حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    "كاك بنك" وعالم الأعمال يوقعان مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق استثماري لدعم الشركات الناشئة    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التآمر على العراق..والدفاع عن البوابة الشرقية
نشر في الأضواء يوم 04 - 04 - 2013

لم يعد بإستطاعة النظام الإيراني أن يخفي نفسه بالشعارات البراقة، لقد تهاوت وسقطت جميع الشعارات، وأصبح النظام عارياً حتى من «ورقة التوت» التي كان يتستر بها في السنوات الأخيرة لتبرير عدوانه على عراقنا، ولم يعد بإستطاعة حماته وبينهم الصهاينة أن يوظفوا الدجل والتمويه لوضع الصورة الكالحة لنظام الخميني داخل إطار مزركش ينطق بحكاية الإنتصار للقضايا العربية ومقاومة الإمبريالية الصهيونية!إن مضى أكثر من تسع سنوات على قيام نظام خميني إلى جانب ثمان سنوات من الحرب العدوانية على العراق كشفت عن نتائج ومعطيات كثيرة، تؤكد أول ما تؤكد بأن نظام خميني لم يبق أثرا للثورة الإيرانية التي أطاحت بنظام الشاه، فبعد أن ركب موجتها وسرقها، عمد إلى القضاء على أهدافها، وحولها إلى مجرد حركة رجعية فوضوية تتمسح بالشعارات الدينية المزيفة، وترفع شعارات عدوانية صريحة بإسم «تصدير الثورة» التي لاوجود لها أصلاً، بل أن ما حدث أن الخمينيين إستعادوا الأمجاد العدوانية للأمبراطورية الفارسية، وراحوا يحاولون إعادة مسيرة التاريخ إلى الوراء، لتجديد الغزوات الفارسية على العرب، والإنتقام من هزائم الماضي، مع إستعادة الأطماع الشريرة في السيطرة والهيمنة، وإعتبار العراق المفتاح الرئيسي الذي يساعد عليه، إنفتاح المغالق بوجه تلك الأطماع الشريرة.. التآمر على العراق والدفاع عن البوابة الشرقية نظام خميني والدعم الصهيوني الحرب العدوانية لمصلحة من؟وقد وجدت الشعوب الإيرانية نفسها فجأة في معركة لاتعنيها، لقد أرادت التخلص من نظام الشاه، لتدخل في عهد جديد من التحرر والسيادة والرفاه والتقدم، فإذا بها تجد نفسها في دوامة مريعة، من الشعوذة والدجل يسمونها «ثورة» ويريدون تصديرها بينما هم لا يجدون فيها غير الإرهاب والقمع والإعدامات والأوضاع المعاشية المتدهورة والبطالة والتشريد ثم كانت المأساة الكبرى أن هذه «الثورة الخمينية» التي ركبت موجة الثورة الحقيقية على الشاه وحطمتها، عمدت وفقاً للمخطط الإمبريالي المرسوم، إلى شن الحرب العدوانية الواسعة، وجعلت من الجماهير الإيرانية المسحوقة وقوداً لها، في الوقت الذي زعمت فيه أنها جاءت من أجل أنقاذ هذه الجماهير من ظلم وتسلط وإستغلال عهد الشاه لها..من خطط الخمينيورغم لعبة الخداع التي رافقت الحرب بإظهار خميني بأنه يواجه مؤآمرة للقضاء عليه وأنه مضطر للدفاع عن نفسه، تبين بشكل واضح خلال فترة قصيرة من بداية الحرب بأنها ليست مجرد حرب فرضتها الأطماع الخمينية ذات الجذور الفارسية، بل إنها تتصل بمخطط إمبريالي -صهيوني يستهدف محاصرة الأمة العربية، ومنعها من أن ترفع رأسها، وتتوحد وتقوى، ولما كان العراق بقيادة القائد الحاذق المناضل صدام حسين يمثل النموذج السليم، لبداية مسيرة الأمة في السيادة والتقدم والوحدة، فقد كان لابد من مصارعته، ومحاولة القضاء على هذا النموذج، أو محاصرته، ومنع نموه على الأقل..الحالة الجديدة المخفيةوبهذا الصدد يقول الكاتب المصري المعروف محمد حسنين هيكل «العراق يمثل حالة جديدة لم يسبق لها مثيل في الوطن العربي، ولهذا فأنه أثار مخاوف «إسرائيل» وقد وجدوا في مواصلة الحرب العراقية- الإيرانية ضالتهم في التخلص من هذه الحالة الجديدة المتمثلة في المقدرة والكفاءة والعزم والقوة والقيادة، وبصورة عامة بقدر ما تمثل «إسرائيل سكينة خاصرة في الجسم العربي عامة، فإن «إيران خميني» مثل «إيران الشاه» تمثل سكينة الخاصرة الأخرى، وإذا كانت قد إستهدفت جسم العراق، فإنها في التحليل النهائي تمثل سكين الخاصرة الأخرى في الجسم العربي كله، فالمقصود محاصرة العراق ومحاصرة تجربته، والسعي من أجل القضاء عليه، وهو دور يضطلع به خميني مباشرة، مزايداً بذلك علي دور الشاه الذي أرسى أسس التعاون «الإيراني-الإسرائيلي» ضد الأمة العربية..».تعاون مكشوفوالواقع أن المسؤولين الصهاينة لم يعد يتورعوا من الإشارة إلى التعاون القائم بينهم وبين نظام خميني، وهو تعاون يتعدى الناحية التسليحية، ليؤكد الأبعاد التآمرية المنطلقة من إعتبار العراق العدو اللدود للطرفين الإيراني والصهيوني..وبهذا الصدد يذكر أسحق رابين وزير دفاع العدو الصهيوني «بأننا ما زلنا نعتبر العراق عدونا الأول، وأننا نتمنى إستمرار الحرب العراقية -الإيرانية، فقد ساعدنا ذلك علي تقليص النفقات العسكرية وإذا ما أنتهت هذه الحرب، فإننا سنكون مضطرين لزيادة هذه النفقات والتهيؤ للإستعانة بقوات الإحتياط».مظاهر التجربة العراقية الرائدةولم يعد هناك سراً أن التجربة العراقية في الصمود والإنتصار خلال ثمان سنوات الحرب، أثارت القلق الشديد في الأوساط الإمبريالية والصهيونية، لأنها تجربة فريدة من نوعها في التأريخ العربي الحديث، فقد أنتصر فيها جيش عربي لأول مرة وأستطاع قطر عربي أن يحارب بيد ويبني باليد الأخرى، وتحطمت خلال ذلك كل المحاولات والدسائس لتمزيق الجبهة الداخلية، سواء عنصرياً أو طائفياً، فقد كان الرهان الأساسي للخمينيين قائماً على هذا التمزيق، ولكن مخاض ثمان سنوات من الحرب تمخض عن جبهة داخلية متراصة متماسكة، أقوى وأعظم مما كانت عليه في الأيام الأولى للحرب..إذن فإنهم يبذلون كل جهد للقضاء على التجربة العراقية الظافرة المنتصرة، التي تعني الكثير والكثير بالنسبة للمواطن العربي، فهو يجد فيها آماله وتطلعاته، ويجد إيمانه بقدراته وإمكانياته، وبإصراره على إنتزاع حقوقه، كما يجد فيها القيادة القادرة على جمع الصفوف ولا تكتفي بالصمود، بل في ممارسة الإقتدار على خرق جبهة العدو.. ويعبر الرئيس القائد صدام حسين عن هذه القضية بالذات بقوله:«في التجارب السابقة.. كان ينقصنا القيادة التي تستطيع أن تستخدم عناصر السوق العام بتفاعل صحيح، وتستطيع أن توجه نهايات الإقتدار الناجم عنها بصورة مدببة تخرق بها جبهة العدو وتخرق صفوفه وبناءه في شتى الميادين النفسية والإجتماعية الثقافية والإقتصادية.. وفي التجارب السابقة مما أشرت اليه غالباً ما كانت القيادات تفشل في الإستخدام المتفاعل لعناصر السوق العام كلاً منها منفرداً ومعزولاً عن العناصر الأخرى، فقدرات القوات المسلحة معزولة عن الخطط وتصور ساحة ومستلزمات المعركة، وهكذا شأن الإقتصاد والإعلام والثقافة والتعبئة النفسية، وغير ذلك..».ويشير الرئيس القائد إلى أن الحالة الجديدة في العراق تختلف كلياً عن الحالات السلبية التي سجلت الفشل وحملت العرب مسؤوليته، أن هذه الحالة الجديدة والإيجابية، حملت «إسرائيل» على الشعور بالقلق تجاه العراق، ودفعتهم إلى حمل النظام الإيراني على إطالة أمد الحرب في محاولة لإفشال التجربة الفريدة من نوعها من حيث التخطيط والإمكانيات والقيادة والكفاءة والإنسان الجديد الذي يملك إرادة القتال من أجل المبادئ والحقوق..إذن فإن إطالة أمد الحرب مخطط صهيوني ينفذه خميني، ويعبر السيد الرئيس القائد عن ذلك بقوله:«أنني أعرف من الذي يطيل أمد الحرب فهو ليس خميني، فخميني وسط صالح لقبول الأفكار «الإسرائيلية» متسللة إلى داخل إيران، ملتقية مع نزعته الشريرة الحقودة والعدوانية المتخلفة والتوسعية ومع الزاوية العقائدية التي حشر نفسه فيها وهي كونه يريد «إن يحرر العالم الإسلامي» ويجعل من إيران مركزاً للإمبراطورية..».ومن هذا التحليل البعيد النظر، يبدو واضحاً مدى التلاقي القائم بين المطامع الإيرانية التي يعرب عنها ويمارسها نظام خميني، وبين المخططات الصهيونية التي تريد أن تكرس وتعمق حالة التمزق في الوطن العربي، وتشعر بالقلق والخطر كثيراً، عندما تجد أن دولة عربية يسير في الطريق السليم، وتنهج نهجاً يصب في النهاية في مصب تقوية ودعم تطلعات الأمة العربية، ومن هنا كان القلق الصهيوني الشديد من الحالة الجديدة التي إنتعشت وتقدمت في الحرب، وأفرزت أول انتصار عربي في التأريخ الحديث، ومن هنا عمدت تل أبيب إلى توثيق تعاونها مع طهران سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة ولم يكن التعاون التسليحي، إلى مقدمة لترسيخ التعاون على نطاق الأهداف المشتركة المتمثلة آنياً بمحاربة الحالة الجديدة في العراق، كل على طريقته الخاصة ومن ثم محاصرة الأمة العربية وفرض الهيمنة عليها..مهزلة المهازل!إن تلاقي الأهداف المشتركة للصهيونية والخمينيه بالشكل الذي أصبح واضحاً وجلياً، يجعل من حكاية عداء النظام الإيراني للصهيونية وسعيه المزعوم لتحرير القدس، مهزلة المهازل، ولكن نجد مع الأسف والألم الشديد أن هناك من لايزال يصدق هذه المهزلة في الوطن العربي، إلى جانب أولئك الذين يقبعون مع الخمينية في خندق واحد، وبذلك حكموا على أنفسهم أن يصبحوا متواجدين مع الصهيونية في خندق واحد مهما حاولو أن يخادعوا ويضللوا، ويتحدثوا بإسهاب عن نظام خميني الذي يقف بوجه الصهيونية والإمبريالية ويريد تحرير القدس عبر بغداد!..إن العراق الموحد القوي والمقاتل الباسل والقادر دوماً على الإنتصار، يثير مضاجع الحكام الصهاينة، ويحملهم على السعي المستمر لمحاربة نموذجه بينما نجدهم لايلقون بالاً للصرخات التي يرسلها الخمينيون من حين لآخر ضد الصهيونية، لأنهم يجدون فيها كما عبرت صحيفة الإيكونوست «من لزوميات العمل لإخفاء التعاون المشترك الذي لم يعد سراً..»وبينما نجد أن الكيان الصهيوني يدرك مدى خطورة الحالة الجديدة» التي تجسدت في العراق على كيانه وعلى مخططاته ومطامعه، نجد في الوقت نفسه قصوراً في الوطن العربي في تقييم هذه الحالة والإستفادة منها، ويعبر الرئيس القائد صدام حسين عن ذلك بقوله:«مع الأسف فقد كانت إسرائيل ترى العناصر الإيجابية المتكونه في العراق أكثر ممايراها الكثير من العرب، وكنا نقول لأشقائنا العرب تعالوا أيها الأشقاء العرب تعلموا أيها الأشقاء العرب وعلمونا مما ينقصنا من خلال الإطلاع والتفاعل الأخوي لأن مصيرنا واحد وإتجاهنا العام هو إبعاد الأذى والشر والذل عن أمتنا، ووضع أمتنا على طريق البناء والإستقرار والسلام..»وهكذا فإن الرئيس القائد، يؤمن إيماناً قاطعاً بأن التجربة العراقية، ليست أقليمية وليست خاصة بالعراق وحده، بل إنها من حيث الأهداف والنتائج تجربة عربية، تصلح لأن تعم وتسود من خلال التفاعل والدراسة الواقعية والميدانية..إن المعارك التي خاضها العراق ويخوضها ضد العدوان الإيراني، ليست معارك حدود أو معارك من أجل حماية ثورة العراق وحزبه ونظامه، بل هي معارك لدحر مخططات عدوانية تستهدف الأمة العربية، وعندما ينتصر العراق في هذه المعارك، ويحقق الإنتصارات، ويبقى صامداً وقوياً، فلابد أن يعني ذلك كل العرب، بتقييم تجربة العراق والتوصل إلى الإستنتاجات الصحيحة التي يمكن حصرها بالجواب على الأسئلة :لماذا إستطاع العراق أن يحارب ويصمد وينتصر رغم جسامة الأخطار التي تعرض لها ورغم التعاون الوثيق في المطامع والأهداف بين الصهيونية والخمينية، لماذا إستطاع العراق أن يحتفظ بالنصر طوال ثمان سنوات من الحرب الضروس بينما فشل آخرون في خوض حروب المواجهة، وفي تحقيق الإنتصار، أو في الإحتفاظ به؟هل لأن العراق يملك جيشاً قوياً وسلاحاً جديداً وطيراناً ممتازاً؟ إن كل هذه عوامل مساعدة لتحقيق الإنتصار، ولكنها ليست العامل الرئيسي الذي يمكن تلخيصه في أن العراق أستطاع أن يبني إنساناً جديداً وحالة جديدة من الإيمان بالمبادئ والأهداف ومن رفض الخضوع والذل، ومن قوة الإرادة «فإسرائيل لم تضر بمفاعل تموز لأنه ينتج قنبلة ذرية، إنما ضربت مفاعل تموز لتمنعه من إنتاج إنسان متطور يستطيع أن يهتدي إلى طريق العالم الفعال، فالمستهدف هو شخصيتنا الجديدة..».ومن الطبيعي القول أن هذه الشخصية الجديدة لاتنحصر في الجانب العسكري فقط، رغم أهمية هذا الجانب، بل أنها تشمل الجوانب الأخرى السياسية والدبلوماسية والإقتصادية والثقافية والإعلامية التي تشكل تعبيرات مختلفة عن حالة واحدة، هي حالة الإقتدار العراقي الشامخ..ومن هنا فقد كان النصر العراقي ليس مجرد نصر عسكري محدود، بل إنه من ناحية نصر للأمة العربية كلها، من حيث دحره لمطامع عدوانية شريرة تستهدف حاضر الأمة ومستقبلها، ومن ناحية أخرى فإنه نصر أحبط إستراتيجية خمينية-صهيونية واسعة النطاق إستهدفت إحباط الحالة الجديدة المتمثلة في عراق قوي متماسك، يملك مقومات الصمود والإنتصار..وبقدر ما يتيسر إدراك عمق المخطط وإستهدافه الأمة العربية بأسرها، يمكن تبني مدى حنكة وبراعة القيادة
العراقية التي تصدت للخطط، وكما عبر الكاتب المصري المعروف محمد حسنين هيكل :«فإن العدوان الإيراني على العراق هو جزء من كل، وأنه من خلال العراق يستهدف أبعاد قومية، وأن هناك قوى كثيرة جداً لاترغب بأن يخرج العراق من هذه الحرب منتصراً لأنه بذلك سيخرج بكامل قوته كدولة عربية متحررة قومية ثورية لها جيش قوي ولديها إمكانيات ضخمة، وأن هذه القوى معروفة وليست خافية على الشعب العربي في العراق..».لماذا تصاعد التعاون الصهيوني-الإيراني؟وممالاشك فيه أن الكيان الصهيوني يقف على رأس المرتعدين من إنتصار العراق ومن إحتفاظه بالنصر، ولهذا عمد هذا الكيان على توثيق علاقاته مع النظام الإيراني متجاوزاً بعض التناقضات الثانوية، ومع إستمرار الحرب، وظهور مقدرة العراق على الصمود وتحقيق المزيد من الإنتصارات، تصاعد التعاون الصهيوني-الإيراني، فلم يقتصر على تجهيزات صهيونية عسكرية كبيرة للقوات الإيرانية، في عملياتها العدوانية على العراق وقد تمكنت قواتنا العراقية الباسلة من ضبط أعداد منها خلال إنتصاراتها في منطقتي الفاو وشمال العراق ومن بينها أسلحة ثقيلة ومتوسطة وخفيفة، بل إن التعاون وصل خلال عام 6891م إلى حد إرسال مستشارين عسكريين صهاينة إلى إيران لتزويد القوات الإيرانية بالخبرة والمشورة العسكرية، ولم يعد بالإمكان إخفاء هذا التعاون كما كان يجري سابقاً وسواء بالنسبة لطهران أو تل أبيب ولم يعد يمر أسبوع أو شهر دون أن يقترن بمعلومات جديدة عن أبعاد التعاون المشترك وعلى سبيل المثال، فقد ذكرت الأنباء في شهر نيسان المنصرم «أن 52مستشاراً عسكرياً من الكيان الصهيوني يعملون منذ خمسة أشهر مع القوات الإيرانية في جبهة للحرب مع العراق، وأن هؤلاء المستشارين يعملون تحت إمرة «ديفيد سيمون» الذي نشأ في منطقة كردستان إيران وأعترفت صحيفة «هأرتس»الصهيونية الصادرة في القدس أن هناك عدداً من المستشارين العسكريين الصهاينة يعملون ضمن قوات النظام الإيراني وأنهم وقعوا عقوداً مع سلطات النظام الإيراني بهذا الشأن لقاء أجور مرتفعة..»وفي نفس الوقت ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن نظام خميني يعمل الآن على الإستفادة من منظومة لإطلاق صواريخ أرض أرض كانت قد أقيمت في إيران خلال عهد الشاه من قبل الخبراء الصهاينة، وكان الخمينيون قد نددوا بهذا المشروع عام9791م، بإعتباره من مظاهر التعاون العسكري بين نظام الشاه والكيان الصهيوني ولكنهم عمدوا مؤخراً إلى محاولة أستكمال أنجازه بخبره صهيونية..الدعم بكل عدوان ومن كل ذلك يبدوا واضحاً بأن الصهيونية والقوى الإمبريالية التي تقف ورائها تصعد من دعمها لنظام خميني، كلما بدا هذا النظام شارف على الإنهيار بعد كل عدوان فاشل يشنه على العراق، لأنهم يدركون معنى إنهيار هذا النظام، وخروج العراق منتصراً كاملاً من الحرب، وهم يدركون بصورة خاصة معنى أن تبقى الحالة الجديدة في العراق الباسل أول جيش عربي أتيحت له تجربة قتالية استمرت ست سنوات وبقي ظافراً منتصراً وقادراً على الدوام أن يحقق المزيد من الإنتصارات..يخافون أنساننا الجديدثم أنهم يخشون الحالة الجديدة المنتصرة في العراق لأنها أول تجربة من نوعها تستطيع أن تحارب وتبني، وإن لا تتأثر مسيرتها الحضارية بظروف الحرب، وأن تهزم مراهنات عديدة إعتمدت على حسابات ضرب الإقتصاد العراقي، وضرب الوحدة الوطنية، من خلال إثارة النعرات الطائفية والقومية..لقد هزمت وتبددت هذه المراهنات لأن العراق الذي تهيأ له قائد فذ بطل، كان الأقوى والأعظم في تجربته في جميع المراحل، ولأن من أهم عوامل نجاح التجربة أنها أستطاعت أن تبني الإنسان الجديد في العراق، وهو الإنسان المتفهم والمدرك لمسؤولياته ومهامه، وهو المناضل الدؤوب في معركة البناء، والمقاتل البطل في معركة الدفاع عن الوطن والأمة..إن خوفهم من الحالة الجديدة التي صنعت تجربة رائدة في العراق دفعهم على الدوام، إلى محاولة توفير حقن «المورفين» لنظام خميني، وهم يقدمون له كل المساعدات ووسائل الدعم، لكي لايتهاوى ويسقط بوجه العراق القوي، فتصبح التجربة نموذجاً يتحتذى على نطاق الأمة، ولكن إلى متى يحقنون ويدعمون، وإلى متى يستطيع النظام المتهاوي أن يقف على أقدام غيره؟إن الزمن سيثبت بأن الخائفين من عراق منتصر، يملك تجربة رائدة، لابد أن يرغموا على الرضوخ، ومهما حاولوا فإنهم عاجزون عن تغيير مسيرة الأحداث وعاجزون عن حماية منهارين فاسدين مكروهين من شعوبهم، كما أنهم عاجزون عن إجهاض تجربة ظافرة، صنعها شعب متمرس على النضال، قادر على صنع تاريخ جديد للأمة العربية المجيدة أنه شعب العراق العظيم.. الاضواءنت [email protected]

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.