استحدث المستشفى الميداني بساحة التغيير منذ بداية الاعتصام فيها، حيث بدأ كخيمة تقدم الخدمات الطبية والصحية المتواضعة قبل أن يطور ويوسع خدماته مع بدء الاعتداءات والهجوم بالأسلحة والقنابل والغازات المختلفة بدعم الكثير من العاملين في المجال الصحي من أطباء وممرضين ومختبرات وصيدليين وأخصائيي تشخيص و بمساهمة من رجال الأعمال والمواطنين الخيرين الذين وفروا له الدعم المادي والمالي، حيث تحول المستشفى من خيمة صغيرة إلى تقديم خدماته من خلال الملحقات التابعة لجامع جامعة صنعاء بتواجد كادر صحي في كافة التخصصات الطبية بالإضافة إلى الأطباء الذين يستدعون في حالات الطوارئ عن طريق شخص إداري مناوب . ( النشأة .... والدعم الحكومي المخزي ) الدكتور/ عبد العزيز الذرحاني المشرف الإداري للمستشفى الميداني تحدث معنا بداية عن نشأة هذا المستشفى قائلا: ( في بداية الإعتصامات قمنا بجهود فردية ومع مجموعة أطباء وصيادلة وفنيين بتأسيس الخيمة الطبية وهي الخيمة الطبية رقم واحد الآن والموجودة بجانب المنصة وجمعنا بعض الأدوية والتبرعات لخدمة هؤلاء المعتصمين وكان العدد بسيط وعندما زاد عددهم وازدادت الإصابات والحوادث والمواجهات احتجنا لتأسيس المستشفى الميداني من الصفر فتواصلنا مع الأخوة في لجنة مسجد الجامعة وأعطونا موافقة بالاستفادة من ساحة المسجد ومركز التحفيظ والنادي الرياضي التابع للمسجد وبدأنا بالإستفادة من هذه المساحات وتجهيزها بتفاعل جهات متعددة على رأسهم جمعية الإصلاح الخيرية والجمعية الطبية الخيرية اليمنية ونقابة الأطباء والصيادلة وبعض الأطباء في المستشفيات الحكومية والخاصة وبطريقة فردية لبعض إخواننا في وزارة الصحة وليست رسمية ). مؤكداً عدم تفاعل وزارة الصحة معهم بالشكل المطلوب حتى بعد ضغوط واحراجات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، وأطباء بلا حدود، حيث قامت الوزارة بإرسال أدوية بسيطة وأغلبها غير نافعة. وقال ( أرسلت لنا أدوية خاصة بتنظيم الأسرة، حبوب منع الحمل وخلافه وأدوية خاصة بمعالجة الديدان والطفيليات إلى جانب مضادات حيوية خاصة بالأطفال الصغار وكلها غير نافعة لما نحن فيه من احتياج وهي موجودة إذا ما أرادت الوزارة استرجاعها ) ( أقسام وعيادات مختلفة ) وذكر الدكتور/ الذرحاني بأن المستشفى لديه عدة أقسام وعيادات يداوم فيها على مدى "24" ساعة أخصائيون واستشاريون في مجال العظام والجراحة العامة والباطنية والقلب والأنف والأذن والحنجرة والعيون ومسعفون وتكون هناك ورديات يستلم كل ثمان ساعات طبيبان أو ثلاثة على الأقل في هذه التخصصات ويعمل في المستشفى ثلاثمائة شخص في اليوم على ثلاث فترات متتالية مشيراً إلى وجود طاقة استيعابية بحدود أربعين سريراً وفي حالات الطوارئ يتم فرش الممرات والشارع بالطرابيل ويوجد أيضاً غرفتا عمليات مجهزة كعمليات كبرى وأجهزة إنعاش وإسعافات وأجهزة متعددة وحديثة، مؤكداً أن المستشفى يضاهي في تجهيزاته أي مستشفى حكومي إن لم يكن أفضل. وقال ( المستشفى يتعامل مع كل الحالات التي تأتي إليه ونقوم بإيقاف أي نزيف أو إجراءات لاستقرار الحالات الخطرة، ثم يتم نقلها بحسب الاحتياج إلى المستشفيات المتخصصة، حيث لدينا عشرة مستشفيات خاصة متعاونة معنا تستقبل كل الحالات التي نرسلها إليها ولا يوجد أي تحفظ لأي حالة مصابة ويكون التحويل إلى تلك المستشفيات بطريقة رسمية وبتوقيع وختم رسمي للمستشفى وفي حال تحسنهم تقوم تلك المستشفيات بإعادة الحالات إلينا لمتابعة احتياجاتهم العلاجية ولدينا كشوفات بأسماء المصابين والجرحى والشهداء ) ونوه إلى وجود سبع خيم طبية منتشرة في الساحة يعمل فيها من 300 إلى 400 شخص يومياً كذلك توجد خيمة طبية للتوعية والتدريب في مجال الإسعافات الأولية وكيفية التعامل مع الاختناقات والكسور وإيقاف النزيف ونقل المريض وإنعاش القلب والتنفس وهذا الفريق يقوم بالإسعافات الأولية في الساحة، ثم يتم نقلها إلى المستشفى. ( المستشفى المجاني الأول ) وفي ساحة المستشفى الرئيسية التقينا بطبيبات كن يتنقلن بين المصابين لمتابعة حالاتهم ليتحدثن عن إمكانيات وجاهزية المستشفى، حيث أكدت الدكتورة/ حنان عطرس أن هذا المستشفى هو أول مستشفى مجاني 100% في اليمن، حيث يقدم جميع خدماته كاملة مجاناً، مشيرة إلى أن الصيدلية فتحت بتبرعات من شخصيات وأطباء ومؤسسات خيرية وتم توفير الكثير من الأدوية والمستلزمات الطبية التي يمكن أن تكون غير متواجدة في مستشفيات حكومية، منوهة إلى أن هذا إنما يدل على أن الله يبارك هذه الثورة. وذكرت عطرس أن عند أي احتياجات للمرضى في حالات الطوارئ أو في الحالات الاعتيادية اليومية، يتم توفير الأدوية أو غيرها من المستلزمات الطبية مجاناً ويوجد أيضاً مختبر وبنك للدم مزود بأجهزة حافظة وأجهزة الفحص اللازمة التي يتم التعامل بموجبها مع الدم بشكل صحيح وقالت ( كما يوجد لدينا كادر طبي ممتاز من بروفسورات وماجستير ودكتوراه وبكالوريوس أتوا إلى هنا بدافع إنساني وبدون أي ميول سياسي وأغلبهم مؤمن بالثورة منذ البداية والكثير منهم معتصم هنا من قبل إنشاء المستشفى ) وقالت الدكتورة/ سهام الشامي ( نحن مرتبون ولدينا في كل سرير طبيب وعدد من الممرضات وفي حالات الطوارئ والهجوم على المعتصمين نكون على استعداد تام لمواجهة الحالات الناجمة عن تلك المواجهات، فنتوزع بشكل معروف ومرتب ونكون جاهزين بالإبر والمغذيات والمستلزمات الضرورية في جيوبنا ونتعامل بسرعة كبيرة مع الحالات وهناك غرفتا عمليات جاهزة لجميع الإحتياجات) مشيرة إلى أن أغلب الحالات التي تأتي من الهجمات تكون بمستوى خطير وأكثرها متأثرة بالغازات ثم تأتي الحالات المصابة بالرصاص ويأتي بعدها حالات الضرب بالعصي والخناجر وخلافه، مؤكدة أنه يتم التعامل من قبل المعتدين على المعتصمين بوحشية ظاهرة في مستوى حالات الإصابات تلك. فيما أكدت الدكتورة/ سعيدة فؤاد/ أن الحالات المستعصية يتم نقلها إلى أحد المستشفيات المتعاونة مع المستشفى الميداني بعد تقديم الإسعافات والاستطبابات اللازمة قبل نقلها، نافية ما يشاع من إخفاء المصابين والجرحى وجعلهم يموتون داخل المستشفى الميداني وقالت ( المستشفى بطاقمه مزود بأحدث الأجهزة الطبية والإمكانيات لاستقبال حالات الطوارئ وعند عدم قدرة المستشفى على استيعاب الحالات نقوم بعمل الإسعافات الأولية ثم يتم نقل تلك الحالات إلى المستشفيات المتعاونة معنا
( مشاهد وحكايات مؤثرة ) تعتقد الدكتورة/ حنان أن هناك عمقاً فكرياً كبيراً لدى المعتصمين، متحدثة عن موقف لا تستطيع أن تنساه أبداً، قائلة ( حينما وقف أحد المصابين يقول لزميلتي أثناء مداواتها له ماذا تحبين أن أقول للرسول حينما أقابله، حاولت تهدئته وإخباره بأن حالته مستقرة ولكنه أصر على سؤاله ليعيده لها بوثوق ماذا تريدين أن أخبر الرسول حينما ألقاه ؟ مشيرة إلى أن الشاهد لديهم هو كيفية تكون هذا العمق الفكري وأن ما يقومون به هو جهاد ومستقبل بلد. وأضافت الدكتورة/ سهام إلى قولها بأنه ( تأتينا حالات تكون صعبة جداً ومع ذلك يريد المصاب الاستطباب سريعاً ليعود إلى الساحة مرة أخرى وهناك حالات نقدم لها الإسعافات، يطلب فيها المصاب مننا الذهاب إلى زميله لتقديم المساعدة له لأنه بحاجة لها أكثر منه وهناك من المصابين من يقومون بالاعتناء ببعضهم رغم سوء حالتهم ) ( غازات سامة مثيرة للريبة ) استغربت الدكتورة/ سعيدة من ماهية تلك الغازات المسيلة للدموع التي يتم قذف المعتصمين بها لتأثيرها على تنفس المصاب بها وحدوث التشنجات ودقات القلب السريعة. فيما قالت الدكتورة/ سهام ( بصراحة أنا لا أتوقع بأنها مجرد غازات مسيلة للدموع وذلك لاستمرار أعراضها وتأثيرها على الحالات المصابة بها لعدة أيام ونوهت الدكتورة/ حنان إلى أنه من المعروف عالمياً أن الغازات المسيلة للدموع المسموح بها عالمياً كل ما تقوم به هو تحسس بالعين واهتياج الجهاز التنفسي العلوي بحيث تمنع من المعتصمين أو المتظاهرين الرؤية أو التقدم وبمجرد أن ينتهي الغاز أو ينتقل المصاب إلى مكان آخر ينتهي مفعولها وتعود الحالة المصابة إلى طبيعتها. وقالت ( لكن الحالات التي تأتينا تكون مصابة باختناق شديد وتشنجات وتكون في وضع خطير جداً وأعتقد أنها تصيب الجهاز العصبي وأجزم بأنها ليست مسيلة للدموع فقط ) وأكد الدكتور/ الذرحاني بأنه من خلال الأعراض الجانبية وما هو مكتوب على تلك العلب الخاصة بها يشير إلى أنها أشياء محرمة دولياً وممنوعة ولا يجب استخدامها إلا بموجب القضاء الأميركي وهناك عشرات الأنواع منها تم استخدامه على المتظاهرين ( نداء إنساني ) واختتم الذرحاني حديثه قائلاً نحن نقدم رسالة إنسانة ويجب أن يتفاعل معها الجميع مناشداً رجال الأعمال والخيرين وكل المنظمات والجهات المختلفة أن تقف معهم وتساندهم لأن المستشفى لا يقدم الخدمة فقط للمعتصمين في الساحة وإنما للمقيمين من سكان الحارات الموجودة داخل الساحة والمجاورة لها وكل ذلك بشكل مجاني تماماً، كما يقوم المستشفى بدعم وإرسال القوافل الصحية للمحافظات ك"الحديدة وتعز وعدن وإب وحجة وأبين" ومدهم بالأدوية والمستلزمات الصحية التي هم في أمس الحاجة إليها.. كما دعا الذرحاني جميع المواطنين الشرفاء إلى مد يد المساعدة للمعتصمين عبر دعم مستشفاهم بالمال والمواد الغذائية والملابس حتى المستخدمة إلى منها مشيراً إلى أن المستشفى يقدم للمصابين بالغازات السامة ملابس غير التي كانوا يرتدونها لأنها تكون قد تلوثت بمواد سامة بعد أن يتم غسل المصاب بالماء الدافيء مع مادة الكلوروكس المطهرة والمعقمة والتخلص من تلك الملابس الملوثة، وكون المصابين بالالاف فيكون هناك عجز كبير في توفير الملابس ويتم قبول التبرعات أيضاً بملابس مستعملة لسد هذا الاحتياج، إضافة إلى أن المستشفى يوفر التغذية المناسبة للمرضى وهذا ما يكلف المستشفى الكثير لولا مساعدة الخيرين حسب قوله وهذا الباب يحتاج إلى المزيد من المساعدة.