على غير المعتاد غابت السقوف السياسية العالية، وغابت التهجمات على سورية، وغابت الاتهامات، وحضر في احياء ذكرى اغتيال رفيق الحريري الخامسة خطاب هادئ... انه خطاب لاستيعاب مواكبة ما حصل من متغيرات، ومن ابرزها المصافحة التى وصفت بالتاريخية بين الرئيس السوري بشار الاسد وسعد الحريري، الذي، وحتى زيارته الاخيرة، الى سورية كان يكرر اتهامها باغتيال والده على الرغم من نفي دمشق. هذا التغيير الجوهري في المضمون، جاء وسط تغيير في الشكل والمضمون ايضا تمثل في غياب وليد جنبلاط، احد ابرز قيادات الرابع عشر من اذار، ومن اكثر اركانها حدة في الطرح السياسي. وحضر فقط في سيارة سعد الحريري من منزل الاخير الى الضريح حيث قرأ الفاتحة امام ضريحه وضريح رفاقه، ثم غادر جنبلاط وانضم الحريري الى ساحة الاحتشاد. مرحلة جديدة قال الحريري انه يريد ان يتحدث بصراحة ووضوح فتناول زيارته الى سورية، التى اعتبر البعض انها ستاتي بخسائر كبيرة عليه كما قال، لكنه اعلن تمسكه ببناء مرحلة جيدة مع سورية، بين دولة ذات سيادة، حرة، مستقلة، واخرى ذات سيادة حرة ومستقلة. سعد الحريري اشار ايضا الى ان زيارته التاريخية الى دمشق كانت جزءا من نافذة كبرى فتحها العاهل السعودي عبد الله آل سعود، وقد ترافق ذكر سورية في كلمة الحريري بصيحات الاستهجان من بعض الجمهور. الكلمات التى القيت عكست في مجملها طبيعة المرحلة الجديدة التى رسمتها تلك الزيارة. فقد قال امين الجميل رئيس حزب الكتائب ان هنالك خطوات واضحة مطلوبة من سورية، وتجاهل سمير جعج زيارة الحريري ليتناول سلاح حزب الله من دون ان يسميه. وقال جعجع ان بقاء اي سلاح خارج مؤسسات الدولة يشكل عبئا ليس فقط على قدرة لبنان واللبنانيين على التحمل، وهو ما قد يستجلب اعتداءات خارجية. يقول منظمو الاحتفال انهم نجحوا في حشد الناس رغم ما اصاب فريق الرابع عشر من اذار من اهتزاز بفعل خروج النائب جنبلاط منه والتحفظات التى قوبلت بها زيارة سعد الحريري الى دمشق. لكن المتابع للحشد المتجمع وسط بيروت يلحظ انه اقتصر على جمهور تيار المستقبل الذي غلب على حضور التيارات المسيحية المتحالفة ضمن فريق الرابع عشر من آذار.