ما يفعله الحوار الوطني الذي تسير جلساته على قدم وساق في عمقه هو محاولة ترميم صورة الدولة في الذهن العام وإعادة الأمل في بلد يجيد الصراعات كما لا يجيد التفاهم والحوار. إنه يعمل على ترميم نفسيات اليمنيين الذين لطالما رددوا “ما فيش فايدة” يعتني جيداً بنفسية الأمة المحبطة، لذا لاحظنا كيف يتابع اليمنيون جلسات الحوار بتطلع لمستقبل مشرق. كذلك من قبل فعلت الثورة ثم تعيين حكومة وفاق وطني وقرارات هيكلة الجيش، لكن ثمة منغصات على الطريق وبرغم إحراز التقدم على مستويات عديدة فهي كفيلة بهدم كل شيء على رؤوسنِا. لمن يملك إرادة التغيير لن تمثل تلك المنغصات شيئا يذكر، فالتجارب تنبئنا أن الأخطاء ناتجة عن عمل، فمن لا يعمل لا يخطئ. واحدة من أهم تلك المنغصات هي انقطاع الكهرباء، وضرب أنابيب النفط، وهي طرق بسيطة لهدم الصورة الذهنية للدولة.. فضرب الكهرباء له معانٍ أهمها: إبراز صورة الذهنية القبلية حتى وإن كانت غير محببة، مقابل إضعاف الصورة الذهنية لدى المواطنين للدولة في وقت يتمنون لها عكس ذلك. وتكرار أفعال كهذا يثير تساؤلات لديهم عن وجود الدولة من عدمه. الدولة مبدئياً هي فكرة أو صورة ترتسم في أذهان الناس لتفرض نفسها على الواقع من خلال الصورة الموجودة لدى مواطنيها. فحين يسمع الناس أن وزارة الداخلية والدفاع لا تنويان القبض على الفاعلين فلا يمكن تصور أن تنتصر هذه الدولة على متهرب من الضرائب فسمعتها تنمح الخارجين عن القانون قوة أكبر.. فرصة نجاح الحوار وإيمان الناس بذلك تبدده انقطاعات الكهرباء المتوالية، بل إنها تبدد فرصة خروج اليمن من أزماتها العديدة لدى المسؤول أولاً كما هي لدى المواطن.. إنها مشكلة لا بد أن تشكل لجنة لدراستها على المدى الطويل إن تطلب الأمر أو كانت المشكلة عويصة إلى هذا الحد. هيبة الدولة كلٌ لا يتجزأ فلو خطونا خطوة في إعادتها وفرضها على الواقع يكفي ضرب “كلفوت” الرجل الشهير في ضرب الكهرباء لهز الصورة من جديد.. وفي اعتقادي أن على وزارة الكهرباء ووزارتي الداخلية والدفاع تشكيل فريق عمل كفرق الحوار الوطني لحل هذه المشكلة.. الأمر جدي وخطير ويؤثر على حياة الناس وعلى صورة الدولة وهي دعوة جدية وليست مجرد سخرية! لك الله أيها الشعب !