كزهرةٍ حاربت الظمأ حتى أُجهدت، فبدت مثقلةً لا تقوى على صنع الجاذبية من شدة العطش، هكذا يبدو العسكري ماهر محمد علي قاسم من محافظة تعز. في البدء كان في محافظة مأرب، وأتت الأوامر بترحيله إلى منطقة ثمود بمحافظة حضرموت، لم يتوان في الذهاب إلى هناك من أجل خدمة الوطن، استمر هناك أربعة أعوام قبل أن تحين فرصة إرساله إلى أبين. حمل بندقيته واتجه إلى زنجبار، ثم تنقل بين المعارك، إلى أن حُوصر مع الكتيبة العسكرية الشهيرة في أبين لمدة 3 أشهر، وبدلاً من أن يتلقى مكافئة من الدولة، قاموا بالتجنيد بدلاً عنه. هل سينظر الثوار وحكومة نصف الثورة إلى من انتسبوا إليهم وفقدوا مصدر الدخل؟.. سنرى! عندما وصلت الأوضاع إلى وضع خطر في تعز، انضم ماهر إلى الثورة، واستمر هناك، وفجأة وجد نفسه: خارج الثورة.. خارج الدولة.. وخارج ذاته الشاردة في متاهة البحث عن لقمة عيش. قام قائد اللواء 111 بالتجنيد بدلاً عنه، محبط نفسياً وما يزال في منزل صغير لم يكتمل بعد، فقام شقيقه بتقديم دعوى قضائية إلى المحكمة العسكرية الوسطى والشرقية التي بدورها خاطبت دائرة الشؤون الفردية، والدائرة المالية لوزارة الدفاع للرد على الدعوى التي قدمها ثلاثة جنود من بينهم ماهر، إلا أنه بحسب وثائق المحكمة -حصلت عليها الأهالي- تظهر عدم المبالاة من المالية وشؤون الأفراد تجاه الأوامر القضائية. وأفصحت الوثائق عن قيام قيادات عسكرية بتجنيد أقاربهم بدلا عن هؤلاء، وحمل مضمون الحكم بأنه تبين للمحكمة أن وزير الدفاع أصدر منشوراً مضمونه: بناء على توصية مجلس النواب والحكومة (...) يتم توقيف التعامل بالتجنيد بالبدل أو المواصلة بالبدل". إضافة إلى أمر من القائد الأعلى للقوات المسلحة تضمن إعادة المنقطعين والمفصولين.. وقالت المحكمة: يبدو جلياً للمحكمة بأن التي تخالف وترفض كل التوجيهات العليا هي دائرة شؤون الأفراد والمالية، وإذا بحثنا عن الذين تم تجنيدهم بدل فرار فإن المجندين البدل يتم من قبل شؤون الأفراد والدائرة المالية لأشخاص محدودين ومعلومين عن طريق الوساطة، وهذا مايشكل فساداً واضحاً داخل المؤسسة العسكرية، تقوم بذلك علناً دائرتا شؤون الأفراد والمالية –وفقا لما ذكرت الوثيقة. وأكدت المحكمة أن هذه ليست المرة الوحيدة التي تتلقى فيها بلاغا بهذا الشأن، بل هناك معاملات وبلاغات سابقة لم تنفذها الدائرة المالية. بعد عقد جلسات وتهرب المعنيين حكمت المحكمة بقبول الدعوى واستحقاقات الجنود: ماهر محمد علي وعبدالله راوح عبده وعبدالجليل سيف الصلوي لمرتباتهم بتاريخ 26-3-2013.. وحينها أخذ ماهر وشقيقه الحكم إلى الدائرة المالية لكن من سينفذ يا وزير الدفاع!؟