السياسي يتجه الوضع السياسي في المنطقة كما يبدوا إلى ملتقى نقطة ضبابية وخاصة في مسار العلاقات اليمنية السعودية والتي يمثلان محوراً هاماً لمواجهة التحديات الراهنة التي تهدد مستقبل استقرار المنطقة برمتها بدأ من التعاطي مع النواة الأكثر خطورة على ديمومة وحدة دول المنطقة وهو مشروع التمرد الحوثي أو أن جاز التعبير الظاهرة الإيرانية في الجزيرة العربية - والتي تتماشى وفق منهجية أكثر حظورية وفاعلية لإرادة المطامع الفارسية في التوسع بتناغم أصبح اليوم أكثر شفافية ووضوحية مع المصالح الأميركية والصهيونية في الهيمنة على المنطقة العربية وخاصة الجزيرة العربية وتحديداً بصورة أدق اليمن والسعودية وإذا كان النجاح الذي حققه مشروع الظاهرة الإيرانية "الحوثية" في اليمن وعلى حدود المملكة العربية السعودية من خلال توسع دائرة التمرد الحوثي في محافظة صعدة ليشعل الأراضي السعودية وقد أرجعه مراقبون إلى أخطاء سياسية ارتكبتها الحكومة اليمنية في تعاملها مع ملف الظاهرة الإيرانية المتمثلة في جماعة التمرد الحوثي ارتكزت نتائجها الأكثر سلبية على تقزيم هيبة الدولة في عموم محافظات الجمهورية اليمنية وعلى نشر الفوضى الأكثر درامية عبثية يعيشها المجتمع اليمني -والذي بدا مستشعر اليوم أكثر من أي يوم مضى- أن صورة الدولة اليمنية تتجة نحو الضمور في مخيلته وأتكاله عليها، لحفظ أمنه وصون عرضه وممتلكاته ،إذا كانت الحرب السادسة التي يخوضها الجيش اليمني مع أتباع الظاهرة الحوثية أو الأكثر دقة الظاهرة الإيرانية في محافظة صعدة والتي امتدت لتطال أطراف الحدود السعودية بعد أن تعرضت لهجمات مسلحي التمرد الحوثي ، تمكنوا خلالها من الاستيلاء على مواقع عسكرية سعودية على الحدود مع اليمن،استطاعوا من خلالها جور المملكة إلى دائرة الحرب على التمرد الحوثي عسكرياً بينما ذهب سياسياً قادة التمرد إلى أكثر حضورية من خلال ما يرجوه صناع إدارة التمرد الحوثي من نتاج هذه الحرب السادسة التي طالت الأراضي السعودية، وبذلك نجد أن جرأة التمرد الحوثي في الدخول مع دولة مثل المملكة العربية السعودية - لها حضورها الإقليمي والدولي ولها أداوراها الفاعلة والمؤثرة على جميع المستويات السياسية الأقليمية والدولية- كان عبارة عن نزوة أو انفعالية.. أو عن سوء تقدير لنتائج هذه الخطوة. ويبدو أن صناع إدارة سياسة التمرد في توجيه معاركه يتناغمون مع المتغيرات الدولية والإقليمية بصورة درامية أكثر انسجامية مع هو ومطامع ورغبات الدول الفاعلة إقليمياً ودولياً، بل أن فاعلية التمرد الحوثي باتت اليوم أكثر تاثيراً على مسار الشارع الذي يسوده فراغاً ممنهجاً أوصله حد الإحباط وبذلك يذهب أكثر المراقبين عن قرب لمسار أهداف التمرد الحوثي المرجوة من الحرب السادسة والتي باتة الرياض طرفاً فيها ينقسم إلى محورين الأول عسكري والثاني سياسي، ويرى المراقبون أن الهدف العسكري لجماعة التمرد الحوثي لا يمكن أن يتجاوز بأي حال من الأحوال أن تتوقف الحرب السادسة وهي ما زالت كياناً موجوداً حتى وإن كانت فاعليتها العسكرية قد تماهت وتراجعت إلى أدنى مستوياتها، فجماعة مثل التمرد الحوثي لا يمكن أن تتجاوز منهجيتها العسكرية الخروج من نطاق ما تعتقد أنه جغرافيتها الطائفية والمذهبية، غير أنها تهدف إلى نمو فاعليتها السياسية إلى مستويات مرتفعة جداً وهو ما رسمته لنفسها في خوض الحرب السادسة وهو الهدف السياسي الأكثر أهمية، وما هو بادئ اليوم ظاهر على الأرض من خلال التداعي السياسي المتسارع أن المملكة العربية السعودية تتجه نحو الانزلاق في مستنقع الاخطاء السياسية اليمنية في التعامل مع هذا الملف الأكثر خطورة من التهديدات التي تمثلها القوات الدولية المتواجدة على البحر الأحمر والعربي على مستقبل الجزيرة العربية بصورة عامة ، فالمبادرة التي أعلنها قادة التمرد الحوثي للإنسحاب من الأراضي السعودية من طرف واحد قبيل إنعقاد مؤتمر لندن الخاص بمناقشة الحرب على الإرهاب "تنظيم القاعدة" ليس والمتزامن مع ممارسة واشنطن ضغوطات هي الأكثر حجماً وثقلاً على صنعاء لإيقاف حربها ضد التمرد الحوثي وسط تحرك إقليمي وعربي أكثر ديناميكية للوصول إلى تسوية تضمن بقاء كيان هذا التمرد حاضراً على مسار الخارطة السياسية ليس على مستوى اليمن وإنما ليتجاوز تأثيره الذي سيكون أكثر فاعلية في مسار الحياة السياسية للمملكة والخليج مهما كانت تلك التسويات التي قد تتم مع التمرد الحوثي سواء كانت التسوية منفردة مع السعودية - واليمن أو بشكله الجماعي.فمثل هذه التسوية التي يخشى الكثير من المراقبين وقوع المملكة في مستنقعها، هي أهم إنجاز ستحققه جماعة التمرد الحوثي خلال حروبها الست، وإن نتاج هذه التسوية ستظهر أشكالها السلبية بصورة درامية متسارعة على الشارع السعودي وستكون استحقاقات هذه المبادرة أو التسوية باهض الثمن على مستقبل الدولة السعودية، ويرى المراقبون أن على الدولة السعودية أن تدرك اليوم أنها أمام معركة ستكون نتائجها متحكمة بمستقبل الدولة السعودية ووحدة أراضيها وليست أمام مجموعة من المتسللين. ويؤكد المراقبون بأن نهاية الحرب السادسة بالصورة الدرامية للحروب السابقة خاصة بعد دخول المملكة طرفاً في الحرب فإن المعركة السابعة ستكون ساحتها عمق المملكة العربية السعودية خاصة إذا أدرك أصحاب القرار في الرياض أن المعارك التي تخوضها معهم إيران من خلال الظاهرة الإيرانية "الحوثية" في صعدة هي امتداد لأهداف أيديولوجية معقدة لا يمكن أن تقر أصحابها في طهران وقم والنجف إلا بعد الخلاص من العمق الاستراتيجي لأهل السنة والجماعة وهو ما تمثله اليوم المملكة العربية السعودية. ويشير المراقبون إلى أن المخاوف التي أبدتها افتتاحية صحيفة الوطن السعودية قد أصابت عين الحقيقة التي يجب إدراكها في خوض هذه الحرب السادسة مع الظاهرة الإيرانية "الحوثية" في صعدة وذلك بكسر شوكتهم العسكرية من الصورة كاملة للمنطقة حتى ينضوو تحت إرادة الدولة اليمنية كمواطنين لهم من الحقوق مثل غيرهم، وافتتاحية الوطن السعودية أدركت وبحذر شديد خطورة بقى هذا الكيان فاعلياً سياسياً في الخارطة الجغرافية على مستقبل دول المنطقة وليس اليمن والسعودية فحسب ومقتضى تحقيق ذلك يحتاج إلى أكثر وضوحية في العلاقات اليمنية - السعودية وعلى صنعاء والرياض أن يدركان اليوم أن لعبة القط و الفار لم تعد نافعة بل أنها باتت في استمرارها توهان وضبابية في تحقيق علاقات استراتيجية مصيرية تفرضها تحديات الراهن ومسؤولية الدفاع عن الدولتين اليمنية والسعودية ومنطقة الجزيرة بصورة عامة فالتحديات التي تتعرض لها اليمن هي تحديات تهدد استقرار الرياض، وتحديات تزعزع استقرار الخليج، وتحديات تمس الأمن القومي للأمة العربية. فهل يدرك حكامنا في اليمن والسعودية أن مساحة العمل لإنقاذ المنطقة تتقلص يوماً بعد يوم؟ وهل تدرك صنعاءوالرياض أن بناء جسور الثقة وإغلاق ملفات الماضي فصلاً مهماً لكسب معركة التحديات الراهنة ؟أم أن الوضع سيظل بذات الصورة الضبابية التي يتخفى ورائها طوابير من حلقات التآمر اللبرالية والفارسية بأشكال ممسوخة شيطانية متفننة في صنع الأزمات الداخلية والإقليمية وعلى مستوى علاقات البلدين هذا والله من وراء القصد.