لا شيء يُسعد قيادة التيار الوطني الحر مثل إستمرار الحملة الإعلامية التي تدور حول الشيخ أحمد الأسير إمام مسجد بلال بن رباح في عبرا . ولا شيء يقلق الثنائي الشيعي ” أمل وحزب الله ” من الدعاية المُضخمة لشعبية الشيخ الأسير الطامح إلى دور سياسي، لن يكون إلا على حساب الوهابي المتخفي – سعد الحريري. فلا تعاظم النفخ الإعلامي حول الشيخ أحمد الأسير، ولا تلويح سعد الحريري بأنه ضمانة الطوائف الأخرى من خطر الشيخ وأمثاله من الوهابيين سيغير في الواقع شيء . في لبنان لا يمكن لطائفة أن تلغي طائفة أخرى مهما تعاظم شأنها ، وسيرة حزب الله هي المثال الحي على هذا الأمر. فمن يصدق أن حزبا هزم إسرائيل في لبنان وأخرجها منه ، لم يستطع إخراج عبد المنعم يوسف من مقر عمله في مؤسسة أوجيرو . ولم يستطع إخراج وسام الحسن من موقعه الذي أدار منه ولا يزال حربا أمنية على حزب الله، أدت إلى تأمين الرواية الإتهامية للمحكمة الدولية ضد قياديين من حزب الله . الوضع الطائفي في لبنان لا يسمح إلا بإحترام التوازنات الطائفية ، ومهما بلغ الشيخ أحمد الأسير من قوة شعبية ومالية إلا انه لن يستطيع تغيير الواقع الطائفي الذي لا يمكن من خلاله لأحد أن يأخذ من حصة أحد ، ولن يستطيع الأسير سوى الإضرار بسعد الحريري وبالنفوذ السعودي في لبنان . وترى مصادر مقربة من التيار العوني أن “ االشيخ لأسير” صنيعة قطرية وماله والدعاية الإعلامية التي تسوق له ، تؤمنها مصادر معروفة في الخليج ” القطري ” وهي التي رعت إطلاق حركته السياسية ماليا وإعلاميا ، وهي التي توجه نشاطه وترسم له سياساته الخطابية الموتورة ، لأن الطريق الأسرع إلى الشعبية في أوساط معينة في لبنان للأسف هي الطريق الغرائزية التي تحرك العواطف الطائفية عبر إثارة الأحقاد. ويسأل مقربون من التيار الوطني الحر ” عمن سيبقى مع سمير جعجع من المسيحيين بعد وصول الوافد الجديد إلى ساحة العمل السياسي اللبناني بلحيته وخطابه ومنطقه المشابه لمنطق القاعدة وطالبان ، ووصف أحد المراقبين الدهاة تظاهرة الشيخ الأسيرفي وسط بيروت ، إن حصلت ، بأنها طلقة الرحمة على رأس المنطق السياسي الذي كان يختبيء خلفه مسيحيو تجمع الرابع عشر من أذار . على الساحة الموالية لحزب الله هناك إرتياح ولا يوجد أي قلق من الخطاب المذهبي للشيخ المتحفز لزعامة تعمل جهات إعلامية على تسريع حصوله عليها ، وهو الذي إختار وسط بيروت للتهجم على السيد حسن نصرالله عن قرب ، بعد أن إعتاد التهجم عليه وعلى إيران ” بالمراشقة ” من عبرا . منطق بعض العارفين بطريقة تفكير المقاومة يرون في الشيخ الأسير مشكلة لسعد الحريري ولتياره وللدولة التي تدعم حركة قوى الرابع عشر من أذار (السعودية) ” لأن الأسير مهما فعل وحرض ورفع الصوت فلن يحصل سوى على تأييد في وسط الرأي العام المؤيد للحريري ، ولا يمكن للأسير ولا لغيره التأثير على قناعات أكثر من ثلث إخوتنا من أبناء الطائفة السنية اللبنانية الداعمة للمقاومة والرافضة لخطابات غرائزية تلبس لبوس الدين وهي معروفة الإنتماء والتمويل والأهداف ” . وتتابع الأوساط العليمة بطرق تفكير حزب الله فتقول عن الأسير : ” فليقل ما يشاء ، فشعبنا لم تعد تستفزه تصريحات معروف هدفها الفتنوي ولن ينجر أنصارنا لفتنة يخطط لها الغرب وإسر ائيل وينفذها من يزعمون شرف الدفاع عن مصالح المسلمين ، واضاف المصدر : لا احد في بلدنا ممنوع من الكلام وما قاله هذا الرجل لن يصل أبدا إلى مستوى التحريض والخطاب الإعلامي الذي تتطاول من خلاله قياديون في تجمع قوى الرابع عشر من أذار على المقاومة وعلى سيدها خلال السنوات الماضية ، نحن في دولة ديمقراطية ومن حق الشيخ الأسير أن يتحدث بما يشاء وحين يخالف القانون على الدولة أن تتصرف بما تراه مناسبا (…) وهو ليس أقل مواطنة من سعد الحريري ولا من الشيخ الجوزو اللذان باعا البضاعة نفسها التي يحاول الشيخ الأسير أن يروجها لتسويق نفسه ، وما يحق لتيار المستقبل وقادته والمقربين منه يحق للأسير، ما دام التطاول على المقاومين شرف يدعيه صنائع دول مثل السعودية وقطر من خدم أميركا !! العارفون بطرق تفكير المقاومة يرون في الشيخ أحمد الأسير نعمة لخصوم سعد الحريري، فتصعيد أحمد الأسير الخطابي ضد المقاومة لن يجعل شعبيتها تنخفض في أوساط السنة ، بل إن من سيخسر شعبيته هو سعد الحريري وسيأتي اليوم الذي سيحصد فيه الحريري الزرع الطائفي الذي غذاه ونمّاه وعاش عليه سياسيا خلال سنوات سبع مضت، أما نحن فنردد مع المساندين لنا ” معركتنا مع إسرائيل ولن نسمح لأحد كائنا من كان أن يجرنا إلى جدال لا فائدة منه ولا يهدف سوى إلى إشغالنا عن معركتنا في الدفاع عن لبنان في وجه أي عدوان إسرائيلي محتمل . مراقبون سياسيون في العاصمة اللبنانية يرون بأن الشيخ الأسير لن يضيف إلى الحياة السياسية اللبنانية إلا تأكيدا ملموسا ومتلفزا للمخاوف التي تحدث عنها نشطاء التيار الوطني الحر منذ سنوات مضت ، وحركة الشيخ الأسير هي من النتائج المتوقعة للخطاب المذهبي الغرائزي الذي إعتمده تيار المستقبل وسعد الحريري لضمان إلتفاف أنصار رفيق الحريري من حول الوريث الشاب. ” من يزرع الشر شرا يحصد “ لا مخاوف بل بعض سرور في أوساط التيار الوطني …! كان من الصعب إثبات سلفية تيار المستقبل وبيئته الحاضنة، وكان لسمير جعجع حجج قوية يستند عليها للحفاظ على ما تبقى له من شعبية بين المسيحيين. إذ إن خطاب القوات اللبنانية وشراذم القوى المسيحية المشاركة في تجمع قوى الرابع عشر من أذار كانت تتحدث عن التعايش الوطني الذي يرفع لوائه تيار المستقبل، وأما مع ظهور الأسير ، فأي تعايش سيعرضه عليهم هذا الوافد الجديد إلى حلف الرابع عشر من أذار ؟
حقيقة الشيخ أحمد الأسير في سطور : أوساط لبنانية مطلعة على تحركات الشيخ أحمد الأسير منذ سنوات تتهمه بالعمل وفقا لأجندة قطرية لا تخفى على أحد من المطلعين على الكواليس السياسية والأمنية في لبنان وتقول عنه : هو شيخ وهابي لم يحظى يوما بأي شعبية تذكر إلى أن جمعه مطرب عاطفي( يعلن دوما قرب ” توبته ” عن الغناء ) بتميم بن حمد ولي عهد قطر ، الذي عاد وجمعه بضباط أستخبارات غربيين يعملون لصالح المخابرات القطرية ، وكان المطرب قد أعلن مؤخرا أنه سلفي ويؤمن بالأفكار السلفية (شقيقه أمير جماعة سلفية ) المطرب المحبوب والمشهور والذي تعود أصوله الفلسطينية إلى عين الحلوة كان تلميذا في الطرب والغناء لوالد الشيخ أحمد الأسير الذي مارس الغناء كمهنة ، ومن خلال معرفة المطرب بعائلة الشيخ الأسير وصلت إلى الأخير إقتراحات بتزعم حركة سياسية تريد قطر من خلالها خلق تيار وهابي طائفي يجمع السنة فتضرب قطر عصفورين بحجر وهابي واحد : تخلق فتنة طائفية في لبنان لإشغال حزب الله ومنعه من التفرغ لقتال إسرائيل في حال قررت الأخيرة التدخل عسكريا ضد النظام في سورية . ( إقتربت المعارضة السورية من المطالبة بالتدخل الإسرائيلي علنا بعد يأسها من التدخل الغربي والتركي والعربي) ، والعصفور الثاني الذي تريد قطر إصابته من خلال خطابات الكراهية التي ينشرها الشيخ الوهابي أحمد الأسير ، هو ضرب النفوذ السعودي في لبنان، وتكتيل السنة حول شخصية قيادية تملك المال كما يملكه سعد الحريري ، ولكنها تملك ما لا يملكه الحريري وهو الشخصية القيادية والقدرة الخطابية . هي حرب إذا على خطين ، سحب البساط من تحت الحريري شعبيا ، وتشكيل فصيل سني قادر على خوض حرب فتنوية مع حزب الله . كلا الأمرين لا يقلقان حزب الله تقول مصادر عالمة بطرق تفكير المقاومين : ما سيفعله الأسير في الساحة السنية سبقه إليه سعد الحريري، وما لم نقم به من تجاوب مع إستفزازات الفتنة من قبل تيار المستقبل لن يدفعنا إليه غيرهم مهما بلغ تحريضهم وإستفزازهم .
من يمول الشيخ الوهابي أحمد الأسير ؟ وتضيف ال مصادر اللبنانية المطلعة بأن ” الشيخ تميم بن حمد سيقوم بضخ عشرات ملايين الدولارات شهريا للأسير بمقدار ما ينجح الأخير في تأطير شعبية وازنة من حوله ، ليس بين الوهابيين فقط بل بين السنة بشكل عام “ وتفيد معلومات المصادر الآنفة الذكر والتي تعادي حركة الشيخ أحمد الأسير : “ بأن القطريين يضعون الأسير تحت إختبار النجاح قبل إمداده بمزيد من التمويل المفترض له أن يجمع به من حوله شعبية ينافس بها سعد الحريري ويسحب الأضواء المسلطة عليها ضمن الطائفة السنية ” . المعلومات تفيد بأن الأسير يرتبط بعلاقة قوية مع ضباط المخابرات القطرية المقيمون في بيروت والمتابعين لحركته بالتفصيل ، والمخابرات القطرية تستفيد من مستشارين كانوا سابقا ضباطا كبارا عمل غالبيتهم في أجهزة الإستخبارات العالمية الكبرى قبل أن يتقاعدوا وقبل أن تستأجر قطر خدماتهم الأمنية. من هؤلاء تشكلت خلية لنشر النفوذ الأمني لقطر في مصر وتونس وليبيا وسورية ولبنان وفلسطين ، والشيخ أحمد الأسير (والحديث للمصادر اللبنانية) ينفذ أجندة أمنية قطرية وضعها هؤلاء المستشارون الغربيون وكل ما يرد في خطاباته وفي تصريحاته هو خطة عمل ينفذها الأسير بالحرف وهذه الرواية التي تربط بين الشيخ الصاعد والقطريين لم تعجب بعض مناصريه ممن تسنى لعربي برس الإتصال بهم حيث أكد هؤلاء على إستقلالية الشيخ أحمد كما يسمونه تحببا ، وأضاف أحدهم “ لا علاقة للشيخ أحمد بالقطريين ولو وجدت تلك العلاقة فمرحبا بها ومن إعترف بتلقيه للمليارات من إيران لا يحق له التعرض للشيخ أحمد المعروف وسط كل مؤيديه بتواضعه وبعصاميته وإذا كان تحركه لمقاومة التسلط الإيراني في لبنان سيسبب له إتهامات مثل هذه فيا مرحبا بالإتهام ويا مرحبا بالمساعدة القطرية أو السعودية أو الكويتية لموازنة التمويل الإيراني في لبنان . المتحدث من أنصار الشيخ أحمد الأسير رفض إتهامات المناوئين لحركة الشيخ أحمد وقال : لسنا نحاول إستفزاز جمهور حزب الله ولا نحاول إستمالة جمهور سعد الحريري، الشيخ واضح في كلامه ، نرفض التسلط علينا من قبل فئة لبنانية تستقوي بالسلاح وبالدعم الإيراني ونرفض المجازر التي يرتكبها النظام السوري العنصري ضد إخوتنا في سورية . . هل سترث قطر النفوذ السعودي في لبنان ؟ أمر على ما يبدو لا يقلق أحدا إلا طرفين : السعودية وسعد الحريري * عربي برس