اعترض أعضاء في كتلة الحزب الحاكم في جلسة البرلمان أمس على بعض مواد قانون الاتصالات وتقنية المعلومات الذي وافق مجلس النواب عليه مبدئيا الأحد الماضي. وتأتي محاولة تمرير الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشعبي العام لمشروع القانون بالتزامن مع مشروع قانون هيئة الشرطة، والذي يتضمن نصوص قوانين لم تشهدها أسوأ الدكتاتوريات عبر التاريخ، إلا أن وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس/ كمال الجبري نفى ما نشر حول مشروع المقر من الحكومة، والذي يناقش حالياً في البرلمان بأن يهدف إلى السماح بالتنصت على مكالمات المواطنين. ويأتي ذلك وسط تحذيرات من تداعيات خطيرة ستنجم عن مشاريع القوانين التي يسعى المجلس لإقرارها في الوقت الراهن سواء المتعلقة بالاتصالات وتقنية المعلومات أو تعديل قانون هيئة الشرطة. قانون الاتصالات الجديد والمثير للجدل تسبب بتصادم في رئاسة البرلمان بين نائب رئيس المجلس/ حمير الأحمر ورئيس المجلس يحيى الراعي بعد مطالبة الأول برفع جلسات المجلس احتجاجا على رفض رئيس المجلس لمقترحه المطالب بإحالة القانون إلى لجنة الشؤون الدستورية لوجود (3) مواد تتعارض مع المادة (53) من الدستور التي تكفل سرية اتصال المواطنين. وبرر حمير الأحمر مطلبه برفع جلسات المجلس بتأكيده على أن مجلس النواب منذ بداية دورته الحالية لم يعقد جلسة بنصاب قائلا "اليوم لا يوجد سوى 93 موقعاً في حافظة المجلس، وجميع الجلسات لم يتجاوز الحاضرين فيها والموقعين في حافظة الدوام 135 نائبا وهذا مخالف للائحة التي تتطلب 151 نائباً على الأقل. وأكد الأحمر أن القانون لا يستهدف الشركات بقدر ما يستهدف التضييق على حرية الإعلام الالكتروني والفضائي والمسموع. وكان مجلس الدفاع الوطني في اجتماعه العاجل بحضور رئيس الجمهورية الأسبوع الماضي قرر الدفع بمشروع قانون الاتصالات وتقنية المعلومات لإقراره من مجلس النواب، وهو القانون الذي يتيح التنصت على مكالمات المواطنين ومراسلاتهم البريدية والبرقية والإلكترونية. واعتبر النواب ذلك مخالفة للنصوص الدستورية الضامنة لسرية اتصالات المواطنين. وشرع البرلمان أمس في التصويت على مواد القانون بعد إصرار رئيس المجلس على التصويت على مواده وإحالة المواد المخالفة للدستور إلى اللجنة الدستورية، لكن إصرار النواب على ضرورة إحالة القانون إلى لجنة الشؤون الدستورية قبل التصويت عليه، أجبر الراعي على التراجع بعد تصويت المجلس على مادتين من مواد القانون، ليحيل القانون إلى لجنة الشؤون الدستورية واللجنة الخاصة والجانب الحكومي برئاسة النائب/ محمد الشدادي للنظر في المواد المخالفة للدستور. من جهتها الكتل البرلمانية لأحزاب اللقاء المشترك والمستقلين أكدت أن كل ما صدر ويصدر عن مجلس النواب يعتبر فاقدا للشرعية التي استمدها المجلس من التوافق السياسي الموقع في 23/فبراير 2009م والذي مدد لمجلس النواب لفترة سنتين لإجراء إصلاحات سياسية فقط، محملة في السياق ذاته نواب المؤتمر والحكومة مسؤولية ما ستؤول إليه الأمور من تداعيات خطيرة جراء إقرار مثل تلك التعديلات. وحذرت في بلاغ صحفي السلطة وحزبها الحاكم من مغبة الإقدام على إقرار تعديلات قانون الشرطة ومشروع قانون جديد للاتصالات، تتعارض مع نصوص الدستور نصا وروحا وتخالف المواثيق والمعاهدات الدولية. كتل المشترك والمستقلين اعتبرت إقرار مثل هذين القانونين والسماح بمرور الفصل الوارد في قانون الاتصالات والمتعلق بالرقابة وجواز التنصت على مكالمات المواطنين وفرض قيود على المواقع الالكترونية، إعلاناً لحالة الطوارئ وتصعيداً لحالة التوتر والغليان التي تشهدها الساحة اليمنية ونسفاً لكل ما تتشدق به السلطة من حرص على وحدة البلاد وأمنها واستقرارها.. مضيفة أن إقرار هذين القانونين يؤكد أنها وفي ظل المتغيرات التي تشهدها الساحة الإقليمية من ثورات الشعوب ضد الظلم والكبت والحكم البوليسي الشمولي فإن السلطة لم تستوعب الدرس ولم تستفد مما حدث في تونس ومصر، بل إنها تعتبر نفسها في منأى عن هذه التحولات. كما اعتبر البلاغ تعديلات قانون الشرطة المراد إقراره دعوة للقتل الجماعي وتحريضا على إشاعة ثقافة العنف والثأر، إذ أن التعديل يتضمن عدم محاسبة الشرطي إذا قام بقتل أي مواطن تظاهر أو نفذ عملاً سليماً لم يرق للحكومة وحزبها الحاكم، بالمخالفة للنصوص الشرعية التي تعصم الدماء، في الوقت الذي تعاقب غالبية الدول رجل الأمن في حالة إساءته لاستخدام السلطة والإساءة لأي مواطن ولو بمجرد التلفظ بألفاظ نابية ناهيك عن الاعتداء بالضرب ونحوه. إلى ذلك الوزير الجبري قال في معرض نفيه.. إن هذه مزاعم كاذبة لا أساس لها من الصحة وتقف وراء ترديدها جهات مستفيدة، لا تريد للقانون أن يرى النور ويتم تنفيذه.. موضحاً أن نصوص القانون ستناقش في مجلس النواب وهي واضحة ولا لبس فيها أو غموض, كما لا يوجد فيها أي صورة كانت ما يشير إلى ما جاء في تلك الأنباء المغلوطة.. مشيراً إلى أن مشروع القانون يهدف في الأساس إلى تنظيم قطاعي الاتصالات وتقنية المعلومات ونشر جميع خدماتها على نحو يواكب تطور وسائل التقنية ويلبي جميع احتياجات المستفيدين بأنسب الأسعار ويشجع الاستثمار الوطني والأجنبي في هذا المجال في إطار قواعد المنافسة الحرة. وتابع: على العكس تماماً مما جاء في تلك المزاعم, فإن مشروع القانون يحد كثيراً من الصلاحيات والاختصاصات والمهام الممنوحة للوزير أو الوزارة في القانون الحالي, ويأتي تنفيذاً لتوجيهات فخامة الأخ رئيس الجمهورية وبرنامجه الانتخابي في تعزيز اللامركزية المالية والإدارية وتنفيذ أجندة الإصلاحات، لافتا إلى أن القانون يهدف إلى إعادة هيكلة الوزارة ومهامها وإنشاء هيئة لتنظيم الاتصالات وتقنية المعلومات، يناط بها مهام تنظيم خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات وفقاً للسياسة العامة المقدمة من الوزارة والمقرة من مجلس الوزراء وبحيث يتم الفصل بين رسم السياسات والإشراف والتنظيم وتشغيل شبكات الاتصالات". وأكد وزير الاتصالات أن مشروع القانون لا يمكن أن يتجاوز بأي حال من الأحوال دستور الجمهورية اليمنية .. مبيناً أن المادة [49] من مشروع القانون أكدت أن سرية المكالمات الهاتفية والاتصالات الخاصة والمعلومات مكفولة ولا يجوز الإطلاع عليها أو الاستماع إليها أو تسجيلها إلا في الحالات التي يبينها القانون وبحكم قضائي.