أدى مئات الآلاف من أبناء محافظة تعز يوم أمس صلاة جمعة " النصر لشامنا ويمننا " في ساحة الحرية في المدينة وفي 7 ساحات أخرى في العديد من مديريات المحافظة. وعقب صلاة الجمعة هتفت جموع المصلين بالنصر لليمن وسوريا، منددين في ذات الوقت بالبيان الصادر عما أسموها " جمعية علماء صالح " لما يحمله من دعوة للحرب والاقتتال، منوهين إلى أن مثل هكذا بيان لا يصدر إلا عن الأمن القومي وليس عن علماء اليمن. وتميزت جمعة الأمس بساحة الحرية بحضور كبار علماء المحافظة الذين أقعدهم المرض والشيخوخة في منازلهم, وأشار العلماء إلى أن حضورهم يعد أقل واجباً للرد عن البيان الصادر من صنعاء. بدوره تطرق خطيب الجمعة إلى اختلاط المفاهيم الصحيحة بالخاطئة لتصبح البطولة لمن يجيد قاعدة الكذب والاحتيال وقتل الأبرياء. وانتقد الخطيب بيان جمعية علماء اليمن مخاطباً إياهم : ( يا علماء جمعية علماء الصالح إن السفاح لا يحتاج إلى فتوى بل يحتاج إلى شركاء في جرائمه، يحتاج إلى شركاء في أعمال القتل وسفك الدماء، يحتاج إلى شركاء في تدمير اليمن أرضاً وإنساناً، يحتاج شركاء في حربه التي سيقودها ضد الشعب اليمني ). ولفت الخطيب إلى أن الرجولة ليست بأعمال القتل والتنكيل والتدمير وقصف المساكن والأحياء وترويع النساء والأطفال، بل أنها تكمن في الخضوع للحق والابتعاد عن الباطل بالإصغاء لصوت العقل ومنطق الحكمة وليست للإصغاء لصوت الدبابات والمدافع. وذكَّر الخطيب جموع المصلين بما قاله أبو الأحرار الشهيد محمد محمود الزبيري (إن الركوع للبشر هي كالركوع للأحجار وهي قمة الاستعباد)، مردفا أن ركوعنا لن يكون إلا لله. وتأتي صلاة جمعة الأمس بعد يوم من اشتباكات عنيفة شهدتها ساحة الحرية بين مسلحين مواليين للثورة وقوات موالية للنظام, ووفقاً لشهود عيان فقد حاولت الأخيرة اقتحام ساحة الحرية أو التمركز عند المدخل الجنوبي للساحة من أمام مدرسة الشعب كما حاولت قوات أخرى في نفس التوقيت الدخول من جولة زيد الموشكي ومنطقة كلابه غير أن مقاومة حماة الثورة حال دون ذلك مما أجبر المهاجمين على التراجع وتكبيدهم خسائر فادحة في العدة والعتاد. إلى ذلك أدى القصف العنيف الذي طال عدة أحياء بالمحافظة ليلة أمس الأول إلى استشهاد الشاب خالد أحمد سلام (38) عاماً من أبناء مديرية المواسط بعد إصابته بثلاث طلقات نارية، فيما جرح كل من: عبد العزيز أحمد سعيد وعيسى سعيد محمد و نبيل ثابت أحمد عقلان وعزام عبده فرحان علي وهائل سعيد محمد. كما استشهد المواطن طارق احمد دبوان في حادث منفصل بعد أن دهسته دبابة تابعة لقوات بقايا النظام بالقرب من بئر باشا. وكانت عمليات المداهمة التي شهدتها تعز أمس الأول قد أسفرت عن اعتقال الدكتور أمين المشرقي وخمسة من أفراد أسرته من منزلهم مما أثار الخوف لدى أهل بيته. ونفذ عشرات الآلاف من شباب الثورة بالمحافظة أمس الأول وقفتين احتجاجيتين الأولى في وادي القاضي عند المدخل المؤدي إلى المجمع القضائي احتجاجاً على تحويل المجمع القضائي من رمز للعدالة إلى مكان لقتل الناس وقصف الأحياء السكنية، فيما نفذت الوقفة الثانية أمام مستشفى الروضة للتنديد باستهداف حي الروضة بصورة مستمرة، كما شكر المتظاهرون الأطباء وممرضي مستشفى الروضة الذين يبذلون كل جهدهم لإنقاذ الجرحى الواصلين إليه. من جانب آخر اصدر علماء تعز بيان حول الفتوى الأخيرة التي صدرت مؤخراً والمتعلقة بمسار الثورة السلمية باليمن وأشار البيان الذي حصلت "أخبار اليوم" على نسخة منه إلى أن الله قد أخذ على العلماء واجب البيان للناس وفريضة إظهاره والإعلام به ولما تعيشه بلادنا اليمن اليوم من وضع يطالب فيه الشعب بالتغيير سلمياً ورفض السلطة الاستجابة لهذه المطالب الشعبية المشروعة وسعيها لجعل العلماء الذين هم ورثة الأنبياء مطية لمآربها باستصدار الفتاوى منهم أو من بعضهم تجيز للحاكم سفك الدماء وقتل النفس التي حرمها الله وترويع الآمنين وتدمير القرى والمنازل والأحياء السكنية وتخريب الممتلكات أو نهبها. وقال علماء محافظة تعز أنهم يبرأون إلى الله ممن يوقع على فتوى أو بيان يفهم منه ولو شطر كلمة تبيح الدماء وتسترخص الأرواح المحرمة، مشيرين إلى ان الوقوف في وجه الحاكم الظالم ونهييه عن ظلمه وغيه أو عزله بالطرق السلمية واجب شرعا على جميع أفراد الأمة ومن باب أولى العلماء. وأهاب بيان علماء تعز بكل علماء اليمن الوقوف بصراحة ووضوح ضد هذه الرغبات الخبيثة التي تريد استدراج بعض أو آحاد العلماء لتلبية تلك المساعي الشريرة والنزعات المحرمة وعلى العلماء واجب قول كلمة الحق والجهر بها قال رسول الله ( سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله ) صحيح الإسناد. بل إن واجب النصح اليوم أن يقول العلماء كلمتهم بضرورة أن يستجيب الحاكم لمطالب الشعب ويعلن صراحة تنحيه عن السلطة، فإن في ذلك حقن الدماء وإصلاح الأمور إن شاء الله تعالى.وحفظ الله البلاد من كل سوء ومكروه.