"المرأة نصف المجتمع" هذه المقولة الشائعة، كثيراً ما تلوكها الألسنة وتتصدر الشعارات من أجلها الندوات، ولكن دون جدوى، ليظل قدرنا أن نعترف أن نصف المجتمع العربي معطل جزئياً أو كلياً، ومغيب دوره عن صناعة القرارات الوطنية بسبب تهميش نصفه وهو الجانب النسوي، وكأننا بهذا الاعتراف نمارس نوعاً من الاسقاطات النفسية ليرمي كل منا بالمسؤولية على الآخر، مع أن الجميع مسؤول عن هذا الإهدار لأهم مصادر الثروة البشرية، فالمرأة ليست مجرد أم أو زوجة أو أخت بل هي طاقة إنتاجية لها من القدرات ما لا يمكن أن تتوفر لدى الرجال. وقد تعالت في الآونة الأخيرة صرخات، تدعو إلى تعليم الفتاة، في حين وصلت مدارس مناطق أبين الريفية، ومثقفوها إلى مرحلة من التلاشي والانحسار المخيف لتعليم الفتاة ليكون بمثابة رصاصة الرحمة الأخيرة في خاصرة الجهود الحثيثة التي بذلت لإخراجها من واقع الجهل والظلام القاتل الذي خيم على فتاة ريف محافظة أبين طيلة عقود من الزمن. وأمام هذه العاصفة العاتية، كان ل"أخبار اليوم" مجال آخر للبحث في أسباب هذه الآفة، وخرجت بحصيلة مدون مضمونها في السطور التالية. أسباب تسرب الفتاة عن التعليم: بداية قال الأستاذ/ طارق قاسم كردة، إن غياب الوعي لدى الآباء من أهم أسباب تسرب، وعدم إقبال الفتاة على التعليم، وقد شهد هذا العام إقبالاً ضئيلاً جداً مقارنة بالأعوام السابقة، وأرجع هذا الأمر إلى انتهاء فترة التغذية المدرسية التي تقدم للفتاة الريفية، كون معظم أهالي الطالبات من أسر معدمة وفقيرة، جعلهم يوفدون بناتهم للمدرسة، وريثما انعدمت هذه الهبة انتهت الغاية، وهكذا جنينا ثمار التغذية المدرسية، إضافة إلى دور مجلس الآباء في المدرسة الذي يكاد يكون شبه غائب. تبريرات الاختلاط والبطالة أما الأستاذ/ صالح محمد القعيطي شخصية تربوية فقد أدلى بدلوه قائلاً: لهذه المعضلة التي ألقت بظلالها على مدارس عديدة في مناطق ريفية بمحافظة أبين أسباب، ومن هذه الأسباب أن كثيراً من الفتيات اللاتي تسربن وجدن عدم الجدوى من تعليمهن، ولهن فيمن سبقهن أسوة حسنة واللاتي لازلن حبيسات البيوت منذ أمد، منتظرات أن تصدق وعود عرقوب، كما أن الاختلاط في بعض المدارس حذا بالآباء إلى إخراج بناتهم من المدارس نتيجة لآثار العادات والتقاليد وانعكاساتها السلبية. أما الأستاذ/ محمد عمر علي الفوج معلم قال:" ما الفائدة من تعليم الفتاة.. هكذا يقول الأهالي في بقاع المناطق الريفية، الأفضل بقاؤها في البيت لتساعد أمها في أمور البيت، والسبب الرئيسي الذي دعا الأهالي إلى إخراج بناتهم من المدارس عدم حصول من سبقهن في الدراسة على فرص عمل للتوظيف". التوعية الغائبة بينما قال مرتاح الخضر السعيدي معلم أتفق مع السابقين، ولا أختلف مع ما جاءوا به من أفكار، لكن هناك مقترحات لحل هذه المعضلة، هي أولاً: تكثيف الوعي لدى الآباء بأهمية تعليم الفتاة، ودور الخطباء وأئمة المساجد وقادة الرأي في المجتمع نفسه.. وثانياً: توظيف ولو بعض من الخريجات السابقات ليكون دافعاً لبعض الآباء في دفع بناتهم إلى التعليم.. ثالثاً: فصل مدارس البنين عن البنات وهو أيضاً دافع آخر للآباء لدفع بناتهم للتعليم لما تمليه العادات والتقاليد الريفية. الغياب المتكرر: الأستاذ/ أحمد محمد عمر مدير مدرسة تطرق في حديثه عن ظاهرة هامة وهي ظاهرة غياب بعض الفتيات المتكرر عن المدرسة فقال:" هذا الموضوع لا بد له من وقفة جدية وصارمة وأيضاً شاملة بالتعاون مع الإدارة المدرسية والمنزل، إن ما نلمسه ونسمعه داخل وخارج المدرسة من غياب الطالبات وأحداث وقصص يجعلنا نعطي لهذا الأمر الأهمية والأولوية في البحث عن أسبابه ونتائجه والسعي جاهدين لمعالجته، الصحيح في الأمر هو عدم اهتمام بعض أولياء الأمور بغياب بناتهم عن المدرسة دون سبب أو أسباب ويقولون"يوم أو يومين عادي ولا يأبه لمستوى ابنته أو تقصيرها في الدروس أو ما قد يترتب على ذلك من آثار سلبية. ويضيف "أما الطامة الكبرى، فهي الظاهرة الغريبة التي تجعلنا في قلق دائم وهي تغيب الطالبة عن الدراسة دون علم الأهل". وعن عدم الاهتمام والتشجيع مع قبل الأسرة والمدرسة للفتاة تحدث الأستاذ/ الخضر أحمد الخضر قائلاً: "إذا لم تجد الفتاة منذ الصغر الاهتمام والرعاية والتشجيع من قبل الأسرة والمدرسة، فإنها تتحول لا محالة إلى فتاة طائشة سلبية غير فاعلة في المجتمع، وهنا يجب أن تتضافر جهود الأسرة والمدرسة والمجتمع في سبيل بناء جيل سوي الشخصية والقيم والأخلاق، محافظاً على أعراف وتقاليد وعادات المجتمع اليمني المسلم". وفي الأخير. في نهاية المطاف وضع الإخوة الأفاضل الأسباب والمقترحات لحلول هذا التسرب، ، والسؤال يبقى مطروحاً على الطاولة من هو السبب في تسرب الفتيات؟ ولماذا لم يحصل بعضهن على فرص التوظيف أسوة بالمناطق الأخرى؟. أمام هذه الموجة العاتية من التساؤلات، هل تستطيع الجهات ذات العلاقة بهذا الشأن ترجمة هذه الاقتراحات؟.. أملنا كبير في ذلك لوجود رموز تحب أن تعمل في تلك الجهات ولا بد من فعل يصاحب قول.