تعيش مدينة تعز هذه الأيام وضعاً أمنياً سيئاً.. تزايدت فيه حمى الصراعات المسلحة بشكل لافت فيما يطلق عليه حرب الأراضي، والسطو على سيارات المواطنين وممتلكاتهم وسقوط عشرات القتلى والجرحى في الوقت الذي يفترض أن تختفي المظاهر المسلحة من المدينة نهائياً بعد أن اتجهت الأوضاع نحو التهدئة وعاد الجيش إلى ثكناته العسكرية وبدأت ملامح اليمن الجديد تتضح من خلال تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وأصبح الجميع يحث الخطى نحو صبيحة الحادي والعشرين من فبراير.. اليوم الذي يأمل فيه اليمنيون بأن يضع حداً لحالة الفوضى والانفلات الأمني الذي عاشوا تفاصيله الأليمة على مدى ثلاثة عقود.. في التقرير التالي نرصد جانباً من تفاصيل الانفلات الأمني الذي تشهده الحالمة تعز.. فإلى النص: * - حماة الثورة بتعز ينفون صلة تلك المجاميع المسلحة بهم أيادٍ طائشة: يعد الانفلات الأمني الذي تشهده مدينة تعز هذه الأيام السبب الرئيسي والمشجع للجماعات المسلحة التي استغلته للفيد والاستيلاء على ممتلكات الناس والسطو على أراضيهم وسياراتهم وأصبح السلاح سيد الموقف.. يقول الثائر عبده قائد قحطان: نحن في الساحة منذ اندلاع الثورة السلمية رغبة منا في التضحية من أجل اقتلاع النظام الفاسد بكل مفاصله وأساليبه وممارساته، إلا أنني فوجئت والثورة على وشك تحقيق أهدافها بمجموعة مسلحة تزيد عن مائة مسلح يقومون بالاستيلاء على أرضيتي الكائنة في عصيفرة وقطعوا كل الشوارع المؤدية إليها حتى لا نتمكن من الوصول إليها لمنعهم من الاعتداء عليها. ويضيف قحطان: كل الناس يعلمون أنني مالك هذه الأرض منذ خمسة وثلاثين عاماً، لكن المسلحين استغلوا الظروف الأمنية التي تعيشها المدينة وفرضوا وجودهم بقوة السلاح لإقلاق الأمن والاستقرار والاستيلاء على أراضي الغير في عهد الثورة، استمراراً لما كانوا يمارسونه سابقاً وهؤلاء معروفون للجميع - حسب قوله. وطالب قحطان سلطات الدولة في المحافظة والوزارات المختصة لحمايته وإيقاف المظاهر المسلحة وفرض الأمن والاستقرار واتخاذ القانون والشرع مرجعاً للجميع. انتشار المسلحين: في تعز تداول الناس قصة الشاب – جمال- الذي أراد أن يضع حداً لحياة العزوبية فوضع قاتله حداً لحياته، يوم واحد فقط يفصله عن زفاف منتظر من خلاله يسدل الستار عن حياة العزوبية، ولم يتبقى سوى ساعات تفصله عن تحقيق حلمه، لكن حلمه تحول إلى دموع وغصة تكابدها الأسرة, وسقط جمال برصاصات اخترقت قلبه الطاهر ليترك ذكرياته الجميلة وبدلته الأنيقة لأم مكلومة تغسلها بدموعها صباحاً ومساء. أثناء زيارتي للشاب/ فارس البخيتي، الذي يرقد في المستشفى بين الحياة والموت إثر تعرضه لطلق ناري من قبل صديق له عن طريق المزح بالسلاح، التقيت ب محمد - شقيق جمال- فقال: "عندما أصبح استخدام السلاح بشكل عشوائي أدى إلى نتائج سلبية وأضحى نقمة على المواطنين، خاصة أننا في تعز هذه الأيام نشاهد انتشار المسلحين في الشوارع وهو ما أدى إلى نتائج كارثية". أما أسامة البخيتي فيقول: "تعرض أخي فارس لطلقة كلاشنكوف اخترقت ظهره واستقرت في أحشائه، وحمل السلاح هو أكبر كارثة في اليمن وخاصة في أيادي شباب طائش والمفروض يتم منعهم من حمل السلاح داخل المدن، لأن الناس يموتون نتيجة ذلك دون أن تحرك الجهات المعنية ساكناً". وفي حارة عمار بن ياسر تحول عرس أحد الشباب إلى دماء وبارود، حيث أحدهم أشهر سلاحه ليعبر عن فرحته بزفاف ابن حارته، فكان الرصاص أقرب إلى الحضور ليصيب خمسة منهم. لا أمان: الانفلات الأمني الذي تشهده مدينة تعز وانتشار السلاح بشكل كبير جعل الناس يخشون على أنفسهم وممتلكاتهم، سيما وأنهم يقفون على عشرات المشاهد من الاعتداءات والبلطجة التي تتكرر يومياً وأملهم أن يجدوا مدينتهم خالية من السلاح، ولأنه لا أحد معني بأمن المواطن في مدينة دفعت الكثير من دمها وأمنها، فقد اكتفى "علي" - صاحب مغسلة- بوضع ملصق إعلاني مفاده "المحل للبيع وذلك بسبب انعدام الأمان" بعد تعرضه لاعتداء من قبل مسلحين. يقول "علي" عن أسباب عرض مغسلته للبيع: أتاني شخص يريد ملابسه وعندما طلبت منه قسيمة استلام أو بطاقة شخصية إذا بأحد مرافقيه يشهر السلاح ثم يذهب لإحضار خمسة مسلحين دخلوا المحل وأطلقوا النار علينا أمام أعين الناس دون أن يجرأ أحد على ردعهم. ولم يكن عامل الكفتيريا المجاورة للمغسلة بأحسن حال منه، فمجموعة من المسلحين تناولوا وجبة الإفطار ورفضوا دفع الحساب وعندما طالبهم بذلك قالوا له: نحن نحميك. فيما كان يوم الأحد الماضي مفزعاً ودامياً.. قتلى وجرحى وصلوا مستشفى الروضة إثر تبادل لإطلاق النار في مقوات عصيفرة، والمعلومات تشير إلى مواجهات بين مسلحين كانوا على متن سيارة وآخرين كانوا يستقلون دراجة نارية ولأسباب بسيطة - بحسب رواية شهود عيان. * - مواطن يعرض مغسلته للبيع بعد الاعتداء عليه ومسلحون يرفضون دفع الحساب لعامل "الكافتيريا" ويقولون له "نحن نحميك!!" سطو: وعلى ذات السياق لا تزال عمليات السطو بقوة السلاح على سيارات المواطنين حاضرة بقوة في مشهد الانفلات الأمني المؤرق لسكان المدينة، كان آخرها مواطن يفتدي سيارته المنهوبة بنصف مليون ريال وفقاً لمصدر مطلع - فضل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية. فيما اخترق صاروخ شقة الدكتور/ فؤاد الحداد - الكائنة في وادي جديد- الأسبوع الماضي وعبث بكل محتوياتها.. وبحسب المعلومات فإن معركة دارت رحاها في المنطقة بين فريقين متصارعين على قطعة أرض. القبائل تنفي: مصدر مقرب من الشيخ/ حمود سعيد المخلافي - أحد حماة الثورة بتعز- نفى أن تكون هذه المجاميع المسلحة التي تنتشر في المدينة وتمارس أعمال السطو لها علاقة بحماة الثورة، ودعا إلى تطبيق الاتفاق الأمني. وقال: ليس لدى حماة الثورة أي اعتراض على الانتشار الأمني، لاسيما أن القبائل استجابوا للمبادرة ويدينون أي خرق لها، خاصة أن بعض المجاميع المسلحة أنشأها قيران والعوبلي لإثارة الفوضى في المدينة. وأكد المصدر استعداد القبائل المؤيدة للثورة للتعاون مع مدير الأمن الجديد العميد/ السعيدي لترسيخ الأمن والاستقرار، ولم يستبعد المصدر المقرب من الشيخ/ المخلافي أن يكون هناك أناس ينتمون إلى الثورة وصفهم بضعاف النفوس يمارسون مثل هذه الأعمال. منشغل: تجدر الإشارة إلى أننا في الصحيفة حاولنا الاتصال أكثر من مرة بمدير أمن المحافظة لأخذ وجهة نظره والتعليق على الوضع الأمني في المدينة، لكننا لم نتمكن بسبب انشغالاته وفقاً لرد مكتبه علينا.