غنى علت أحاسيسه غنت هي الأخرى، تناثرت ألحانه في الهواء، عزف تمزقت الأوتار، استمر في العزف إلى أن سالت أصابعه دماً، أراد الرقص.. تخبط هنا وهناك، حتى سقط على الأرض، وقد بح صوته وجرحت أصابعه وأنهك جسده، صحا من غفلته وهو ملقى على الأرض فإذا برجل يركله "اصحى لا نوم هنا"، فتح عينية وأغلقهما مجددا وعاود الغفوة.. فإذا به يغني بصوت جميل تتمايل له الأغصان وإذا به يعزف والأوتار رائعة في يديه، رقص حتى طار من الفرحة، فإذا بالرجل يوقظه من غفوته مرة أخرى. فاق في تعب وحيرة وغضب، قال:إيه.. أنت ماذا تريد؟ الرجل:أريدك أن تصحُ من غفوتك. - لماذا؟ - لان هذا المكان الوحيد الذي أنام فيه، ومع ذلك تركتك تحلم بما تشاء. -وما ادراك بأنني كنت احلم؟ -أن من يغفو في مكاني لابد أن يحلم، فمكان مثل هذا يبعث المرض في نفس أي إنسان لذلك لكي تغفو فيه لابد أن تحلم.ولكن أريد أن أسألك سؤالاً من أين أتيت يا هذا؟ -من تلك البلاد -لا بأس انك لا تريد أن تخبرني من أين أتيت قل لي إذن بماذا كنت تحلم؟ -كنت احلم بأنني اغني واعزف عزفاً رائعاً وارقص حتى طرت من الفرحة -مع انك في الحقيقة لم تستطع؟ - يقول بشدة.. نعم ولكن كيف عرفت؟ -انك تبحث عن مأوى لكي تعيش فيه، ورحلت عن مأواك وحتى بلادك لا تريد أن تنطق باسمها عندما سألتك، فكيف ستعزف بوتر وكيف ستغني بصوت كيف سترقص ؟ إن الأحاسيس تأتي بالانتماء فان كنت منتمياً لأرضك ستسمو في فكرك ستغني وستعيش في أوج السعادة، نهض من مكانه ولم ير احداً يوقظه، ولم يصدق أن مارأه حلماً وقرر العودة إلى وطنه.