيد الاستجواب، وبمقتضى القانون الفرنسي يمكن اعتقال المشتبه بهم لفترة مبدئية مدتها 24 ساعة قبل توجيه أي تهم لكن هذ الفترة يمكن تمديدها.