على حساب علاقتها مع الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومة الوفاق الوطني يحرص علي صالح على الاقتراب من الرياض وترميم علاقته المتهالكة معها والتي وصلت أدنى مستوياتها خلال الثورة الشعبية التي أطاحت به وعائلته من السلطة، ولعبت السعودية دوراً جوهرياً في فرض ودعم العملية الانتقالية في الحديقة الخلفية للمملكة الجاثمة على ثالث أكبر مخزون نفطي في العام. يسعى صالح لاستمالة المملكة وتخريب علاقتها مع هادي التي كانت شهدت تقارباً كبيراً خلال الفترة الماضية. إنه يلعب في المربع الحساس ويعمل لخلط الأوراق وهو صاحب تجربة عريضة في استغلال فراغات الصراع الإقليمي والدولي. تشير المعلومات التي حصلت عليها "الأهالي" من مصادر رئاسية إلى تراخي العلاقة بين الرئيس هادي والمملكة خلال الفترة القليلة الماضية. هذا التراخي أفضى إلى تأجيل الرياض زيارة كان من المقرر أن يقوم بها هادي الأسبوع المنصرم. المعلومات ذاتها تؤكد ل"الأهالي" أن الرئيس هادي يواجه ضغوطاً سعودية للتوقيع على ملاحق "سرية" لمعاهدة الحدود اليمنية السعودية. هذه الملاحق كان قد وقع عليها علي صالح ضمنت من خلالها المملكة منع اليمن من استكشاف واستخراج النفط والمعادن في الأراضي الواقعة على الحدود. جاء هذا التحول في الموقف السعودي من الرئيس هادي في ظل صراع محتدم داخل الأسرة الحاكمة في السعودية متزامن مع مرض الملك عبدالله التي تقول معلومات أنه في حالة غيبوبة، وإمساك شخصيات في الأسرة الحاكمة لها علاقة بمخابرات إقليمية ودولية وعرفت بموقف متشدد حيال العلاقة مع اليمن وخصوصاً حيال الثورة الشعبية والعملية الانتقالية التي تشهدها البلاد. يعد هذا التيار وهو صاحب موقف معادي لليمن الحاكم الفعلي للمملكة تربطه علاقة صحية مع علي صالح.. يتوارث آل سعود مقولة الجد الأول: "شر اليمن خير لكم وخير اليمن شر لكم". ما بعد زيارة صالح أفرزت زيارة صالح الأخيرة إلى المملكة نتائج ملفتة، لقد عاد الرجل بموقف مختلف تزامن مع متغيرات تحولية، وظهر عليه الاطمئنان للعودة المريحة التي أزاحت عنه تلك الضغوط التي تلقاها لمغادرة البلاد والتنحي عن رئاسة حزب المؤتمر الشعبي العام. وأرسلت قناة "العربية" الممولة سعودياً فريقاً من طاقمها لإجراء سلسلة مقابلات مع علي صالح في صنعاء، إنها تسهم في إعادة صالح إلى المشهد السياسي. نفط الحدود من بين الملفات الشائكة التي قادت إلى توتر علاقة المملكة بالرئيس هادي قضية المخزون النفطي الهائل المدفون في رحم الأراضي اليمنية على الحدود مع المملكة وخصوصاً في صحراء الربع الخالي التي أتاحت اتفاقيات ترسيم الحدود المملكة التوغل في ما يربو على 40 ألف كم2 من الأراضي اليمنية. وخلق توجه أظهره الرئيس هادي نحو استثمار تلك الثروة النفطية توترا متصاعداً على الحدود، وأثار طرح قطاعات نفطية في الجوف للاستثمار حفيظة المملكة التي لا تريد لليمن أن تتحول إلى دولة غنية تقودها للخروج عن دائرة الوصاية السعودية المتوارثة منذ سنين. يعود تاريخ ملف النفط إلى اكتشاف النفط عام 1984م بالقرب من محافظة مأرب الذي كان سببا في توتر العلاقة بين صنعاءوالرياض ونشب نزاع تركز في المناطق خارج نطاق معاهدة 1934، وهي المناطق المليئة بالنفط الذي اكتشفته اليمن. ومنعت السعودية آنذاك شركات النفط الأجنبية من التنقيب لليمن التي كانت بأمس الحاجة لاستخراج واستغلال النفط أكثر من أي وقت مضى نتيجة حرب الخليج وقطع المساعدات السعودية وطرد ما يزيد عن مليون عامل يمني من المملكة. ولا تمل التقارير تأكيد استخراج السعودية للنفط في مناطق الحدود وإغلاق آبار نفطية يمنية بناءً على صفقات أبرمت مع النظام السابق، ربما نجحت 10 مليارات دولار عرضتها سنوياً الجارة الغنية على النظام البائد. وتقول معلومات إن أنابيب سعودية ممتدة تحت الأرض تم تفجيرها من القبائل المجاورة في الجوف خلال الأشهر الماضية بعد تلقيها ضوء أخضراً من القيادة العليا بصنعاء، الأمر الذي خلف توترا محدوداً على الحدود ودفع المملكة للجوء إلى سيف المغتربين. الدفاع عن المملكة الأسبوع الماضي برزت وسائل إعلامية تابعة ومقربة من عائلة صالح مدافعة عن السعودية ونافية وجود أي مخزون نفطي على الحدود، وهي مغازلة مكشوفة للمملكة. ونشرت صحيفة "اليمن اليوم" التابعة لنجل صالح الاثنين قبل الماضي عنواناً عريضا على رأس صفحتها الأولى نصه: "لا وجود لمخزون نفطي عملاق في اليمن". وهاجمت الصحيفة الحكومة وقالت إنها "غير مدركة حجم مخزونها النفطي تماماً". وتحت عنوان: "صناع الوهم يتغافلون عن واقع البلد المؤلم" أوردت الصحيفة خبرا عن رئيس هيئة استكشاف وإنتاج النفط السابق الدكتور أحمد علي عبداللاه قال فيه إنه لم يتم أي اكتشاف نفطي أو غازي عبر الحدود، لا في الجانب السعودي ولا في الجانب اليمني، مؤكداً أنه لا توجد أي تقديرات تحت نظرية لأي موارد بترولية في أي منطقة حدودية حتى الآن. وأوضح عبداللاه أنه لا توجد مخزونات عملاقة وأن من يتحدث عن مخزونات عملاقة في الجزء الجنوبي الحدودي من حوض الربع الخالي أو في أراضي الجوف أو أي بقعة أخرى فإنه يتحدث ربما عن منطقة خارج الجغرافيا على الأرض والمعرفة. وأضاف: "إن ما تناقلته وكالات أنباء عن حقول كبيره أو احتياطات ضخمة أو منطقة يتم منها شفط الخادم اليمني للحفر الأفقي ليس موجوداً على الواقع ولكنه ربما تقع على قمر (البندورا) المنتج الأجمل في الخيال العلمي". إيران والحوثي الملف الآخر الذي يتلاعب به صالح هو الملف الإيراني والعلاقة بجماعة الحوثي التي كانت المملكة ترى منها تهديداً لها. الأسبوع الماضي خرج وزير الخارجية في حكومة الوفاق أبو بكر القربي وهو واحد من أدوات صالح بتصريح يتهم طهران بمواصلة إرسال السلاح إلى اليمن وتواصل أعمال التجسس عليها.