ألقى الرئيس المصري "حسني مبارك" قبل منتصف مساء أمس الثلاثاء خطاباً وجهه للشعب المصري.. "أخبار اليوم" تنشر نص ما جاء في خطاب الرئيس/ مبارك وفيما يلي نص الخطاب:- الإخوة المواطنون أتحدث إليكم في أوقات صعبة تمتحن مصر وشعبها وتكاد أن تنجرف بها وبهم إلى المجهول، يتعرض الوطن لأحداث عصيبة واختبارات قاسية بدأت بشباب ومواطنين شرفاء مارسوا حقهم في التظاهر السلمي تعبيراً عن همومهم وتطلعاتهم سرعان ما استغلهم من سعى إلى إشاعة الفوضى واللجوء إلى العنف والمواجهة وللقفز على الشرعية الدستورية والانقضاض عليها.. تحولت تلك التظاهرات من مظهر راقٍ ومتحضر لممارسة حرية الرأي والتعبير إلى مواجهات مؤسفة تحركها وتهيمن عليها قوى سياسية سعت إلى التصعيد وصب الزيت على النار، واستهدفت أمن الوطن واستقراره بأعمال إثارة وتحريض وسلب ونهب وإشعال للحرائق وقطع للطرقات واعتداء على مرافق الدولة والممتلكات العامة والخاصة، واقتحام لبعض البعثات الدبلوماسية على أرض مصر.. نعيش معاً أياماً مؤلمة وأكثر ما يوجع قلوبنا هو الخوف الذي انتاب الأغلبية الكاسحة من المصريين وما ساورهم من انزعاج وقلق وهواجس حول ما سيأتي به الغد لهم ولذويهم وعائلاتهم ومستقبل ومصير بلدهم.. إن أحداث الأيام القليلة الماضية تفرض علينا جميعاً شعباً وقيادة الاختيار مابين الفوضى والاستقرار وتطرح أمامنا ظروفاً جديدة وواقعاً مصرياً مغايراً يتعين أن يتعامل معه شعبنا وقواتنا المسلحة بأقصى قدر من الحكمة والحرص على مصالح مصر وأبنائها.. أيها الإخوة المواطنون لقد بادرت لتشكيل حكومة جديدة بأولويات وتكليفات جديدة تتجاوب مع مطالب شبابنا ورسالتهم، وكلفت نائب رئيس الجمهورية بالحوار مع كافة القوى السياسية حول كافة القضايا المثارة للإصلاح السياسي والديمقراطي وما يتطلبه من تعديلات دستورية وتشريعيه من أجل تحقيق هذه المطالب المشروعة واستعادة الهدوء والأمن والاستقرار، لكن هناك من القوى السياسية من رفض هذه الدعوة للحوار تمسكاً بأجنداتهم الخاصة ودون مراعاة للظرف الدقيق الراهن لمصر وشعبها، وبالنظر لهذا الرفض لدعوتي للحوار، وهي دعوة لا تزال قائمة فإنني أتوجه بحديثي اليوم مباشرة لأبناء الشعب بفلاحيه وعماله، مسلمين وأقباطه، شيوخه وشبابه، ولكل مصري ومصرية في ريف الوطن ومدنه على اتساع أرضه ومحافظاته.. إنني لم أكن يوماً طالب سلطة أو جاه ويعلم الشعب الظروف العصيبة التي تحملت فيها المسؤولية وما قدمته للوطن حرباً وسلاماً.. كما أنني رجل من أبناء قواتنا المسلحة وليس من طبعي خيانة الأمانة أو التخلي عن الواجب والمسؤولية.. إن مسؤوليتي الأولى الآن هي استعادة أمن واستقرار الوطن لتحقيق الانتقال السلمي للسلطة في أجواء تحمي مصر والمصريين وتتيح تحمل المسؤولية لمن يختاره الشعب في الانتخابات الرئاسية المقبلة.. وأقول بكل صدق وبصرف النظر عن الظرف الراهن إني لم أكن أنوي الترشح لفترة رئاسية جديدة.. فقد قضيت ما يكفي من العمر في خدمة مصر وشعبها، لكنني الآن حريص كل الحرص على أن أختتم عملي من أجل الوطن بما يضمن تسليم أمانته ورايته ومصر عزيزة آمنة مستقرة وبما يحفظ الشرعية ويحترم الدستور أقول بعبارة واضحة: إنني سأعمل خلال الأشهر المتبقية من ولايتي الحالية كي يتم اتخاذ التدابير والإجراءات المحققة للانتقال السلمي للسلطة بموجب ما يخوله لي الدستور من صلاحيات.. إنني أدعو البرلمان بمجلسيه إلى مناقشة تعديل المادتين "77،76" من الدستور بما يعدل شروط الترشيح لرئاسة الجمهورية ويعتمد فترات محددة، للرئاسة ولكي يتمكن البرلمان الحالي بمجلسيه من مناقشة هذه التعديلات الدستورية وما يرتبط بها من تعديلات تشريعية للقوانين المكملة للدستور وضماناً لمشاركة كافة القوى السياسية في هذه المناقشات فإنني أطالب البرلمان بالالتزام بكلمة القضاء وأحكامه في الطعون على الانتخابات التشريعية الأخيرة دون إبطاء.. سوف أولي متابعة تنفيذ الحكومة الجديدة لتكليفاتها على نحو يحقق المطالب المشروعة للشعب وأن يأتي أداؤها معبراً عن الشعب وتطلعه للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ولإتاحة فرص العمل ومكافحة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية، وفي ذات السياق إنني أكلف جهاز الشرطة للاضطلاع بدوره في خدمة الشعب وحماية المواطنين بنزاهة وشرف وأمانة وبالاحترام الكامل لحقوقهم وحرياتهم وكرامتهم.. كما أنني أطالب السلطات الرقابية والقضائية بأن تتخذ على الفور ما يلزم من إجراءات لمواصلة ملاحقة الفاسدين والتحقيق مع المتسببين فيما شهدته مصر من انفلات أمني ومن قاموا بأعمال السلب والنهب وإشعال النيران وترويع الآمنين ذلك هو عهدي للشعب خلال الأشهر المتبقية من ولايتي الحالية.. أدعو الله أن يوفقني في الوفاء به كي اختتم عطائي لمصر وشعبها بما يرضي الله والوطن وأبناءه.. أيها الأخوة المواطنون ستخرج مصر من الظروف الراهنة أقوى مما كانت عليه قبله، أكثر ثقة وتماسكاً واستقراراً.. سيخرج منها شعبنا وهو أكثر وعياً بما يحقق مصالحه وأكثر حرصاً على عدم التفريط في مصيره ومستقبله.. إن حسني مبارك الذي يتحدث إليكم اليوم يعتز بما قضاه من سنين طويلة في خدمة مصر وشعبها.. إن هذا الوطن العزيز هو وطني مثلما هو طن كل مصري ومصرية.. فيه عشت وحاربت من أجله ودافعت عن أرضه وسيادته ومصالحه.. وعلى أرضه أموت وسيحكم التاريخ عليّ وعلى غيري بما لنا أو علينا.. إن الوطن باقٍ والأشخاص زائلون ومصر العريقة هي الخالدة أبداً تنتقل رايتها وأمانتها بين سواعد أبنائها وعلينا أن نضمن تحقيق ذلك بعزة ورفعة وكرامة جيلاً بعد جيل.. حفظ الله هذا الوطن وشعبه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.