تبدو (طهران) أكثر قدرة على التوسع وأكبر ثقة بما تطمح إليه من نفوذ توسعي في المنطقة على ضوء الكثير من الشواهد والمعطيات الدالة على أن (طهران) ماضية في سياسة استهداف دول المنطقة خاصة بعد تصريحات قائد ( الحرس الثوري الإيراني ) الأخيرةوالتي أكد فيها نية وتصميم طهران على التواجد العسكري في خليج عدن مبررا هذا التواجد بأن من متطلبات الأمن القومي الإيراني منوها إلى قدرة إيران الصاروخية القادرة على الوصول إلي مكان في المنطقة وهو ما يعني ضمنا أننا في اليمن أصبحنا تحت مرمى الصواريخ الإيرانية على خلفية التداعيات الجارية في بعض مناطق محافظة صعدة اليمنية التي بات واضحا أنها تندرج في سياق ( الأمن القومي الإيراني) وجزءا من متطلباته بعد أن بدت (طهران) أكثر حضورا على خارطة الفتنة والتمرد وفي تفاصيلها لدرجة أن وسائل الإعلام الإيرانية والموالية لها والحليفة تخوض في قضية الفتنة والتمرد بتفاصيل دعائية أكثر منها ناقلة لحقائق الصراع الدائر ميدانيا , بعد أن أخذت هذه الوسائل دورا تحريضيا وتوجيهيا في آن وهو ما يجعل تصريحات قائد (الحرس الثوري الإيراني ) تأخذ اهتمام اليمن قيادة وحكومة وشعباً وكذلك اهتمام دول المنطقة التي علىها أن تدرك عزم (طهران) على المضي قدما في مخططاتها التآمرية مستغلة حالة الركود والتغاضي الدولي عن طموحاتها هذا أن لم تقدم (طهران) على إبرام سلسلة من التفاهمات الدولية مع الأطراف المعنية بملفها النووي وهي أطراف غير حريصة على المنطقة وأمنها واستقرارها بقدر ما يعنيها في الأخير (مصالحها) وطهران تقدم نفسها كأفضل راعي للمصالح الغربية والأمريكية ولكن بشروط تحفظ لطهران ماء وجهها وهذا ما تشير كل المعطيات إلي إمكانية حدوثه وعما قريب خاصة بعد إقدام سلطات الإمارات العربية المتحدة على حجز سفينة محملة بترسانة من الأسلحة الثقيلة والصواريخ القادمة من كوريا الشمالية ويعد موقف الإمارات حالة استثنائية في سياق العلاقات الخليجية الإيرانية إذا ما استثنينا علاقة طهران بالمملكة العربية السعودية وهي علاقات تضاد وتنافس وترى طهران الواقفة بكل سفور خلف رموز الفتنة والتمرد في بعض مناطق محافظة صعدة أن بإمكانها التوغل لمنطقة الخليج عبر البوابة اليمنية ومن خلال قضية الفتنة والتمرد والدبلوماسية الضبابية التي تمارسها طهران مع اليمن رسميا ومع دول المنطقة هذه المواقف الإيرانية والمساعي المكوكية لطهران وأجهزتها ومحاولتها استغلال كل الظواهر العابرة في المنطقة ومنحها سمات إستراتيجية تعبر عن حضورها كما هو الحال في الكثير من القضايا التي تعيشها دول المنطقة بما في ذلك قضيتي الصومال والوضع في السودان وظاهرة القرصنة في خليج عدن والبحر من خلال إصرار (طهران) على الحضور والمشاركة فيما يطلق عليه مكافحة القرصنة مع أن طهران هناء لوجستيا لا تعنيها القرصنة إلا من حيث كونها شريك فعال في بروز الظاهرة وليست شريكا في مكافحتها كما هو خطابها الإعلامي المرفوع ..؟!! لم يعد ثمة خيار أمام دول المنطقة من الوقوف أمام تصريحات قائد الحرس الثوري الإيراني السافرة والواضحة والهادفة إلي أن طهران ماضية وجادة في التوسع وعلى حساب أمن واستقرار دول المنطقة ولن تكون اليمن ومن خلال وقوف طهران خلف تداعيات الفتنة والتمرد وهي التي تأمل أن تجعل من هذا التمرد نافذة للوصول إلي دول الخليج وامتلاك كروت ضغط على دول المنطقة وأنظمتها وبما يكفل لطهران إحكام الهيمنة على هذا النطاق الجغرافي الموسوم بالوطن العربي والممتد من موريتانيا حتى البحرين بما يمثل هذا النطاق من أهمية لكل إمبراطورية صاعدة على خلفية القاعدة الجيوإستراتيجية القائلة بأن أي إمبراطورية تعد نفسها للعب دورا في سياسة العالم لا يمكنها تحقيق هذا الدور أو الوصول إليه دون أن تعمل أولا على السيطرة الكاملة على الوطن العربي وإخضاعه لنفوذها وهكذا تسعى طهران اليوم وعلينا أن ندرك هذا وأن نعد أنفسنا لمواجهة هذا الآخطبوط (الفارسي) والذي قطعا سيكون أكثر رجسا من كل الغزاة على خلفية المعتقدات والمفاهيم الأيدلوجية التي تنطلق وفقها طهران في التمدد راسيا وأفقيا على خارطة الوطن بدءا من العراق ودول المغرب العربي مرورا باليمن وهاهي تطرق منافذ منطقة الخليج بكل الاتجاهات المتاحة أمامها وهذا لم تكشفه تصريحات قائد الحرس الثوري الإيراني وحسب بكل لطهران سوابق جميعها تؤكد ذهابها هذا المذهب ومضيها في فرض قيمها ومعتقداتها وفلسفتها السياسية على المنطقة منذ قامت الثورة الإيرانية العام 1979م ووصول الملالي لسدة السلطة في طهران وتفجر الحرب العراقية الإيرانية مع الأخذ في الاعتبار أن (طهران ) بكل مواقفها وتصرفاتها تعد في الأخير بمثابة (كرت رابح ) بيد المحاور الدولية الساعية إلي تغيير قيم سائدة وتقاليد راسخة ومفاهيم ومعتقدات يأخذ بها العرب , بل أن طهران قد لا تكون تنافس الغرب وأمريكا فيما تعمل وتسعى إليه بقدر ما هي وسيلة الغرب وأمريكا الطامحين إلي تغيير الواقع العربي بكل معتقداته شريطة أن لا تتضرر مصالحهم وهذا ما قد تقوم به طهران بجدارة وثقة وهو ما يجب أن يتنبه له أصحاب القرار العربي الذين عليهم الاصطفاف إلي جانب اليمن في مواجهة رموز الفتنة والتمرد لأن نجاح طهران في فرض خياراتها في اليمن يعني بكل بساطة وصولها إلي كل دول الحليج العربي وهذا ما يفترض أن يكون في حسابات أصحاب القرار في اليمن والمنطقة.