يؤكد خليل الصريمي القيادي في أحزاب اللقاء المشترك بالحديدة أن المعارضة تمتلك رؤية لبناء دولة حديثة وهي تمتلك لذلك كل الأدوات والإمكانات والخبرات، ويرى أن تجربة اللقاء المشترك تعد تجربة فريدة وأنها تزداد كل يوم رسوخاً وتطوراً وثباتاً، وقد أصبحت نموذجاً يحتذي به في العالم العربي والإسلامي. ويشدد الصريمي على أن الأحزاب السياسية في اليمن (إسلامية ويسارية وقومية) بحاجة لمراجعات شاملة في مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي، ذلك أن هذه الثورات قفزت بالعقل العربي وأصبح المواطنون وخاصة المنتميين لهذه الأحزاب الذين رفضوا الاستبداد السلطوي لن يقبلوا استبداداً مرة أخرى، لذلك ليس أمام التنظيمات السياسية إلا القيم التنظيمية والحركية والتربوية والمنهجية أو أن الزمن سيتجاوزهم لا محالة. × كيف تقرأون الوضع السياسي في اليمن وما هي السيناريوهات المتوقعة بنظركم..؟ 1، 2/ الوضع السياسي في اليمن وضع معقد غير أن الحكمة اليمنية استطاعت أن تتغلب على هذه الصعوبات وأن تتجاوز كل العقبات وتخرج من عنق الزجاجة في اللحظات الأخيرة قبل أن ينفجر الوضع، والحقيقة أن الثورة الشبابية الشعبية السلمية استطاعت أن توحد كل فئات الشعب ومكوناته في بوتقة واحدة وأن تصطف صفاً واحداً مع التغيير وتكفي الإشارة هنا إلى وضع القبيلة التي كان يراهن عليها كل أعداء الثورة بأنها لن تقبل بثورة سلمية، لاسيما وأن ثقافتها ذلك (كما يدعون) وكذلك امتلاكها السلام وثقافة التغيير، غير أن ما حصل أذهل المراقبين للشأن اليمني وأذهل العالم أجمع حين ترك أبناء القبائل أسلحتهم في منازلهم ونزلوا للساحات بصدور عارية وتحملوا كل الاستفزازات من قتل وجرح واعتقال وتجاوزوها ومضوا في ثورتهم السلمية، ومما لاشك فيه أن الوضع السياسي في اليمن يواجه تحديات متعددة وخطيرة مثل قضية الحراك الانفصالي وقضية الحوثي في صعدة وأجندته الخاصة وبقايا النظام وزبانيته وانقسام المؤسسة العسكرية، إضافة إلى ما تعانيه البلاد من تدهور اقتصادي وضعف في المعيشة وغلاء وفقر وتدني في مستوى الخدمات الأساسية من ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وعدم توفرها وانقطاع الكهرباء وشحة المياه والفساد المتفشي في كل أجهزة الدولة وغيرها وكل هذه معوقات تقف أمام تنفيذ المبادرة الخليجية، إلا إن شعبنا العظيم قد قرر المضي نحو التغيير ولن يقف أمامة أي عائق وسيتجاوز كل هذه العوائق كما تجاوز غيرها، ولقد أدرك شعبنا أن المفتاح الرئيسي للخروج من الأزمة الراهنة يكمن في ترشيحه ل عبد ربه منصور هادي في 21 فبراير وهو ما أكد عليه شعبنا بكل فئاته وشرائحه وأعماره.. واليوم بانتخاب الرئيس عبد ربه منصور هادي أسدل الستار على مرحلة مظلمة من حياة اليمنيين وستبدأ مرحلة بناء يمن جديد، × برأيكم هل تملك أحزاب المعارضة (المشترك) في اليمن رؤية لبناء الدولة اليمنية الحديثة ؟ في الحقيقة.. يخطئ كل من يظن أن أي معارضة لا تمتلك رؤية لبناء دولة ومعلوم أن الحزب الحاكم يستخدم هذه الفزاعة ويستغل الجهل والأمنية للتأثير على الآخرين، فما بالك بمعارضة قوية ولها تاريخ مثل المعارضة اليمنية التي تمتلك كل الأدوات والإمكانات والخبرات لبناء دولة مدنية حديثة وقد عرضت رؤيتها على الشعب من خلال رؤية اللقاء المشترك أولاً ثم من خلال اللجنة التحضيرية للحوار الوطني وأخيراً من خلال المجلس الوطني، فهذا أمر مفروغ منه. × كنتم من أوائل من دعا إلى تقارب الأحزاب اليسارية والقومية والإسلامية بعد صيف 1994م كيف تقيم وضع التحالف (المشترك.. وما هو مستقبله بعد سقوط النظام؟ معلوم أن فترة السرية في العمل الحزبي قد رسخت كثيراً من القناعات والتوجهات والاقتضاء للآخر وتشربت التربية الحزبية بهذه المفاهيم ووصلت إلى حد أن كل من يخالفني فهو عدوي وزادت من حدة هذه الاحتقانات المواجهات التي تمت في تلك المرحلة بين فرقاء العمل السياسي غير أنه وبعد اعتماد التعددية السياسية وخرجت الأحزاب من تحت الطاولة وبدأ الفهم السياسي بنضج لدى الجميع بدأ معه الحوار بين مختلف ألوان الطيف السياسي والفكري واتضح أن الحاجز الذي كان يفصل بين الجميع عبارة عن حاجز وهمي وتراكمات نفسية وخطوط وهمية ليس إلا. ولعل أهم التجارب في هذا الباب وعلى المستوى العالمي تجربة اللقاء المشترك التي تعد تجربة ناجحة بامتياز، وهذه التجربة الإبداعية في هذا المجال تزداد كل يوم رسوخاً وتطوراً وثباتاً وتتبلور هذه التجربة لتكون نموذجاً يحتذي تستلهم منها الأحزاب والحركات السياسية في العالم العربي والإسلامي تجربة رائدة. والتميز في هذه التجربة يعود إلى عدة أمور الأول: أنها أول تجربة تجمع عدة أحزاب في بوتقة واحدة. والثاني: أنها جمعت بين المتناقضات كما يقال وجمعت بين كافة الفرقاء في العمل السياسي والفكري والايدولوجيا فما بين إسلامي ملتزم واشتراكي وقومي وإسلامي متعصب، لقد جمعت بين أقصى اليمين وأقصى اليسار كما يحلو للبعض أن يقسمها، والثالث: أن هذه التجربة صمدت أمام كل التحديات وهي كثيرة في شق صفها وانقسامها وذلك بفضل قياداتها الوطنية وعقلياتها المفكرة والثقة والمصداقية في تعاملاتها. وبالرغم أن هذه التجربة فرضها واقع معين ومصالح مشتركة وتحقيق أهداف معينة إلاّ أن ما وصلت إليه من رقي يحتم استمراريتها لحاجة البلاد الماسة في المرحلة القامة. × هل ترى اليوم أن الأحزاب السياسية المؤدلجة بحاجة لمراجعات فكرية وثقافية بما يتلاءم وظروف المرحلة الحالية..؟ الحقيقة أن الأحزاب السياسية والحركات الفكرية سواءً المؤدجلة منها أو غير المؤدلجة بحاجة لمراجعات شاملة في المرحلة القادمة مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي، ذلك أن هذه الثورات قفزت بالعقل العربي تحفزات هائلة بحيث أصبح أكثر نضجاً وفهماً للواقع ومعرفة بحقوقه الذي انتهكت لفترات طويلة هذه العقليات التي رفضت الاستبداد السلطوي لن تقبل استبداداً مرة أخرى، لذلك ليس أمام التنظيمات السياسية إلا القيام بالمراجعات لاستيعاب المرحلة القادمة مراجعات تشمل كل المناحي التنظيمية والحركية والتربوية والمنهجية والهيكلية أو أن الزمن سيتجاوز لا محالة، ويجب أن تضع في اعتبارها أن ما بعد الثورات العربية ليس كما قبلها. × ألا ترى معي أن المستفيد الوحيد من الربيع العربي هو التيار الإسلامي.. ؟ وهل يمتلك التيار الإسلامي رؤية لبناء دولة مدنية.. أم أن تجربة الدولة الدنية سوف تتكرر؟ لست معك أبداً أن المستفيد الوحيد من الربيع العربي هو التيار الإسلامي، ذلك أن المستفيد الوحيد منها في تصوري هي الشعوب التي تحررت وانتزعت حقوقها وقضت على الظلم والاستبداد، أما التيار الإسلامي فقد رمت به الأقدار وأوصلته الشعوب إلى فوهة المدفع وجعلته أمام امتحان صعب حين حملته هذه الأمانة وألقت على كاهله كل التبعات والتحديات والتركة الثقيلة التي تركتها أنظمة الحكم الشمولية والفاسدة بعد أن أكلت الأخضر واليابس واستنزفت الثروات والإمكانات فخلفت اقتصاداً منهاراً وأمناً مفقوداً وفساداً متفشياً، تلك هي التركات التي تحملها التيار الإسلامي ومعه كل التيارات الوطنية الحرة. وأما من ناحية امتلاك التيار الإسلامي رؤية لبناء دولة مدنية فقد أجبنا على ذلك سابقاً ولا محل له من الإعراب هنا، وأما قضية الدولة الدينية فليس في الإسلام دولة دينية كهنوتية تمثل الإله وإنما ذلك في الدولة المسيحية القديمة والمحرفة. × كمثقف هل تشعر أن هناك إشكالية في الفكر الإسلامي فيما يتعلق بقضايا الآخر والمرأة والفن.. ؟ حقيقة ليس هناك أي إشكالية في الفكر الإسلامي فيما يتعلق بقضايا الآخر والمرأة والفن وإنما الإشكالية في فهم بعض الإسلاميين والتيارات الإسلامية لهذه القضايا بسبب التراكمات الثقافية لفترة طويلة من الزمن والتمسك ببعض الآراء والاجتهادات الذي فرضها واقع وزمن معين وجاءت في مرحلة الحكم الاستبدادي وفي غفلة من الزمن، فجاء من نقلها كما هي واعتبرها هي الرأي الشرعي الراجح في تلك المسائل تعصباً وانتصاراً للرأي، أما الفكر الإسلامي الصحيح المعتمد على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم هو الفكر الذي حفظ حقوق الآخرين واعتبر حمايتها ديناً وأعطى المرأة حقوقها كاملة وأعلى من قدرها وكرمها أما ً وزوجة وابنة، أما قضايا الفن فكفيل بها الزمن. × أين موقع المثقف اليمني من الثورة الشبابية الشعبية في اليمن..؟ الثورة اليمنية بالرغم من أنها ثورة تغييرية شاملة إلا أنه يمكن أن نقول أنها ثورة ثقافية بامتياز وموقع المثقف اليمني فيها على رأس هرم الثورة، لقد أخذ الجانب الثقافي في الخير الأكبر في يوميات هذه الثورة المباركة، لقد شكلت الأنواع الثقافية المختلفة روحاً لحياة الثورة ونظمت سفراً ثقافياً وأدبياً ضخماً ومنوعاً حوى كل جوانب الثقافة من تمثيل ومسرح وفن وأناشيد وصحافة وأدب ومعارض إبداعية ورسوم تشكيلية ومنديات ثقافية وسياسية ومكونات شبابية ومعارض صور ومحاضرات وندوات وأمسيات وغيرها في كل ساحات الثورة في عموم الوطن اليمني، لقد كانت هذه الثورة المباركة عبارة عن دورة تأهيلية لكل المثقفين في عموم الوطن اليمني، لقد كانت هذه الثورة المباركة عبارة عن دورة تأهيلية لكل المثقفين تخرج منها مبدعون في كل المجالات. × وجهت إليك انتقادات حادة من قبل بعض المحسوبين على التيار الإسلامي خاصة فيما يتعلق بالعديد القضايا التي دعيت فيها إلى مراجعة.. ما تلك القضايا وما موقفك من تلك الانتقادات ؟ الحقيقة أن الخلاف والاختلاف سنة ماضية إلى يوم القيامة، فإذا كان ذلك في حدود أدب الحوار والاختلاف في وجهات النظر فهو شيء إيجابي له فوائد جمة، أما إذا كان تشوبه حسابات أو تشكيك في دين وخلق وعرض المخالف فهو شيء سلبي ولا يمت للأدب بصلة وإنما يدل على مرض نفسي وضعف في الحجة وهزيمة نفسية. أما القضايا التي لقيت نقداً فهي بعض الآراء الذي تعرضت لقضية الإسلام والآخر، والحوار وصيرورته وقضايا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحدوده وآدابه ووسائله، وتصحيح الخطاب الإعلامي، وفي ضرورة فتح باب النقد الذاتي المنضبط وتشجيعه، وضرورة استيعاب المثقفين من الشباب واستيعاب الأفكار التي ينادون بها ومحاورتهم وعدم اعتبارهم خصوم وأعداء، تلك أهم القضايا وهي من الحقيقة قضايا فكرية اجتهادية تخضع لاختلاف الإفهام وتعدد الآراء، والحقيقة أن هذه القضايا قد تُفهم من عدة وجوه والتعصب لوجه واحد هو التطرف والغلو ومن قال إنه وحده يمتلك الحقيقة فهو أغبى الناس. × ألا ترى معي أن المثقفين أو المفكرين مقموعين داخل الأحزاب خاصة الإسلامية بفعل الآراء المنفتحة.. إشكالية المثقفين ليست إشكالية خاصة عند الأحزاب الإسلامية ولكنها إشكالية تكاد تكون في كل الأحزاب والتنظيمات السياسية بشكل عام، وإشكالية عدم استيعاب أصحاب الثقافة الواسعة لا يلقي باللوم على الأحزاب والتنظيمات السياسية وقياداتها وحدها ولكن يتحمل جزءاً كبيراً منها المثقف نفسه، لذلك فالطرفين يتحملان المسئولية، فالأحزاب السياسية تضيق بالنقد ولا تفتح صدرها لسماع الآراء المختلفة التي من وجهة نظرهاً تفتح الباب أمام قضايا الترف الفكري وتشغل الشباب عن الاهتمام بقضايا أهم وهي بذلك تقمع بعض المثقفين وتأتي بسبب ذلك ردة فعل المثقف الذي يثأر لكرامته المهدرة كما يظن فيتجاوز الحدود في النقد والتجريح فتحدث الإشكالية بين المثقفين وتنظيماتهم السياسية والعدل مطلوب من الطرفين حتى تستقيم الأمور وتستوعب الإمكانات والقدرات والطاقات ولا تبقى طاقة معطلة في الصف. × كيف شكل الدولة المدنية التي تتمناها... ؟ شكل الدولة المدنية التي أتمناها ويتمناها كل يمني هي دولة النظام وسيادة القانون، دولة الحرية والعدالة، دولة المؤسسات والحكم الرشيد دولة المساواة والرفاة والحياة الآمنة والمستقرة دولة الديمقراطية والتعددية السياسية والتبادل السلمي للسلطة، دولة تمتلك سيادتها وتسعى قدماً لتأخذ مكانها بين الدول المتقدمة، دولة تحفظ الحقوق والحريات لكل أبناء الوطن، دولة موحدة قوية يعمها الرخاء والأمن والأمان. × كيف تنظر إلى الدور الذي قامت به المرأة اليمنية في مساندة أخوها الرجل في إنجاح الثورة السلمية؟ لقد أذهل العالم الدور الذي قامت به المرأة اليمنية في هذه الثورة الشبابية الشعبية السلمية، هذه المرأة التي كانت تنعت بأنها المرأة التقليدية المتخلفة التي تتفشى في نطاقها الأمية والجهل والتي تحكمها العادات والتقاليد والأعراف القبلية التي تسلبها كل حقوقها، المرأة المنكفئة على ذاتها في منزلها التابعة المنقادة للرجل في كل شيء المنتزعة الحقوق وبالأخص حقوقها السياسية. هذه المرأة التي ألصقت بها كل تلك التهم أثبتت عكس ذلك تماماً، لقد ضربت أروع الأمثلة في مسيرة الثورة اليمنية وشاركت في هذه الثورة مثلها مثل أخيها الرجل تماماً، فضحت وعانت واستشهدت وجرحت وأصيبت إضافة إلى معاناتها كأم للشهداء والجرحى والمصابين وأختاً وزوجةً وبنتاً لهم، وثبتت في ساحات الحرية والكرامة وخرجت للتظاهر والاعتصام والمسيرات. السيرة الذاتية خليل محمد عبده الصريمي رئيس مؤسسة الحوار للثقافة والآداب والفنون نائب رئيس الدائرة الإعلامية للإصلاح بكالوريوس تجارة – اقتصاد وعلوم سياسية بكالوريوس تربية – قسم الدراسات الإسلامية ماجستير علوم سياسية شاعر ومفكر وكاتب وباحث صدرت له للعديد من الكتب أهمها سلسلة الإسلام والآخر • التربية الإسلامية والإرهاب • حقوق المستأمنين • حقوق أهل الذمة • قتال أهل البغي وحقوقهم إضافة إلى كتب شعرية وأدبية وفكرية