حمَّل الدكتور/ فتحي العزب رئيس الدائرة الإعلامية بالأمانة العامة للتجمع اليمني للإصلاح السلطة سبب تعاظم سلطة الفساد في البلاد، منتقداً في الوقت ذاته تقصير الأحزاب والمجتمع في مواجهة الفساد وتعريته وفضحه للرأي العام. وشدد الدكتور العزب خلال ندوة نظمتها صباح أمس الأول بصنعاء منظمة صحفيات بلا قيود حول "الفساد في اليمن"، على ضرورة خلق ثقافة مقاومة مجتمعية للفساد الذي وصفه بالغول الذي أكل الأخضر واليابس خصوصاً في ظل خضوع النخبة اليمنية وفسادها. وارجع العزب سبب تنامي الفساد في بلادنا إلى ثلاثة أسباب رئيسية وهي السلطة الحاكمة التي قال إنها تتولى كبر الفساد في اليمن، وفساد الأحزاب المتمثل برأيه في سكوتها وضعفها ومداهنتها للسلطة الفاسدة الأمر الذي عزز من سلطة الفساد، وكذا المجتمع الخانع المتعايش مع هذا الفساد والقابل له والراضي عنه. وقلل رئيس إعلامية الإصلاح من جدوى الهيئات الرقابية الرسمية ك"البرلمان والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وغيرها" في مكافحة الفساد كون أمر هذه المؤسسات بيد صانع القرار الذي لا توجد لديه رغبة وإرادة حقيقية في مكافحة الفساد"- حد قوله. مؤكداً خلال ندوة "نحو شراكة فاعلة وأدوار حقيقية تكافح الفساد وتعزز مبادئ الحكم الرشيد" أن الفساد في اليمن نتاج لسياسة وفلسفة الحاكم القائمة على احتكار السلطة عبر أدوات غير صحيحة واحتكار الثروة التي لا يعرف احد كيف وأين تصرف، إضافة إلى محافظته على الجهاز الإداري القائم بفساده وضعفه، مشدداً على ضرورة وجود إرادة سياسية مجتمعية قوية تقتلع سلطة الفساد من جذورها. من جانبه قال عضو مجلس الشورى والأمين العام السابق للتنظيم الناصري عبدالملك المخلافي إن فساداً كالفساد الذي وصل إليه نظام الحكم في اليمن بحاجة إلى ثورة شعبية شاملة إذ لا يمكن معه الحديث عن إصلاحات جزئية. وفي توصيفه للفساد، قال إنه قضية سياسية مباشرة تمارس بوسائل سياسية ولأهداف سياسية وليس قضية قيمية وثقافية وأخلاقية فحسب. واعتبر المخلافي الديمقراطية المشوهة والناقصة إحدى وسائل تقوية الفساد، منتقداً ما وصفه بتشويه وإفساد السلطة لأدوات التوعية في مكافحة الفساد الأمر الذي يخلق بدوره حالة من التشوه في الوعي - حد قوله. واعتبر القيادي الناصري محمد الصبري توريث السلطة والمناصب القيادية في الدولة أخطر ما يهدد الوحدة الوطنية ويقوض أركان المجتمع اليمني. وانتقد الصبري ما وصفه بالفساد الخارجي، مشيراً إلى أن دولاً عظمى لم يسمها تعمل على دعم أنظمة الفساد في المنطقة لضمان حماية مصالحها فقط دون أي اعتبار للشعوب. واعتبر تعزيز دور وسائل الإعلام والقضاء والانتخابات أشياء مهمة في مكافحة الفساد. واتفق الأكاديميان محمد الأفندي ومحمد المخلافي على وجود فساد بنيوي ممنهج في اليمن يدير الدولة والشأن العام. وفيما عبر الأفندي عن خشيته من كثرة الحديث عن الفساد الأمر الذي يؤدي إلى خلق حصانة وتطبيع مع الفساد ، أشار المخلافي إلى ما اعتبره المظاهر الأولية الداعمة للفساد والمتمثلة في وجود اختلالات دستورية كوجود سلطات مطلقة للحاكم دون محاسبة ووجود حالة من عدم التوازن بين هيئات الدولة المختلفة، إضافة إلى تعطيل أجهزة الرقابة ك(البرلمان، الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، القضاء. . . الخ). وفيما رأى د/الأفندي - رئيس الدائرة الاقتصادية في الإصلاح - وضع الشعب مباشرة في مواجهة الفساد كون أجهزة الرقابة الرسمية معطلة من خلال تحقيق إرادته في إعادة بناء مؤسسات دستورية حقيقية وقوية لا تكتفي بالوعظ والتشهير للفاسدين، اقترح د/المخلافي - رئيس الدائرة القانونية في الحزب الإشتراكي إنشاء شبكات متخصصة في مكافحة الفساد وتكوين جبهة قوية وشاملة من الأحزاب السياسية والإعلام الحر والمجتمع المدني لمساندة الهيئات الرسمية العاملة في مجال مكافحة الفساد، مشيراً إلى أن ثقافة الحكم في اليمن ثقافة قائمة على مفهوم الشطارة في الاستمرار في الحكم وعدم احترام المال العام وممتلكات الدولة. من جانبه دعا علي سيف حسن - رئيس منتدى التنمية السياسية - المنظمات ووسائل الإعلام إلى تحديد قضايا الفساد وتحديد شخوصه والبعد عن الحديث عن الفساد كمبني للمجهول. وتمنى حسن من هيئة مكافحة الفساد دعم منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام من خلال تزويدها بالمعلومة والوثائق حول الفساد. الملحق الثقافي في السفارة الأمريكية "راين كليها" الذي وصف الفساد بسرطان يسري في جسد اليمن ويقتل كل شيء جيد صنعه اليمنيون، قال إن تشكيل هيئة مكافحة الفساد وإقرار قانون الذمة المالية وقانون المناقصات والمزايدات رغم أنها خطوة مهمة إلا أنها وحدها لا تكفي، داعياً إلى إيجاد تحالف موسع من الإعلاميين والأكاديميين والناشطين والمجتمع المدني لمحاصرة هذا السرطان ومن ثم استئصاله، مبدياً استعداد حكومته وشعبه في دعم جهود اليمنيين لمحاربة ما وصفه بطاعون الفساد والعمل على تعزيز دور المؤسسات العاملة في مجال مكافحة الفساد. واعتبر كليها وجود ديمقراطية حقيقية وإعلام حر ومنفتح ومجتمع يعبر عن رأيه بدون خوف من القمع أو العنف ضرورة لوجود يمن خال من الفساد الأمر الذي سيؤدي إلى مزيد من الاستقرار وزيادة الطاقة الانتاجية لليمن - حسب تأكيده. من جانبها أكدت رئيسة منظمة "صحفيات بلا قيود" توكل كرمان أن الطريق إلى الإصلاح ومكافحة الفساد يبدأ بالضرورة بالعلم والمعرفة الدقيقة لمنافذ الفساد وآلياته المستخدمة والمعززة بالمعرفة الدقيقة والشاملة لآليات وأساليب الإدارة الجيدة المجربة والمتوافقة مع معايير عالمية، معتبرة ما قامت به المنظمة انه جاء لتسليط الضوء على أهمية الشراكة الحقيقية وضرورة الدور الفاعل لكل من مؤسسات الدولة الرسمية والمجتمع والصحافة والمجتمع المدني في مكافحة الفساد.