طرائف ونوادر اخترتها ليتروح بها الخاطر ويسمر بها السامر ويتحدث بها الجالس فيبتسم منها العابس ويتفكر فيها الذكي ويستفيد الغبي فإلى الطرائف والنوادر : قوم هم الأنف بيت شعري يرفع وبيت آخر يضع !!! أما البيت الذي رفع فنحكي لكم مثالا له الآن : فقد كان بنو أنف الناقة، يفرقون من هذا الاسم، حتى إن الرجل منهم يسأل: ممن هو؟ فيقول: من بني قريع، فيتجاوز جعفراً أنف الناقة بن قريع بن عوف بن مالك ويلغي ذكره فراراً من هذا اللقب، إلى أن نقل الحطيئة واسمه جرول بن أوس جدهم وهو بغيض بن عامر بن لؤي بن شماس بن جعفر أنف الناقة من ضيافة الزبرقان بن بدر إلى ضيافته - بحيلة طريفة نذكرها في حلقة قادمة - وأحسن إليه فقال: سيري أمام فإن الأكثرين حصاً ... والأكرمين إذا ما ينسبون أباً قوم هم الأنف، والأذناب غيرهم ... ومن يساوي بأنف الناقة الذنباً؟ فصاروا يتطاولون بهذا النسب ويمدون به أصواتهم في جهارة. وإنما سمي جعفر أنف الناقة لأن أباه قسم ناقة جزوراً ونسيه، فبعثته أمه ولم يبق إلا رأس الناقة، فقال له أبوه: شأنك بهذا، فأدخل أصابعه في أنف الناقة وأقبل يجره، فسمي بذلك. وأما البيت الذي وضع فنحكي قصته غدا . فإن شئت فاضرب قال أبو بكر محمد بن واسع، وعبد القاهر بن السري السلميان : كان منا - من بني حرام بن سمال - شويعر هجا الفرزدق، فأخذناه فأتيناه به فقلنا، ها هو ذا بين يديك، فإن شئت فاضرب، وإن شئت فاحلق، لا عدوى عليك ولا قصاص، قد برئنا إليك منه. فخلى عنه وقال: فمنْ يَكُ خائفاً لأَذاةِ شِعْرِي ... فقد أَمِن الهِجَاءَ بنو حَرَامِ هُمُ قَادُوا سَفِيهَهُمُ، وخافُوا ... قَلائِدَ مثلَ أطْوَاقِ الحمامِ فقدان الدقيق أكبر مصيبة قال محرز بن جعفر الكاتب : قال لي إبراهيم بن سيابة – شاعرعباسي - : إذا كانت في جيرانك جنازة وليس في بيتك دقيق فلا تحضر الجنازة، فإن المصيبة عندك أكبر منها عند القوم، وبيتك أولى بالمأتم من بيتهم !! أيكما الشعبي؟ دخل رجل على الإمام الشعبي وامرأته معه فقال: أيكما الشعبي؟ فقال الشعبي: هذه، وأشار إلى المرأة، فقال: ما تقول في رجل شتمني في أول يوم من رمضان أيؤجر على ذلك أم لا ؟ فقال الشعبي: أما إن قال لك: يا أحمق فأرجو أن يكون له في ذلك الأجر العظيم. غَضْبانَ أن لا نلِدَ البَنِينا تزوّجَ شيخ من الأعراب جارية من رهطه، وطَمِعَ أن تلِدَ له غُلاماً فولدتْ له جاريةً، وبعدها جارية فهجَرَها وهجر منزلها، وصار يأوِي إلى غير بيتِها، فمرَّ بخبائها بعد حولٍ وإذا هي ترقّص بُنَيَّتَها منه وهي تقول: ما لأبِي حَمزَةَ لا يَأْتينا ... يَظلُّ في البيتِ الذي يَلِينا غَضْبانَ أن لا نلِدَ البَنِينا ... تَاللَّهِ ما ذلكَ في أيْدِينا وإنَّما نأْخُذُ ما أُعْطِينا فلما سمع الأبيات مرَّ الشيخُ نحوهما حُضْراً حتى ولَج عليهِما الخباء وقبّل بنيَّتَها وقال: ظلمُتكما وربِّ الكعبة . من غلب الجاحظ ؟ قال الجاحظ ما غلبني أحد قط إلا رجل وامرأة فأما الرجل فإني كنت مجتازاً في بعض الطرق فإذا أنا برجل قصير بطين كبير الهامة طويل اللحية متزر بمئزر وبيده مشط يسقي به شقه ويمشطها به فقلت في نفسي رجل قصير بطين فاستزريته فقلت أيها الشيخ قد قلت فيك شعراً فترك المشط من يده وقال: قل، فقلت: كأنك صعوة في أصل حش ... أصاب الحش طش بعد رش (1) فقال لي : اسمع جواب ما قلت . فقلت : هات فقال: كأنك بعرة في ذنب كبش ... يدلدل هكذا والكبش يمشي وأما المرأة فكنت مجتازاً ببعض الطرقات فإذا أنا بامرأتين وكنت راكباً على حمارة فضرطت الحمارة فقالت إحداهما للأخرى : واه !! حمارة الشيخ تضرط !! فغاظني قولها فقلت لها إنه ما حملتني أنثى قط إلا وضرطت فضربت بيدها على كتف الأخرى وقالت كانت أم هذا منه تسعة أشهر على جهد جهيد. الهامش (1) الصَّعْوَةُ صِغارُ العصافير وقيل هو طائرٌ أَصغرُ من العصفور وهو أَحمر الراس و الطَّشُّ من المطر فوق الرِّكّ ودون القِطْقِط وقيل أَولُ المطر الرَّشّ ثم الطَّشّ ومطر طَشٌّ وطَشِيشٌ قليل والحش أَسفل مواضع الطعام من الأَمْعاء فكَنَى به عن الأَدْبار . فهو شبهه بالطائر الذي يقف في مؤخرة بعض الحيوانات ويأكل مما يخرج منها. ( [email protected] )