قررت النيابة العامة المصرية أمس الأربعاء حبس الرئيس المخلوع حسني مبارك، ونجليه علاء وجمال, لمدة "15" يوماً على ذمة التحقيق في اتهامات تتعلق بإطلاق النار على المتظاهرين خلال ثورة "25" يناير/كانون الثاني الماضي. وكان مبارك قد نقل مساء الثلاثاء الماضي إلى مستشفى شرم الشيخ الدولي إثر تعرضه لأزمة صحية أثناء التحقيق معه بتهمة التحريض على قتل متظاهرين. وكان النائب العام المصري عبدالمجيد محمود قد قرر الأحد الماضي استدعاء مبارك ونجليه علاء وجمال للتحقيق معهم في اتهامات تتعلق بصلتهم بإطلاق النار على المتظاهرين أثناء "ثورة 25 يناير"، مما أدى إلى مقتل قرابة ثمانمائة شخص وإصابة أكثر من خمسة آلاف آخرين، وأوضح النائب العام أنه سيتم التحقيق معهم في اتهامات تتعلق " بالاستيلاء على المال العام واستغلال النفوذ والحصول على عمولات ومنافع من صفقات مختلفة". وجاء قرار استدعائهم للتحقيق بعد وقت قصير من كلمة مسجلة لمبارك بثتها إحدى الفضائيات، أكد فيها أنه ضحية "لحملة ظالمة وادعاءات" تشكك في نزاهته وذمته المالية هو وأسرته. وأوردت صحيفة القبس بعض التفاصيل الدقيقة المتعلقة بالتحقيق مع الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال، بعدما أكد وزير الداخلية أفضلية التحقيق معهم في شرم الشيخ في المرحلة الأولى من التحقيقات لسهولة السيطرة الأمنية عليها. وقال الصحيفة على لسان مصدر أمني مطلع إنه تم اتخاذ العديد من الإجراءات الأمنية السرية، ومع ذلك وقفت مدينة شرم الشيخ بأكملها على قدم وساق بعدما لفتت الأنظار بعض الإجراءات. ففى الحادية عشرة صباحاً وصل المستشار مصطفى سليمان -المحامي العام الأول لنيابة استئناف القاهرة (صاحب أشهر تحقيقات في قضية مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم، المتهم فيها رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى وضابط أمن الدولة السابق محسن السكري)، وصل إلى مستشفى شرم الشيخ، وكان برفقته سكرتير جلسة التحقيق، أي قبل وصول مبارك إلى المستشفى. والتقى ممثل فريق المحامين عن مبارك، فريد الديب، وهو بالمناسبة أيضاً محامي هشام طلعت مصطفى، التقى بالمستشار مصطفى سليمان، وتبادلا الحديث لبضع دقائق للمعرفة القديمة بينهما، حيث تواجها في قضية سوزان تميم لعدة جلسات خلال المحاكمة الأولى أمام المستشار المحمدي قنصوة، وفي المحاكمة الثانية أمام المستشار/ عادل عبدالسلام جمعة. ويصف المصدر الأمني أن مبارك كان يجلس على السرير في غرفته بأحد سويتات المستشفى، فيما كان المستشار مصطفى سليمان يجلس على كرسي إلى جواره، وسكرتير الجلسة يسجّل البيانات الأولية في التحقيقات، وهي: «اسمك وسنك وعنوانك؟». وأجاب مبارك على تلك الأسئلة، ليبدأ المحقق في مواجهة مبارك بكل الاتهامات المنسوبة إليه في البلاغات المقدمة ضده من قتل المتظاهرين في ثورة 25 يناير، وكانت إجابة مبارك الوحيدة أنه لم يُصدر تعليماته بقتل المتظاهرين، فيرد عليه المستشار سليمان قائلا «وماذا تقول بشأن ما ذكره اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق، من أنك أصدرت تعليمات بتفريق المتظاهرين بأي وسيلة؟»، يرد مبارك: «نعم طالبت بتفريق المتظاهرين، لكني لم أذكر استخدام الرصاص الحي أو المطاط». ويضيف المصدر الذي يؤكد أنه استمع إلى التحقيقات، حيث كان قريباً جداً من غرفة مبارك بقوله: مرت أكثر من ساعة ونصف الساعة على التحقيق، والرئيس السابق ليس لديه أي رد سوى بكلمة واحدة «لم أصدر تعليمات بإطلاق الرصاص، وأنا قدمت للبلد كتير، ولم آمر بقتل أي مواطن مصري.. وكلام العادلي كذب». وظهرت على مبارك علامات الإرهاق والتعب، فطلب محاميه فريد الديب، الذي كان حاضراً، من المستشار سليمان إيقاف التحقيق لدقائق ليرتاح مبارك قليلاً قبل استئناف التحقيق، فاستجاب المحقق، فيما كان جمال وعلاء يجلسان في الغرفة المجاورة لغرفة والدهما، ممنوعين من الدخول للغرفة، بعد رفض المحقق حضورهما جلسة التحقيق مع الرئيس السابق. وخلال الاستراحة القصيرة أمر المستشار سليمان جمال وعلاء بالذهاب مع رجال الأمن إلى مقر مجمع المحاكم الواقع خلف مستشفى الأهرام وسط مدينة شرم الشيخ للتحقيق معهما. واستأنف سليمان التحقيق مع مبارك، لأكثر من ثلاث ساعات، أمر بعدها بإغلاق ملف التحقيقات، وطلب من سكرتير الجلسة أن يكتب على واجهة ملف التحقيقات «سري للغاية.. أولى جلسات التحقيقات مع مبارك». وغادر علاء وجمال المستشفى في سيارتين: الأولى «مرسيدس» حمراء اللون تابعة لمديرية أمن جنوبسيناء، والثانية سيارة «جيب»، وتوجها إلى المجمع القضائي، حيث لم تستمر جلسة التحقيق أكثر من ساعتين انتهت إلى قرار النيابة بحبسهما 15 يوماً. ويضيف المصدر أن مئات المتظاهرين تجمعوا خارج مقر التحقيق مع علاء وجمال، وتصاعدت حدة الهتافات ضدهما، مما زاد من القلق الأمني، وأجبروا وزارة الداخلية على تغيير خط سيرهما بنقلهما إلى سجن طرة بدلاً من حبسهما في سجن مدينة الطور، حيث وصلا الى سجن طرة في ساعة مبكرة من صباح أمس وسط تشديدات أمنية مكثفة، وفور وصولهما تم تغيير ملابسهما، وارتداء الزي الأبيض للحبس الاحتياطي، وإيداعهما الغرفة الثانية في عنبر المزرعة بمفردهما مع أنها تتسع ل 35 مسجوناً. وحسبما أفاد المصدر، فإن علاء وجمال لم يغادرا غرفة الحجز المخصصة لهما طوال يوم أمس الأول، ولم يتقابلا مع أي شخص.