بعد أن علمت أن الشرطة استولت تمامًا على المستشفى الميداني بل وقامت بحرق أجزاء منه توجهت إلى هناك غير عابئ بما سيحدث لأن عمي في الدور السادس فهرعت إلى هناك لأجد عشرة أضعاف ما ترونه في سوريا يوميا وما كنتم تشاهدونه في غزة في عملية الرصاص المصبوب. أقسم بالله العظيم مئات الشهداء ومئات المصابين ينازعون الموت في المستشفى بعد أن تم القبض على الطقم الطبي وهرب منه من هرب، أثناء دخلونا كان عبدالله ابن عمي خلفي ويحاول تصوير ما يراه ولم ينتبه إلى ظباط الشرطة في المدخل الذين انهالوا عليه بالضرب بالأقلام والضرب بخلف المسدس على دماغه وحجزه في غرفة والتعدي عليه ولكن أحدهم تدخل وأطلق سراحه بعد ان مسح جميع البيانات على الهاتف ولما رأني معه لم يريد أن يدخلنا وقال لنا لو شوفتكو هاعتقلكم انتو الاتنين، لفيت من سلم خلفى وأخذت عبدالله بيدي لنرى الجثث مرمية هنا وهناك بين من تصعد روحه وبين من صعدت بالفعل تجدها على السلالم وفي الحمامات وعلى الأسرة وعلى الأرض التي تغرقها الدماء والجدير بالذكر وجود عشرات الجثث المحترقة، لا توجد سيارة إسعاف واحدة، الأهالي تحاول إنقاذ المصابين وحمل الجثث بمجهوداتهم ومازلالت مئات الجثث لا تجد من يحملها وعندما كنت أبحث عن عمي بداخل المستشفى صعودا ونزولا أجد من يمسك برجلي من وسط المصابين مستغيثًا بي أن أحمله أو أنقذه،. تمنيت لو أن لي قدرات خارقة حتى أستطيع إسعافهم كلهم ولكن هيهات فرائحة الدخان كادت أن تسقطني مغشيًا على، أخذت أنادي في كل دور على عم جمال ليرد علي حتى نادني بصوته وهو يختنق من شدة الدخان الذي يملأ المستشفى ووجدته غارقًا في دمائه لأنه ينزف منذ الساعة العاشرة صباحًا حاولت حمله لم أستطع فهرولت لأبحث عن شئ أنا وعبدالله ابن عمي نصر عن حمالة أحمله عليها لأجد حمالة واحدة عليها أحد الجثث المحترقة والتي احتضن صاحبها مصحفًا في يده وسأنزل بها صورة بعد قليل فقمت بتغطيته بملاأة وحمله على الأرض وهرولت إلى عمي لأحمله أنا وعبدالله لأسحب الأسانسير فأجد ثلاث مصابين ينازعون الروح بمفردهم على أرضية الأسانسير فأتحسس مكانا بقدمي وسطهم لأحمل عمي على النقالة ونجحت من الخروج من المبنى لأجد أيضًا عشرات الجثث والمصابين على جانبي الطريق ولا تجد من يحملها وقد أظلمت الدنيا تماما ولا يستطيع أحد أن يرى أمامه فانطلقت بعمي إلى المستشفى لأجد في كل مكان من يترصدنا ويوقفنا وخاصة أن عمي تغرق ملابسه الدماء تماما ووصلنا لأحد المستشفيات الكبرى الخاصة لترفضنا المستشفى لدواعي أمنية ثم أحاول الوصول إلى مستشفى أخري وعمي يدخل في غيبوبة فأجد لجانا تسد الطريق وهكذا حتى وصلت لأحد المستشفيات والحمدلله. بعد لحظات سانشر لكم أول صورة لجثة محترقة تماما وهي تحتضن المصحف داخل المستشفى الميداني والتي قمت بحملها لأستخدم النقالة في حمل عمي. *الناشط المصري عبدالله إمام..