شهدت موريتانيا أمس الأربعاء انقلاباً عسكرياً بقيادة قائد الأركان الخاصة لرئيس الجمهورية الموريتانية محمد ولد عبدالعزيز ضد الرئيس الموريتاني المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله. وجاءت عملية الانقلاب بعد أن سيطر رئيس هيئة الأركان المقال على المؤسسات العامة في البلاد بعد قليل من صدور بيان رئاسي بإقالة عدد من القيادات العسكرية بينهم قائد الجيش الجنرال محمد ولد الغزواني. وأفادت الأنباء الواردة من العاصمة الموريتانية نواكشوط أن وحدات من الجيش تمركزت أمام مبنى التلفزيون في العاصمة وانه لم يسمع إطلاق رصاص. وقد أعلن متحدث باسم الانقلابيين تشكيل "مجلس دولة" يقوده قائد الأركان الخاصة للرئاسة محمد ولد عبدالعزيز وإلغاء قرار إقالة بحق أربعة ضباط كبار. أعلن عنه في بيان رئاسي. واقتحمت قوات الجيش القصر الرئاسي صباحاً، واعتقلت ولد الشيخ ورئيس وزرائه يحيى ولد أحمد الواقف الذي اقتيد إلى ثكنة عسكرية. هذا وقد استقبل الجنرال محمد ولد عبدالعزيز -قائد "مجلس الدولة" الذي يحكم البلاد في الوقت الحاضر بعد إطاحته بالرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله- دبلوماسيين أجانب أولهم السفيران الفرنسي والأميركي. وما زال الغموض يلف مصير ولد الشيخ عبدالله الذي أطيح به اليوم وقال المتحدث باسم الرئاسة الموريتانية عبدالله ممدوبا ل"الجزيرة نت" إنه لم ترد أي أخبار أو معلومات عنه بعد اعتقاله على أيدي وحدات عسكرية تابعة للحرس الرئاسي. وانطلقت مسيرات ومظاهرات جابت أهم شوارع العاصمة نواكشوط تؤيد هذا الطرف أو ذاك. وكانت الرئاسة الموريتانية قد أعلنت إقالة الجنرالين القويين في المؤسسة العسكرية وهما الجنرال محمد ولد عبد العزيز قائد الأركان الخاصة لرئيس الجمهورية الذي يقود الحرس الرئاسي أيضا، وقائد الجيش الجنرال محمد ولد الغزواني. وقال بيان صادر عن الرئيس الموريتاني أذاعته الإذاعة الموريتانية أمس الاربعا ء إنه تم تعيين العقيد محمد أحمد ولد إسماعيل محل الجنرال ولد عبد العزيز، وتعيين العقيد عبدالرحمن ولد بوبكر قائداً جديداً للجيش، وقد كان أقيل سابقاً من قيادة الجيش إثر استلام ولد الشيخ عبدالله للسلطة في أبريل/نيسان 2007. وشملت التعديلات العسكرية أيضاً بقية أركان المؤسسة العسكرية؛ وتم تعيين العقيد أحمد ولد محمد الكوري قائداً لأركان الدرك، والعقيد مسغارو ولد سيدي قائداً لأركان الحرس. وفي هذا الإطار تواصلت ردود الفعل المنددة بالانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس الموريتاني سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله صباح الأربعاء، في حين أغلق الجيش مطار العاصمة نواكشوط وشن حملة اعتقالات في صفوف الوزراء والمقربين من الرئيس الذي اعتقل ورئيس الحكومة في أولى ساعات الانقلاب. و أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن أسفه العميق للانقلاب العسكري، ودعا إلى احترام دولة القانون وإعادة النظام الدستوري فوراً في موريتانيا. و نددت الولاياتالمتحدة بالانقلاب العسكري وطالبت باستعادة الحكم الدستوري في ظل الحكومة التي انتخبت بطريقة ديموقراطية. وقال غونزالو غاليغوس نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية: "إننا ندين الانقلاب العسكري على القيادة المنتخبة ديمقراطياً في موريتانيا، ونعارض أية محاولات تقوم بها عناصر عسكرية لتغيير الحكومات بطرق غير دستورية، وندعوا الجيش إلى الإفراج عن الرئيس المحتجز ورئيس الوزراء وإعادة الحكومة الشرعية على الفور". ومن جهته أدان الاتحاد الأفريقي الانقلاب بشكل قاطع، وأعلن إرسال مفوض السلم والأمن رمضان لعمامرة إلى موريتانيا في محاولة لتسوية الأزمة. وعلى صعيد ردود الأفعال الداخلية فقد تفاوتت ردود فعل أغلب القوى السياسية الموريتانية إزاء الانقلاب الذي قاده الجنرال محمد ولد عبدالعزيز قائد الأركان الخاصة للرئاسة، وأطاح فيه بالرئيس سيدى محمد ولد الشيخ عبدالله اليوم، ففيما عارض البعض هذه الخطوة واعتبرها كارثة، وجدها البعض الآخر خطوة مبررة. من جهته أدان حزب التحالف الشعبي التقدمي عملية الانقلاب إدانة مطلقة. وقال عضو المجلس الوطني لحزب التحالف الشعبي التقدمي ورئيس تحرير جريدة الموقف الموريتانية محمد محمود ولد الشيخ إن الانقلاب الذي شهدته موريتانيا أمس جاء بعد أزمة خانقة عاشتها موريتانيا خلال الفترة الماضية وشكلتها الأطراف النافذة في السلطة وهي ما أوصلت الأمور إلى ما وصلت إليه اليوم. . منوهاً إلى انه حتى اللحظة لم يتوفر سوى البيان رقم واحد الذي أعلنه مجلس الدولة الذي أعلن عن نفسه اليوم برئاسة محمد ولد عبدالعزيز قائد الأركان الخاصة لرئيس الجمهورية وقائد الانقلاب. وأكد ولد الشيخ في تصريح خاص ل "أخبار اليوم" من نواكشوط بأنه لا يمكن التنبؤ بمستقبل العملية السياسية الموريتانية وإنما ما يمكن قوله حالياً بأنن البلاد تمر بمرحلة خاصة وحرجة جدا والجميع ما زال ينتظر بقية الأجندة التي سيعلن عنها مجلس الدولة في المرحلة القادمة الذي أعلن انه سيتم تنظيم انتخابات رئاسية بعد شهرين. وأوضح رئيس جريدة الموقف أن الأسباب التي قادة إلى الانقلاب داخلية محضة وان من بينها انعدام الثقة بين المؤسسة العسكرية والرئيس المطاح به سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله الذي كان مدعوماً في الأساس من رموز المؤسسة العسكرية التي قادت الانقلاب. وحول ما إذا كانت هناك عوامل خارجية ساهمت في عملية الانقلاب قال ولد الشيخ لا أظن أن هناك عوامل خارجية وما حدث هو ناتج عن قضايا داخلية وتفاعلات داخلية من نفس التشكيلة السياسية ونفس القوى التي كانت متحالفة مع نظام الأغلبية ويمكن أن نقول أن هناك معطيات خارجية قد تظهر في ما بعد ولكن حالياً لم تطفو على السطح لان الرئيس السابق والمجلس العسكري لديهم نفس المواقف تجاه الملفات الخارجية ولا أظن أن هناك خلافات حادة يمكن أن تستغلها احد الأطراف الدولية الخارجية. وعن رأي الشارع الموريتاني أكد عضو حزب التحالف الشعبي التقدمي الموريتاني انه لا يمكن الجزم بأن هناك موقفاً معيناً حتى الآن وما زال هناك غموض كبير وانطباعات الشارع الموريتاني ما زالت أولية والرأي العام منقسم بين معارض ومؤيد فالأخير يرى بأن هناك وضع اقتصادي واجتماعي معيشيي صعب جداً وأيضاً هناك مجموعات من السياسيين لم تتمكن من التموقع سياسياً خلال الفترة الماضية ولم تحصل على حصتها في الكعكعة السياسية في حين ترى أطراف سياسية معارضة للانقلاب بأنه لا بد من احترام المسار الديمقراطي مستندة إلى قضايا قانونية ودستورية تتعلق بالمؤسسة الديمقراطية. واعتبر استقبال ولد عبدالعزيز للسفير الاميركي والفرنسي واحدة من العادات المتبعة لدى أنظمة العالم الثالث التي تبحث عن شرعيتها من الخارج والقوى الدولية ولا تلتفت إلى شرعيتها الداخلية. وأضاف في ختام حديثه ل "أخبار اليوم " أن حزب التحالف الشعبي التقدمي قد أدان بشده حادث الانقلاب وأكد تمسكه بالمؤسسات الدستورية. إلى ذلك وفي وقت متأخر من مساء أمس وجه قائد الانقلاب الجنرال محمد ولد عبد العزيز بإغلاق المطبعة الوطنية في نواكشوط ومنع سطور أي صحيفة موريتانية ليومنا هذا الخميس.