نتناول اليوم وللمرة الثانية قضية استهداف المصارف الوطنية المهددة بالإفلاس بسبب تخلف الحكومة عن سداد مديونيتها لهذه البنوك التي دخلت معترك التنمية بثقة وعلى أمل أن تجد التشجيع والرعاية من قبل الحكومة، كون هذه المصارف وطنية ومشاركة فاعلة في عملية التنمية الوطنية وتشكل بحضورها ورسالتها رافداً من روافد الاقتصاد الوطنيذا الهدف التنموي، لكن وحسب الوثائق التي أمامنا فإن هناك من يحاول هدم كل صرح اقتصادي وطني، ولا ندرك الحكمة والهدف من هكذا سلوك يسعى البعض من خلاله إلى تشويه المكونات الاقتصادية المصرفية من خلال تجاهل حقوق، هذه المصارف خاصة حين تقدم هذه المصارف تسهيلاتها المالية لمؤسسات وطنية وبنسبة فائدة قانونية شرعها المشرع الوطني وأجازها القانون والدستور وكل اللوائح النافذة التي ترعى العمل المصرفي، وفي لحظة دولية يعاني فيها الاقتصاد الدولي حالة انهيار دفع كل حكومات العالم إلى التدخل لإنقاذ مصارفها الوطنية ومؤسساتها المالية من الانهيار، في الوقت الذي تناشد فيه بعض مصارفنا الحكومة وتستجديها وتتوسل إليها على تسديد ما عليها من ديون لهذه المصارف التي قدمت تسهيلات مالية لمؤسسات وطنية سيادية وبلغ حجم الدعم المالي المقدم من المصارف الوطنية لمؤسساتنا السيادية مبلغ "2.897.900.252 ريالاً" بالإضافة إلى "4.977.208 دولار"، والمبالغ كتابة هي "ملياران وثمانمائة وسبعة وتسعون مليون ومائتان وأثنين وخمسون ريالاً"، وكذا "أربعة ملايين وتسعمائة وسبعة وسبعون ألفاً ومائتان وثمانية دولار أميركي"، وهي مستحقة على الحكومة لصالح أربعة مصارف وطنية، وقد ناشدت هذه المصارف ومن خلال ممثلها الذي يتابع المديونية لدى الجهات السيادية كل الأطراف الفاعلة في الحكومة والدولة، وأخيراً وجهت رسالة مناشدة لفخامة الأخ رئيس الجمهورية - تناشده فيها سرعة التدخل والتوجيه بسداد مستحقات هذه المصارف حتى لا تواجه في ظل المتغيرات الاقتصادية الراهنة المصير المحتم وهو الإفلاس، والذي أن حدث فإن الاقتصاد الوطني برمته سيكون في حالة يرثى لها، وستكون هناك تداعات اقتصادية مؤلمة وقاسية، ونحن على ثقة من أننا لن نقوى على تحمل تبعاتها، وبالتالي فإن التدخل السيادي مطلوب لحسم القضية والعمل على إلزام الحكومة بتسديد مديونيتها أو جدولة هذه الديون بصورة تحافظ فيها على نشاط هذه المصارف وليس التسريع بانهيارها كما يحاول البعض إيصال هذه المصارف التي لديها رهونات مقابل هذه المبالغ، لكنها أي هذه المصارف تطالب بتسوية المديونية دون أن تضطر للتصرف بالرهونات التي لديها مع العلم أن قيمة الرهونات تعادل ضعف المبالغ المطلوبة، وإن تم التصرف بالرهونات فإن هذا سوف يؤدي إلى تكبد الدولة قرابة "أربعة مليارات ريال" مع العلم أن قيمة الرهونات تساوي "ثمانية مليار ريال"..!! لقد لجأت البنوك المتضررة وعبر ممثلها والمتابع لقضيتها إلى رفع رسالة عاجلة لفخامة الأخ رئيس الجمهورية تناشده سرعة توجيه الحكومة للتدخل وصرف مستحقات هذه المصارف حتى لا تعصف بها أزمة المتناقضات المصرفية والأزمات المالية الطاحنة، وهذا واجب وطني التدخل لإنقاذ هذه المصارف من الإفلاس وإعادة مستحقاتها دون خصمم الفوائد التي هي من حق هذه المصارف وعليها تعتمد في البقاء والتشغيل ودفع التزاماتها وتقوية حضورها على المسرح الاقتصادي؛ لأن التحايل على حقوق هذه المصارف في الفوائد هو ضرب للنشاط المصرفي برمته خاصة وهناك اتفاق مسبق وهناك تشريعات متعارف عليها، ولا يجوز بالتالي حذف الفائدة التي بها يقوم عمل هذا القطاع المصرفي..!! إن الحكومة ممثلة بوزارة المالية أكثر من يدرك تبعات هذه المعاملات والقضايا المالية والتسهيلات التي تقدم على أساس الفوائد المحتسبة بحسب الاتفاق الذي قد تم وتمت بموجبه التسهيلات، ومنحت هذه المصارف تسهيلاتها المالية للمؤسسات الوطنية حتى تتمكن من تجاوز عثراتها المالية والتشغيلية، ونعتقد أن الجزاء العادل والطبيعي هو أن تسدد الحكومة مستحقات هذه المصارف حسب التوافق، أو العمل على جدولة هذه الديون بحسب المقترح الذي تقدمت به المصارف للحكومة؛ لأنه من غير المعقول أن تظل مستحقات هذه المصارف خاضعة للمزاج الشخصي والاجتهادات دون حسم القضية حرصاً على وضع القطاع المصرفي والوضع الاقتصادي الوطني برمته؛ لأن مجرد الشعور العام بوضع هذه المصارف فهذا فعل فيه من الكفاية ما يجعل الوضع المصرفي في حالة اضطراب وارتباك وهو ما لا نريده خاصة في المرحلة الراهنة، فهل تفهم الحكومة ووزارة المالية رسالتنا هذه؟ نرجوا هذا..!!