حزب المؤتمر الشعبي العام ومنذ اختراعه أو ابتداعه كحزب مجاراة لموضة الأحزاب والتعددية السياسية آنذاك تم تفصيله لشخص واحد بما يلائمه هو فقط وكما يبدو انه لا يصلح لغيره، وحكايات رئيس آخر للمؤتمر الشعبي العام تبدو مثل حكايات أو خرافات تبادل السلطة أو كرسي الحكم لما قبل الثورة. وما حدث في اجتماع اللجنة الدائمة لحزب المؤتمر من مطالبات تدعو للشفقة حول فكرة انتخاب رئيس جديد للحزب متهمين كلا من صالح وهادي رجلي الحزب المتهالك بتدمير كيان المؤتمر الشعبي العام وشعبيته بخلافاتهم المستمرة على السيطرة وتعميق فكرة حزب الرئيس وصيرورته إلى انقسام الأعضاء إلى فريقين مرتبكين. ولكن كما هو معروف أن حزب المؤتمر ما هو إلا ذيل الزعيم صالح الذي يلعب به في أوصال الدولة ويغرز أفراده في كيانها مسببا لها شللا إفساديا دائم .هذا الحزب كما متوقع ذهب جلّ أعضاء لجنته الدائمة في الاجتماع إلى ضرورة بقاء وقدسية الزعيم وإزاحة هادي الخائن والمتنكر لمالك حزب المؤتمر الشرعي والوحيد. واتهام هادي بارتكاب حادثة النهدين قرار اتخذه مالك الحزب كحركة جديدة في سلسلة صراع الرجلين على الحزب المحتضر وعلى الشعبية المرغوبة بشدة والتي يحرص صالح عليها كحرصه على نفسه، ولا نستبعد أنه دفع ياسر العواضي كي يطلق مثل هذا الاتهام الخطير والمتهور ككل شيء صادر عن أمانة المؤتمر ويؤكد ذلك غياب صالح عن الاجتماع المنعقد. والذي لا نفهمه.. لماذا يصر هادي على الصراع مع بقايا شخص المخلوع من اجل رئاسة حزب آيل للسقوط بسقوط صاحبه الذي فصل هذا الحزب على مقاسه تماما ضيق واحتكاري فقد احتكر رئاسته كما احتكر رئاسة الدولة لأكثر من ثلاثة عقود هل لأن حزب المؤتمر قدر له أن يكون حزب الرئيس ولا تكتمل وجاهة الرئاسة إلا به أم لاعتقاد هادي بأن انتصاره لن يتوج إلا برئاسة حزب المؤتمر وبأن انتزاع كرسي رئاسة الحزب ستقضي تماما على صالح وتخرجه عن الحياة كاملة وليس السياسية فقط. كل هذا وحزب المؤتمر في طريقه إلى الانقراض، ولم يعد له وجود في الساحة فعليا، بل أصبح كل ما يمثل المؤتمر هم شرذمة نفعية وبقايا محنطة من الزمن البائد تتلاشى تدريجيا ولا تنتعش سوى بضخ الأموال لشراء الولاءات وأحلام متهالكة بعودة جديدة. لكن فعليا المؤتمر الذي قام من أجل شخص بعينه أصبح حزبا آيلا للسقوط، ليس للخلافات الحادثة بين رئيس سابق وآخر حالي بل لأنه حزب أنشئ بلا أصول أو جذور حقيقية سوى المصالح والأطماع وانتهاز الفرص واستغلال الآخر، إنه أشبه ما يكون بفقاعة صابون منتفخة توشك على الانفجار لكن بلا صوت أو جلبة انما ببعض الرذاذ الخفيف الذي لا يلاحظ . أو أنه أشبه برجل الثلج الضخم الذي يذوب بصمت مخلفا بقعة من الأطماع تحاول عبثا لملمة نفسها لأنه انتهى وقتها الافتراضي.