لا أظن أن من يملكون قرار إدارة شئون كرة القدم اليمنية في البلاد على قناعة بما فعلوه لكي يعود دوران المستديرة في ملاعبنا الذي يصادف اليوم.. فحين يستأنف دوري الأولى في موسم كروي عصفت به الظروف إلى مواقع افتقاده لأقل ما يمكن من أجوائه المعتادة التي بالإمكان أن تمارس فيها هذه اللعبة في بلد مطحون، وفاقد لأبسط المقومات في ظل غياب نظام فاسد بكل ما تحمله الكلمة من معنى!!. فمجرد التفكير في شكل الدوري الذي يعود في أوضاع مأساوية تمر بها البلاد تتناثر فيها طوابير ليس لها مثيل قد تدخل بها (موسوعة جينيز) بسبب أزمة خانقة في المشتقات البترولية.. ليتبادر السؤال (الملح)، وهو "ما الذي سيجنبه الاتحاد من عودة الدوري في أجواء حرب تعيشها البلاد، وتزهق فيها الأرواح من يوم لآخر في مواقع مختلفة، وخصوصا في أبين، حيث تدور حرب طاحنة بين دولة ومجموعات تفوقت فيها الأخيرة؟!!".. سؤال تلقائي غابت عنه الإجابات في مراحل سابقة حين كان الشد والجذب يجمع كل الأطراف لسماع آرائها ومقترحاتها للخروج بحل شافٍ لا يظلم طرف، ولا يمس أخلاق الرياضة التي يجب أن تبقى بعيدا عن العابثين الباحثين عن مصالح شخصية عبر بوابتها!. طبعا.. غابت الإجابة عند أصحاب الشأن لسبب بسيط، وهو أن الخيوط مربوطة بشأن سياسي خالص!, يحاول فيه البعض القفز على الحقيقة لتحقيق مآرب لن يكون لها موقع سوى في خيالهم المريض بمرض السلطة ومواقعها، لتظهر تبعات على الاتحاد نفسه الذي عليه أن يعرف اليوم بأنه في ورطة حقيقية على اتجاهات مختلفة، منها سقوط الأخلاق في التعامل مع حسان المنكوب في أبين!!، والرشيد الذي تزعزعت أحواله في تعز بعدما طلقت اللوائح بالثلاث!!.. ومتجنب – الاتحاد - بذلك فريق شعب حضرموت الذي انطبقت عليه تلك اللوائح في صفحاتها الحقيقية بغيابه مباراتين!.. ثم كان الاتجاه الآخر لتلك التبعات هو اتخاذ نادي الصقر التعزي قراره التاريخي بالانسحاب، وعدم الموافقة على الاستئناف إلا في حال ألغي الهبوط.. انطلاقا من احترامه للآخرين، وتفانيه في خدمة الشأن الرياضي من مساحة صرفة لا تتدخل فيها الأهواء والرغبات الشخصية, إضافة إلى امتناع الجار الأهلي عن العودة إلى الدوري ليدخل الاتحاد في مأزق حقيقي حتى وإن أظهر له من يتواجدون في مواقع القرار، وخصوصا في قيادة وزارة الشباب ورؤساء بعض الأندية الواصلين أنه أمر عادٍ، وسيكون الاتحاد قادرا على التعاطي معه في قادم المراحل ما بعد إنجاز الدوري ومراحله المتبقية التي يعلم الله ماذا وراءها!.. ليبقى الإصرار عليه متعدد الوجهات!. الدوري يعود، وهو فاقد لأي منسوب من الشرعية بعدما أسقطت الأخلاق، وطلقت اللوائح بالثلاث، ثم غابت عنه فرق أربع كان يفترض أن تكون ثمان لولا ضعفاء النفوس في أندية الأهلي والشعب والوحدة من صنعاء واتحاد إب.. وبعد أن هيئة تلك الفرق ظروف عودتها باللاعبين الشبان من خلال قرار عجيب بالسماح للأندية بإضافة ستة لاعبين جدد إلى القائمة.. وكأننا في دوري للفرق الشعبية وليس دوري يمثل واجهة كرة القدم في البلاد!!. في تونس التي وصلت يوما إلى المونديال العالمي، وحيث تمارس كرة القدم الحقيقية، لم يكن أمام أصحاب القرار، وفي ظل ما مرت به البلاد، وما وصلت إليه، وهي أقل بكثير مما هو عندنا، سوى إلغاء الهبوط لكل الدرجات، كنوع من التقدير لأوضاع الأندية التي لا يمكن أن تبقى بمنأى دون تأثر بما يدور، ليظهر الاتحاد التونسي في صورة واعية بعيدا عن المهاترات أو الدخول في صراع لا يخدم الوضع العام.. بينما نحن أصحاب كرة القدم التي على (أد) حالها.. يصر أصحاب القرار على تسييسها ووضعها في اتجاه آخر لن يكون له نتاج سوى النكبات والويلات.. ليخرج لنا أي مسئول أو منتسب ويشرح لنا ظروف وملابسات الإصرار على إعادة الدوري، واستثناء حسان والرشيد، ومن ثم عدم النظر إلى موقف الصقر بطل الموسم الماضي وجاره الأهلي.. وليظهر الشيء الذي لم نراه لنقف مع ذلك، وندرك بأنهم خارقون.. بشرط شرح البنود التي تم التعامل معها في موضوع حسان المنكوب بحرب شاملة، ثم الرشيد الذي غاب في يوم سقط فيه ما يقارب مئة شهيد بالرصاص الحي!. مازال أمام الاتحاد وقيادته فرصة سانحة للعودة إلى الصواب، فإذا كان لا بد من عودة الدوري بفرق الشباب بعد أن سرحت الأندية لاعبيها ومدربيها، فليكن ذلك مع إلغاء الهبوط، وحينها سنقنع حسان أن يجمع لاعبيه النازحين إلى محافظات أخرى في مدرسة واحدة يكون بها ملعب للممارسة بعض التمارين التي يستطيعون من خلالها إسقاط واجب الإكمال المهمة.. فرصة تكتسي عباءة المسئولية تجاه كل الأندية في دوري الأولى دون تمييز لألوانها أو لمن يقودها.. عودة الدوري لن تكون سوى مساحة عارٍ في وجه الاتحاد، ثم الأندية التي ارتضت لنفسها أن ترقص على أوجاع الوطن وأزماته ودماء شبابه التي سالت لأنها آمنت بهدف سامٍ.