نشرت صحيفة "الجريدة" الكويتية في عددها الصادر أمس تقريراً مترجماً عن صحيفة "يابان تايمز" بقلم الصحفي "رمزي بارود" تقريراً معنوناً ب" الفقر والغضب خيار اليمن ". . كشف خلاله الكاتب عن كيفية تعامل القوى العظمى مع الدول الفقيرة، مبيناً أن ذلك يتم في مرحلتين: المرحلة الأولى عندما تكون هذه القوى بحاجة للدول الفقيرة والمرحلة الثانية: بعد أن تزول نفعية الدول الفقيرة من وجهة نظر وسياسة القوى العظمى، مُدللاً على ذلك بتعامل "الولاياتالمتحدة الأميركية" مع أفغانستان حين أتم الاتحاد السوفيتي انسحابه من أفغانستان في فبراير 1989م، حيث فقدت الحكومة الأميركية فجأة اهتمامها بهذا البلد، لتعم الفوضى بعد ذلك أرجاء أفغانستان، بسبب تدهور بنيتها الاقتصادية والفقر المدقع فيها والفصائلية المتجذرة ونقص المساعدات الدولية. . وذلك بمجرد انتهاء الأهم بالنسبة للولايات المتحدة وهو انهزام غريمتها في الحرب الباردة. وأوضح الكاتب أن أفغانستان تظل خير دليل ومثال على كيفية استغلال الدول الفقيرة حين تزول نفعيتها، مشيراً إلى أن أفغانستان ليست استثناءً في العلاقات الأميركية مع هكذا دول، مستشهداً أيضاً بباكستان والصومال والسلطة الفلسطينية التي لا تزال رهينة لهذا النموذج. وأعتبر التقرير أن آخر ضحايا هكذا سياسة اليوم هي اليمن، كون الحكومة اليمنية بحاجة ماسة إلى إحكام الإمساك بزمام السلطة وسط الفساد المستشري والفقر المدقع والضغوط الغربية الجسيمة، موضحاً أن تعامل السلطة مع ما يسمى ب"الحراك" في المحافظات الجنوبية بالقسوة وبالقوة والقمع في ظل الضغط الغربي المتنامي، بأنه سيأتي بنتائج عكسية. وأكد التقرير أن الحكومات الغربية بقيادة أميركا وبريطانيا سرعان ما ينفذ صبرها أمام الحكومة اليمنية في حال اختار قادة هذا البلد " اليمن" الحوار كخيار لإيجاد الاستقرار السياسي على المدى الطويل، في إشارة منه إلى أن بريطانيا وأميركا هي من تقف بقوة ضد أي حوار قادم يسعى لجمع فرقاء العمل السياسي في اليمن. وفي هذا السياق قال التقرير: حين رأى الرئيس الأفغاني حامد كرزاي، احتمال التحاور مع "طالبان" أثار هذا الأمر موجة انتقادات عارمة وقد حدث الأمر عينه في باكستان، وحين وقعت الفصائل الفلسطينية اتفاق مكة في فبراير 2007م لتصفية الخلافات فيما بينها تشترط بعد ذلك أميركا على الفور دعمها المالي لمحمود عباس فقط وأنهار الاتفاق حتماً. وأضاف التقرير وفي السياق ذاته بالقول: كانت تقابل كل محاولة يمنية للتودد للقوى السياسية داخل البلاد بما فيها الأحزاب المعارضة والقبائل ومختلف الجماعات الفرعية المجاهدة بالرفض باعتبارها محاولة لاسترضاء الإرهابيين. وأشار التقرير إلى أن الملاحقة العنيفة لمن يعتبرون أعداء الولاياتالمتحدة في اليمن أمر قد كلف ثمناً باهضاً، حيث أدى ذلك إلى تقويض الحكومة المركزي التي تشهد تحدياً متزايداً من الشمال والجنوب والوسط، موضحاً أن ما يسمى ب"الحرب على الإرهاب" منح قوى انتهازية كثيرة في اليمن فرصاً ذهبية لجمع الثروات. وأضاف التقرير: حين يصبح من المستحيل تذليل العقبات ولا يقام نظام محاسبة فعال يتفشى الفساد وغالباً ما يكون الفساد ناجماً عن الفقر والنقص في المحاسبة ، الأمر الذي يجعل اليمن عاجزة عن الخروج من هذه الحلقة المفرغة. وقال التقرير إنه وبما أن اليمن دولة غير محتله تستطيع الدول المانحة التنصل من وعودها المالية بكل سهولة، كون هذه الوعود لا تقدم إلا حين يكون اليمن على استعداد لشن عملية عسكرية على الإرهاب. . مستدركاً بالقول، لكن حين يكون الشعب اليمني في حاجة ماسة فعلياً إلى المساعدة، يصبح اليمن مسألة عديمة الأهمية، وما يحصل عليه هو الشفقة على أفضل تقدير وليس غير ذلك. وأختتم الكاتب تقريره قائلاً: المسألة ليست مسألة حسابات، إنما منطق، لأن الحسابات الخاطئة المتواصلة في اليمن توفر المناخ المطلق الذي يؤدي إلى الفقر والفساد والسخط وفي النهاية إلى التمرد والعنف.