طرائف ونوادر اخترتها ليتروح بها الخاطر ويسمر بها السامر ويتحدث بها الجالس فيبتسم منها العابس ويتفكر فيها الذكي ويستفيد الغبي فإلى الطرائف والنوادر : قبيلة لا يغدرون بذمة بنو العجلان، كانوا يفخرون بهذا الاسم لقصة كانت لصاحبه في تعجيل قرى الأضياف، إلى أن هجاهم به الشاعر النجاشي فضجروا منه، وسبوا به، واستعدوا عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقالوا: يا أمير المؤمنين هجانا، فقال: وما قال؟ فأنشدوه: إذا الله عادى أهل لؤم ورقة ... فعادى بني عجلان رهط ابن مقبل فقال عمر بن الخطاب: إنما دعا عليكم ولعله لا يجاب، فقالوا: إنه قال : قبيلة لا يغدرون بذمة ... ولا يظلمون الناس حبة خردل فقال عمر رضي الله عنه: ليت آل الخطاب كذلك قالوا: فإنه قال: ولا يردون الماء إلا عشية ... إذا صدر الوراد عن كل منهل فقال عمر: ذلك أقل للسكاك، يعني الزحام، قالوا: فإنه قال: تعاف الكلاب الضاريات لحومهم ... وتأكل من كعب بن عوف ونهشل فقال عمر: كفى ضياعاً من تأكل الكلاب لحمه، قالوا: فإنه قال: وما سمي العجلان إلا لقولهم ... خذ القعب واحلب أيها العبد واعجل فقال عمر: كلنا عبد، وخير القوم خادمهم، فقالوا: يا أمير المؤمنين هجانا، فقال: ما أسمع ذلك، فقالوا: فاسأل حسان بن ثابت، فسأله فقال: ما هجاهم ولكن سلح عليهم، فلما قال حسان ما قال سجن النجاشي، وقيل: إنه حده. لا أهجو شاعراً هذا شعره هجا الأحوص بن محمد الأنصاري رجلاً من الأنصار يقال له ابن بشير وكان مكثراً فاشترى هدية، ووفد بها على الفرزدق مستجيراً به، فأجاره، ثم قال: أين أنت من الأحوص بن محمد؟ فقال: هو الذي أشكو، فأطرق الفرزدق ساعة ثم قال: أليس الذي يقول : ألا قف برسم الدار فاستنطق الرسما ... فقد هاج أحزاني وذكرني نعمى قال: بلى، قال: والله لا أهجو شاعراً هذا شعره، فاشترى ابن بشير أنفس من الهدية الأولى وقدم بها على جرير، فاستجاره فأجاره، ثم قال له : ما فعل ابن عمك الأحوص بن محمد؟ قال: هو صاحبي الذي هجاني، قال: أليس القائل : تمشى بشتمي في أكاريس مالك ... يشيد به كالكلب إذ ينبح النجما قال: بلى، قال: والله لا أهجو شاعراً هذا شعره، فاشترى أكثر من الهديتين وأهداها إلى الأحوص وصالحه. الشعراء ثلاثة لقي رجل آخر فقال له: إن الشعراء ثلاثة: شاعر، وشويعر، وماص بظر أمه، فأيهم أنت؟ قال: أما أنا فشويعر، واختصم أنت وامرؤ القيس في الباقي. فمال من آكل ؟ قال يوسف بن عمر والي العراق - قتل 126ه - لرجل ولاه عملاً: يا عدو الله، أكلت مال الله، فقال له: فمال من آكل ؟! منذ خلقت وإلى الساعة والله لو سألت الشيطان درهماً واحداً ما أعطانيه. أثقب اللؤلؤ !! دخل يزيد بن منصور الحميري على الخليفة العباسي المهدي وبشار بن برد الشاعر الاعمى بين يديه ينشده قصيدة امتدحه بها، فلما فرغ منها أقبل عليه يزيد من منصور وكان فيه غفلة فقال: يا شيخ ما صناعتك ؟ قال: أثقب اللؤلؤ، فضحك المهدي ثم قال لبشار: أعزب، أتتنادر على خالي ؟ فقال: وما أصنع به يرى شيخاً أعمى ينشد الخليفة شعراً يسأله عن صناعته. افرنقعوا عني ( عيسى بن عمر كان من المبرزين في اللغة والأدب لكنه كان يتقعر في الكلام ومن جملة تقعيره في الكلام أنه سقط عن حمار له، فاجتمع عليه الناس، فقال: ما لكم تكأكأتم علي تكأكؤكم على ذي جنة، افرنقعوا عني ) معناه: ما لكم تجمعتم علي تجمعكم على مجنون، انكشفوا عني. طفيلي مسافر صحب طفيلي، رجلاً في سفر، فقال له الرجل: امض فاشتر لنا لحماً. قال: لا و الله، ما اقدر، فمضى هو فاشترى. ثم قال له: قم فاطبخ. قال: لا أحسن، فطبخ الرجل. ثم قال له: قم فاثرد. قال: أنا و الله كسلان، فثرد الرجل. ثم قال له: قم واغرف. قال: أخشى أن ينقلب على ثيابي، فغرف الرجل. ثم قال له: قم الآن، فكل. قال الطفيلي: قد والله استحييت من كثرة خلافي لك. و تقدم فأكل . يا فؤادي فازدجر عنه كان بالكوفة رجل يكنى أبا الشعثاء، عفيفاً مزاحاً، وكان يدخل على سراة أهل الكوفة، فمزح مع جارية لبعضهم وأخبرها أنه يهواها، وكانت شاعرة ظريفة، فقالت: لآبي الشعثاء حب باطنٌ ... ليس فيه تهمة للمتهمْ يا فؤادي فازدجر عنه وإن ... عبث الحب به فاقعد وقمْ جاءني منه كلام صائبٌ ... ورسالات المحبين الكلم صائد تأمنه غزلانه ... مثل ما تأمن غزلان الحرم صل إن أحببت أن تعطى المنى ... يا أبا الشعثاء لله وصمْ ثم ميعادك بعد الموت في ... جنة الخلد إن الله رحمْ حيث نلقاك غلاماً ناشئاً ... كاملا قد كملت فيك النعم writer w [email protected]