الارصاد يتوقع هطول امطار على أجزاء واسعة من المرتفعات ويحذر من الحرارة الشديدة في الصحاري والسواحل    اجتماع موسع لمناقشة الاستعدادات الجارية لبدء العام الدراسي الجديد في مدينة البيضاء    الشعر الذي لا ينزف .. قراءة في كتاب (صورة الدم في شعر أمل دنقل) ل"منير فوزي"    ضبط مخزن للأدوية المهربة بمحافظة تعز    الفاسدون في الدولة وسياسات تخريب الطاقة الكهربائية السيادية؟!    في الذكرى ال 56 لانقلاب 22 يونيو.. فتح باب الاغتيالات لكبار المسئولين    ماذا اعد العرب بعد الحرب الإيرانية الإسرائيلية؟    نادي الصقر يُعيد تدشين موقعه الإلكتروني بعد 10 سنوات من التوقف    الجنوب العربي.. دولة تتشكل من رماد الحرب وإرادة النصر    الغيثي: علي ناصر محمد عدو الجنوب الأول وجاسوس علي عفاش المخلص    الحرارة فوق 40..عدن في ظلام دامس    خام برنت يتجاوز 81 دولارا للبرميل    ريال مدريد يقسو على باتشوكا    فصيلة دم تظهر لأول مرة وامرأة واحدة في العالم تحملها!    الصين.. العثور على مقابر مليئة بكنوز نادرة تحتفظ بأسرار عمرها 1800 عام    في بيان للقوات المسلحة اليمنية.. لا يمكن السكوت على أي هجوم وعدوان أمريكي مساند للعدو الإسرائيلي ضد إيران    ترامب "صانع السلام" يدخل الحرب على إيران رسمياً    في خطابه التعبوي المهم .. قائد الثورة : المعركة واحدة من قطاع غزة إلى إيران    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (1)    دول المنطقة.. وثقافة الغطرسة..!!    الكاراز يعادل رقم نادال على الملاعب العشبية    المنتخب الوطني تحت 23 عامًا يجري حصصه التدريبية في مأرب استعدادًا لتصفيات آسيا    رسائل ميدانية من جبهات البقع ونجران و الأجاشر .. المقاتلون يؤكدون: نجدد العهد والولاء لقيادتنا الثورية والعسكرية ولشعبنا اليمني الصامد    اعلام اسرائيلي يتحدث عن الحاجة لوقف اطلاق النار والطاقة الذرية تحذر وأكثر من 20 ألف طلب مغادرة للاسرائيلين    الخارجية اليمنية: نقف مع سوريا في مواجهة الإرهاب    تفكيك أكثر من 1200 لغم وذخيرة حوثية خلال أسبوع    إيران تنتصر    قطاع الأمن والشرطة بوزارة الداخلية يُحيي ذكرى يوم الولاية    بين عدن وصنعاء .. شهادة على مدينتين    مرض الفشل الكلوي (9)    - رئيس الجمارك يطبق توجيهات وزارة الاقتصاد والمالية عل. تحسين التعرفة الجمركية احباط محاولةتهريب( ربع طن)ثوم خارجي لضرب الثوم البلدي اليمني    تحذير أممي من تفاقم انعدام الأمن الغذائي في اليمن    - ظاهرة غير مسبوقة: حجاج يمنيون يُثيرون استياء جيرانهم والمجتمع.. ما السبب؟*    بنك الكريمي يوضح حول قرار مركزي صنعاء بايقاف التعامل معه    ذمار.. المداني والبخيتي يدشّنان حصاد القمح في مزرعة الأسرة    توقيف الفنانة شجون الهاجري بتهمة حيازة مخدرات    كشف أثري جديد بمصر    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الدكتور الأفندي بوفاة شقيقه    "عدن التي أحببتُها" بلا نازحين.!    إشهار الإطار المرجعي والمهام الإعلامية للمؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم    ريال أوفييدو يعود إلى «لاليغا» بعد 24 عاماً    الفريق السامعي: إرادة الشعوب لا تُقصف بالطائرات والحرية لا تُقهر بالقنابل ومن قاوم لعقود سيسقط مشاريع الغطرسة    من قلب نيويورك .. حاشد ومعركة البقاء    الحديدة و سحرة فرعون    خبراء :المشروبات الساخنة تعمل على تبريد الجسم في الحر الشديد    حادث مفجع يفسد احتفالات المولودية بلقب الدوري الجزائري    من بينها فوردو.. ترامب يعلن قصف 3 مواقع نووية في إيران    أثار نزاعا قانونيّا.. ما سبب إطلاق لقب «محاربو السوكا» على ترينيداد؟    فلومينينسي ينهي رحلة أولسان المونديالية    شوجي.. امرأة سحقتها السمعة بأثر رجعي    علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي    استعدادات مكثفة لعام دراسي جديد في ظل قساوة الظروف    فساد الاشراف الهندسي وغياب الرقابة الرسمية .. حفر صنعاء تبتلع السيارات    على مركب الأبقار… حين يصبح البحر أرحم من اليابسة    قصر شبام.. أهم مباني ومقر الحكم    الاتحاد الأوروبي يقدّم منحة مالية لدعم خدمات الصحة الإنجابية في اليمن    بين ملحمة "الرجل الحوت" وشذرات "من أول رائحة"    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القيادي الاشتراكي محمد غالب أحمد السقلدي في النصف الآخر (5) : قد لا يصدّق أحد أن راتبي ظل حتى يناير 2009 نحو ثلاثين ألف ريال فقط مع أنني وزير سابق
نشر في أخبار اليوم يوم 07 - 11 - 2010

في حياة كل فرد منا شخصيتان مختلفتان: الأولى تلك التي يتعامل معها الناس ويعرفون مواقفها وأخبارها التي تخرج إلى الناس والصحافة، والثانية تلك المخفية التي لا يعرفها سوى قلة قليلة من المقربين والأصدقاء.
وفي هذه المساحة تحاول "السياسية" الدخول في الزاوية المخفية من حياة هذه الشخصية أو تلك، من خلال حديث ذكريات يشمل أسرار الطفولة والشباب والعمل، والتعرف عن قرب على العادات والتقاليد والظروف الصعبة التي عاشها اليمنيون قبل أن يروا النور بثورتي سبتمبر وأكتوبر ودولة الوحدة.
"النصف الآخر" محاولة لإخراج ما خبأته السنوات في حياة اليمنيين، من خلال رصد الواقع الذي عاشوه ويعيشونه اليوم. كما أنها محاولة لمعرفة كيف يفكر من عايشناهم طوال سنوات ولا نعرف ما ذا يحبون، وماذا يكرهون، وكيف وصلوا إلى النجاح الذي وصلوا إليه.
تحاول "النصف الآخر" الابتعاد عن الخوض في الشأن السياسي، الذي يحبذ الكثير عدم الخوض فيه، وإن كانت السياسة حاضرة في بعض المواقف التي ضمها الحوار، لكن بشكل غير مباشر.
"النصف الآخر" سلسلة لحوارات مع شخصيات يمنية مختلفة في السلطة والمعارضة، رجالاً ونساء على السواء، ومن كل مناطق البلاد. وستكون هذه الشخصيات حاضرة بتجاربها في الحياة هنا لتكون شاهدة على صور مختلفة من حياة اليمنيين.
ونظراً لأهمية هذا اللقاء مع القيادي الإشتراكي محمد غالب أحمد تعيد (أخبار اليوم) نشره نصاً فإلى الحوار :
*تقلّدت الكثير من المناصب، في الثقافة والرياضة، بالإضافة إلى العمل الدبلوماسي؛ فهل وسّعت من علاقاتك بالناس؟
-المناصب التي تقلّدتها لم تكن بسبب انتمائي إلى مراكز قوى معيّنة، كل هذه المناصب كان فيها الكثير من التّعب، كُلها حفر بالصخر، لكنني أديتها بضمير، تصوّر أنني انضممت إلى الجبهة القومية عام 65، ولم أُنتخب عضواً في اللجنة المركزية إلا وأنا "شيبة"، وكان ذلك في سبتمبر 94.
عندما تقلدت منصبي في وزارة الشباب والرياضة بعد أحداث يناير 86، أول شيء عملته كان جمع الناس من أبين ومن الضالع ولحج، كان البعض يقول: في الملاعب هؤلاء "زمرة"، والبعض الآخر يقول: هؤلاء "طغمة"، ونظمت دوري اسمه "دوري الفقيد محمد إمذروي"، وهو من لودر، وجئت بنادي حسان من أبين ودمجناه مع نادي الشرارة في لحج، وجئنا بنادي السلام من طور الباحة ودمجناه مع نادي فحمان من مودية، كما جئنا بنادي 22 يونيو في لودر ودمجناه مع نادي النصر في الضالع، وهكذا من ردفان وجعار وغيرها من المناطق، عملنا شيئا مختلطا، وأقمنا لهم معسكرا في المطلع لمُدة شهرين، بالمطلع. وجئنا بأطباء نفسيين، بعد ذلك لم يأتوا إلى الملاعب ليلعبوا الدوري بين الفرق إلا وكانت المناطق متراصة بجانب بعضها البعض، يعني الذين تقاتلوا في يناير والذين كانوا يقولون زمرة وطغمة نسوا الأحقاد التي كانت بينهم.
لهذا انطلقت من قطاع الشباب والرياضة من هذا الجانب، أي جئت لأضمد جراح يناير، واستغلت علاقتي السابقة في دول الخليج لأعيد العلاقات بينها واليمن الديمقراطية، جئت إلى الرياضة وأنا من أطراف الشعيب ولست مختصاً بالرياضة. وفي تلك الفترة عملنا على تعشيب ملعب الحبيشي الذي كان يقول البعض باستحالة تعشيبه، وكان ذلك بإمكانيات محلية، ووفّرنا عشرات الآلاف من الدولارات كانت طلبتها شركة أميركية لتعشيبه. فقمنا بذلك بالتعاون مع المهندس هادي الشبيحي، وهو زميلي في الدراسة. كما ساهمنا في بناء نادي التلال ونادي شمسان ونادي الوحدة ونادي الشعلة في البريقة ونادي الميناء. وأقمنا المنتخب اليمني الموحّد، اليوم اذهب إلى ملعب الحبيشي، ستجده أصبح مثل السائلة في أحد الوديان.
وقد كافأني الناس بعد ذلك عندما حصلت على المركز الأول على مستوى الجمهورية اليمنية في انتخابات 93، وهذا اعتبره ديناً عليّ، وفي انتخابات المكتب السياسي للمؤتمر العام الرابع للحزب عام 2001 حصلت على المركز الأول من حيث عدد الأصوات، وكذا في المؤتمر الخامس عام 2005، وأنا أريد أن أودّع حياتي وأنا نظيف، ولا أحد يتعب أولادي، رغم أنني قد تعبت. تصوّر أن محمد غالب بعد هذا العُمر كله لا يوجد معه بيت في عدن، لديّ بيت منهوب في عدن، ومعي أرضية منهوبة، وبيتي في صنعاء نهب ثلاث مرات، واضطررت لأن أبيعه من أجل أبني لي بيتاً في الشعيب، مع ذلك لست نادماً على السلوك الذي سلكته، واعتقد بأن هذا هو الطريق الصحيح الذي سرت فيه وهذا هو الأفضل.
وقد لا يصدّق أحد أن راتبي ظل حتى يناير 2009 نحو ثلاثين ألف ريال فقط، مع أنني وزير سابق.
تراجع رياضة عدن
*بالمناسبة، أي الأندية الرياضية تتحمّس لها؟
-كُنت قريباً من نادي التلال، وكُنت رئيساً فخرياً له لفترة، عندما توليت منصب رئيس المجلس الأعلى للرياضة، وكان أصحابي في نادي الوحدة يعاتبونني لأنني كنت رئيساً لمنافسهم التلال، لكن بعد ذلك كبرت مع كبر الفريق الوطني الموحّد، وقد أشرفنا على الفريق الوطني الموحّد، وانتخبت رئيسا للجنة الاولمبية الموحّدة في فبراير 90، واعترفت بها اللجنة الأولمبية الدولية قبل الوحدة بفضل جهود الشيخ الشهيد فهد الأحمد، والآن لا أستطيع أن احصل على كأس شاي في وزارة الشباب والرياضة، وإلى الآن منذ أن عُيِّن أخي وزميلي وزير الشباب والرياضة حمود عباد أطلب مقابلته ولا يرد عليّ، قابلت عدّة رؤساء، لكننّي إلى الآن لم استطع أن أقابل حمود عباد حتى من أجل إلقاء التحية ليس إلا، ولكنني الآن لست متحمساً لذلك.
*لماذا برأيك تراجعت الرياضة في عدن إلى الوراء؟
-لأن الرياضة مثلها مثل بقية المواقع في الجنوب، تحوّلت إلى نهب، حتى بعض الذين جاءوا وعُيِّنوا رؤساء على الأندية جاءوا من أجل أن يأخذوا الأراضي الخاصة بالأندية فقط، أو يأخذوا لاعبي أندية عدن إلى الفرق الموجودة في الشمال، هؤلاء هم الذين عمّقوا الهُوّة بين الشمال والجنوب، هم الذين جعلوا فريقاً مثل التلال الذي تأسس سنة 1905 يهبط إلى الدرجة الثانية، وكذلك فريق نادي الميناء والوحدة وشمسان ونادي حسان، ما معنى هذا؟ حتى الفريق الوطني للناشئين يسمونه "الأخضر الصغير"، يعني فريق الجمهورية العربية اليمنية السابق والفريق الوطني للكبار يسمونه "الأخضر الكبير"، ولولا أن هناك دولاً في دول الخليج ألوان فرقها الأخضر مثل السعودية والعراق لاعتبروا فريق الجمهورية اليمنية "الأخضر الصغير والأخضر الكبير"، أي فريق الجمهورية العربية اليمنية.
لذلك اعتبروا الرياضة فيداً، يعني كل واحد يكون مسؤولاً عن هذا النادي لا بُد أن يكون قادما من صنعاء، هنا تكرّس المسألة الجهوية، وكل هذا من أجل يأخذوا النادي أو يأخذوا لاعبيه، وبالتالي دمرت الرياضة في الجنوب بشكل عام، دُمِّرت الدولة في الجنوب، وأحد أركانها الرياضة؛ لأن الرياضة في النهاية هي ثقافة، لكن ذلك لا يعني أن ننكر جهود شخصيات مختلفة تهتم بتطوير الرياضة في عدن وغيرها من مناطق الجنوب.
*متى انتخبت عضواً في مجلس الشعب في الجنوب؟ وهل كان ذلك فرصة لك من أجل أن تلمس مشاكل الناس؟
-انتخبت في يافع وليس في الشعيب، وهذه مفارقة، فأهل يافع يعرفونني، كما يعرفني أهل الشعيب، بل وأكثر، وأيام الأعياد كنت اقضيها في يافع أكثر من الشعيب، وقد حصلت على أعلى الأصوات في انتخابات مجلس الشعب الأعلى قبل الوحدة.
وقد خدمت أبناء يافع، ووقفت معهم من أجل تشييد طريق إلى يافع، واشتغلنا فيها بقدر ما نستطيع، وكُنا أوفياء معهم، وحققنا الكثير من الأشياء الذي كنا نقدر عليها، وظللت قريباً منهم، وإلى قبل فترة أذهب إلى يافع في أيام الأعياد لأقضي فيها إجازة العيد في أوساط أبناء الدائرة التي مثلتهم فيها.
"سكترى سومالية"
*شاركت مع الكثير من قيادات الدولة في زيارات لعدد من البلدان؛ فما هي الذكريات التي تحملها من هذه الزيارات؟
-بعد قيام الثورة في إثيوبيا عام 1975، كُنت ضمن وفد يرأسه الشهيد محمد صالح مطيع، وزير الخارجية في زيارة إلى أديس أبابا بصفتي مديراً للدائرة القنصلية وشؤون المغتربين، وأثناء الزيارة استمعنا إلى رواية من أحد قادة الثورة لا زلت أذكرها، وهي كما يلي: "عندما اتجه قائد الثورة منجستو هيلا مريام إلى القصر الإمبراطوري، وبينما كان وجها لوجه مع الإمبراطور، قال له الإمبراطور: إن كل الذين قاموا بمحاولات للإطاحة بي وبالأسرة الحاكمة يحملون اسم منجستو، وقد اعدموا جميعا، وقد قررت إعدام من يحمل هذا الاسم، لكنني في نفس الوقت قررت عدم القبض عليك أو إعدامك رغم علمي بنواياك وكانت تلك غلطتي".
أما الجزء الثاني من الرواية والتي سمعناها من مدير مكتب منجستو أنهم لم يكونوا ينوون قتل الإمبراطور بل الحصول على مفتاح الخزنة السرية حيث فتشوا كل غرف وصناديق ودواليب القصر، وكذلك كل بدلات وثياب وأحذية الإمبراطور وحتى شعر رأسه، ولم يبق إلا خاتم يده؛ فقال لهم الإمبراطور: "لماذا كل هذا العبث؟ لقد فتشتم كل شيء"، فقالوا له: "لم يبق إلا الخاتم الذي في أصبعك؛ فأجابهم: إنه خاتم صغير، قالوا له: ولو، لا بُد أن نأخذه، وفعلا أخذوه من أصبعه، وكانت المفاجأة أن المفتاح كان في داخل الخاتم، وعن طريقه عرفوا كيف يفتحون الخزنة، ومواقع وأرقام الحسابات المالية في الخارج.
*وماذا عن الزيارة التي قام بها الرئيس سالمين إلى الصومال، وغضبه عندما علم أن المسؤولين يعلمون الطلاب في المدارس أن سقطرى أرض صومالية؟
-صحيح، حدث هذا، عندما زار الرئيس الراحل الشهيد سالم ربيع علي (سالمين) الصومال عام 1974 على رأس وفد رفيع المستوى، وكُنت أحد أعضاء الوفد الصغار، حيث كانت العلاقات الثنائية حميمة للغاية بين البلدين، وكُنّا نتقاسم مع الأشقاء في الصومال كل شيء من المواد الغذائية إلى الصحة وغيرها من الاحتياجات. وأثناء الزيارة التقى الرئيسان سالمين وسياد بري مع كبار المسؤولين من الجانبين، وعلمنا أن الرئيس سالمين تحدث مع الرئيس سياد قائلا: "انتم دوماً تتحدثون عن أراضٍ صومالية تحتلها إثيوبيا، واليوم هيلاسلاسي في أيامه الأخيرة ووضعه ضعيف، إذا انتم جادون باستعادة أراضيكم التي استولى عليها سنقدّم لكم كتائب دبابات وصواريخ وأسلحة ومدفعية ودعما جويا بدون أي مقابل"، فكان رد سياد بري أن لديه كتابا اسمه "قضيتي وشعبي"، وأنه يرغب باستعادة كل الأراضي الصومالية المحتلة بما فيها التي مع كينيا وكذا جيبوتي وغيرها بطريقته الخاصة.
وفي اليوم الثاني، توجّه الرئيس سالمين لزيارة مدرسة الأيتام في العاصمة مقديشو ضمن برنامج الزيارة، وعند وصوله باب أحد الفصول رأى على السبورة كتابة باللغة العربية بخط عريض العبارة التالية "سقطرى سومالية"؛ فسلّم على الطلاب بشكل ودي، بينما كان يشتط غضبا وشرع في خلع حذائه ليمسح تلك العبارة، لكن الأخ محمد سليمان ناصر، وزير الزراعة حينذاك، ناوله منديلا؛ فمسح سالمين العبارة، وكتب بدلا عنها بخط عريض: "سقطرى يمنية إلى الأبد".
بعد هذه الحادثة، توترت العلاقات بين البلدين، وفعلا كان الإخوة في الصومال حلفاءنا في تلك الفترة، إلا أنهم كانوا يعتبرون سقطرى صومالية، ولا زال هذا الاعتقاد قائما حتى اليوم، وبعد أشهر قامت الثورة في إثيوبيا، وقدّمت اليمن الديمقراطية الدعم الذي كانت وعدت به سياد بري ورفضه للثورة الإثيوبية، لكن بعد أن التزمت السلطة الإثيوبية بشطب اسم أرخبيل حنيش من كل الكُتب الدراسية والجغرافية الإثيوبية، وكل المواثيق نهائيا.
والغريب أن المسؤول الأول عن مصلحة السواحل في اليمن قد تقدّم قبل عام ونصف بمُذكرة طلب إلى الأمم المتحدة يعرض فيها باسم اليمن جزيرة سقطرى أن تكون مقرا للاجئين الصوماليين والأفارقة، وهذا أمر خطير جداً أن تعرض أراضٍ غالية وعزيزة واستراتيجية كسقطرى بكل إسفاف لمزاد لتسلّم لأناس تدعي حكوماتهم المتعاقبة أنها تابعة لهم، وقد كتبت عن هذا الموضوع العام قبل الماضي في صحيفة "الثوري"، ولكن –للأسف- لم يتحرّك أحد حتى مجلس النواب الذي يعنيه الأمر لم يتحدث عن ذلك، وكأن سقطرى وريثة خاصة وغنيمة حرب يتم التصرّف بها بهذه الطريقة.
ولذلك فإنني أروي واقعة ما حصل في مقديشو، لكي أبرز كيف كانت قيادة اليمن الديمقراطية تتعامل مع السيادة والتراب براً وبحراً وجواً؛ فقد توترت علاقاتها مع اقرب حلفائها "الصومال" بسبب سقطرى وأقامت علاقات قوية مع إثيوبيا شريطة التخلّي عن الادعاء بتبعية حنيش لإثيوبيا؛ كونها يمنية تاريخا وانتماءً وجغرافيا، بشرا وشجرا وحجرا، برا وبحرا وجواً.
محاولة خطف في الجو
*في عام 82، كانت حياتك معرّضة للخطر عندما كان شخصاً يبحث في الطائرة التي كانت تقلّكم من تونس إلى الكويت عن وزير خارجية اليمن المُلحد لخطفه، ما وراء القصة؟
-سافرت عبر الكويت إلى تونس لحضور مؤتمر وزراء الخارجية العرب منتصف عام 1982 نيابة عن الأخ الوزير سالم صالح محمد، ومن الكويت سافرت في الطائرة الخاصة التي كانت تقل وزير الدولة وزير الصحة السابق الدكتور عبد الرحمن العوضي الذي رأس وفد الكويت والعودة من تونس سافرت بالطائرة الكويتية عبر ليبيا، وبالقرب من أجواء لبنان تفاجأت بشخص ملتحٍ في حالة توتر يسألني: أين الوزير الشيوعي حق عدن؟ فأجبته: لا أعرفه. وبعدها اتجه إلى آخرين من ركاب الدرجة الأولى.
من جانبي، أبلغت رجال الأمن في الطائرة، حيث ابلغوني أن حركاته قد لفتت انتباههم، فاختاروا لي مقعداً مأموناً، وعند هبوط الطائرة في بيروت اقتاده رجال الأمن اللبناني، وانزلوه إلى أرض المطار، وسلّموه للأمن اللبناني. شخصيا لم أعرف نتائج التحقيقات معه، لكنني بعد العودة إلى عدن قدّمت التقرير الروتيني عن هذه الحادثة.
وعند حديثي مع الأخ سالم صالح محمد، قلت له: يا أخ سالم، يبدو أن الرجل كان ينوي اختطافي لغرض طرح شروط على اليمن الديمقراطية مقابل الإفراج عنّي وعن الطائرة؛ فماذا كنتم ستعملون؟ فأجابني ضاحكا: "يا أخ محمد، إن الاستهداف ليس شخصياً، لكنه يبدو سياسيا يستهدف الدولة، وطبعا كان موقفنا كالعادة سنعلن أن اليمن الديمقراطية لن ترضخ للابتزاز والإرهاب، وأن الأخ محمد غالب نفسه لن يرضى بغير هذا الموقف".
طبعا أنا ضحكت، وقلت: الحمد لله ربنا ستر عليّ، ولكن في قرارة نفسي فإنني كُنت لن أقول إلا ما ذكره الأخ سالم صالح محمد، وكُنت مستعدا لدفع حياتي دون أن أتخلّى عن تلك المبادئ التي اعتز بها مثل بقية مناضلي حزبنا الاشتراكي اليمني.
محمد غالب .. سيرة ذاتية
*محمد غالب أحمد السقلدي.
* من مواليد 14/10/ 1949 قرية بخال، مديرية الشعيب بمحافظة الضالع.
*المهنة الحالية: عضو المكتب السياسي، رئيس دائرة العلاقات الخارجية للحزب الاشتراكي اليمني.
*المستوى الدراسي: ثانوية ودراسة عُليا في موسكو (دبلوم).
*انضم إلى الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل عام 1965، وشارك في المقاومة ضد الاستعمار البريطاني، وتعرّض للاعتقال عدّة مرات في سجون: زنجبار – البحرية - صلاح الدين - سجن الصحراء.
*1968: مدرساً في منطقة الشعيب.
*69 - 71 - 72: السكرتير الثاني الحزبي في محافظة لحج، مسؤولاً حزبياً عن ردفان.
*72 - 74: سكرتير أول (قُنصل) في سفارة اليمن الديمقراطية وسكرتير أول منظمة الحزب ببريطانيا (لندن).
*74 - 77: مديرا لدائرة المغتربين والشؤون القنصلية.
*77 - 78: مستشار وقنصل في سفارة اليمن الديمقراطية – السعودية.
*78-79: مديرا لدائرة المغتربين والشؤون القنصلية – عدن.
*79-81: قائم بأعمال السفارة – السعودية.
*81 - 83: نائباً لوزير الخارجية لشؤون المغتربين - عدن.
*83 - 84: نائباً لوزير الثقافة والسياحة – عدن.
*84 - 86: نائبا لوزير الدولة لشؤون الرياضة – عدن.
*86 - 90: رئيسا للمجلس الأعلى للرياضة (وزير) – عدن.
*87 – مايو: 90 انتخب عضوا في مجلس الشعب الأعلى عن دائرة يافع.
*فبراير 1990: انتخب رئيسا للجنة الاولمبية الموحدة لعموم اليمن – عدن.
*مايو 90 – ابريل 93: عضوا في مجلس النواب اليمني (الموحّد) - صنعاء.
*مايو 90 – 93: نائبا لوزير الشباب والرياضة – صنعاء.
* إبريل 93 – إبريل: 97 أعيد انتخابه عضوا في مجلس النواب وحصل على المرتبة الأولى على مستوى اليمن (دائرة 82 الشعيب – الحصين – يسري).
*74 – 94: عضو منظمة قاعدية، حيث انتخب في ستمر 94 لأول مرة عضوا في اللجنة المركزية والمكتب السياسي للحزب الاشتراكي، وأعيد انتخابه في المؤتمر الرابع عام 2000 والمؤتمر الخامس 2005.
*98 - 2000: انتخب رئيسا لدائرة المنظمات الجماهيرية.
*2002 - 2005: انتخب رئيسا للدائرة الحزبية والتنظيمية.
*2005: انتخب رئيسا لدائرة العلاقات الخارجية.
* منذ 2004: عضوا في المؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي الإسلامي.
* حاصل على ميدالية مناضلي حرب التحرير ووسام 22 يونيو ووسام الاستقلال (30 نوفمبر).
* متزوج ولديه 2 من الأبناء و3 بنات: ذو يزن، صنعاء، أديس، لبوزة، ذكرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.