قال القاضي (يحي الماوري) إن الوحدة اليمنية استطاعت أن تؤسس الأرضية الصالحة وتهيئ الظروف المثالية لإقامة الدولة الحديثة وفقا للمفاهيم السائدة في القرن العشرين وبإعادتها تم القضاء على التناقضات الكبرى في المفاهيم النظرية والسياسية التي كانتسائدة والانتقال إلى مفاهيم موحدة تلتقي عليها جميع الفئات السياسية والاجتماعية في إطار دستوري ومنظومة تشريعية موحدة وقرار سيادي واحد مع وجود آلية سياسية متعددة وأسس دستورية تضمن للجميع حق المشاركة والتداول السلمي للسلطة في إطار التنافس الديمقراطي والانتخابات الحرة السرية والمباشرة، مؤكدا أن إقامة دولة المؤسسات وتحقيق مبدأ الفصل بين السلطات وإطلاق الحريات الديمقراطية والتعددية السياسية لم يكن ممكنا دون إعادة الوحدة. وأضاف في ورقته المقدمة بالمركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل " منارات " الخميس الماضي :" من يعتقد أنه كان يمكن إقامة دولة مؤسسية ديمقراطية حقيقية في اليمن بغير الوحدة فإنه مخطئ وقد لا يعي هذه الحقيقة إلا من عاش مرارة التشطير". وفي ورقته التي أخذت عنوان (دولة المؤسسات ومبدأ الفصل بين السلطات وعن ومبدأ الفصل بين السلطات في النظام الدستوري، استعرض) استعرض الماوري عددا من المواد في الدستور الخاصة بمبدا الفصل بين السلطات منها، المادة الرابعة من الدستور والتي حددت " مقومات مبدأ الفصل بين السلطات بنصها على أن " الشعب مالك السلطة ومصدرها، ويمارسها بشكل مباشر عن طريق الاستفتاء والانتخابات العامة، كما يزاولها بطريقة غير مباشرة عن طريق الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية وعن طريق المجالس المحلية المنتخبة ( ، مشيرا إلى أن المادة السالفة حددت مبدأ الفصل بين السلطات حينما أشارت إلى أن الشعب يمارس سلطته الأصلية من خلال الثلاث السلطات الرئيسية المركزية والمجالس المحلية المنتخبة فكيف نظم الدستور هذه السلطات والعلاقة فيما بينها وهل هي علاقة فصل كامل كما هو الحال في بعض الأنظمة العالمية ( النظام الأمريكي ) أو انها علاقة توازن وتعاون كما هو الحال في كثير من الأنظمة الدستورية العربية والعالمية. ومثلها المادة الخامسة والتي يقول نصها على " يقوم النظام السياسي للجمهورية على التعددية السياسية والحزبية وذلك بهدف تداول السلطة سلمياً، وينظم القانون الأحكام والإجراءات الخاصة بتكوين التنظيمات والأحزاب السياسية وممارسة النشاط السياسي ولايجوز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة خاصة بحزب أو تنظيم سياسي معين"، شارحا مضمونها والمتمثل في تحديدها " بوضوح بان النظام السياسي يقوم على التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة وهو ما يؤكد على أن الديمقراطية الحقيقية في أي نظام سياسي لا تكتمل الا بالمقومات الأربعة : حرية الرأي ،حرية التنظيم ،الفصل بين السلطات والتداول السلمي على السلطة، ملفتا في هذا السياق إلى تأكيد المادة : (42): لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون". وفي عنوان ورقته عن (توازن السلطات في الدستور اليمني) أشار إلى " أخذ النظام الدستوري اليمني بمبدأ التوازن بين السلطات ولم يأخذ بمبدأ الفصل التام وهو الإتجاه الشائع في معظم الدساتير العالمية والعربية"، مشيرا إلى انسجام مبدأ التوازن " مع المفهوم الصحيح لمبدأ الفصل بين السلطات ويتفق مع الغاية من وضع هذا المبدأ وهو التكامل والتوازن والتعاون والرقابة المتبادلة بين سلطات الدولة بحيث لا تطغى احدى السلطات على السلطتين الأُخريين أو تنفرد بجميع سلطات الدولة في يدٍ واحدة أو في سلطة واحدة منعا للتعسف في استخدام السلطة"، موضحا عن (6) مبادئ النظام الدستوري اليمني في تنظيمه للعلاقة بين السلطات الثلاث، تصدرها " مبدأ المساءلة والرقابة على السلطة التنفيذية والذي يقرر خضوع أعضاء السلطة التنفيذية للمسائلة التشريعية الرقابية والقضائية" كما قضت بذلك المادة ال(139) والتي نصت على أن " لرئيس الجمهورية ولمجلس النواب حق إحالة رئيس الوزراء أو نوابه أو الوزراء إلى التحقيق والمحاكمة عما يقع منهم من جرائم أثناء تأدية أعمال وظائفهم أو بسببها، ويكون قرار مجلس النواب بالاتهام بناءً على اقتراح مقدم من خُمس أعضائه على الأقل، ولايصدر قرار الاتهام إلاّ بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس". وأكد في حديثه عن مبادئ النظام الدستوري اليمني في تنظيمه للعلاقة بين السلطات الثلاث بإيقاف " من يتهم ممن ذكروا في الفقرة (1) من هذه المادة عن عمله إلى أن يفصل في أمره ولا يحول انتهاء خدمته دون إقامة الدعوى عليه أو الاستمرار فيها"، مشيرا إلى أن مبدأ التوازن يتجسد من خلال منع أعضاء مجلس النواب من التدخل في أعمال السلطتين التنفيذية والقضائية بحسب المادة (79) والتي نقول ب" لايجوز لعضو مجلس النواب أن يتدخل في الأعمال التي تكون من اختصاص السلطتين التنفيذية والقضائية"، موضحا عن " منح الدستور رئيس الجمهورية حق حل مجلس النواب في أحوال خاصة وبشروط معينة كما في المادة (101) والتي نصت على " لايجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب إلا عند الضرورة وبعد استفتاء الشعب، ويجب أن يشتمل قرار الحل على الأسباب التي بني عليها وعلى دعوة الناخبين لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يوماً من تاريخ صدور قرار الحل". وفي قضية تعد من المسائل التي يدور حولها الجدل والمتمثلة في رفع الحصانة عن عضو السلطتين التشريعية والقضائية، أكد القاضي الماوري أن الحماية الدستورية للسلطتين القضائية والتشريعية تتجسد من خلال تقرير مبدأ الحصانة لكل من أعضاء السلطتين التشريعية والقضائية مقسما الحصانة على نوعين : " إجرائية وموضوعية كما قد تكون دائمة أو مؤقتة وقد تكون مطلقة أو مقيدة"، مشيرا إلى أنه " وفي حالة تحقق شروط الحصانة فإنها تحول دون اتخاذ أي إجراءات ضبطية ضد القاضي أو عضو مجلس النواب إلا بإجراءات خاصة تتولاها السلطة المختصة"، وبها " لا يجوز اعتقال عضو مجلس النواب أو توجيه اتهام له بغير موافقة أغلبية أعضاء المجلس على رفع الحصانة عنه كما لايجوز إتخاذ أي إجراء ضد القاضي دون موافقة مجلس القضاء إلا على ما لم يكن القاضي أو عضو مجلس النواب في حالة تلبس"، حسب قوله. وقال إن الدستور قررحماية اعضاء مجلس النواب من خلال عدة ضمانات دستورية حماية لهم من أي محاولة لمنعهم من مباشرة مهامهم الدستورية كنواب عن الأمة أو أن يمنعوا من حضور الجلسات، موضحا عن وضعه ضمانتين أساسيتين، أولهما أن " عضو مجلس النواب لا يحاسب على رأيه أو فكره حين يبديه وهو يؤدى أعماله البرلمانية فى المجلس أو فى لجان المجلس سواء أكان ذلك من خلال وسائل الرقابة البرلمانية كالأسئلة أو طلبات الإحاطة أو الاستجوابات التى يقدمها ضد الحكومة أو أعضائها او طلبات المناقشة العامة أو الاقتراحات برغبة أو بقرار أوبتشكيل لجان تقصى الحقائق أو لجان الاستطلاع والمواجهة أو العرائض والشكاوى أومن خلال حديثه فى أى مناقشة تجرى فى المجلس أو لجان" كما جاءت بذلك نص المادة ال(81): لا يؤاخذ عضو مجلس النواب بحال من الأحوال بسبب الوقائع التي يطلع عليها أو يوردها للمجلس، أو الأحكام والآراء التي يبديها في عمله في المجلس أو لجانه أو بسبب التصويت في الجلسات العلنية أو السرية ولا يطبق هذا الحكم على ما يصدر من العضو من قذف أو سب". أما الضمانة الثانية، فحددها في أن " الحصانة البرلمانية وهي ضمانة دستورية يتمتع بها أعضاء مجلس النواب حماية لهم وضمانة لوظيفتهم الدستورية ، وهو ما نص عليه الدستور في المادة (82) والتي تقول ب" لا يجوز أن يتخذ نحو عضو مجلس النواب أي إجراء من إجراءات التحقيق أو التفتيش أو القبض أو الحبس أو أي إجراء جزائي إلا بإذن من مجلس النواب ما عدا حالة التلبس، وفي هذه الحالة يجب إخطار المجلس فوراً، وعلى المجلس أن يتأكد من سلامة الإجراءات، وفي غير دورة انعقاد المجلس يتعين الحصول على إذن من هيئة الرئاسة، ويخطر المجلس عند أول انعقاد لاحق له بما اتخذ من إجراءات". وأضاف بأن " قاعدة تمتع النواب بالحصانة البرلمانية قاعدة إجرائية تحول دون اتخاذ أية إجراءات جنائية ضد عضو مجلس النواب إلا بعد أخذ إذن من المجلس أو رئيسه فى غير دور الانعقاد وهذه القاعدة مقررة حماية للنائب من أن يحال بينه وبين مباشرة مهام وظيفته البرلمانية وحضور جلسات المجلس كما أنها حماية وضمانة هامة للمهمة النيابية التى يؤديها النائب حتى يشعر النائب بالأمان وبكامل الحرية فيمضى فى أداء مهامه البرلمانية دون خوف من أي سلطة أو سلطان، لكنه قال بأن " الملاحظ أن الحصانة الممنوحة دستوريا للنائب تحول دون اتخاذ الإجراءات الجنائية فقط إلا بإذن ولكنها لا تمنع إقامة الدعاوى المدنية فلا يجوز ان يتمسك بها النائب أو وكيله أمام المحاكم المدنية. والحصانة مقررة ضد الجرائم الجسيمة وغير الجسيمة والمخالفات ولا تقتصر على القبض أو الحبس الاحتياطي فقط بل تمتد إلى سائر الإجراءات الجنائية فى مقابلة عضو مجلس النواب من سماع أقوال أو اتهام أو توجيه سؤال". وبالمقابل أشار إلى اسثناء المشرع اليمني في رقع الحصانة عن عضو السلطة التشريعية والقضائية " فى حالات التلبس بالجريمة" والتي حينها " ليس للحصانة أثر مانع أو موقف للإجراءات الجنائية فحالة التلبس تبيح لسلطة الضبط القبض فوراً على النائب واتخاذ كافة الإجراءات الجنائية فى مقابلته بل والحكم عليه دون حاجة لإستئذان المجلس حسب الرأي الراجح في الفقه الدستوري العربي".