كشف مسؤول في البنك المركزي اليمني إحدى عشرة حالة اشتباه في غسل أموال باليمن، تم إحالة اثنتين منها إلى القضاء. وأوضح رئيس وحدة جمع المعلومات في البنك المركزي اليمني/ عبده سيف في ندوة غسل الأموال ومخاطره على الاقتصاد الوطني والتي نظمها مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي والمجلة المصرفية أن إحدى قضايا غسل الأموال بطلب من الخارج، والأخرى بتهمة تهريب المخدرات. وقال عبده سيف: إن غسل الأموال يكاد يكون محدوداً في اليمن، فخلال أربع سنوات ماضية لم يتم سوى اكتشاف إحدى عشرة حالة. وانتقد عدد من الأكاديميين في الندوة غياب إحصائيات دقيقة عن حالات غسل الأموال في اليمن. وقالوا إن هناك غسل أموال في اليمن يتمثل بالفساد المالي والإداري، ونهب الأراضي، مؤكدين أن الفساد المالي والإداري من أهم جرائم غسل الأموال. وفي الندوة أشار الأمين العام المساعد للشؤون التجارية والمصرفية لبنك التسليف التعاوني والزراعي/ محمد أحمد تقي إلى أن مكافحة غسل الأموال تعتبر إحدى مشاكل العصر لاخطيرة في ظل عولمة الاقتصاد. وقال: لقد أدركنا في بنك التسليف منذ الوهلة الأولى إبعاد الظاهرة وأنشأنا وحدة متخصصة بغسل الأموال والقيام بطباعة كتاب حول طرق اكتشاف هذه الظاهرة. ودعا مستشار رئيس مجلس إدارة بنك التسليف التعاوني الزراعي لشؤون المراجعة مسؤول الضبط رشيد الآنسي إلى تضافر الجهود من كافة الأطراف الاقتصادية والعلمية والحكومية والرقابية والقضائية والإعلامية لمواجهة غسل الأموال. وقال: نسعى من خلال الندوة على الخروج بتوصيات عملية تساهم في التوعية بهذه القضية الخطيرة، وتجاوز أبعادنا المدمرة. من جانبه قال رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي: إن الدول النامية بحاجة ماسة إلى تشريعات قوية وشفافية أوسع فيما يتعلق بمكافحة غسل الأموال، لا سيما تلك المرتبطة بصفقات الفساد، والرشوة، وخيانة الأمانة، وتجارة السلاح، والأهم خلق آليات تنفيذية تعكس تلك الفاعلية. وأضاف في افتتاح الندوة: نحن بحاجة إلى نظرة شمولية لعملية غسل الأموال، باعتبارها آفة تهدد المجتمع، وتنخر في قيمه قبل أي شيء آخر. وأكد المشاركون في الندوة على أهمية مكافحة عمليات غسل الأموال، باعتبارها إحدى صور الجرائم المنظمة والمركبة مما يجعل منها الأكثر خطراً على المجتمع. وقال أستاذ القانون العام المساعد بجامعة صنعاء/ أبو بكر مرشد الزهيري في ورقته حول "مخاطر غسل الأموال على الاقتصاد الوطني" المقدمة إلى الندوة، نظمها أمس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي بالتعاون مع بنك التسليف التعاوني والزراعي "جريمة غسل الأموال إحدى صور الجريمة المنظمة ذات الخطورة البالغة على الأنظمة المالية والمصرفية وعلى الأمن الاقتصادي للبلد برمته". وتمثلت مخاطر غسل الأموال على الاستثمار حسبما أوردها أستاذ القانون بجامعة صنعاء، في إفساد المناخ الاستثماري من خلال فقدان ثقة المستثمر بالنظام الاقتصادي والتشريعات المنظمة له، وخلق بيئة طاردة للاستثمار من خلال لجو غاسلو الأموال إلى إنشاء شركات قادرة على عرض سلعها وخدماتها بأسعار تنافسية لا تقدر عليها الشركات ذات الإستثمار الجاد، إلى جانب العجز عن الوفاء باحتياجات الاستثمار إذ تؤدي تهريب الأموال إلى الخارج إلى اتساع الفجوة التمويلية ومن ثم إيداع رؤوس الأموال الوطنية في البنوك الخارجية بدلاً من أن تأخذ طريقها للاستثمار في الاقتصاد الوطني، والتحول إلى استثمارات غير منتجة باعتبار أن اهتمام غاسلو الأموال لا ينصب على تحقيق الربح أو تنمية الاقتصاد الوطني بقدر ما ينصب على إخفاء مصدر الأموال الإجرامي، إضافة إلى تعريض القطاع الخاص لمخاطر دعم منتجات شركات وهمية يستخدمها غاسلو الأموال، وأن كانت دون سعر الفائدة. وعن مخاطر عمليات غسل الأموال على الدخل القومي يقول الزهيري بأنها تؤدي إلى اقتطاع جزء من الدخل القومي وتحويله إلى الخارج، وإنخفاض الإنتاج القومي، إضافة إلى حرمان خزينة الدولة من أحد الموارد الهامة بفعل التهرب الضريبي، وإحداث أخطاء في السياسة المالية، وارتفاع سعر الصرف وتدهور سعر العملة الوطنية. وتبلورت مخاطر غسل الأموال على السياسة المالية في ورقة الزهيري بالإخلال في السياسة النقدية المستقرة أثر التحرك المفاجئ للأموال غير المشروعة من دولة إلى أخرى مما يخل بالسياسة النقدية، الذي يعتمد القائمين على تخطيط النظام المالي والمصرفي في رسمها على مقدار السيولة النقدية المتوفرة لدى البنوك، وإعطاء مؤشرات اقتصادية مضللة، إلى جانب ارتفاع سعر الفائدة على العملة المحلية، عدم الاستقرار الاقتصادي، إضافة إلى عرقلة تنفيذ السياسة المالية وفقدان الرقابة أو الأخطاء في قرارات السياسة الاقتصادية والتأثير على جهود الخصخصة. وأشار أستاذ القانون العام بجامعة صنعاء في ختام ورقته إلى مخاطر أخرى تمثلت بزيادة معدلات البطالة، والأضرار بالتعاملات القانونية، زيادة معدلات الجريمة والفساد. كما اعتبر رئيس وحدة جمع المعلومات عن عمليات غسل الأموال في البنك المركزي اليمني/ عبده حزام سيف جريمتي غسل الأموال وتمويل الإرهاب من أخطر الجرائم المالية عابرة الحدود، التي تهدد كيان المجتمع الدولي واقتصاده ونموه، متطرقاً في ورقته عن "الدور الرائد للبنك المركزي اليمني ووحدة جمع المعلومات في إطار الجهود الوطنية لمكافحة غسل الأموال ومكافحة الإرهاب" إلى جهود البنك المركزي خلال الفترة من 2000 إلى 2008م، التي تمثلت في موافاته لجميع البنوك ومنشآت الصرافة بالقوائم الصادرة من مجلس الأمن، المتضمنة أسماء الأفراد والكيانات الإرهابية، الواجب تجميد أرصدتهم المالية وعدم تقديم أي من المعاملات المصرفية وإبلاغ البنك بأية معلومات عنهم وأصدار التعليمات اللازمة بشأن الأموال المشبوهة إلى جميع البنوك والمصارف وإلزامها بذلك، وإصدار التعليمات لها والمتعلقة بوجوب التقيد بالضوابط الرقابية المشددة والمنظمة لفتح وإدارة حسابات الجمعيات والمنظمات والاتحادات الأهلية. تجدر الإشارة إلى أن معظم الأوراق التي قدمت كانت متشابهة تماماً في تكرار مضامينها وتحدثت عن تشريعات وقوانين، وما هي الإجراءات التي اتخذتها الحكومة ممثلة بالجهات والمؤسسات المالية والمصرفية تجاه ما يسمى "غسيل الأموال"، وعلى الرغم من أن الندوة خصصت لهذه القضية إلا أنها لم تلامسها بصورة رئيسية ومباشرة، وعلى العكس من ذلك أجمع عدد ممن قدموا الأوراق على أن اليمن لا زالت والحمد لله في الحدود الآمنة من هذه الظاهرة الأمر الذي أثار استغراب معظم الحاضرين والمشاركين.