سامي غالب يواصل المؤتمر الشعبي العام عرضه الضاج: "يقين الخسران"، العرض الذي لم يعد يجيد غيره كما يبدو، وإلا لما اعتمده محوراً لخطابه السياسي والإعلامي في موسم انتخابي زاخر بالهواجس والظنون.من يسكنه يقين كهذا، لائذا بحيل الخاسرين، يخوض حربه على الجميع، لا يوفر في طريقه عدوا ولا صديقاً.صباح الاثنين طلعت صحيفة الميثاق الناطقة بلسان المؤتمر الشعبي "الفلتان" بتقرير مجهّل، متخم بطنان الألفاظ، ولكن أيضاً بأحطها، استهدف التحريض ضد الزميلين جمال عامر محرر صحيفة "الوسط" المستقلة، وحافظ البكاري أمين عام نقابة الصحفيين، اللذين صنفتهما الوحدات الاستخبارية للصحيفة ضمن مجموعة صحفيين يمنيين تربطهم علاقات مشبوهة مع جهات وحكومات أجنبية(!)."الميثاق" التي يرأس تحريرها الزميل اسكندر الأصبحي ذو الخبرة والدراية بفنون التحرير الصحفي، اعتبرت سفر الزميل جمال عامر إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية ضمن برنامج الزائر الدولي السنوي، خطوة تندرج في إطار مهام خاصة وسرية لبعض الصحفيين. وكذلك قرأت زيارة مشابهة للزميل حافظ البكاري مستخدمة النغمة "الدنماركية" للتحريض ضده، إذ رجحت مصادر "الميثاق" أن تكون وجهة حافظ البكاري "الدنمارك" وليس باريس أو واشنطن (تكف واشنطن هنا لدى الغيورين على الوطن عن أن تكون مصدر كل الشرور)، وذلك للحصول على دعم لمشروعاته الممولة أصلاً من الدنمارك."الميثاق" على ما يبدو تتمثل صحفاً صفراء يتردد أنها تمول من المؤتمر الشعبي العام، ولعل محرريها يغبطون محرري تلك الصحف لما يحظون به من رعاية مؤتمرية، وهاأنهم ينحدرون إلى اعتماد مفردات وتعابير يأنف منها كل ذي قلب سليم.تستدعي الحكومة وصحف الحزب الحاكم "الدانمارك" كلما أرادت استعداء الرأي العام ضد الصحافة والصحفيين، وبخاصة الصحف والصحفيون المستقلون. بكلمة أخرى تعتمد أسلوباً تقليدياً، ما يزال ناجعاً، يقوم على إثارة المشاعر الدينية ضد أصحاب الرأي الآخر. في الشهر الماضي سارعت إلى إغلاق ثلاث صحف مستقلة، مفسحة المجال أمام المتشددين لدخول صالة العرض، وهاهم الزملاء في "الحرية" و"الرأي العام" و"يمن أوبزرفر" يعيشون محنة تكفيرهم بفضل الحلف المقدس بين الحكم والتطرف الديني، الذي يهيمن على مصائر العرب والمسلمين منذ عقود.من أسف أن تحولات الخطاب الإعلامي المؤتمري تحدث على يد صحفيين لا يعدمون فطنة ولا خبرة، كما أنها تحولات تالية على تسلم رئيس الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشيخ سلطان البركاني موقع الأمين العام المساعد لشؤون الإعلام، وهو المعروف بعلاقته الطيبة بالصحفيين، وبخاصة الزميلان اللذان تم تعيينهما موضعاً لتفريج أزمات المؤتمر وتوتر قيادييه.لا يبدو حزب المؤتمر الشعبي العام ذاهباً إلى الانتخابات الرئاسية، فهذه في صحافته المحترفة ليست سوى موضع التفاته، أما موضع الوجهة فهم الصحفيون، الصحفيون فحسب.إنها الحرب! أعلنها المؤتمر الشعبي العام ضدهم، وهي حرب مجنونة لا يتورع من أجل كسبها عن استخدام أفظع وأحط الوسائل، وفيها تلك التي يستبشعها علناً عشرات الصحفيين من أعضائه، حتى أن المرء ليستريب حول السباق الذي اختار حزب المؤتمر خوضه: سباق الانتخابات الرئاسية ضد المعارضة بمنطق العصر ومقتضيات المستقبل، أم سباق صيد الصحفيين وتحويلهم إلى طرائد، ضد منافسين من العصر الحجري؟الأرجح أن زمرة أشقياء داخل الحزب الحاكم قررت خوض السباق الرئاسي بشعار: لنبدأ بقتل الصحفيين! مرة أخرى إنه "يقين الخسران".