نهاية الانقلاب الحوثي تقترب.. حدثان مفصليان من مارب وعدن وترتيبات حاسمة لقلب الطاولة على المليشيات    الأحزاب والمكونات السياسية بتعز تطالب بتسريع عملية التحرير واستعادة مؤسسات الدولة    لحظة إصابة سفينة "سيكلاديز" اليونانية في البحر الأحمر بطائرة مسيرة حوثية (فيديو)    شركة شحن حاويات تتحدى الحوثيين: توقع انتهاء أزمة البحر الأحمر رغم هجماتهم"    وزير المالية يصدر عدة قرارات تعيين لمدراء الإدارات المالية والحسابات بالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي    الوزير الزعوري يهنئ العمال بعيدهم العالمي الأول من مايو    توجيهات واحصائية".. اكثر من 40 ألف إصابة بالسرطان في اليمن و7 محافظات الاكثر تضررا    بالفيديو.. عالم آثار مصري: لم نعثر على أي دليل علمي يشير إلى تواجد الأنبياء موسى وإبراهيم ويوسف في مصر    يوم تاريخي.. مصور يمني يفوز بالمركز الأول عالميا بجوائز الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية في برشلونة (شاهد اللقطة)    تشافي لا يريد جواو فيليكس    مركز الملك سلمان يمكن اقتصاديا 50 أسرة نازحة فقدت معيلها في الجوف    تفجير ات في مأرب لا تقتل ولا تجرح كما يحصل في الجنوب العربي يوميا    للزنداني 8 أبناء لم يستشهد أو يجرح أحد منهم في جبهات الجهاد التي أشعلها    عودة الكهرباء تدريجياً إلى مارب عقب ساعات من التوقف بسبب عمل تخريبي    برشلونة يستعيد التوازن ويتقدم للمركز الثاني بفوزه على فالنسيا برباعية    تراجع أسعار الذهب إلى 2320.54 دولار للأوقية    اختتام برنامج إعداد الخطة التشغيلية للقيادات الادارية في «كاك بنك»    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    هجوم جديد على سفينة قبالة جزيرة سقطرى اليمنية بالمحيط الهندي    رئيس جامعة إب يطالب الأكاديميين الدفع بأبنائهم إلى دورات طائفية ويهدد الرافضين    نابولي يصدّ محاولات برشلونة لضم كفاراتسخيليا    البكري يجتمع ب "اللجنة الوزارية" المكلفة بحل مشكلة أندية عدن واتحاد القدم    عقب العثور على الجثة .. شرطة حضرموت تكشف تفاصيل جريمة قتل بشعة بعد ضبط متهمين جدد .. وتحدد هوية الضحية (الاسم)    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    اتحاد كرة القدم يعلن عن إقامة معسكر داخلي للمنتخب الأول في سيئون    شاهد.. مقتل وإصابة أكثر من 20 شخصًا في حادث بشع بعمران .. الجثث ملقاة على الأرض والضحايا يصرخون (فيديو)    وزارة الداخلية تعلن ضبط متهم بمقاومة السلطات شرقي البلاد    يجب طردهم من ألمانيا إلى بلدانهم الإسلامية لإقامة دولة خلافتهم    ماذا لو أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيل؟    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    بينها الكريمي.. بنوك رئيسية ترفض نقل مقراتها من صنعاء إلى عدن وتوجه ردًا حاسمًا للبنك المركزي (الأسماء)    قيادي حوثي يذبح زوجته بعد رفضها السماح لأطفاله بالذهاب للمراكز الصيفية في الجوف    استشهاد وإصابة أكثر من 100 فلسطيني بمجازر جديدة للاحتلال وسط غزة    انهيار كارثي للريال اليمني.. والعملات الأجنبية تكسر كل الحواجز وتصل إلى مستوى قياسي    ماذا يجري في الجامعات الأمريكية؟    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    تعليق على مقال زميلي "سعيد القروة" عن أحلاف قبائل شبوة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    البخيتي يتبرّع بعشرة ألف دولار لسداد أموال المساهمين في شركة الزناني (توثيق)    لماذا نقرأ سورة الإخلاص والكافرون في الفجر؟.. أسرار عظيمة يغفل عنها كثيرون    فشل العليمي في الجنوب يجعل ذهابه إلى مأرب الأنسب لتواجده    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    مدرب بايرن ميونيخ: جاهزون لبيلينغهام ليلة الثلاثاء    لأول مرة.. مصر تتخذ قرارا غير مسبوق اقتصاديا    الكشف عن الفئة الأكثر سخطًا وغضبًا وشوقًا للخروج على جماعة الحوثي    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    حاصل على شريعة وقانون .. شاهد .. لحظة ضبط شاب متلبسا أثناء قيامه بهذا الأمر الصادم    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    ليفربول يوقع عقود مدربه الجديد    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    ريمة سَّكاب اليمن !    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(دولة خلف القضبان).. السعودية هل تتحول إلى سجن كبير؟!!
المملكة والإخوان ثمانون عاماً من الشراكة (سيرة ومسيرة ونضال ومصير وتكامل في خدمة الإسلام والمسلمين)..
نشر في أخبار اليوم يوم 09 - 03 - 2014

(الإخوان أبطال جاهدوا في سبيل الله بأنفسهم وأموالهم).. الراحل الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود عقب حرب نكبة فلسطين 1948م عندما كان وزيراً للخارجية السعودية.. بمثل هكذا رؤية كانت المملكة ترى جماعة الإخوان على مدى ثمانين عاماً وتغير الموقف يوم أمس الأول بإعلان الداخلية السعودية قرارها بإدراج الجماعة ضمن ست جماعات إرهابية فما الذي تبدل وتحول؟
هل تحولت المملكة العربية السعودية إلى دولة (خلف القضبان) كما وصفتها المجلة البريطانية الشهيرة "إيكنومست" الأسبوع المنصرم وهل قررت سلطات المملكة الاستجابة لما ورد في التقرير وتحويله إلى أمر واقع من خلال قرار وزارة الداخلية السعودية يوم أمس الأول الجمعة بتصنيف الجماعات الإرهابية عندما ساوت بين جماعة الإخوان المسلمين ذات الإرث الدعوي والثقافة السياسية الوسطية والانتشار الواسع في أصقاع العالم مع تنظيمات أخرى مثل القاعدة والحوثيين وجبهة النصرة، وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق، والشام، وحزب الله؟!..
هل تناست المملكة أو تناسى حكامها أو على الأقل من يقفون وراء إصدار القرار, تاريخ العلاقات الاستراتيجية بين المملكة وجماعة الإخوان منذ أيام الملك المؤسس عبد العزيز والإمام المؤسس البنا حتى اليوم, وهل تجهل قيادة المملكة الدور الوسطي الرائد والمكانة الكبيرة لجماعة الإخوان في الخليج, لاسيما في الكويت وقطر وكذا وجود الإخوان كسلطة أو مشاركين فيها في عدة دول تربطها بالمملكة علاقات استراتيجية وطيدة كما هو الحال في الكويت والمغرب وتونس وتركيا وغيرها من الدول، وما هي ردة الفعل لدى أبرز رجال الفكر ومشايخ الدعوة في الخليج العربي على القرار السعودي داخل وخارج المملكة؟..
هل أصابت المملكة والأسرة الحاكمة لعنة (برامكة العصر)، و(ابن علقمييه) من خلال مستشارين أمثال خالد التويجري ووالده ومن على شاكلته من العلمانيين والقوميين المتطرفين وأنصار الفكر الشيعي داخل البلاط الملكي السعودي..
حول تلك الأسئلة وعن مواقف الملوك السعوديين من جماعة الإخوان وردود الفعل رصدت "أخبار اليوم" الملف التالي:
قالوا عن القرار السعودي
1 عبدالله النفيسي
سحب السفراء من الدوحة (لعب عيال وصبيانية سياسيه) لا تمت للرشد السياسي بصلة.. نهنئ قطر بعدم انجرارها للمعاملة بالمثل وتمسكها بالأخوة..
ما يدور بين حكومات (التعاون) دليل على غياب الرؤية والرشد والحنكة وبعد النظر وشيوع التنظيم الصحراوي في أروقة تلك الحكومات..
قلناها من زمان: نحن في مجلس التعاون بأمس الحاجة لقيادات ملهمة.
2 طارق السويدان (باحث ومفكر وداعية إسلامي)
لا يمكن اعتقال أو منع الفكر لا بالقانون ولا بفتاوى التكفير، فكل هذا يغذي الفكر ويزيده انتشاراً، الفكر لا يواجه إلا فكراً أقوى منه, إذا عجز أهل الفكر الضعيف والفقه المتخلف عن المواجهة الفكرية لجأوا للتكفير والقوانين القمعية، وهذا دليل كافٍ على عجزهم..
الطاغية الديكتاتور في بلده يخاف من الحرية والعزة حتى لو كانت في بلد آخر, هناك دول تؤيد الحرية وهناك دول تؤيد القمع..
في الربيع العربي كان أفضل موقف عالمي هو تركيا وأفضل موقف عربي هو قطر وأسوأ موقف عالمي هو روسيا وأسوأ موقف عربي هو؛ ما رأيكم؟
أحيي موقف قطر الرافض للانقلاب في مصر، وللعلم فهو سبب نقمة مؤيدي الانقلاب عليها..
بدأ قمع الحركة الإسلامية في مصر 1954 وظل القمع 60 سنة وفي أول انتخابات حرة في 2012 اختارهم الشعب وفازوا، مطلبنا: دعوا الشعوب تختار بحرية!
3 علي عمر بادحدح (خطيب ومحاضر وناشط في الفكر الإسلامي عضو تدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة (
حصول أحداث على خلاف المألوف الذي له روابط وطيدة فلا حكمة ولا مصلحة في النفخ فيها فلا تظنوا عودة المياه إلى مجاريها..
4 عبدالله الشايجي (رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الكويت)
إدراج المملكة العربية السعودية للإخوان المسلمين وحزب الله في السعودية وجماعات أخرى على قائمة الإرهاب بالتطور الملفت والمهم.. أتوقع أن تنتهج دول خليجية أخرى وغير خليجية نفس نهج المملكة.
السعودية تريد أن تبعد التطرف عن شبابها وشعبها، مشيراً إلى أن هكذا قراراً عندما يصدر عن دولة بحجم السعودية فسيكون له تأثير على المنطقة بأسرها.
القرار السعودي جاء من أجل محاربة التطرف، وأذكر بأن قراراً سعودياً سابقاً صدر بتجريم قتال الأفراد السعوديين في الخارج.
إن إدراج الإخوان المسلمين ضمن القائمة التي صنفتها السعودية بأنها جماعات إرهابية، تُعُّد رسالة موجهة لقطر أكثر من أي طرف آخر.
البيان قوي جداً ويحمل الكثير من الثقة بالنفس ويؤكد على أن السعودية اتخذت قراراً حاسماً من أعلى المستويات لمواجهة كل من ينتمي لجماعة إرهابية في المنطقة العربية.
5 عبدالخالق عبدالله (أستاذ العلوم السياسة بالإمارات )
السعودية قررت الدخول في معركة سياسية وإعلامية وفكرية كاسحة ضد الجماعات التي صنفتها بالإرهابية.. القرار- حتى هذه اللحظة- سعودي بحت وينطلق من خصوصيات سعودية, لا أستبعد أن تؤيد دول خليجية السعودية في قرارها وربما تسعى بعضها لتطبيق نفس القرار.
قرار إشعال المنطقة
أعلنت وزارة الداخلية السعودية - أمس الجمعة - قائمة بالأحزاب والتيارات التي وصفتها بالإرهابية، وتضم القائمة جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة وجميع التنظيمات المرتبطة به، وجبهة النصرة، وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، وحزب الله داخل المملكة وجماعة الحوثيين.
وقال بيان صادر عن الوزارة نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) أمس، إنه صدر أمر ملكي بالموافقة على القائمة واعتمادها وبدء العمل بها اعتباراً من يوم الأحد المقبل 9 مارس/آذار الجاري.
ويُجرّم البيان المشاركة أو الدعوة أو التحريض على القتال في أماكن الصراعات بالدول الأخرى، وكذلك كل من ينتمي أو يؤيد أو يتعاطف أو يرّوج أو يدعم الجماعات الإرهابية المشار إليها.
وكان عبدالباري عطوان, قد حذر من تحول القرار وتداعياته إلى حرب في مقالٍ له يوم أمس بعنوان "السعودية والقبضة الحديدة" قائلاً فيه: نشم رائحة حرب في منطقة الخليج، حرباً إعلامية وربما تتبعها حرب عسكرية، فالتوتر في ذروته، ووساطات “بوس اللحى” السابقة لم تعد تجدي نفعاً، فقد اتّسع الخرق على الراقع, مستفيضاً بالقول: إن السلطات السعودية تُقدِم على مغامرات خطيرة جداً وتستعد للمواجهة على أكثر من جبهة، وتلجأ- وبصورة أكثر قوة- للقبضة الحديدية، لتكتيم الأصوات، وتقييد الحريات، في وقت تثور فيه الشعوب من أجلها، ولا بد أن هناك أسباباً لا نعرفها تدفعها للذهاب إلى هذه الدرجة من التشدد في هذا المضمار.
وأكد عطوان أن منطقة الخليج تقف حالياً على حافة تطورات غير مسبوقة لا يستطيع أحد التنبؤ بنتائجها مهما أوتي من علم وبُعد بصيرة، فيبدو أن سياسة محاربة الثورات المطالبة بالديمقراطية في مهدها كأسلوب وقاية قد فشلت ولا بد من سياسة جديدة بديلة لتحصين الداخل من خلال القبضة الحديدية، السياسة التي اتبعها النظام السوري، ولكن بأساليب غير دموية، وهذا لا يعني أنها قد لا تتطور إلى الحلول الأمنية العسكرية لاحقا.
مضيفاً إن السعودية- التي كنا نعرفها طوال الثمانين عاما الماضية تقف على أبواب مرحلة جديدة من التغيير- سنترك الحكم للمستقبل عما إذا كان هذا التغيير للأفضل أو الأسوأ.
ابن العلقمي وابن التويجري
تدل جميع المؤشرات والمعلومات المتوافرة اليوم أن خالد بن عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري- رئيس ديوان الملك- وكبار المستشارين في البلاط الملكي هم اليوم من يخططون ويتآمرون مع أعداء المملكة لإسقاط المملكة من خلال تمرير السياسات التي تخدم أعداء المملكة وفي مقدمتهم طهران ومن يدور في فلكها وكذا مجموعة العلمانيين والشيعة والشيوعيين خارج المملكة من المتربصين بحكم آل سعود وتقويض دولتهم والتاريخ يعيد نفسه..
وقد كرَّس ابن العلقمي حياته؛ للقضاء على الخلافة العباسية، ومحاربة أهل السُّنَّة أينما حلَّوا أو ارتحلوا، وقامت تلك الخطة على محاور ثلاث، استطاع ذلك الوزير الخائن من خلالها أن يسقط دعائم الخلافة العباسية؛ لتعيش الأمة وللمرة الأولى منذ أكثر من خمسة قرون من دون خليفة يسيِّر أمور تلك الحضارة العظيمة.
وكانت المراحل الثلاث لخطته كما يلي:
1- إضعاف الجيش الإسلامي:
حيث قطع من أرزاق العسكر، وسعى في تقليل النفقات على الجهاد، وهذا ما يؤكده ابن كثير بقوله: "وكان الوزير ابن العلقمي يجتهد في صرف الجيوش، وإسقاط اسمهم من الديوان، فكانت العساكر في آخر أيام المستنصر قريبًا من مائة ألف مقاتل، فلم يزل يجتهد في تقليلهم، إلى أن لم يبق سوى عشرة آلاف..
2- مكاتبة التتار:
وهذا هو الفصل الثاني والمرحلة الثانية من الخيانة العظمى، حيث كاتب ذلك الوزير التتار؛ ليعرض عليهم معونتهم في اقتحام بغداد وإسقاطها، وأمدَّهم بما يحتاجونه من المعلومات. ويحكي ابن كثير عن ذلك قائلاً: "ثم كاتب التتار، وأطمعهم في أخذ البلاد، وسهَّل عليهم ذلك، وحكى لهم حقيقة الحال، وكشف لهم ضعف الرجال.
3- النهي عن قتال التتار وتثبيط الخليفة والرعية:
ثم ضم إلى العقد غير الفريد لخياناته حلقة ثالثة، حيث بدأ في تثبيط همة الخليفة في جهاد التتار، والتخذيل في جماعة المسلمين، ويؤكد شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- على هذه الحقيقة حين قال عن ابن العلقمي: "وكان وزير الخليفة ببغداد الذي يقال له ابن العلقمي منهم -أي من الرافضة- فلم يزل يمكر بالخليفة والمسلمين ويسعى في قطع أرزاق عسكر المسلمين وضعفهم، وينهى العامة عن قتالهم -أي التتار- ويكيد أنواعًا من الكيد.
ولم يكتفِ بالتأثير على العامة، بل راح يثبط من عزيمة الخليفة في جهاد التتار، ويقاوم كل من أشار عليه بالثبات في وجههم، وفي ذلك يحكي ابن كثير في كتابه البداية والنهاية قائلاً: "وأوهم -أي ابن العلقمي- الخليفة وحاشيته أن ملك التتار يريد مصالحتهم، وأشار على الخليفة بالخروج إليه، والمثول بين يديه لتقع المصالحة على أن يكون نصف خراج العراق لهم، ونصفه للخليفة، فخرج الخليفة إليه في سبعمائة راكب من القضاة والفقهاء والأمراء والأعيان.
وأشار على الخليفة بالخروج إلى هولاكو، قائلاً: "فليجب مولانا إلى هذا؛ فإن فيه حقن دماء المسلمين.
وتمَّ بهذه الحيلة قتل الخليفة ومن معه من قواد الأمة وطلائعها بدون أي جهد من التتار، "وقد أشار أولئك الملأ من الرافضة وغيرهم من المنافقين على هولاكو أن لا يصالح الخليفة، وقال الوزير ابن العلقمي: (متى وقع الصلح على المناصفة لا يستمر هذا إلا عامًا أو عامين، ثم يعود الأمر إلى ما كان عليه قبل ذلك)، وحسنُّوا له قتل الخليفة.
نتائج جريمته النكراء
وبعد مقتل الخليفة اتجه فريق من أشقياء التتار لعمل إجرامي بشع، وهو تدمير مكتبة بغداد العظيمة، وهي أعظم مكتبة على وجه الأرض في ذلك الزمن، وهي الدار التي كانت تحوي عصارة فكر المسلمين في أكثر من ستمائة عام، وجمعت فيها كل العلوم والآداب والفنون.
لقد ألقى التتار بمجهود القرون الماضية في نهر دجلة، "حتى تحول لون مياه نهر دجلة إلى اللون الأسود من أثر مداد الكتب، وحتى قيل: إن الفارس التتري كان يعبر فوق المجلدات الضخمة من ضفة إلى ضفة أخرى.
وبعد ذلك خرج الجيش التتري بكامله من بغداد؛ لكيلا يصاب بالطاعون نتيجة الجثث المنتشرة في كل مكان، ويكفي في التعبير عن بشاعة ذلك العدوان، كما أصدر هولاكو قرارًا بأن يُعيَّن مؤيَّد الدين العَلْقمي الشيعي حاكمًا من قِبل التتار على بغداد، على أن توضع عليه - بلا شك- وصاية تترية، ولم يكن مؤيد الدين إلا صورة للحاكم فقط، وكانت القيادة الفعلية للتتار بكل تأكيد.

آل سعود والإخوان علاقة بدأت مع الملك عبد العزيز والإمام البنا
يؤرخ في بداية هذه المرحلة البرفسور/ أليف الدين الترابي ويتحدث عن الجذور التي ربطت مؤسس الدولة السعودية الملك/ عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود ومؤسس جماعة الإخوان المسلمين الإمام حسن البنا, ويقول: في عام 1928م قام الإمام الشهيد حسن البناء- رحمه الله- بتأسيس جماعة الإخوان المسلمين في مصر للدعوة للعودة إلى الإسلام من جديد تحت شعار " الله ربنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا والشهادة في سبيل الله أسمى أمانينا" ولا شك أن هذه الدعوة كانت دعوة شاملة تعم كافة النواحي للحياة الفردية والاجتماعية.. ومن أهم المزايا لهذه الدعوة أنها تدعو إلى الوسطية والتجنب التشدد تجنباً كاملاً, من أجل ذلك كان هناك إقبال كبير على هذه الدعوة، ولم تبق دائرتها محدودة إلى مصر فحسب بل إنما اتسعت إلى كافة البلاد العربية والإسلامية رغم العراقيل وأساليب القهر من قبل الحكام الرئيسيين في البلاد المختلفة. وقد تبين في الانتخابات الأخيرة في مصر وتونس وليبيا والمغرب ويمن بأن دعوة جماعة الإخوان المسلمين قد وصلت إلى الشعوب في هذه البلاد. وتقوم بنشاطاتها في بعض الدول الإسلامية الأخرى مثل الأردن والسوريا منذ سنوات.. ونحن على يقين بأنه إذا كانت هناك انتخابات حرة ونزيهة في هذين البلدين في يوم من الأيام فإن جماعة الإخوان المسلمين ستفوز بالأغلبية.. وهكذا هناك بعض من البلاد الخليجية مثل الكويت والقطر فإن جماعة الإخوان المسلمين فيها تواصل نشاطاتها باسم جمعية الإصلاح الاجتماعي.
دعوة جماعة الإخوان المسلمين في المملكة العربية السعودية:
وأما ما يخص بالمملكة العربية السعودية فدعوة جماعة الإخوان المسلمين قد وصلتها بعد فترة ضئيلة من تأسيس الجماعة، فإن الأستاذ محب الدين الخطيب- الذي كان الشخصية البارزة والداعية الكبير في المملكة- اتصل بالإمام الشهيد حسن البنا وعرض عليه أن ينتقل إلى المملكة ويواصل دعوته فيها, ولكن الظروف لم تسمح للإمام الشهيد أن يسافر إلى المملكة ويقوم بدعوته فيها حينذاك.
الملك عبدالعزيز وجماعة الإخوان المسلمين
يعتبر الملك عبدالعزيز- رحمه الله- من كبار رجال التاريخ لكونه مؤسس المملكة العربية السعودية. والجدير بالذكر أن الجزيرة العربية قبل تأسيس المملكة كانت تشمل العديد من الدويلات الصغيرة ثم في عام 1932م قام الملك عبدالعزيز بتوحيد هذه الدويلات والمناطق وأطلق عليها اسم "المملكة العربية السعودية". وكان الملك عبدالعزيز رحمه الله تعالى متأثراً من دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب )1703م - 1791م (تأثراً عميقاً وكانت دعوته رحمه الله تركز على عقيدة التوحيد وتنفيذ الحكم الإسلامي. ولا يفوتنا أن نذكر هنا بأن المفاهمة التي قد تمت بين الإمام محمد بن عبدالوهاب وبين مؤسس آل سعود الإمام محمد بن سعود كانت تنص على بأن سيكون هناك التعاون والتناصر معاً بينهما لتنفيذ الحكم الإسلامي، وهذا التعاون سيستمر مع استمرار الحكم في آل سعود.
المملكة ترحب بالإمام البنا رسمياً
كان في هذه الأوضاع أن قرر المجلس الشورى لجماعة الإخوان المسلمين أن تبعث البعثة الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين لأداء فريضة الحج في قيادة المرشد العام للجماعة الإمام حسن البنا الشهيد وذلك في عام 1354ه الموافق 1936م وحينما وصلت هذه البعثة بميناء جدة، قامت الجريدة الرسمية للمملكة "أم القرى" بالترحيب بالبعثة في افتتاحية عددها الصادر في 14 مارس عام 1936م تحت العنوان: "على الرحب والسعة" وقالت:
"وصل على الباخرة كوثر التي أقلت الفوج الأخير من الحجاج المصريين كثير من الشخصيات المصرية المحترمة لم تسعفنا الظروف بالتعرف إليهم إلا بعد صدور العدد الماضي للمجلة وإنا نذكر منهم الأستاذ الكبير حسن البنا المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين.
يتبين من هذه الافتتاحية لمجلة "أم القرى" الرسمية مدى احترام واهتمام حكومة المملكة للإمام الشهيد حسن البنا وجماعة الإخوان المسلمين.
كان من عادة الملك عبدالعزيز- رحمه الله- أنه يقيم مؤتمراً خاصاً لترحيب وإكرام البعثات الخارجية للحج وكان الملك نفسه أو مندوبه يقوم بترحيب هذه البعثات للحج, فكان وفقاً لذلك فإنه قد أقيم المؤتمر لترحيب البعثات الخارجية للحج فشاركت فيه بعثة الحج لجماعة الإخوان المسلمين.. وخلال المؤتمر تحدث مندوب كل بعثة بلغة بلاده, وفي الأخير ألقى الإمام حسن البنا كلمته وقدم فيها الدعوة للعودة إلى الإسلام من جديد. وكانت الكلمة الوحيدة التي بعثت في المؤتمر جواً من الحيوية، ما كادت الكلمة تنتهي حتى أقبل عليه قادة جميع الوفود يعانقونه ويطلبون التعارف عليه وعلى دعوته.
الأمراء يكرمون الإخوان نيابة عن الملك المؤسس
ثم في عام 1364ه الموافق 1945م سافرت بعثة جماعة الإخوان المسلمين إلى المملكة لأداء فريضة الحج مرة ثانية وخلال هذه الرحلة للإخوان المسلمين أقيم حفل خاص بفندق "بنك مصر" في مكة المكرمة ووجهت الدعوة إلى الكبار المسؤولين في الحكومة, بما فيهم الملك عبدالعزيز- رحمه الله تعالى- نفسه والأمراء والوزراء والمبعوثون للبعثات الإسلامية المختلفة وهذا الحفل شارك فيه الأمير عبدالله الفيصل والأمير منصور نيابة عن الملك عبدالعزيز رحمه الله تعالى وفي هذا الحفل أيضاً قدم الإمام البنا دعوته للعودة إلى الإسلام من جديد.
وفي 27 يونيو عام 1947م الموافق 28 رجب 1366ه عقد المركز العام لجماعة الإخوان المسلمين مؤتمراً إسلامياً في القاهرة بمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج. وشاركه بعض من الشخصيات البارزة من المملكة العربية السعودية من بينهم السيد سعد المقي وأسعد الفاسي واللذان كانا من كبار رجال الدولة.
لقاء الملك المؤسس بالإمام المؤسس
وخلال الحج في عام 1359ه الموافق 1940م قام الملك عبدالعزيز- رحمه الله تعالى- بإقامة جلسات خاصة على مأدبة الطعام لكبار الحجاج إكراماً لهم.. وفي ذلك الصدد وجه هو دعوة خاصة إلى الإمام الشهيد حسن البنا المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين, وخلال اللقاء في هذه المناسبة قدم الإمام البنا بعض الاقتراحات لحل قضية فلسطين المسلمة منها تقديم الدعم للكتائب والفصائل الجهادية من قبل المملكة التي تجاهد لتحرير فلسطين.. وهذا الاقتراح أعجب الملك عبدالعزيز آل سعود إعجاباً جيداً.
السعودية تحرس البنا
وخلال الحج لعام 1948م/1368ه كان هناك إشاعة لمؤامرة اغتيال الإمام الشهيد حسن البنا- رحمه الله تعالى- المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين أثناء أداء فريضة الحج, حينما علمت حكومة المملكة عن ذلك أنزلته ضيفاً عندها وقامت بما يلزم لحراسة مقره, وأعطته سيارة خاصة مع جندي مسلح لمنع الاعتداء عليه. وهكذا تمكن الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله تعالى من أداء فريضة الحج.
قادة الإخوان في المملكة
وفي بداية خمسينات للقرن العشرين الميلادي وفي عام 1953م بالتحديد انتقل إلى المملكة بعض من قادة جماعة الإخوان المسلمين وعلى رأسهم الشيخ مناع خليل القطان والذي كان سكرتير الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله تعالى وكان خريج جامعة الأزهر الشريف, قد تم تعيين الشيخ مناع القطان فيما بعد رئيساً للمعهد العالي للقضاء في المملكة، والجدير بالذكر أن الشيخ مناع القطان له دور كبير في تأسيس فكرة إنشاء رابطة العالم الإسلامي والبنك الإسلامي للتنمية، والندوة العالمية للشباب الإسلامي والمؤسسات الإسلامية الأخرى التي تطلق عليها "المؤسسات الإخوانية" في المملكة.
المملكة توفر طائرة للمرشد الهضيبي
حينما قام المرشد العام الثاني لجماعة الإخوان المسلمين الأستاذ حسن الهضيبي بزيارة المملكة في عام 1954م في أيام الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله تعالى قامت حكومة المملكة بإكرامه بتوفير طائرة خاصة له للسفر إلى الشام.
السعوديون ودعوة الإخوان
كما ذكرنا آنفاً أن الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله تعالى, زار المملكة العديد من المرات ولاسيما خلال رحلات الحج قبل شهادته, وكان خلال هذه الزيارات والرحلات في المناسبات المختلفة يقدم دعوته للعودة إلى الإسلام من جديد فكان نتيجة لذلك بأن عدداً غير قليل من شباب المملكة قد تأثروا بدعوته. ومن بين هؤلاء الشباب أو على رأسهم الأديب والكاتب الشهير الأستاذ أحمد محمد جمال من مكة المكرمة الذي عمل كمندوب لمجلة الإخوان المسلمين الرسمية لمدة طويلة ثم نظرا لعلاقاته مع جماعة الإخوان المسلمين من ناحية ولمكانته العلمية من الناحية الثانية بأن الملك الشهيد فيصل رحمه الله تعالى عينه عضواً لرابطة العالم الإسلامي إضافة إلى تعيينه مدرساً في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة. وللأستاذ أحمد محمد جمال كتاب قيم حول دعوة جماعة الإخوان المسلمين وذلك بعنوان" الحوار بين الشهيد سيد قطب رحمه الله تعالى والإمام المودودي رحمه الله تعالى والشيخ أبي الحسن علي الندوي رحمه الله تعالى" يقول فيه بأن الفرق بين دعوة الشهيد سيد قطب والإمام المودودي وبين دعوة الشيخ أبي الحسن على الندوي يعود إلى الفرق في البيئة التي كان يعيشها كل واحد من هؤلاء, حيث أن الشهيد سيد قطب والإمام المودودي كانا يعيشان في بيئة الجهاد والشيخ الندوي كان يعيش في بيئة المدرسة.
الملك فيصل وموقفه من جماعة الإخوان
إن الشهيد الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى كان أكثر فراسة وبصيرة من الملوك والحكام في العالم الإسلامي في عصره، وكان رحمه الله متحمساً لتوحيد العالم الإسلامي من أجل ذلك كان يحمل لواء وحدة الأمة الإسلامية ونفس الفكرة كانت تتبنها جماعة الإخوان المسلمين.. والجدير بالذكر أن أهمية العلاقة بين الشهيد الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى وبين جماعة الإخوان المسلمين تظهر بأنالرئيس جمال عبدالناصر كان من أشد المخالفين لفكرة وحدة الأمة الإسلامية التي كان يتبناه الشهيد الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله وجماعة الإخوان المسلمين، فكان نتيجة لهذا وحدة العقيدة والفكرة بأن العلاقات بين الشهيد الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله وبين جماعة الإخوان المسلمين كانت وطيدة وقوية جداً. ولهذا تعتبر فترة حكم الملك الشهيد فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى الفترة الذهبية، للعلاقات القوية بين المملكة وبين جماعة الإخوان المسلمين, وخلال تلك الفترة قدم الإخوان ما كان في وسعهم لتحقيق الأهداف التي كان يستهدف إليها الملك الشهيد فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى لتنفيذ المشاريع الإسلامية من الفكرة إلى العمل.
وهكذا فإن الشهيد الملك فيصل بن عبدالعزيز- رحمه الله تعالى- أيضاً كان يقوم بما في وسعه لإنقاذ جماعة الإخوان المسلمين، قادة وأعضاء من براثن الظلم والعدوان للدكتاتور/ جمال عبدالناصر ونحن نذكر هنا للمثال ولا للحصر بأنه خلال مؤتمر الخرطوم- الذي عقد بدعوة رئيس الوزراء السوداني إسماعيل الأزهري- قام الملك الشهيد فيصل بن عبدالعزيز- رحمه الله تعالى- بالعرض على الرئيس جمال عبدالناصر بأنه لو وافق على إطلاق سراح المسؤولين الإخوان، قادة وأعضاء، فهو مستعد لتسديد كافة الديون على مصر, ولكن الرئيس جمال عبدالناصر لم يوافق على هذا الاقتراح خوفاً من عدم الإجابة على الاتهامات الكاذبة التي قام بتوجيهها إلى جماعة الإخوان المسلمين، قادة وأعضاء للقبض عليهم والزج بهم في السجون بل لإعدامهم شنقاً.
الإخوان والملك فيصل جنباً إلى جنب لتوحيد العالم الإسلامي
كما ذكرنا آنفاً بأن الشهيد الملك/ فيصل بن عبدالعزيز- رحمه الله تعالى- كان متحمساً جداً لتوحيد العالم الإسلامي على فكرة وحدة الأمة الإسلامية, وكانت توحيد الأمة الإسلامية من أسمى الأماني للملك الشهيد, من أجل ذلك قام الملك الشهيد باتخاذ العديد من الخطوات لتوحيد العالم الإسلامي, وإن جماعة الإخوان المسلمين أيضاً كانت تتبنى نفس الفكرة.. فمن هنا فإن الجماعة انتهزت هذه الفرصة للقيام بما يلزم لتنفيذ هذه الخطوات للحصول على التأشيرات للملكة ومن أجل تسهيلات حكومة السعودية حينذاك كثير من الإخوان قد انتقلوا إلى المملكة, لأنهم كانوا يعانون من الأوضاع القاسية من قبل الرئيس جمال عبدالناصر.
وفيما يلي نذكر تفصيل بعض الخطوات التي اتخذها الشهيد الملك فيصل- رحمه الله تعالى- لتوحيد كلمة الأمة الإسلامية ودور الإخوان المسلمين فيها.
أولاً : تأسيس رابطة العالم الإسلامي:
يعتبر تأسيس رابطة العالم الإسلامي من أهم الإنجازات للملك الشهيد فيصل رحمه الله تعالى لتوحيد الأمة الإسلامية على المستوى الفكري والعلمي. والجدير بالذكر بأن فكرة تأسيس رابطة العالم الإسلامي قدمها بعض من القادة والمفكرين لجماعة الإخوان المسلمين، وعلى رأسهم الدكتور/ سعيد رمضان و الدكتور/ كامل شريف والشيخ/ مناع القطان والدكتور/ توفيق الشاوي وغيرهم، كما في ذلك الصدد قاموا بإعداد دستور هذه المنظمة العالمية وبينوا فيها أهدافها, وقاموا بترشيح بعض الشخصيات العالمية الكبرى للمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي، من بينهم الشيخ أبو الأعلى المودودي- رحمه الله تعالى- من باكستان والشيخ أبو الحسن علي الندوي رحمه الله تعالى من الهند والدكتور محمد ناصر من إندونيسيا والشيخ محمد محمود الصراف من العراق والشيخ حسنين مخلوف من مصر, وهؤلاء الشخصيات كانوا يتبنون نفس الفكرة التي كانت تتبنها جماعة الإخوان المسلمين.

ثانياً : تأسيس الندوة العالمية للشباب الإسلامي
كان الشهيد الملك فيصل رحمه الله تعالى, يرى بأن شباب الأمة الإسلامية يستطيعون أن يقوموا بدورٍ كبيرٍ لتحقيق هدف وحدة الأمة الإسلامية, فقرر إنشاء الندوة العالمية للشباب الإسلامي, فقادة الإخوان المسلمين الذين كانوا في المملكة في ذلك الوقت وعلى رأسهم الدكتور/ سعيد رمضان والدكتور/ توفيق الشاوي والدكتور باحفظ الله والدكتور أحمد التوتنجي وغيرهم من خيرة الشباب المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين قاموا بإنشاء الندوة العالمية للشباب الإسلامي.
ويجدر بالذكر أن الدكتور حسن آل الشيخ- الذي كان وزير التعليم العالي آنذاك في المملكة- كان يشرف على هذا المشروع. وبعد تأسيس الندوة العالمية للشباب الإسلامي تم تعيين فضيلة الأستاذ الدكتور عبدالرحمن آل الشيخ أميناً عاماً للندوة العالمية للشباب الإسلامي, وهذا خير دليل على التقارب بين دعوة جماعة الإخوان المسلمين وبين دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى.
ثالثاً: تأسيس البنك الإسلامي للتنمية:
الخطوة الثالثة التي اتخذها الشهيد الملك فيصل رحمه الله تعالى نحو توحيد العالم الإسلامي هي إنشاء البنك الإسلامي للتنمية وذلك لاتخاذ الخطوات اللازمة لتنمية العالم الإسلامي, وإن قادة جماعة الإخوان المسلمين ومفكريها اهتموا بهذا المشروع اهتماماً بالغاً ولذلك قرروا أن يبذلوا ما في وسعهم لإنجاز هذا المشروع، فالعلماء الاقتصاديون المنتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين قدموا خدماتهم لإنجاز هذا المشروع فقاموا بإعداد خطة المشروع مع إبراز أهدافه واستراتيجيته.
إن العالم الاقتصادي الكبير الأستاذ الدكتور توفيق الشاوي الذي كان من الرعيل الأول لجماعة الإخوان المسلمين له دورٌ كبيرٌ في ذلك الصدد, وعينه الشهيد الملك فيصل المساعد الخاص لعبدالرحمن، الأمين العام لمنظمة مؤتمر العالم الإسلامي وذلك لإعداد مشروع البنك الإسلامي للتنمية كما منحه الجنسية السعودية إكراماً له وتقديراً لخدماته.
وبعد إعداده الخطة والاستراتيجية للبنك الإسلامي للتنمية قام الدكتور توفيق الشاوي بتأليف كتاب باسم "البنك الإسلامي للتنمية" ليكون دليلاً للعاملين في البنك الإسلامي للتنمية بصفة خاصة والبنوك الإسلامية بصفة عامة, كما قام خلال هذه الفترة الأمير محمد الفيصل بإنشاء بنك فيصل الإسلامي في الخرطوم والقاهرة، والدكتور الشاوي شاركه في إنجاز ذلك المشروع. ولا يفوتنا أن نذكر هنا بأن كثيراً من العلماء الاقتصاديين الذين كانوا يتبنون فكرة جماعة الإخوان المسلمين شاركوا في جهود لإنشاء البنك الإسلامي للتنمية ومنهم الرئيس التركي الحالي عبدالله غول والبروفيسور خورشيد أحمد نائب أمير الجماعة الإسلامية بباكستان.
رابعاً: إنشاء منظمة المؤتمر العالم الإسلامي:
الخطة الرابعة التي اتخذها الشهيد الملك فيصل رحمه الله لتوحيد الأمة الإسلامية هي إنشاء منظمة المؤتمر العالم الإسلامي الذي يطلق عليها اليوم منظمة التعاون الإسلامي فوفقاً لهذه الخطوة قام الشهيد الملك فيصل رحمه الله بإنشاء منظمة خاصة تشمل كافة الدول الإسلامية, لا شك بأن هذه الخطوة تعتبر ذات أهمية كبيرة.
إن جماعة الإخوان المسلمين هي منظمة وليست دولة من أجل ذلك فإنها لم تستطع أن تقوم بأي دور في إنشاء منظمة مؤتمر العالم الإسلامي ولكن القادة والمفكرين المنتمين إليها قاموا بدورهم في ذلك الصدد, كما ذكرنا آنفاً بأن الشهيد الملك فيصل- رحمه الله- قام بإصدار أوامر خاصة لتعيين الدكتور توفيق الشاوي مساعداً خاصاً للأمين العام للمنظمة وذلك نظراً لمشاركته فيه ومكانته.
المدارس الإسلامية والإخوان
من الخطوات التي اتخذتها منظمة المؤتمر العالم الإسلامي نحو توحيد العالم الإسلامي هي كانت قرارها لإنشاء الاتحاد للمدارس الإسلامية للدول العربية. وكان القيادي لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور توفيق الشاوي له دور كبير في إنشاء هذا الاتحاد وذلك لكونه مساعداً خاصاً ل"تنكو عبدالرحمن" الأمين العام للمنظمة آنذاك.
الإخوان يدعمون استراتيجية الملك فيصل في فلسطين
إن قضية فلسطين المسلمة كانت تحتل المكانة الكبرى لدى الشهيد الملك فيصل- رحمه الله تعالى- حيث كانت تعتبر من أهم القضايا الإسلامية والعالمية, وهذه القضية كانت تقوم على مبدأين أساسيين لدى الشهيد الملك فيصل رحمه الله، وهما كالآتي:
المبدأ الأول: إن قضية فلسطين المسلمة ليست قضية خاصة للشعب الفلسطيني أو الدول العربية فحسب بل هي قضية إسلامية تخص كل مسلم على وجه المعمورة بصفة عامة لكونها قضية القدس الشريف، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
المبدأ الثاني: إن وجود إسرائيل في فلسطين المسلمة وجود غير شرعي وغير قانوني ليس له أي مبدأ قانوني أو شرعي, من هنا يجب على دول العالم أن لا تعترف بوجودها.
الإخوان وإصلاح النظام التعليمي في المملكة
إن الملك الشهيد فيصل رحمه كان متحمساً جداً للإصلاح للنظام التعليمي للمملكة إضافة إلى كونه متحمساً لتوحيد العالم الإسلامي وذلك لأنه كان يعرف جيداً بأن الجيل الناشئ الذي يكون مستقبل المملكة سيخرج من معاهدها التعليمية، ومن أجل ذلك هو كان يريد أن يكون النظام التعليمي للمملكة وفقا لمبادئ الكتاب والسنة من ناحية ووفقاً لمتطلبات العصر من ناحية ثانية. وكان يعرف بأن هذا الأمر العظيم لا يمكن أن يقوم به إلا من يؤمن بالإسلام إيماناً كاملاً من جانب ويعرف العلوم العصرية معرفة جيدة من جانب آخر. وهذا الأمر في ذلك الوقت كان صعباً جداً إن لم يكن مستحيلاً، وكان بفضل الله سبحانه وتعالى هناك عدد كبير من الأساتذة والعلماء المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين الذين كانوا يؤمنون بالإسلام كدين كامل من ناحية ويجيدون العلوم العصرية من ناحية ثانية، والشهيد الملك فيصل رحمه الله كان يعرف ذلك فقام بتوفير التسهيلات اللازمة لاستقدامهم من مصر إلى المملكة, فكان نتيجة لذلك بأن عدداً كبيراً من الأساتذة والعلماء المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين قد قدموا من مصر إلى المملكة وقاموا بدورهم لإنجاز خطوات الملك الشهيد فيصل رحمه الله للإصلاح في النظام التعليمي للمملكة.
الملك عبد الله والإخوان
إن موقف الملك عبدالله بن عبدالعزيز تجاه جماعة الإخوان المسلمين في البداية كان نفس موقف الملك عبدالعزيز رحمه الله تعالى وموقف الملك الشهيد فيصل رحمه الله تعالى, حيث كان يرى أن التعاون بين الملك عبدالعزيز رحمه الله والملك الشهيد فيصل رحمه الله وبين جماعة الإخوان المسلمين قد أدى إلى العديد من الإنجازات التي تمتاز بها المملكة, من أجل ذلك قرر الملك عبدالله حفظه الله تعالى أن يستمر ذلك التعاون. وهناك العديد من الأدلة التي تدل على ذلك، منها:
حينما كان هناك نزاع بين المملكة ومصر حول دور السفير المصري في المملكة، قررت المملكة طرد السفير المصري وذلك بعد الثورة العظمى ليناير عام 2011م في أيام الحاكم العسكري الطنطاوي بالتحديد, لم توافق المملكة على استعادة السفير, فقام الوفد البرلماني المصري في نفس الوقت بزيارة المملكة في قيادة رئيس البرلمان الأستاذ سعد الكتاتني الذي ينتمي إلى إخوان المسلمين, حينما وصل الوفد الرياض قام الملك عبدالله بترحيبه شخصياً وخلال كلمته في هذه المناسبة ذكر العلاقات بين المملكة وبين جماعة الإخوان المسلمين ووافق على استعادة سفير مصر.
الانقلاب المفاجئ في سياسة المملكة
يقول البريفسور/ اليف الدين الترابي- في دراسة له بصوت الشعب الجديد-: فوجئنا بالتحول الكامل والتغيير الشامل في موقف الملك عبدالله من جماعة الإخوان المسلمين والذي كان عكس موقف الملك عبدالعزيز رحمه الله وموقف الملك الشهيد فيصل رحمه الله كاملاً وفيما يلي نذكر تفصيل ذلك:
أولاً: بذل الجهود لمنع فوز الإسلاميين ولاسيما الدكتور مرسي في انتخابات الرئاسة المصرية..
في ذلك الصدد أخذتنا الدهشة والحيرة بخطاب سري لوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل كان موجوداً على فيسبوك والذي يقول سمو الأمير فيه:
"حسب التأكيد الخاص لخادم الحرمين الشريفين، نطلب من سعادتكم بذل كل الجهود لمنع فوز المرشحين الإسلاميين بالأخص المرشح محمد مرسي, لأن الإخوان خطر حقيقي علينا ولا نرغب بوصولهم إلى السلطة لأنه عند ذلك سنفقد موقعنا في زعامة العالم العربي والإسلامي.. على هذا الأساس نؤكد العمل بشتى الوسائل لتحقيق هذا الأمر.
نرجو إرسال كل التقارير المتعلقة بالانتخابات المصرية إلى مكتب المتابعة الخاصة في وزارة الخارجية مع مراعات الضوابط الأمنية الخاصة".
ويضيف الترابي: إنني أتذكر بأنني حينما قابلت الملك عبدالله قبل ثلاث سنوات على مأدبة غداء قد أكد الملك بكل اطمئنان "نحن نعتز بالإسلام" وإذا كان ذلك فكيف يكون فوز الإسلاميين ولاسيما الدكتور محمد مرسي خطراً على المملكة؟!, والحقيقة بأننا لم نستطع أن نفهم ما قاله سمو وزير الخارجية السعودي في ذلك الصدد, إننا نعتقد بكل تأكيد بأن فوز الإسلاميين في انتخابات الرئاسة المصرية لم يكن خطراً للمملكة وإنما كان سبباً لتقوية المملكة.
ولكن هذه الجهود لمنع الإسلاميين ولاسيما الدكتور محمد مرسي من الفوز في الانتخابات لم تنجح حينما تمكن الدكتور محمد مرسي من الفوز بالأغلبية الساحقة وحصل على 13,230,131 صوتاً. والتي كانت تزداد مليون (1000000) صوت على أصوات منافسه المرشح للحكومة وفلول الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك "أحمد شفيق". والجدير بالذكر بأن الزيارة الأولى التي قام بها الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي هي كانت للمملكة، ذلك اعترافاً لزعامة المملكة للعالم العربي والإسلامي.
المملكة والانقلابيين في مصر
إن الرئيس مرسي كان رئيساً منتخباً لمصر, وقد حصل على الأغلبية الساحقة للأصوات في الانتخابات للرئاسة المصرية وإنه قد اعترف بزعامة المملكة للعالم العربي والإسلامي بالقيام بالزيارة الأولى للمملكة. وهذا هو كان المطلوب, وما هو كانت حاجة لتقديم الدعم ضده للانقلاب العسكري الذي كان يقوده الفريق السيسي رجل علماني وأمه يهودية من مغرب وهو يعترف بنفسه خلال حواره مع جريدة واشنطن بوست الأميركية, بأنه قام بهذا الانقلاب ضد الرئيس محمد مرسي بتحقيق الأهداف الأميركية والإسرائيلية.. هل تقديم الدعم لهذا الشخص ضد الرئيس المصري المنتخب الذي ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين هو أمر يليق مكانة المملكة العربية السعودية!؟
التحول المفاجئ لموقف المملكة من جماعة الإخوان المسلمين مؤامرة كبرى ضد المملكة نفسها يقفون وراءها أعداء المملكة لتحقيق أهدافهم, فلا بد أن يكون المسئولون في المملكة على بصيرة وحذرٍ من ذلك، وذلك قبل فوات الأوان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.