قال مسئولون أميركيون ويمنيون إن إدارة أوباما تجري محادثات مع مسئولين يمنيين لإنشاء مركز اعتقال خارج العاصمة صنعاء لاحتجاز العشرات من المشتبهين بالإرهاب بعد ترحيلهم من جوانتانامو وأفغانستان. ووفقاً لصحيفة لوس انجليس تايمز الأميركية، فإن الخطة تختص بالسجناء اليمنيين فقط وتُعتبر نقطة أساسية لتجديد الرئيس الأميركي باراك أوباما لوعده بإغلاق معسكر الاعتقال في القاعدة البحرية الأميركية في كوبا والذي تم إنشاؤه بعد هجمات 2001 الإرهابية، وهو الوعد الذي كرره هذا الأسبوع.. ولعل أكثر من نصف ال164 سجيناً الباقين في جوانتانامو هم من اليمن. ونقلت الصحيفة في تقريرها عن مسئول أميركي مطلع على المحادثات, تحفظ عن هويته لأن هذه المحادثات سرية، أن "هناك إدراكاً واضحاً بوجوب أن يحدث هذا، لكن إذا لم يتم القيام به، فإن المخاطر شديدة جداً". وكان مسئولون يمنيون قد رسموا خططاً أولية لإنشاء المركز خارج صنعاء، لكن الوصول إلى اتفاق نهائي ربما يستغرق شهوراً.. هناك خلافات عميقة على التمويل وحول ما إذا سيكون بمثابة سجن آخر أو مأوى مؤقت للمعتقلين قبل إدماجهم في المجتمع بعد سنوات من الحبس والعزل- وفقاً للصحيفة الأميركية. وقالت الصحيفة إن تفاصيل المناقشات في طي الكتمان بسبب الحساسيات السياسية في واشنطن والحكومة اليمنية المدعومة من الولاياتالمتحدة.. اليمن، الواقعة في جنوب شبه الجزيرة العربية، تكافح تمرداً من قبل قبائل متحاربة تدعمها جماعات إسلامية, مما تسبب في انخفاض حاد في الوضع الأمني خلال الأشهر الأخيرة.. مشيرة إلى أن المسئولين الأميركيين قلقون من أن السجناء اليمنيين الذين سيتم إرسالهم إلى بلادهم ربما يستأنفون الأنشطة الإرهابية بعد الإفراج عنهم، ربما من خلال الانضمام إلى القاعدة في شبه الجزيرة العربية، فرع القاعدة الإرهابية في اليمن الذي سعى مراراً وتكراراً لتفجير طائرات أميركية وأهداف غربية أخرى. وأضافت لوس انجليس تايمز:" إن المسئولين اليمنيين لا يريدون النظر إليهم على أنهم يساعدون واشنطن في إيجاد بديل لسجن جوانتانامو, وإنهم يحذرون من أن أي مركز مدعوم من الولاياتالمتحدة سيكون هدفاً لهجمات المتشددين الإسلاميين, وبالتالي فهناك حاجة لدفاعات مكثفة". وأردفت أنه وخلال محادثات سابقة لم يُكشف عنها عُقدت في روما مؤخراً بسبب المخاطر الأمنية في اليمن، حث المسئولون اليمنيون، مسئولين أميركيين وأوروبيين على تمويل أعمال البناء وتدريب الحراس والموظفين الآخرين.. إدارة أوباما دعت السعودية أيضاً إلى المباحثات على أمل أن تساهم في تمويل المشروع. وقال مسئولون أميركيون إن المعتقلين في المركز اليمني سيخضعون للحوار وتعليمهم النموذج السلمي للإسلام, إضافة إلى إشراكهم في التدريب المهني قبل اتخاذ أي قرار بشأن إطلاق سراحهم.. هذا البرنامج سيكون على غرار الجهود السعودية التي نجحت إلى حد كبير في إعادة إدماج المقاتلين الإسلاميين في المجتمع. ولفت مسئولون في البيت الأبيض إلى أنهم يعملون مع الأممالمتحدة وحكومات أخرى لمساعدة اليمن في تنفيذ هذا المشروع.. وقالت كاتلين هايدن، المتحدثة مجلس الأمن القومي:" نعتقد أن إنشاء برنامج مستدام ذات مصداقية سيكون خطوة مهمة للحكومة اليمنية في تعزيز قدراتها على مكافحة الإرهاب". نشطاء في حقوق الإنسان يقولون إنهم سيعارضون إقامة المركز الجديد إذا كان يعني ذلك مجرد نقل اليمنيين, الذين سُجنوا لسنوات دون تهمة في جوانتانامو، للاحتجاز في سجن جديد إلى أجل غير مسمى. وقالت اندريا براسو، كبيرة مستشاري مكافحة الإرهاب في منظمة هيومن رايتش ووتش:" لا أعتقد أنه سيرى النور إلا إذا كان برنامجاً فعلياً لإعادة التأهيل.. لا أجد وسيلة مقبولة للمعتقلين اليمنيين العائدين في احتجازهم رغماً عنهم". معظم اليمنيين معتقلون في جوانتانامو لأكثر من عقد من الزمن منذ القبض عليهم في باكستانوأفغانستان وفي أماكن أخرى.. هناك يمنيان على الأقل محتجزان في سجن أميركي في أفغانستان. البنتاغون حدد 55 معتقلاً لنقلهم إلى اليمن، 25 منهم يُعتبرون أقل خطورة, وقد تم الموافقة على تسليمهم فوراً.. الثلاثون الآخرون ربما يتم نقلهم إلى بلادهم إذا ما وافقت اليمن على الشروط الهادفة إلى ضمان عدم عودتهم إلى العنف. وأشارت الصحيفة إلى أن وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي اعترف الشهر الماضي بأن حكومته تخطط لبناء مركز ل"إعادة تأهيل" معتقلي جوانتانامو، لكنه لم يشر إلى مشاركة الولاياتالمتحدة, ووصف السجناء العائدين بغير العنيفين. ووفقاً لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية، قال القربي:" نخطط حالياً لبناء هذا المركز واتخاذ الإجراءات القانونية لإعادة 55 شخصاً الذين وافقت الولاياتالمتحدة على إرسالهم إلى البلاد، أولئك الذين لا يشكلون تهديداً.. متخصصون من اليمن والسعودية والاتحاد الأوروبي عقدوا اجتماعاً لدراسة إنشاء مركز لإعادة التأهيل". لعدة سنوات والمسئولون الأميركيون يناقشون بناء المركز اليمني, وهذه الفكرة انتعشت من جديد بعد أن تعهد أوباما في مايو الماضي بتجديد الجهود الرامية إلى إغلاق معتقل جوانتانامو وعين مبعوثين خاصين في وزارة الخارجية والبنتاغون لتحقيق هذا الهدف. ونوهت لوس أنجلوس إلى أنه بعد حظر الكونغرس نقل المشتبهين بالإرهاب إلى سجون في الأراضي الأميركية، ركزت إدارة أوباما على التوصل إلى اتفاقات مع الحكومات الأخرى لأخذ مواطنيها إلى بلدانها، مستدركة:" لكن معظم الحكومات الأجنبية تقول إنها ستفرج عن المعتقلين لأنهم لم يُدانوا بأي جريمة, وهذا يخلق مشكلة سياسية للبيت الأبيض منذ أن أعاق بعض الجمهوريين الجهود الرامية إلى إرسال المعتقلين إلى بلدانهم". وقال مسئول يمني- مشترطاً عدم الكشف عن هويته بسبب الحساسيات الدبلوماسية- إن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عرض تمويل المشروع عندما التقى الرئيس أوباما في البيت الأبيض في أغسطس الماضي.. وقال مسئولون أميركيون ويمنيون إن اليمن ألغت ذلك العرض نظراً للعجز الحاد في ميزانية البلاد- وفقاً للصحيفة. وذكرت أن المسئولين الأميركيين يصرون على أنهم لا يستطيعون أيضاً دفع تكاليف المشروع, ويقولون إن الجمهوريين في الكونغرس، كثير منهم يعارضون إغلاق معتقل جوانتانامو، لن يوافقوا على تمويل إنشاء مركز منفصل في اليمن. وأضافوا إنه من غير الممكن ضمان أن السجن الجديد سيطابق المعايير الأميركية بدون وجود أفراد أميركيين فيه. وقال مسئول أميركي:" عندما تعمل شيئاً مثل هذا، فإنك ستكون المسئول عنه".