- أصبح الأمن القومي العربي من ناحية وأمن البحر الأحمر وخليج عدن من ناحية أخرى على مفترق علاقة طردية حرجة بعد أن تصدرت قضية تأمين البحر الأحمر اهتمامات المجتمع الدولي بفعل أنشطة القرصنة التي وضعت الأمن القومي العربي على محك مسؤولية قومية مشتركة تلزمه بأن يضطلع بتأمين الممر الدولي في البحر الأحمر وخليج عدن قبل أن يتحول إلى ذريعة لتواجد دولي يحقق طموحات القوى الاستعمارية في هذه المنطقة الهامة من العالم. - التحركات الدبلوماسية اليمنية الأخيرة في سبيل تحقق تكاتف عربي لمواجهة أعمال القرصنة المتزايدة في البحر الأحمر، تأتي في ظل تحركات دولية مكثفة لسحب البساط على أي تحرك عربي، ونقل مسؤولية تأمين البحر الأحمر وخليج عدن من دائرة الدول المطلة على البحر الأحمر إلى مستوى دولي يسعى إلى شرعنة تواجده العسكري في المنطقة، وهو ما دفع الدبلوماسية اليمنية إلى تكثيف ترحكاتها الإقليمية التي تأتي على رأسها زيارة الرئيس اليمني - علي عبدالله صالح - إلى مصر والأردن في إطار جهود يمنية للتنسيق مع الدولة المطلة على البحر الأحمر في مكافحة ظاهرة القرصنة البحرية المتزايدة في خليج عدن وباب المندب وتأمين الممر الدولي في البحر الأحمر.. - وفي الوقت الذي تبدو فيه التحركات الدولية إزاء هذه القضية غير مكترثة بأي مساع عربية للإضطلاع بها، ظهرت التحركات اليمنية الأخيرة وكأنها تحركات فردية من قبل اليمن التي تبدو المتحمس الوحيد على ضرورة تحقيق أمن البحر الأحمر في إطار الحرص على الأمن القومي العربي، حيث جاءت تصريحات وزير الخارجية اليمني - الدكتور/ أبو بكر القربي - عقب عودة الرئيس صالح من مصر والأردن مشحونة بنوع من خيبة الأمل التي عبر عنها بتأكيد دعوة اليمن للدول المطلة على البحر الأحمر إلى تحمل مسؤولياتها لمواجهة القراصنة وعدم الإعتماد على الدول الأجنبية في ذلك، مؤكداً بأن الجهود التي يقوم بها الرئيس صالح تنطلق من حرص اليمن على أمن البحر الأحمر والأمن القومي العربي.. - وتبدو الجهود العربية لمواجهة هذه الأزمة منحصرة في القلق اليمني وتحذيراته من التواجد العسكري الغربي في البحر الأحمر، حيث لم تسفر مباحثات الرئيس اليمني مع المسؤولين في مصر والأردن عن أي خطوة عملية لتكاتف جهود الدول المطلة على البحر الأحمر في مواجهة القرصنة، فيما عرضت أكثر من ثمان دول أوروبية المساعدة لتشكيل قوة دولية لمكافحة القرصنة في البحر الأحمر، كما أكد وزير الخارجية الروسي سرجي لا فروف بأن بلادة بالإضافة إلى بلدان أخرى لم يسمها سوف تتصرف لحماية أمن البحر الأحمر وفقاً لقرار من الأممالمتحدة يخول لها استخدام جميع الوسائل اللازمة لوقف أعمال القرصنة، داعياً إلى إنشاء تجمع لقوات بحرية دولية في المنطقة لتسيق جهود مكافحة القرصنة.. - البحرية الأميركية من جانبها لم تنتظر قراراً دولياً لشرعنة تواجدها في البحر الأحمر، حيث ينفذ الأسطول الخامس الأميركي هجمات متبادلة مع القراصنة الصوماليين، بالإضافة إلى تواجد ست سفن حربية أميركية تحرس السفينة الأوكرانية المختطفة والمحملة بالأسلحة، وقال متحدث باسم البحرية الأميركية بأنه تم إحباط العديد من هجمات القراصنة منها ثلاث هجمات وقعت في مناطق مراقبة بشدة من قبل قوات التحالف في خليج عدن.. - وفي إطار الجهود التي يبذلها اليمن لتطويق مخطط أميركي أوروبي لتدويل البحر الأحمر يستعد الرئيس اليمني لزيارة العاصمة الروسية موسكو، وذلك على خلفية تعاظم القلق اليمني من تكثيف التواجد العسكري الغربي في المنفذ الجنوبي للبحر الأحمر وتدويله الذي سبق وأن اقترحته إسرائيل قبل سنوات وقوبل برفض عربي شديد في حينه.