إدارة أوباما: الحكومة اليمنية خدعتنا بمعلومات مغلوطة أدت إلى قتل الشبوانيخدعتنا نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عن قادة كبار في الجيش - الأميركي الذين أشرفوا على ضربات صاروخية في الخامس من مايو العام الماضي ضد أهداف يعتقد أنها لتنظيم القاعدة أدت إلى مقتل مسؤول حكومي يمني كبير بمنصب نائب محافظ مأرب الشهيد/ جابر الشبواني – نقلت عنهم أن المعلومات التي بنيت عليها تلك الضربات معلومات استخبارية مظللة قدمتها الحكومة اليمنية، وأنهم بذلك قد تعرضوا لخديعة من الحكومة اليمنية. ونسبت الصحيفة لمسؤولين في البنتاجون الأميركي اعتقادهم أن هدف الحكومة اليمنية بتلك المعلومات المغلوطة كان بنية قتل الشبواني. ونقلت الصحيفة عن أحد المسؤولين في الإدارة الأميركية - الذي شارك في مناقشات على مستوى عالٍ في هذا الموضوع في إدارة أوباما - "نعتقد أنه تم اللعب بنا"، وقالت الصحيفة الأميركية "هذه الحادثة تعد من أهم الحوادث التي كشفت واحدة من أخطر الثغرات في حملة إدارة أوباما لمكافحة الإرهاب، كما أنها تكشف عن حقيقة سنوات من التوترات خلف الكواليس بين الإدارة الأميركية والرئيس اليمني". كما نسبت الصحيفة لمسؤولين أميركيين تأكيدهم بأن الظروف المحيطة بالضربة الصاروخية التي صار ضحيتها الشبواني لا تزال غامضة وليس واضحاً إذا ما كان هناك فعل متعمد في إرسال تلك المعلومات المظللة. وأضافت: "ومع ذلك فإن المسؤولين الأميركيين يتفقون على أن الحادث أثار مخاوف جديدة للإدارة الأميركية حول ما تعرفه أميركا من المستهدفين الذين قتلوا في غارات شنت بين ديسمبر 2009 وما يو2010". وقالت الصحيفة: "إن العلاقة بين أسرتي صالح والشبواني متشابكة، جابر الشبواني ووالده قاتلا إلى جانب قوات صالح خلال الحرب الأهلية اليمنية في التسعينات، حيث ساعدا الرئيس على هزيمة اليمن الجنوبي الشيوعي آنذاك وتوحيد البلاد، في عام 2010، صالح عين الشبواني نائباً لمحافظ مأرب. يقول عدد من أقارب الشبواني ويمنيين آخرين إن جابر كان في عداوة خلال الأشهر التي سبقت الهجوم القاتل مع أعضاء بارزين من أسرة الرئيس صالح، وشكا سكان مأرب من عدم وجود المدارس والمرافق الخدمية وغيرها من البنية التحتية وفي كيفية تقاسم عائدات النفط المستخرج من مأرب". ونقلت عن والد جابر، الشيخ/ علي الشبواني، إن الحكومة اليمنية رتبت لإرسال جابر الشبواني في مهمة غير رسمية لمقابلة أعضاء من القاعدة في مأرب في محاولة لإقناعهم بالتخلي عن المنظمة الإرهابية. من جانبهم نظر المسئولون الأميركيون إلى تلك المفاوضات بعين الريبة، خشية من أن يبرم صالح صفقات مع متشددي القاعدة بدلااً من محاربتهم بحسب الصحيفة . وقال مسئولون سابقون وحاليون في الجيش الأميركي: إنه لم يكن لديهم إطلاع على مثل هذه المهمة, مع ذلك فإنهم تلقوا معلومات استخبارية من حكومة صالح عن اجتماع وشيك لقادة القاعدة. منذ ديسمبر 2009، شنت قيادة العمليات الخاصة المشتركة التابعة للجيش الأميركي عدداً قليلاً من الهجمات على التجمعات المشتبه فيها الانتماء للقاعدة في اليمن, ويقول مسئولون أميركيون إن معظم المعلومات الاستخبارية لمثل هذه الهجمات كانت مقدمة من حكومة صالح، التي كانت على تشاور مع الجيش الأميركي قبل كل عملية من عمليات مكافحة الإرهاب. وقال المسئولون: إن معلومات الولاياتالمتحدة في ذلك الوقت كانت ضئيلة على الأرض حتى يتسنى لها تأكيد هذه الأهداف. وبناء على المعلومات المتوفرة للولايات المتحدة حول اجتماع 25 مايو، صادق البيت الأبيض وقادة الجيش والسفير الأميركي لدى اليمن على شن الضربة الصاروخية, ويقول أقارب الشبواني إنه عندما انتهى الاجتماع، قتل صاروخ أميركي الشبواني وخمسة آخرين على الأقل من قبيلة شبوان. وقال أحد المشاركين في مناقشات البيت الأبيض: إن الولاياتالمتحدة كانت مقتنعة في البداية بأن الهجوم قد ضرب أهدافاً للقاعدة كما كان مخططاً له. ووفقاً للمسئول الأميركي فإن البيت الأبيض بعد العملية بساعات كان مستغرباً عندما علم بأن الضربة قد قتلت الشبواني, وقال المسئول ذاته إنه في حين أن الولاياتالمتحدة لم يكن لديها أدلة دامغة على أن الحكومة اليمنية استهدفت الشبواني، فإن إغفال اسمه من تفاصيل المعلومات الاستخبارية قد أثار الشكوك. كما قال المسئول الأميركي إن وجود ضابط للمخابرات اليمنية في موقع الهجوم أضاف شكوكاً بأن الحكومة اليمنية كانت تعرف بوجود الشبواني في المكان, في ذلك الوقت أعتقد المسئولون الأميركيون بأن ضابط المخابرات قد قتل أيضاً في الهجوم, لكن أقارب الشبواني ومسئولين محليين يقولون إن ضابط المخابرات اليمني نجا من الهجوم. وأضاف: وسرعان ما اتضح لواشنطن بأن الهجوم قتل شخصاً إلى جانب هدفها المنشود حيث طالب كبير مستشاري أوباما في مكافحة الإرهاب جون برينان بغضب تفسيرات عن ذلك في إشارة إلى غضب برينان. قال أحد كبار المسئولين الأمريكيين "كان سكراناً". أراد برينان أن يعرف إذا كان هناك خطأ ولماذا كان نائب محافظ يلتقي مع نشطاء من تنظيم القاعدة. وقال مسئول أميركي آخر: "كان برينان يريد أن يعرف إذا كان هناك خطأ حتى نتمكن من اتخاذ الإجراءات التصحيحية والتعامل مع التداعيات". وقال مسئول يمني رفيع المستوى في واشنطن إن جابر الشبواني لم يخبر أحداً في الحكومة بأنه سيكون في الموقع الذي حدث فيه الهجوم، وقال المسئول اليمني: "لم يخبرنا، فقد ذهب إلى هناك في نفس وقت الهجوم". والد الشبواني يشكك في ذلك، وقال الشيخ علي - في مقابلة عبر الهاتف - "الحكومة كانت على علم بمهمة جابر في التفاوض مع بعض العناصر الإرهابية، لأنها أرسلته إلى هناك". بعض كبار المسئولين في إدارة أوباما لا يشككون في الضربة، فبينما يعترفون بأن مقتل نائب المحافظ كان خطأ، إلا أن هؤلاء المسئولين يقولون إن أنشطته كانت مشبوهة ويلاحظون أن له اتصالات مع متشددين مطلوبين. ويقول أقارب الشبواني ومسئولون محليون إن جابر الشبواني لم يكن حليفاً للقاعدة في شبه الجزيرة العربية، مع ذلك يقول الشيخ علي إن أحد أبناء عمومة جابر، عايض الشبواني، كان أحد أعضاء القاعدة المطلوبين وقد تم استهدافه مرتين على الأقل في ضربات أميركية، لكنه نجا في الضربتين. وقال مسئولون أميركيون سابقون وحاليون إن الجيش الأميركي لم يحقق في مقتل الشبواني لأنه لم يكن ممكناً إرسال محققين أميركيين إلى موقع الهجوم وقال أحد المنسقين للعملية: "ليس فقط أننا لم نتمكن من التحقق من هو المُستهدف قبل العملية، بل إننا لم نتمكن من التحقق بعد العملية عما حدث فعلاً على الأرض"، مضيفاً بأن الولاياتالمتحدة "أصرت على اليمنيين أن يعودوا إلى الموقع ويخبرونا عما حدث هناك" لكنها لم تتلقى أي رد. في أعقاب الهجوم، دافع بعض المشاركين في مناقشات مجلس الأمن القومي عن قيادة العمليات الخاصة المشتركة في تنفيذها للعملية وفقاً للمعايير التي حددها البيت الأبيض، لكن آخرين انتقدوا عملية التدقيق للمستهدفين التي جعلت القوات تعتمد على المخابرات اليمنية. وقال مسئول سابق في المخابرات الذي شارك في الموضوع: "اتضح أننا لم نكن نعرف جميع من كانوا في الاجتماعات اليمنية، بصراحة، قيادة العمليات الخاصة المشتركة لم تكن تتواصل بسرعة كما كان ينبغي". وقال مسئول آخر إن الضربة أظهرت أن الولاياتالمتحدة كانت "ضعيفة أمام ما يقوله اليمنيون، (أوه، هذا رجل سيئ، اذهبوا واقتلوه. إنه سياسي سيء)". بعد هذه الضربة غير المتقنة، تحرك البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية إلى تعزيز قدراتهم الاستخبارية في المنطقة، موجهين الأقمار الصناعية للمراقبة ومحركين طائرات بدون طيار إلى قاعدة سرية قريبة من اليمن. قيادة العمليات الخاصة المشتركة استأنفت ضرباتها في شهر مايو، هذه المرة باستخدام طائرات بدون طيار مسلحة فضلاً عن طائرات بطيار. كما دشنت وكالة المخابرات المركزية برنامجها لطائرات بدون طيار في أجواء اليمن في سبتمبر بشن هجوم ناجح على أنور العولقي، رجل الدين الأميركي المتشدد. وفي الوقت نفسه، رفض البيت الأبيض مقترحات مقدمة من الوكالة وقيادة العمليات بتوسيع كبير في مساحة الذين يمكن استهدافهم بحيث تشمل عناصر القاعدة من المستويات الأدنى وكذلك أنصارها الآخرين. وقد تم تشديد الإجراءات، بما يتفق مع المتغيرات الطارئة على برامج مكافحة الإرهاب الأميركي في الصومال وباكستان التي ضيقت القوائم المستهدفة لاعتبارات دبلوماسية. وقال أحد المشاركين في المناقشات: "أصبح من الصعب الحصول على تراخيص الاستهداف. برينان يريد أن نتأكد بأننا لن نقع ألعوبة مرة أخرى". الجدير بالذكر أن نشر مثل هذه المعلومات من قبل الإدارة الأميركية يدفع بالوضع المأزوم في اليمن نحو دائرة الانفجار، خاصة وأن هذه الحادثة التي صار ضحيتها الشيخ/ جابر الشبواني تزيد من حدة السخط المتراكم أصلاً تجاه الأجهزة الأمنية والمسؤولين عن ملف محاربة الإرهاب، خاصة وأن لجنة التحقيق الحكومية التي شكلت للتحقيق في ملابسات الحادث لم ترفع أي تقرير ولم تعلق عن أي نتائج حول الحادثة والتي كانت برئاسة نائب رئيس الوزراء السابق/ رشاد العليمي.