وأنت تتجول في أحياء مديرية دار سعد، شمال مدينة عدن، وشوارعها ستلفتك الكثير من مشاهد المعاناة التي تعانيها هذه المديرية وقاطنيها.. حتى لا يكاد الزائر لها التصديق أن هذه المديرية واحدة من مديريات محافظة عدن التي طالما وصفت بأنها المدينة اليمنية الوحيدة التي تخلو من الريف .. ليست الشوارع المهترئة، أو طفح المجاري وتكدس القمامة وانهيار شبكة المياه، آخر هذه الإشكاليات التي تتعرف إلى ما هو أكثر بؤساً منها كلما توغلت قدميك في عمق أزقتها التي تكاد تختنق بالعشوائيات، وباتت تشكل جزء من هوية المديرية.. وما يزيد الطين بلة اتساع ظاهرة الربط العشوائي لشبكتي الكهرباء والمياه.. ولاتتوقف المشكلات عند هذا الحد، بل تتسع قائمتها.. في أحاديثهم ل"أخبار اليوم" تتكشف من لغة أهالي دار سعد ما هال موفد الصحيفة وهو يستطلع أراء الناس إزاء المشاكل التي تعانيها المديرية. مبديين تضرمهم جراء تأخر مشاريع التنمية وإعادة التأهيل، فضلاً عن الإهمال الذي طال سكان هذه المباني على مدى سنتين.. في ظل وعود تتبخر، مع ما يعانوه من تردي للطرقات ضاعفت معاناة سائقي المركبات جراء كثرة الحفريات والمطبات في المديرية.. وهي مشكلات رصدتها الصحيفة في التقرير التالي: مواطنون بسطاء وغياب دور المجلس المحلي يرى أحمد ماهر، أحد أبناء المديرية، أن مديرية دار سعد من أبسط المديريات في محافظ عدن، كون أكثر سكان المديرية من فئة العمال البسطاء، لهذا المشاكل الموجودة في المديرية بسيطة نسبياً عن بقية المديريات. إذ لا تتعدى مشكلات المديرية مشكلة الصرف الصحي التي سوف تتسبب في انتشار الأوبئة بشكل كبير، مع ما يعانيه أبناء المديرية الذين يعيش غالبيتهم تحت خط الفقر ولا يستطيعون العلاج، إلا بالمستشفيات الحكومية وربما بعضهم لا يستطيع. علاوة على ما تعانيه المديرية من تردي في الطرقات، إذ تفتقر المديرية إلى سفلتة الطرقات فأكثر الطرقات الرئيسية منها والفرعية تعاني من وجود الحفر وبعضها مسمى شارع إلا هو طريق تراب. ويشير ماهر إلى أن المديرية تعاني كثيراً من مشكلة الكهرباء. ويضيف:" وإن كنت اعلم أن مشكلة الكهرباء عامة في عدن ولكن هنا أتحدث عن المولدات التي بالمديرية وكذا خطوط الضغط العالي، وهذا يعود لكون الأجهزة والمولدات القديمة لم يتم تغيرها منذ قرن من الزمان". داعياً إلى تفعيل الدور الرقابي إذ يقول: وبالنسبة للدور الرقابي الذي لابد أن يكون موجودة من قبل المجلس المحلي، غير انه شبه غائب، والدليل توزيع الإغاثة بشكل عشوائي من غير إشراف المجلس المحلي عليه.. في حين أن أكثر المواطنين في المديرية أناس بسطاء لا يبحثون عن أشياء كبيرة، فكل همهم في الحياة هي الأشياء البسيطة التي تعينهم على حياتهم اليومية. أمراض وطفح مجاري لا تعد مشكلة المجاري مشكلة خاصة بمديرية دار سعد بقدر ماهي مشكلة في عموم مديريات محافظة عدن، إذ يقول المواطنون ل"أخبار اليوم" أنه بعد الحرب الأخيرة على عدن عادت الحياة بشكل تدريجيا، ولكن للأسف الشديد عدد من المشاكل برزت. من أهم تلك المشكلات من وجهة نظرهم مشكلة طفح المجاري، إذ باتت مشاهدة يومياً، حيث باتت مياه المجاري تجري في الشوارع بشكل كبير ومستمر وروائحها الكريهة تصل للمنازل وتحول كل ذلك إلى مأساة يعنون منها كمواطنين دون معرفة السبب. ويكشفون عن أن هناك بيوت في المديرية ليس لديها قنوات صرف صحي وإنما حفريات يتم تجميع مياه الصرف الصحي فيها، وحينما تمتلئ يتم شفطها. ويضيفون:" ولك أن تتخيل حجم المأساة التي نعانيها، إذ غالباً لا تحضر عربات شفط المجاري بالوقت المطلوب عدا ما تسببه هذه الحفريات من تجمع الحشرات والبعوض التي تنقل الأمراض إلى الساكنين بالجوار، في ظل انعدام عمليات الرش والحماية وضعف في الحملات الموسمية لمكافحة الأوبئة". تزايد الربط العشوائي للكهرباء والمياه برزت مشكلة الربط العشوائيات للكهرباء والمياه إبان الحرب. إذ يقول المواطن صالح أحمد ل"أخبار اليوم": أن التسليك العشوائي والسرقات سواء الكهربائية منها أو مايخص المياه مشكلة باتت تتفاقم. ويضيف:" وإذا ما ظلت الجهات المعنية إدارة الكهرباء والمياه في مديرية دار سعد تغض الطرف فسيأتي يوم نصبح فيه بلا كهرباء". ويتابع:" الكهرباء في بلادنا أصبحت اسماً فقط، فعشوائية التركيب للكهرباء وكذا للمياه تعد سبباً للإنطفاءات المتكررة، والأحمال الزائدة، تسببت بإحراق وتعطيل الأجهزة المنزلية، وما يحدث من عبث كبير وسرقة للتيار الكهربائي من بعض المواطنين يؤدي إلى الإسهام في إتلاف الشبكة الكهربائية بشكل كبير". إلى جانب الضعف الذي تبدو فيه مؤسسة الكهرباء إزاء القيام بواجبها، وذلك لمتابعة المخالفين وضبطهم، وإلزامهم بدفع الغرامة المالية بحسب اللائحة، وإزالة جميع الشبكات العشوائية وخاصة في مديرية الدار. ويوضح أن المشكلة برزت بعد الحرب فيما يخص المياه في المديرية وخاصة في المناطق العشوائية، وهو الانقطاع الدائم للمياه.. مما ألجأ المواطن إلى تلمس ماهي أقرب نقطة يصل إليها المياه لكي يقوم بتركيب شفات–دينما- مياه ويستفيد هو وبعض جيرانه من هذه الطريقة التي حرمت آخرين من الخدمة وأثرت بالتالي على الشبكة، حتى بدت شبة ظاهرة في مديرية دار سعد وخاصة في الحياء العشوائية منها. دار سعد تحتضن العشوائيات يضاف إلى المشاكل التي تعانيها مديرية دار سعد مشكلة العشوائيات، مع ما تبذله السلطة المحلية بالمديرية من جهود. غير أن العشوائيات باتت مشكلة تؤرقها، وفقاً للمواطن سامي سالم الذي يقول ل"أخبار اليوم": تعد ظاهرة البناء العشوائي والبسط على الممتلكات العامة والخاصة، إحدى الظواهر السلبية التي برزت في مديرية دار سعد". ويوضح أن صور وأشكال عمليات البناء العشوائي، في المديرية،تختلف بين بناء محلات، وأكشاك لأغراض تجارية محدودة، بسط في حالات أخرى على ممتلكات عامة. ويضيف:" من مارس كذلك عملية العشوائيات هم من تضرروا من الحرب، ودمرت منازلهم، وخاصة أن المديرية ومدخلها كان أيام الحرب أكثر الأماكن التي شهدت معارك". ويتابع: لازالت حتى اليوم عدد غير قليل من الأبنية مدمرة وذويها في انتظار إعادة الأعمار الذي يأملون أن تصدق جهات الاختصاص فيه هذه المرة. تبخر وعود إعادة الأعمار عبر كثير من سكان مديرية دار سعد الذين تحدثت لهم"أخبار اليوم" عن عدم إبداءهم أي تفاؤل في ملف الأعمار. كما أبدوا سخطهم الكبير إزاء ما يكتنف التجربة السابقة إعادة أعمار أبين من عمليات فساد.. إذ يشيرون في ثنايا حديثهم أن أغلب المنازل والفنادق والمباني سواء أكان يمتلكها تجار أو فقراء لم يتم ترميمها في مديرية دار سعد أو حتى تعويضهم أو حتى السؤال عنهم والبحث لهم عن ملاذ آمن.. مبدين في ذلك تساؤل لعلا من الأهمية بمكان إيراد نصه: بعد سنتين عرفت الحكومة أن هناك بيوت لإعادة أعمار؟! تردي الطرقات وارتفاع منسوب مياه الأمطار تعاني طرقات مديرية دار سعد بكافة أحيائها من تردي والاهتراء والتدمير، مما يتطلب من السلطات المحلية التدخل لكي يتم إعادة صيانتها.. وخاصة التي تضررت كثيرا منها بفعل العوامل الطبيعية وغيرها، وهو ما يعانيه سكان المديرية من وجود صعوبة ومشقة بالتنقل اليومي. وعبر عدد من سكان المديرية لأخبار اليوم" عن انزعاجهم الكبير من حالة الطرقات المتهرئة وكثرة الحفريات التي تعود لعدم صيانتها منذ سنوات. داعين السلطة المحلية إلى التدخل لصيانتها وإعادة تهيئتها أملاً منهم لوضع حد لمعاناتهم التي ارتبطت بتنقلاتهم اليومية. وأكدوا ل:أخبار اليوم: أن المشكلة قائمة منذ سنوات بسبب غياب التهيئة لبعض الطرقات التي تتزايد فيها الحفر يوما بعد يوم، مما الحق أضرارا كبيرة بوسائل تنقلهم وتكبدهم مصاريف الصيانة. واعتبروا أن وضعية شوارع مديرية دار سعد بات لا يحتمل، علاوة ما تعانيه المديرية من مشاكل، داعين السلطة إلى إعادة تأهيل الطرق الداخلية والعمل على صيانتها، باعتبار أن تركها دون صيانة يشكل إزعاجا للمواطنين ولأصحاب السيارات. خاصة وان مديرية دار سعد هي واجهة محافظة عدن وأول ما يستقبل المدينة هو وجهها الغير مشرق من دمار للمباني وكذا تردي في الطرقات وكثرة المطبات والحفريات. منوهين إلى معضلة ارتفاع منسوب المياه من الأمطار، إذ يصفون المعضلة بقولهم: عدا ما تشكله نعمة المطر من ضرر فبعد الاستمتاع بمنظرها وهي تتساقط نظل نعاني مشكلة تصريفها. إذ يرتفع منسوب مياه الأمطار بشكل لافت في غالبية شوارع المديرية الرئيسية، والتي تؤدي إلى تجمعها على شكل برك ما يسبب إرباكا للمواطنين سواء أصحاب المركبات أو المشاة. هذا فضلاً عما تشكله مياه الأمطار من أضرار صحية نتيجة بقاءها على شكل برك آسنة في وسط الأحياء والشوارع.