في اليمن بات الموت هو الأقرب طريقاً إلى منازل المواطنين، حيث يختطفهم بشكل يومي بل كل ساعة من المنازل والشوارع ودور العبادة والمستشفيات أو الحواري، أو من أي مكان يتواجدون فيه دون تفريق بين شاب أو طفل وامرأة، فمن لم يمت بالحرب وقصف المليشيات على الأحياء السكنية بالمدافع والصواريخ وبشكل يومي، يموت إما جوعاً أو متأثراً بإصابته بمرض أو وباء، ولن يكون وباء الكوليرا آخر المتهمين بقتل اليمنيين بل بات الوباء في سباق ومنافسة يومية مع المليشيات لقتل المدنيين. وفي هذا السياق أعلنت منظمة الصحة العالمية الجمعة، ارتفاع ضحايا وباء “الكوليرا” في اليمن إلى ألف و28 شخصاً، منذ عودة انتشار المرض في 27 أبريل/ نيسان الماضي. وذكرت المنظمة، في تقرير لها "أنها سجلت حتى أمس الجمعة "146 ألفاً و75 حالة اشتباه بالمرض، بينها 1028 حالة وفاة، في 20 محافظة يمنية". وتصدرت محافظة حجةالمحافظات الأكثر تضرراً بالوباء، حيث سجلت وفاة 163 شخصاً، تليها “إب” (وسط)، بواقع 142 حالة وفاة، ثم “عمران” (شمالي)، ب 113 حالة وفاة، دون الإشارة إلى أعداد الضحايا في بقية المحافظات. وباستثناء محافظات “صعدة” (معقل مليشيات الحوثيين)، و”المهرة” و”شبوة” (شرقي)، سجلت جميع المحافظات التي ينتشر فيها الوباء حالات وفاة، في حين ما زالت محافظتي “حضرموت” و"سقطرى" (شرقي)، خاليتان من المرض. وبالرغم من إعلان هذه الإحصائية المرتفعة إلا أنه من المرجح أن العدد أعلى بكثير من ذلك، حيث أن العشرات من المصابين بالوباء، تُوفوا دون أن يصلوا إلى مراكز صحية أو مستشفيات تابعة للمنظمة العالمية وخاصة في الأرياف. وكانت المنظمة قد حذرت من صعوبة النجاح في سباق احتواء الكوليرا في اليمن بسبب تدمير النظام الصحي بعد أكثر من عامين من الصراع المحتدم. وأشارت إلى أن الأطفال ما دون 15 عاماً يمثلون 46% من إجمالي حالات الاشتباه بالكوليرا، وأن من تخطت أعمارهم ستين عاما يمثلون 33% من إجمالي الوفيات. تعز تنال النصيب الأكبر من جرائم المليشيات وفي سياق متصل تناقلت منظمات محلية وتقارير رسمية عن سقوط آلاف المدنيين اليمنيين بين قتيل وجريح في مختلف المحافظات برصاص مليشيات الحوثي وصالح، ونالت محافظة تعز النصيب الأكبر، حيث تصعد مليشيات الحوثي وصالح المدعومة من إيران انتهاكاتها وجرائمها ضد المدنيين في محافظة تعز بشكل يومي، ويسقط عشرات الضحايا من الأطفال والنساء في المدينة التي تشهد حصاراً خانقاً تفرضه الميليشيات على منافذها منذ أكثر من عامين، وقال مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان "إن القصف المنهجي للمليشيات على المساكن والأسواق والأحياء في تعز بشكل يومي نتج عنه مقتل ما يقارب من (1529) مدنيا منهم 221 طفلاً وجرح 6 آلاف في تعز وحدها". 54 ألف امرأة ضحايا المليشيات وفي تقرير حقوقي أصدره تكتل المبادرات الإنسانية في مدينة تعز أكد أن أكثر من 54 ألف امرأة في تعز تعرضن للانتهاكات من قبل مليشيات الحوثي وصالح خلال عام 2015 فقط توزعت بين قتل وجرح واعتداءات وإعاقات وتهجير قسري وأضرار نفسية وحرمان من التعليم. وذكر التكتل أنه سجل مقتل 110 نساء وجرح 251 بينهن حالات إعاقة وإصابة 3230 بحالة نفسية، بينهن حالات فقدان ذاكرة، فيما فقدت 41 امرأة جنينها، موضحاً أن هناك 900 أرملة فقدن أزواجهن بسبب حرب المليشيات، مشيرا إلى تهجير المليشيات 4893 امرأة وحرمان 44884 فتاة من حقهن في التعليم، ورصد التقرير أيضا 64 حالة إجهاض بسبب الرعب الذي يحدثه القصف اليومي من قبل المليشيات على منازل المدنيين. مقتل وجرح أكثر من 5 آلاف طفل وأعلنت الأممالمتحدة- في تقرير سابق لها- أن عدد ضحايا الحرب الدائرة في اليمن منذ 18 شهراً بلغ عشرة آلاف قتيل. إلى ذلك أكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة اليمنية الدكتورة ابتهاج الكمال أكدت مقتل أكثر من 1546 طفلا وإصابة 2450 آخرين جراء الحرب التي تقودها المليشيات الانقلابية بحق أبناء الشعب اليمني منذ الانقلاب في 21 سبتمبر عام 2014م. وأضافت الوزيرة اليمنية "إن هذه هي الإحصائيات قدمتها المنظمات الدولية لكن الإحصائيات الحقيقية أكثر من ذلك بكثير خصوصاً في ظل استمرار الحرب التي تقودها المليشيا في عدد من المحافظاتاليمنية". تدمير 300 مسجد ومقتل واختطاف 600 مرشد ديني وفي سياق متصل بجرائم المليشيات أكد وزير حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية/ محمد عسكر "أن المليشيات الانقلابية فجرت أكثر من 300 مسجد ومركز لتحفيظ القرآن في اليمن منذ انقلابها على السلطة الشرعية". وقال الوزير عسكر "إن المليشيات اختطفت وقتلت أكثر من 600 مرشد ديني"، مشيرا إلى أن جرائم المليشيات متواصلة وقال "المليشيات مارست جميع أنواع وصنوف الانتهاكات ضد الشعب من القتل واعتقال وتعذيب وإغلاق الصحف والمواقع الصحفية واعتقال الصحفيين والناشطين الحقوقيين وحصار المدن ومنع دخول الدواء والغذاء لسكانها واستهداف السكان الأمنيين بمختلف أنواع الأسلحة". ويشهد اليمن -منذ أكثر من عامين- حربًا متواصلة بين قوات الشرعية المسنودة بقوات التحالف العربي من جهة وبين مليشيات الحوثي وصالح من جهة أخرى، مخلفة أوضاعًا إنسانية صعبة، فضلًا عن تدهور حاد في اقتصاد البلد الفقير وتدمير بنيته.