"وحدة على الورق" تحت هذا العنوان نشرت صحيفة "هآرتز" الصهيونية تحليلاً إخبارياً عن الأوضاع في اليمن وفي المحافظات الجنوبية خصوصاً. الصحيفة ذاتها مع مطلع الأسبوع الحالي في تحليلها الذي هاجمت فيه الحكومة اليمنية ذهبت إلى القول: "بأن الدعوة التي وجهتها الحكومة للشباب للانضمام إلى صفوف الجيش كان القصد منها توجيه تلك الدعوة لأبناء اليمن في الشمال فقط، وأن سكان الجنوب ما يزالون يصنفون ضمن المشتبه بهم وأن الحكومة تفضل استبعادهم وأن اليمن تدير شؤونها وكأنها شعبين منفصلين منذ ما بعد حرب صيف 94م وأن الوحدة أصبحت حبراً على ورق فقط". كل هذه الجمل والعبارات التحريضية المناهضة للوحدة اليمنية وبأسلوب إثارة النزعة المناطقية والانفصالية، ساقتها صحيفة "هآرتز" الإسرائيلية في تحليلها الإخباري عن اليمن بصورة لم تخلوا من محاولة إثارة الشقاق والخلاف والنزاع بين أبناء الشعب اليمني الواحد، الأمر الذي لم يستغرب له مراقبون سياسيون تحدثوا ل"أخبار اليوم" مساء أمس موضحين بأن سياسة الكيان الصهيوني في التعامل مع أي دولة عربية أو إسلامية تتم عبر بث مثل هذه المزاعم والتخرصات، منوهين إلى أن على الجميع مراجعة الذاكرة قليلاً واستذكار مقولة "فرق تسد" وهي العبارة التي يتعامل بها العدو الصهيوني مع العرب والمسلمين منذ أن وجدت الدولة العبرية. المراقبون الذين تحدثوا ل"أخبار اليوم" ولم يستغربوا مما ذهبت إليه صحيفة الكيان الصهيوني استغربوا تزامن النفس التحريضي والدعوة إلى العنف التي سيطرت على المهندس/ حيدر أبوبكر العطاس في مقاله المعنون "أوقفوا هذا العبث اللاوحدوي بالجنوب" والذي تناقلته العديد من الوسائل الإعلامية مؤخراً وتزامنه مع ما نشرته صحيفة "هآرتز" وذهابهما معاً في السياق التحريضي ذاته وزاد على ذلك العطاس بالدعوة إلى العنف والاستمرار في إحداث الفوضى والشغب داخل اليمن. وأشار المراقبون إلى أن وصف العطاس لبسط الدولة لسلطتها وإيقاف أعمال الشغب بالحصار الإسرائيلي تزامناً مع ما نشرته الصحيفة المشار إليها آنفاً، أمر له دلالته وأبعاده، موضحين بأن ما ذهب إليه العطاس في حادثة الجنيد وتطابقه مع ما ذهبت إليها "هآرتز"، أمر هو الآخر يحمل أبعاداً خطيرة تتجلى خيوطه بوضوح تام عما قريب، واعتبر المراقبون قول العطاس في مقاله: "أن شعب الجنوب المناضل قد قرر وأقسم بأن لا يهدأ وأراضيه وثرواته منهوبة وسيادته على أرضه مسلوبة وقياداته تكتظ بها سجون السلطة المأزومة ومدنه وقراه محاصرة بقوى الظلم والطغيان وسيواصل نضاله، ودعوته للشباب وطلاب الكليات وأبناء القبائل والتجار في المحافظات الجنوبية إلى الانخراط في صفوف الحراك لاستعادة ما وصفه بالحقوق المنهوبة والسيادة المسلوبة وغيرها من جمل التحريض والشعارات التي أطلقها في مقاله وتطابقها مع الدعوات والشعارات التي ترفع من قبل من تسمي نفسها بقيادات الحراك في الجنوب دليل كاف وواضح على وقوف العطاس وراء تصاعد الدعوات التحريضية وبث ثقافة الكراهية بين المواطنين والشعارات المناطقية المناوئة للوحدة. ونوه المراقبون في ختام حديثهم إلى أن الدعوة التي وجهها مهندس الانفصال للمنظمات الدولية والدول الإقليمية للتدخل السريع لإيقاف ما وصفه بالحرب الثانية دليلاً واضحاً على أن ثمة مخطط خارجي حيكت خيوطه منذ حين لاستهداف وحدة اليمن أرضاً وإنساناً. محذرين في نفس السياق جميع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني من الانجرار والوقوع في المخطط التآمري الذي بدت ملامح ارتباطه بالمشروع الصهيوأميركي تتضح بشكل أكثر. . داعين القوى السياسية الفاعلة إلى النهوض بمسؤولياتها وتوعية الشرائح المجتمعية من خطورة ما يحاك ضد اليمن من مؤامرة. . وختم السياسيون حديثهم ل"أخبار اليوم" بدعوتهم لحيدر أبوبكر العطاس بالعودة إلى تحكيم انتمائه الوطني وإحياء ضميره واستشعار خطورة وواقعية دوره الذي نجده منساقاً فيه وراء غريزة الانتقام من الشعب كيداً للنظام. . مؤكدين عليه أن الدماء التي وقف وراء سفكها في السابق منذ مطلع الثمانينات وحتى ساعة كتابة مقاله المخزي يتحمل هو مسؤوليتها أمام الله والشعب والتاريخ، وأن تلك الدماء والأرواح لن يستطيع أن يجعلها توابيت وحائط مبكى ليتسلق من خلالها إلى سلم هرم السلطة في الوقت الراهن ولا مستقبلاً لكون أبناء الشعب في ربوع هذا الوطن الكبير يدركون حقيقة ما يسعى إليه العطاس، وأن إرادة التغيير للشعب قد أعلن عقيدته بها أنها قادمة بإرادته عبر الصناديق وفي إطار اليمن الكبير لا عبر التخريب وسفك الدماء. . مهنئين العطاس في نهاية حديثهم بتوأمة مصطلحات التحريض والتخريب التي أصبحت مشتركة في خطابه السياسي مع خطاب صحيفة "هآرتز" العبرية، والتي لا يعرف أي منهما اقتبس من الآخر. .