كان يتقدم المسيرة بحماسة منقطعة النظير رجل مسن كتب على جبهته "غراب الأسرة" في إشارة إلى على صالح،لم يغير هتافه من أول المسيرة إلى أخرها للإصرار على مطلبه الوحيد الذي يتلخص فيه مطالب الثوار وهو إعدام السفاح وبصوته الجهوري كان يهتف " الإعدام الإعدام أيش مطلبك " ويردد خلفه مئات الآلاف من شباب الثورة بصوت واحد "الإعدام ". وفي القاع حيث مركز البلاطجة وانتشار المظاهر المسلحة بكل أنواعها الخفيفة والثقيلة حياء شباب الثورة جنود الأمن المركزي والحرس الجمهوري وأبناء الحي الشرفاء وطالبوهم برصد البيوت التي يتخذ منها البلاطجة متارس للاعتداء على شباب الثورة. "شكرا لسمية مسيرتكم شكرا للحفاظ على الممتلكات الخاصة والعامة لا للفوضى" بهذه الكلمات استقبل جنود الأمن المركزي بمكبرات الصوت شباب الثورة في منطقة القاع وكأن الالتزام المتظاهرين بالسمية مقياس بواسطته يتم معاملتهم في محاولة للتبرير مجازرهم السابقة في حق المتظاهرين. قذيفة ونافذة وأطفال لفت نظري إلى نافذة يطل الأطفال منها للتحية شباب الثورة رغم تكرر هذا المشهد في المسيرة الواحدة أكثر مئات المرات لكن الغريب في المشهد وجود أثار قذيفة على جدار البيت وبالقرب من النافذة التي كانوا متواجدين فيها الأطفال لإلقاء التحية على شباب الثورة، ربما سقطت بدافع اغتيال جماعي لهؤلاء الأطفال الذين خرجوا لاستقبال اليمن الجديد استطاعت القذيفة أن تشوه جدار منزلهم لكنها لم تستطع أن تشوه فطرتهم التي ترى في الثورة يمن جديد،وفي الثوار المواطنة المتساوية وفي هتافاتهم سلمية بحته عصية عن التطويع رغم كل الوسائل المتمثلة في انتهاكات لجرها إلى العنف. استمر الأطفال من على النافذة في هتافهم وتحية المتظاهرين واستمر المتظاهرين في تكريمهم بالورود حتى غابت المسيرة على الأنظار. فريقين من الأطفال يلعبون كرة قدم يختلفون في المباراة ويتفوقون على استقبال المتظاهرين وفي طريق المسيرة بن شارع هائل وساحة التغيير لفت انتباهي مجموعة من الأطفال كانوا يلعبون كرة قدم ولمجرد سماعهم دوي ترديد الهتافات على بعد عشرات الأمتار توقفوا عن اللعب وعمدوا إلى أحد البيوت المطلة على الشارع ليهتفوا بصوت واحد "لا حصانة لا ضمانة يتحاكم صالح وأعوانه" كانوا قبل المسيرة منقسمين إلى فريقين في اللعب الكرة وبما كانوا يرددون هتافات متعددة لتشجيع كلا منهم فريقه، لكن أثناء المسيرة جمع هتافهم حب اليمن مثلما يجمعهم في الأهداف والمصالح والمستقبل هكذا كان استقبال الفريقين من الأطفال الذين كانوا يلعبون كرة القدم على أحد الشوارع الفرعية قرب شارع هائل. تاجر يفرغ ماء بداخل متجره من "ماء" ليروي عطش المتظاهرون، عندما تخرج في مسيرة لا داعي لدهشة عندما تشاهد تلك المواقف القوية والمتنوعة، يجب عليك أن تستحضر في عقلك قبل الخروج كل الأشياء المتعلقة بالاستقبال والحفاوة من قبل الأحياء التي تمر بها المسيرة، كل ما يقابلك في الطريق مفرح ومبشر بالنصر، حتى تلك المظاهر المسلحة التي وضعها النظام للاعتداء على المتظاهرين هي أيضاء تبرز قوة مطالبهم وضعف تمسكه. هذا تاجر أفرغ ثلاجته التي كانت تحتوي على عشرات الدبب من المياه المعدنية "شملان وحدة" للتوزيع على المتظاهرين. وقف عند هذه البقالة كل المصورين لتسجيل الحدث وتوثيقه بالصوت والصورة، ووقف عنده معظم الشباب في مهمة تلبية الدعوة لهم من التاجر الثائر.