"الفار من الاستشهاد فار من الخلود".. شيلر ما حدث في مصر انقلاب، يكافح قادته اليوم من أجل القول إنه ثورة. حسنا، يمكن تسويق هذه الفكرة لبعض الوقت، لكن من قال إن هذه الكذبة سوف تستمر طويلاً. الإجراءات الاستثنائية التي تطال التيار المؤيد للرئيس المنتخب محمد مرسي خلقت تعاطفاً مع الإخوان لكن هذا التعاطف مرهون ببقاء الاحتجاجات سلمية وعدم الاستجابة لأي استفزازات تحاول جرهم لمربع العنف. لنتذكر كيف استطاع غاندي أن يهزم بريطانيا العظمى بالسلمية، ولنتذكر أن ثورة 25 يناير نجحت في إسقاط نظام مبارك العتيد عندما التزمت بالسلمية ولم تتبن العنف. ما يجب أن تفهمه جماعة الإخوان المسلمين أن الظروف الحالية ليست في مصلحتهم، فمؤسسات الدولة: الجيش والشرطة والقضاء ما تزال تعتنق أفكار معادية لمعاني الديمقراطية وحقوق الإنسان، ويلقى هذا التوجه الفاشي دعما غير محدود من الإعلام الذي يسيطر عليه رجال مبارك الغارقين في الفساد. ربما كان من الملائم أن يتراجع الإخوان المسلمون قليلاً للوراء، لا تهم السلطة الآن، المعارضة خيار جيد لاستعادة الشعبية وثقة الناس. يرى عزمي بشارة أن وجهة الانقلاب العسكري المحمول من مظاهرات شعبية احتجاجية واسعة ضد الإخوان سوف يقاس بأمور عديدة، أهمها كيفية تعامله مع رموز نظام مبارك وأحكام القضاء بشأنهم، وكيفية تعامله مع الإخوان، محذراً من استخدام الشعبوية ضد المؤسسات الديمقراطية. ربما كان من الضروري التريث لمعرفة ما إذا كان ما حصل سيؤدي إلى تصحيح مسار الديمقراطية كما يقول الدكتور محمد البرادعي، لكن تدخل الجيش كسر هيبة الديمقراطية ربما للأبد. الآن، في ظل الحشود المتبادلة، من المسؤول عن نقل معركة الشرعية من الصندوق إلى الشارع وهل سوف يتحمل العهد الجديد مظاهرات حاشدة ينظمها التيار المؤيد للرئيس مرسي؟ الجيش المصري بات في ورطة، وربما يفكر في اختراع حرب في سيناء مثلاً لحرق المرحلة وحرق الذين لا يوافقون على خططه الانقلابية. يعول الجيش المصري اليوم على ترسانة من الأكاذيب للقول إن ما أقدم عليه هو إرادة الشعب فيما الحقيقة أنها إرادة جزء معتبر من الشعب، وهذا الأمر لا يخول العسكر أن يقوموا بما قاموا به. اليوم يدافع الرئيس مرسي عن الشرعية الدستورية الحقة، وقد يدفع ثمناً باهظاً في سبيل ذلك، قد تتم محاكمته بتهمة الخيانة العظمى، قد يتم قتله، لكن من قال إن مرسي يخشى هذا المصير، فمن المؤكد أن صورة سيد قطب لا تفارق مخيلته، هو يعرف أن سيد قطب عاش أكثر بعد إعدامه بطريقة بائسة من قبل العسكر، لقد اختار مرسي المواجهة ولا شك أنه سوف ينتصر يوما ما. *صحيفة الناس