لم اشعر بنفسي إلا وأنا لا استطيع الحركة، قلبي لازال ينبض إلا أن نبضاته خافتة ومائلة للاختفاء، اشعر وكأن دمي لا يسري في عروقي، وجهازي العصبي وعقلي كأنه شبه مشلول، أردت أن أحرك يداي لم استطع، ذابت أناملي في جوف عظام أصابعي، أصابع قدماي أيضا خانتني لم تتحرك، قلت في قرارة نفسي سأفتح عيناي، فجفت جفناي، سأتحدث فمكث لساني في مكانه ساكناً سكون الجبال، أسناني مطبقة، حاجباي متخشبة، جسدي لا يقوى على الحركة أردت أن ابكي لا دموع، وأنا مازلت لا اعرف ماذا حل بي.. فجأة جاء ابني وقبلني على رأسي وتنهد فشفتيه طبعت على جبيني بحزن وهو لم يعتاد على تقبيلي في جبيني ولا يقبلني سوى في المناسبات على خدي ورأسي، وعصف بجانب أذني صوت زوجتي وهي تقول كم سأشتاق إليك ودموعها الحارة تتناثر على وجهي وهي تشدني من قميصي وتقول لا تتركني وتصرخ، وسمعت أيضا أصوات رجال منهم صوت أخي وأبناء عمومتي، تمنيت أن اسمع صوت ابنتي أو أحفادي الذين منعهم أبيهم من زيارتي لاختلافي معه بالرأي، وبعض أصوات لم اعرفها، سكبوا عليَّ ماءً، وبدأوا بغسلي وأصوات البكاء تتعالى رفعوني من على السرير، أخذوني، سمعت احدهم يقول سنصلي عليه الآن، حينها ايقنت بأنني سأذهب لمثواي الأخير إلى حياة البرزخ.