بسهولة واقتدار تأهل المنتخب المغربي أمس إلى المباراة النهائية لكأس العرب، لينهي مغامرت أبناء الفرات بهزيمة قوامها هدفين نظيفين - مع الرأفة - ليلتقي بأبناء المختار في المباراة النهائية التي ستقام يوم الجمعة المقبل على ملعب الأمير فيصل بن فهد بجدة، بينما يلتقي الأخضر السعودي بالأحمر العراقي في مباراة تحديد المركز الثالث غدا، حيث سجل للمغرب أسامة الغريب وياسين الصالحي في الدقيقتين (22 و 27)، فيما سجل هدف الشرف العراقي مصطفى كريم في الدقيقة الأخيرة من الوقت بدلاً من الضائع (94). منذ الدقائق الأولى للمباراة، لم يخفِ المنتخب المغربي رغبته الحثيثة في فرض سيطرته على أجواء اللقاء من حيث الضغط السريع سواء لاستخلاص الكرة، أم تمريرها في العمق الدفاعي للعراق.. ولعل ظهيري المغرب يميناً ويسراراً لعبا دوراً مهماً في التعامل الخططي لمدرب المنتخب إيريك جيريتس مع اللقاء.. وعلى الجانب الآخر لم يتبدل أسلوب أداء العراق منذ بداية البطولة، من خلال منهجية مدربها زيكو الذي يفضل اللعب بأسلوب (زوون دفنس) دفاع المنطقة لتأمين دفاعاته مع الاعتماد على الهجمات المرتدة التي يجيدها مهاجما الفريق مصطفى كريم أو علاء عبدالزهرة. مجريات اللعب تمنح الأفضلية للمنتخب المغربي بفضل خط هجومه الذي يقوده ياسين الصالحي وعبدالسلام بلجلون، ومن خلفهما المخضرم عبدالرزاق المناصفي وإبراهيم البحري، والجناح الدفاعي الأيسر إسماعيل علي.. إلا أن وفي أول محاولة هجومية للعراق، كاد علاء عبدالزهرة أن يحرز هدف التقدم لأسود الرافدين عندما سدد كرة لولبية مرت بجواء القائم الأيمن للحارس عزيز الفناني.. شدد المغرب حصاره، ويسدد الصالحي فوق العارضة، ويمرر إبراهيم البحري، ويهدر عبدالسلام بلجلون، حتى جاء الفرج لأسود أطلس عند الدقيقة (22) من تسديدة ماكرة متقنة من المدافع الأيسر أسامة الغريب فسكنت الكرة مرمى الحارس العراقي نور صبري كهدف التقدم للمغرب.. لم يحدث الهدف المغربي أي تغيير على أداء العراق، حتى على مستوى الروح القتالية، الأمر الذي جعل أسود الأطلس يعاودون السيطرة في محاولة التعزيز المبكر، وعند الدقيقة (26) استطاع هداف البطولة ياسين الصالحي التلاعب بالدفاع العراقي واحد تلو الآخر حتى فتح زاوية التسديد ليمنح منتخب بلاده الهدف الثاني عجز نور صبري في التعامل مع كرته الماكرة التي سكنت الزاوية اليمنى لصبري.. حالة من اليأس تارة، والترهل البدني والفني تارة أخرى، سيطرا على المنتخب العراقي الذي ظل طوال وقت الشوط الأول لم يصل بشكل منظم إلى المرمى المغربي، وما دون ذلك كانت محاولات عشوائية تصدى لها الدفاع المغربي بسهولة. نعم اختلف الشوط الثاني للمباراة، لكن من حيث الشكل فقط، فقد تراجع المنتخب المغربي لامتصاص الاندفاع العراقي، فظن البعض أن أسود الرافدين انتفضوا، لكن سوء التنظيم الهجومي، وترهل العمل في وسط الملعب، جعل محاولات كريم وعبدالزهرة تتحطم على أقدام مصطفى قمراني وصلاح الدين سعيدي وأحمد حجوج.. وفي الوقت الذي لعب فيه ياسين الصالحي دور لاعب التحكم في رتم اللقاء من خلال احتفاظه الإيجابي بالكرة، وتنفيذ التمريرات القصيرة قبل الطولية، كاد مصطفى كريم أن يحرز هدف التقليص للعراق عندما خطف كرة برأسه أنقذها عزيز المغربي قبل أن تلج شباك مرماه عند الدقيقة (67) من عمر اللقاء.. لم يقدم العراق جديداً غير المحاولات العنترية الفردية الطائشة، لتمر الدقائق والثقة تكسو الأداء المغربي، وقبل أن يعلن حكم المباراة الجزائري جمال حمويدي نهاية الوقت بدلاً من الضائع الذي وصل لخمسة دقائق، اجتهد كرار وحاول الدخول في العمق الدفاعي للمغرب، وعندما إلتقط منه الدفاع الكرة، رمى بنفسه على الأرض لتنطلي على الحكم ويحتسب ركلة جزاء سجلها مصطفى كريم، فأطلق الحكم صافرته معلناً تأهل المغرب إلى نهائي الكأس العربية. ليبيا تلقن الأخضر السعودي درسًا كرويًا وأمام جمهاهيره!! ******** فاز المنتخب الليبي على المنتخب السعودي (2-0) في المباراة التي أقيمت بينهما في استاد الأمير عبدالله الفيصل بجدة في الدور قبل النهائي من البطولة، غلب الطابع التكتيكي على أحداث اللقاء، وجاء على حساب الأداء الجيد، فظهر الفريقان بمستوى متوسط رغم المهارات التي يزخر بها كل فريق.. أحرز هدفا ليبيا اللاعب وليد السباعي في الدقيقة (75) من المباراة، واللاعب أحمد سعد في الدقيقة السادسة من الوقت المحتسب بدلا من الضائع من ركلة جزاء. دخل الهولندي فرانك ريكارد المدير الفني للمنتخب السعودي اللقاء، وهو يعلم أن عاملي الأرض والجمهور يقف مع فريقه، وأن الجميع في المدرجات وخارجها ينتظر الفوز السعودي للعودة للألقاب مرة أخرى، ولذلك لعب بتشكيلته الأساسية معتمدا على طريقة (4-4-2 ) التي أدى بها اللقاءات السابقة بتقدم الثنائي الخطير محمد السهلاوي وعيسى المحياني.. في المقابل دخل عبد الحفيظ أربيش المدير الفني للمنتخب الليبي المباراة واضعا في اعتباره الطفرة الأخيرة للكرة الليبية، حيث احتلت المركز (32) عالميا في تصنيف (الفيفا)، فطالب لاعبيه بضرورة مواصلة الانتصارات، ولذلك لعب بطريقة (4-4-1-1) بتقدم محمد الغنودي في المقدمة ومن خلفه الورقة الرابحة للمنتخب الليبي أحمد سعد الذي لعب بحرية دون التقيد بمركز، وذلك بهدف السيطرة على منطقة. نظرا لأهمية المباراة وعدم وجود فرصة للتعويض وقلق كل فريق من استقبال هدف مبكر يزيد من صعوبة مهمته، فقد كان الحرص الدفاعي له الكلمة العليا في بداية المباراة وتكتل الفريقان في منطقة المنتصف، ووضح اعتماد المنتخب السعودي على كشف التسلل الذي احتسب ضد المهاجم الليبي أحمد سعد مرتين في العشر دقائق الأولى، بينما اعتمد الدفاع الليبي على العمق للحد من خطورة ثنائي الهجوم السعودي.. الإستراتيجية الهجومية لريكارد اعتمدت على الاختراق من الجانبين عن طريق خالد عيسيري من الجهة اليمنى ومن خلفه الظهير المتقدم خالد الغامدي، بينما تألق عبد المجيد الرويلي من الجبهة اليسرى وإرسال العرضيات داخل منطقة جزاء ليبيا في محاولة لاستغلال إجادة السهلاوي والحياني في التعامل مع هذه الكرات، ولكن طول القامة وإجادة الدفاع الليبي للتعامل مع الكرات العالية منع خطورة المنتخب السعودي.. على الناحية الأخرى فإن أربيش كان قد قرأ أداء المنتخب السعودي جيدا، واستغل تقدم الظهير الأيمن السعودي خالد الغامدي، وطلب من مهاجمه أحمد سعد أن يميل جهة اليسار ليحد من انطلاقة الغامدي من ناحية، واستغلال تقدمه من خلال إرسال الكرات الطويلة خلف هذه الجهة الدفاعية معتمدا على سرعة ومهارة سعد، ولكن مصيدة التسلل التي وقع فيها أنهت الهجمات قبل أن تشكل خطورة على المرمى.. الدقيقة (34) شهدت أول فرصة حقيقية للتهديف للمنتخب السعودي عندما استغل عبد المجيد الرويلي خطأ دفاعي وانفرد بمرمى محمد نشنوش الحارس الليبي، ولكنه لعبها بجوار القائم الأيمن مهدرا أول الفرص بعدها سيطر الأخضر على مجريات اللعب، وهاجم لإحراز هدف التقدم قبل نهاية الشوط، ففي الدقيقة (37) أرسل منصور الحربي عرضية من الجهة اليسرى، ولكن الكرة وقفت أسفل أقدام السهلاوي لتفقد خطورتها ويشتتها الدفاع الليبي، وعاد السهلاوي لممارسة هوايته في الدقيقة الأخيرة وأحرز هدفا برأسية، ولكن الحكم جهاد جريشة ألغاه بعدما شاهد راية شريف صلاح المساعد الأول تعلن عن تسلل لينتهي الشوط الأول بالتعادل السلبي. مع مطلع الشوط الثاني أجرى عبد الحفيظ أربيش المدير الفني للمنتخب الليبي تغييرا هجوميا حينما دفع بالمهاجم إيهاب البوسيفي بدلا من لاعب الوسط محمد قناو وعدل من طريقة لعبه لتصبح (4-3-1-2) معتمدا على مثلث هجومي مقلوب بتقدم الغنودي والبوسيفي ومن خلفهم رأس المثلث أحمد سعد.. اعتمد ريكارد مع بداية الشوط على الجبهة اليسرى عن طريق المتألق عبد المجيد الرويلي ومن خلفه منصور الحربي الذان تألقا في الدقائق العشرة الأولى وأرسلا كرتين عرضيتين، ولكن تسديدات السهلاوي اصطدمت بالدفاع، واضطر المدرب الليبي إلى تثبيت المدافع عبد العزيز بالريش مع الرويلي للحد من خطورة هجمات هذه الجبهة.. بعد نجاح المدافع الليبي عبد العزيز بالريش في الحد من خطورة الجبهة اليسرى للمنتخب السعودي أجرى ريكارد تغيير تكتيكي، حيث دفع باللاعب أحمد والبي بدلا من لاعب الوسط عقيل الصحبي، وفي الوقت نفسه أجرى بتغيير المراكز داخل الملعب، حيث لعب والبي في الجهة اليسرى بدلا من الرويلي الذي دخل إلى الوسط كصانع ألعاب خلف رأسي الحربة. استمرت محاولات كل فريق لحسم اللقاء في وقته الأصلي، حيث شكلت تسديدات المهاجم الليبي إيهاب البوسيفي بعض الخطورة، وجاءت الدقيقة (75) بالخبر السعيد لأنصار أحفاد المختار عندما أرسل محمد الصناني عرضية متقنة من ركلة حرة مباشرة من الجهة اليسرى قابلها وليد السباعي الخالي من الرقابة بقدمه اليمنى لتسكن الشباك على يمين خالد شراحيلي حارس السعودية معلنة عن الهدف الأول لليبيا.. استمر التنافس التكتيكي خارج الملعب بين أربيش وريكارد عقب الهدف، حيث دفع أربيش بلاعب الوسط المدافع أحمد الصغير بدلا من المهاجم محمد الغنودي للحفاظ على الفوز بينما أجرى ريكارد تغييرا بدافع التنشيط الهجومي، حيث دفع بالمهاجم ربيع سفياني بدلا من المهاجم عيسى المحياني وهاجم الأخضر بشراسة حتى النهاية، ولكن الكلمة العليا كانت للدفاع الليبي، وشكلت المرتدات بعض الخطورة لليبيا، واحتسب حكم اللقاء جهاد جريشة ركلة جزاء لليبيا في الدقيقة الخامسة من الوقت المحتسب بدلا من الضائع والمقدر بست دقائق بعدما اصطدمت الكرة بيد المدافع السعودي، وتصدى لها أحمد سعد وسددها في الزاوية اليمنى العليا لشراحيلي الحارس السعودي محرزا الهدف الثاني لتنتهي المباراة بفوز ليبيا (2-0) وصعودها إلى المباراة النهائية.