دار التوجيه الاجتماعي بالحديدة، دار يتجاوز عمره العقدين من الزمن، يأوي اليتامى والمشردين ومن يعانون العنف الاجتماعي، فيقوم بتدريبهم وتربيتهم وتعليمهم, وحمايتهم من المتاجرة بهم فيما عُرف بالمتاجرة بالأطفال عبر منطقة حرض الحدودية مع السعودية والقريبة من محافظة الحديدة، ولكن هل يؤدي الدار واجبه المناط به؟ وما طبيعة التدريب والتأهيل التي يقدمها للأطفال وكذا الرعاية؟ وهل يقتصر دوره على الرعاية والتعليم أم أنه يتعداه إلى أنشطة أخرى؟ وما أبرز الصعوبات التي تواجه هذا الدار وتعانيها إدارته والعاملين فيه, والمنتمين إليه؟.. كل ذلك وغيره ما ستجيب عنه "أخبار اليوم" من خلال التقرير الآتي، فإلى الحصيلة: يقدم دار التوجيه الاجتماعي خدمات متنوعة، تصب جميعها في الحفاظ على النسيج الاجتماعي وصون المجتمع من الظواهر السلبية التي تهدد كيانه أو تتسبب في اختلال هذا المجتمع وتكويناته.. فهو مكان رعاية وتعليم وتأهيل وسكن للأيتام الذين لا يجدون مأوى ولا قريباً يرعاهم ويحتضنهم, حتى الأيتام من يجدون القريب، ففيه ومن خلاله يتلقون الرعاية والتعليم, كذا الأطفال المشردين لأسباب اجتماعية, ومن يبدأون منهم بممارسات سلوكية تنبئ عن انحراف سلوكهم، بما يغاير قيم وعادات المجتمع اليمني، ويتولى الدار من خلال فرعه - الذي أُنشأ قبل عامين والمسمى: (دار الأحداث)- يتولى تقويمهم وتوعيتهم في هذا الدار طوال المدة التي يقرها القانون كعقوبة سجن لمن لم يبلغوا السن القانونية.. ولم يقتصر الدور عند ذلك الحد، بل إن التوعية أحد مهام وأنشطة هذا الدار. مكونات: مبنى دار التوجيه الاجتماعي يحوي سكناً داخلياً لمن لا يوجد لديهم قريب ولا أب أو أُم, ويستوعب السكن ما يزيد عن 200 طفل, كما توجد به مدرسة داخلية تتولى تعليم الطلاب الأيتام والفقراء, وتضم المدرسة الداخلية 300 طالب للمرحلة الأساسية، وتتولى إدارة الدار إلى جانب تعليم هؤلاء الطلاب توفير الزي المدرسي والحقيبة المدرسية وما يحتاجه الطالب ل لتعلم, وذلك من خلال مساعيها مع أهل الخير الذين يتعاونون مع هؤلاء الأيتام, ومبالغ ضمان اجتماعي للطلب الأيتام أو الفقراء, وبذات الدار يوجد مساحة خاصة للرياضة وهناجر تحوي ورشاً للتدريب على النجارة والمكنيك وغيرها, ويضم الدار أيضاً جامع لأداء الصلاة, إضافة لفرع الأحداث التابع للدار. * ? قدرات الدار على الرعاية والإيواء محدودة بسبب إمكانياته ومبانيه ووعود عدة لم تتحقق صعوبات: وعن واقع هذا الدار والصعوبات التي يواجهها، فتنعكس بشكل معاناة لمنتسبيه والقائمين عليه, ندع الحديث للأستاذ/ طلال الدبعي - مدير الدار- والذي يؤكد أن مدرسة الدار تضم حالياً 300 طالب, ويتولى الدار رعاية أكثر من 1000 طفل من الأيتام والمشردين.. والأنشطة التي يحتويها إلى جانب التعليم والرعاية هي التأهيل والتدريب على حرف ومهن يتحول من خلالها ذلك الطفل اليتيم أو المتشرد من عالة على المجتمع إلى منتج, وذلك من خلال تعليمهم مهن النجارة والمكنيك، حيث توجد بالدار ورش، غير أن تلك الورش تعاني من عدم اعتماد مستحقات للكادر الذي يتولى التدريب ولو رمزية, موضحاً أن المدربين طوال الماضي يقومون بعملهم طواعية, كما تعاني الورش من التآكل, وعدم وجود كادر تدريبي وما يتعاون معها سوى متطوعين، لكن حتى المتعاقدين والمتطوعين وطول الفترة فيه إحراج للإدارة والبعض يمل وليس ملزم بدوام؛ لأنه ليس موظفاً, كذا تفتقد للمشتقات النفطية لتشغيلها في ظل استمرار انقطاع التيار الكهربائي. الكادر: وحتى الكادر العامل في الدار والذي يتولى خدمة ورعاية الأيتام والمشردين، وكذا من يقومون بدور التوعية جميعهم يعملون متعاقدين مع الدار لسنوات تجاوزت لدى البعض العقد من الزمن دون أن يحظوا بوظيفة عامة, ولا حتى اعتمادات شهرية لما تعطى لهم من مبالغ رمزية لا تكفى سوى لتغطية بند المواصلات, لم تقدمها الدولة, موضحاً أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وعدت مراراً بأنها ستعتمد درجات وظيفية للمتعاقدين مع الدار والذين أمضوا قسط من أعمارهم على أمل التثبيت، لكن ذلك لم يتحقق عام بعد آخر, ولا حتى اعتماد درجة في العام, موضحاً أن المبالغ الزهيدة والرمزية التي تعطى للمتعاقدين أو المتعاونين أحياناً هي من نفقات الدار المحدودة جداً والتي لا تكفي لشيء, أو مما يقدمه رجال الخير من دعم للدار.. فيما الاعتماد الحكومي لا يوجد سوى مرتبات المدرسين وبعض المبالغ الرمزية الزهيدة حسب وصفه- والتي لا تكفي كنفقات تشغيلية لشهرين أو ثلاثة، مشيراً إلى أنه يتم أعطائهم وعود سنوياً بأننا سنراعي وضع الدار ونهتم بموازنته خلال العام القادم وعليها دون تحقيق لشيء. * ? تزايد أعداد الأيتام والمشردين نتيجة للفقر والانفصال الأسري ظواهر: وعن دور الدار في التوعية بمخاطر تهريب الأطفال والاستغلال السيئ لهم, وإسهاماته في مكافحة هذه الظاهرة يؤكد بأن الأسباب التي أدت إلى وجود ظاهرة تهريب الأطفال من اليمن إلى السعودية عدة وفي مقدمتها: الفقر الناجم عن البطالة وكثرة الإنجاب, الأمر الذي يجعل من الصعب على أب لا يملك وظيفة ولا عمل أن يعول 7 أو 10 أبناء.. فيما ثاني الأسباب هو كثرة الطلاق خلال السنوات الأخيرة, مؤكداً أن ذلك الانفصال الأسري يحدث ولدى الزوجين مجموعة من الأبناء الذين يكون مصيرهم التشرد والسلوك غير السوي الضار بالمجتمع, موضحاً أن محافظة الحديدة تأتي في المراتب الأولى بالنسبة للأسباب والظاهرة وفق دراسة ميدانية نفذها مختصون في الدار؛ كون أبناء هذه المحافظة من أكثر أبناء الشعب فقراً, وكذا شيوع ظاهرة الانفصال الأسري في المحافظة خلال السنوات الأخيرة بشكل غير مسبوق. * ? ظاهرة تهريب الأطفال للسعودية واستغلالهم اللاإنساني واللاإخلاقي نتيجة لعدم اهتمام الحكومات بدور الرعاية الاجتماعية ويستطرد أن ظاهرة تهريب الأطفال بكثافة مهولة وأسلوب صريح سمع به الجميع خلال سنوات مضت من اليمن إلى السعودية، كانت نسب التهريب من محافظة الحديدة تحتل النسبة الأعلى أيضاً، مشيراً إلى أن التهريب كان يقوم به أشخاص يمنيون يقنعون أسر الأطفال بأنهم سيعطونهم فيز عمل في المملكة السعودية، بمبالغ تراها الأسرة الفقيرة مبالغ جيدة لتعيش حياة جيدة ومستقرة, وترى في أن قبولها لعرض ذلك المهرب هو سبيل إنقاذها من الفقر الذي تعانيه, ولن ذلك لم يتحقق إذ يفاجئ الجميع بأن أولئك الأطفال الذين تم تهريبهم يستغلون أبشع أنواع الاستغلال أللإنساني ولا أخلاقي.. وبعد استغلالهم يطردون إلى الحدود,، مستشهداً بما قام به الدار في هذا الشأن من توعية عبر المطبوعات والخطب والنزول الميداني إلى أغلب مديريات المحافظة للتوعية بأضرار هذه الظاهرة, ومتطلبات الحد منها وتوقيفها, وكذا التنسيق مع الجهات الأمنية في منفذ حرض الحدودي بشأن أخذ أولئك الأطفال وإيصالهم إلى دار الأحداث التابع للدار لتوعية وتأهيل ورعاية هؤلاء الضحايا وتوجيههم التوجيه السليم, واتخاذ العقوبات الرادعة دون الحاجة إلى العنف الجسدي أو السجن المعروف. إهمال: ويرى الدبعي أن الجهات التنفيذية المعنية بقضايا المجتمع وحمايته من الظواهر السلبية التي تهدد الآمن والسلم الاجتماعي, تعاني التهميش والإقصاء, ولا تحظى بدعم رسمي يتناسب وطبيعة دورها وجهودها, متسائلاً: هل ذلك التهميش والإقصاء أصل في سياسات الحكومات المتعاقبة أم أنه مفتعل من الوزارة والجهة العليا المعنية بتنفيذ سياسة الدولة وبرنامجها ذو الصلة بالمجتمع؟، مؤكداً على أن ذلك الواقع مثل بيئة خصبة أدت لبروز عدد من الظواهر الاجتماعية السلبية التي تتهدد المجتمع اليمني اليوم.
تطلعات: وعن تطلعات إدارة الدار، يؤكد الدبعي بأنهم ملوا كل التطلعات والطموحات لعدم حصول الدار على ما هو ضروري له ولسير عمله المحدود، فكيف بالطموح.. مشيراً إلى أنه كانت لدى إدارة الدار خطط وبرامج عدة تنموية اجتماعية خدمية, وتوسيع وتنويع لخدماتها خدمة للمجتمع وحماية له, وما زالت تنظير, لكنه وبعد حصول التغيير يأمل أن تتحسن أوضاع الدار وتتوفر ضروريات عمله الحالي أولاً وبعدها يأتي دور الطموح.