مخاوف عديدة تسود الشارع اليمني المترقب بحذر مدى التغير الاقتصادي في الحياة العامة التي ستنجم في أعقاب حدوث تدفقات استثمارية مباشرة مرتقبة إلى البلاد قادمة من الدول الخليجية. المخاوف لاتتعلق بسياسة الحكومة اليمنية وقدرتها على استقطاب تلك الاستثمارات في الوقت الذي مازالت فيه خططها مجرد مشاريع ورقية لا أكثر حتى الوقت الراهن لكنها تنجم من الشارع العام حيث بوادر ارتفاع أسعار إيجارات المنازل والشقق السكنية باتت الهم المورق لموظفي القطاعيين العام والخاص منذ الثلث الثاني للعام الماضي 2007 م وبالذات من بعد انعقاد مؤتمر استكشاف الفرص الاستثمارية بصنعاء أواخر ابريل المنصرم في الوقت الذي مازال تدني لوائح أجور الموظفين اليمنيين في القطاعيين العام والخاص عائقاً أكبر أمام مشاريع وطموحات هذه الشريحة بالاستقرار خصوصا وأن بوادر عديدة لارتفاع أسعار الإيجارات وأسعار الأرض السكنية قد شهدت ارتفاعات كثيرة لاتتناسب وقدرة الموظف اليمني المعتمد في معيشته على راتب شهري بالكاد يمكنه من توفير متطلبات الحياة الأساسية في حده الأدنى وظهرت رغبة شديدة لدى ملاك الأراضي والعمارات السكنية والتجارية إلى المبالغة الشديدة في تقديرات أسعار البيع والإيجار حين بادر كثيرون إلى إعادة ترميم عماراتهم وتفريغها من الساكنين وتعليق لافتات قماشيه تفيد بتأجيرها بالكامل. فيما يفيد متخصصون في بيع وشراء وتأجير الأراضي والمنازل إلى أن سعر المتر المربع من الأراضي في بعض مناطق العاصمة وعواصم المحافظات الرئيسية شهد زيادة تقارب نسبة ال200 % خلال فترة وجيزة من ديسمبر 2007م إلى مارس 2008م. وتعزو تقارير رسمية توقعاتها باستمرار تصاعد أسعار الأراضي وإيجارات المنازل إلى شلل عملية البناء والتعمير بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء كا لأسمنت والحديد والأخشاب وعدم قدرة البنوك اليمنية على تمويل المشاريع والاستثمارات العقارية. ويتوقع الخبراء أن تواصل أسعار العقار في المدن الرئيسية وخاصة صنعاء وعدن والمدن التي يخطط لقيام مشاريع استثمارية صناعية وتجارية فيها ارتفاعها خلال الفترة المقبلة ما قد ينجم عنه حسب التوقعات هجرة عكسية من المدينة إلى الريف من الشرائح غير القادرة على التأقلم مع ارتفاع الإيجارات ولا يجد الخبراء الاقتصاديون حلاً عاجلاً لمشكلة ارتفاع إيجارات الشقق السكنية في توجه عدد من الشركات العقارية نحو بناء المدن السكنية في المدن الرئيسة واعتزام وزارة الحكومة بناء 2500 وحدة سكنية و298 بناية بتكلفة تزيد على 16 مليار ريال تخصص لذوي الدخل المحدود وبأقساط تسترد على مدى عشرين عاما، أن تسهم في الحد من الطلب المستمر على الإيجارات السكنية والحد من ارتفاع أسعارها في القريب العاجل فيما يراود ملاك وتجار العقارات حلم انفتاح السوق أمام الشركات الاستثمارية الخليجية والأجنبية الباحثة عن مكاتب ومقرات جاهزة لبدء نشاطها فإنهم يتهيئون حاليا لتقبل ذلك خصوصا في ظل الحديث الحكومي عن ارتفاع قيمة التدفقات الاستثمارية إلى اليمن من الدول الخليجية وخاصة المملكة العربية السعودية التي تقدر تقارير الحكومية اليمنية استثماراتها بأكثر من 600مليون دولار خلال عامي 2006- 2007م غير أن المخاوف نفسها لاتلبث أن تمتدد نحو مستثمرين ومقاولين يمنيين وعرب وعمال استقدمهم هؤلاء كخبراء متكفلين بأجور سكنهم حيث يجد هؤلاء أنفسهم في مواجهة خطر حقيقي مع ارتفاع أسعار مواد البناء بنسبة تراوحت بين 40% و50% وهو الأمر الذي دفع الحكومة اليمنية إلى محاولة معالجته بجملة تعويضات في فوارق الأسعار بلغت 20 بالمائة لشركات المقاولات، و12 بالمائة للشركات العقارية وتخصيص قطعة أرض المشروع الاستثماري بالمجان لمن تبلغ قيمة مشروعه الاستثماري 10 ملايين دولار. وعلى الرغم من إجراءات الحكومة الاحترازية الهادفة إلى بث الطمأنينة لدى المستثمرين الخليجيين والأجانب فان إحصاءات الجهاز المركزي الإحصائي،تشير إلى أن عدد المشروعات الإنشائية لقطاع البناء المنظم،سجلت خلال العام 2007م عدد 1793 مشروعا بقيمة 75 مليار ريال يمني،منها 70 مشروعا سكنيا بتكلفة 15 مليار ريال،وبلغت الوحدات السكنية 548 وحدة قيمتها 5 مليارات ريال. وخلال العام الماضي 2007 بلغت قيمة الأنشطة الإنشائية المنفذة في قطاع المقاولات اليمني نحو 9. 5 مليار دولار.